A+ A-

اعلان حرمان طلبة من الامتحان لمحاولتهم الغش يثير حفيظة بعض أولياء الأمور

مدرس مقرر مهارات التعلم الذاتي في الجامعة العربية طارق البكري
مدرس مقرر مهارات التعلم الذاتي في الجامعة العربية طارق البكري

من صالح بهمن

 الكويت - 16 - 6 (كونا) -- اعلان وزارة التربية مع انتهاء اليوم الأول من الامتحانات التي بدأت أمس حرمان عدد من الطلبة من الامتحان لمحاولتهم الغش أثار حفيظة بعض أولياء الأمور كما تفاوتت ردود فعل بعض المسؤولين والمهتمين في الشأن الطلابي.
مدير ادارة العلاقات العامة والاعلام التربوي في وزارة التربية محسن أبورقبة قال لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اللجوء الى الغش أمر غير مقبول وان الوزارة تقوم بمعالجته بأسلوب تربوي قبل اللجوء الى لوائح الامتحانات والحرمان.
وأكد رفض الوزارة كل أشكال الغش معتبرا أن حالات الغش محصورة تماما ب(البراشيم) بسبب التشدد بالمراقبة ومنع دخول الهواتف النقالة والآلات الحاسبة الالكترونية المبرمجة.
بيد ان اختصاصية الارشاد النفسي والتربوي سماح المدهون اعربت عن رفضها حرمان الطالب من الامتحان كعقاب على الغش باعتبار "أن العقاب هنا لا يوازي الجرم".
وقالت المدهون ان المخالفة بحد ذاتها ليست موازية للعقاب بالحرمان داعية الى اللجوء الى عقاب آخر لا يتعدى الحرمان من المادة نفسها التي تم ضبط الطالب يغش فيها مع منحه فرصة جديدة لأن الحرمان في هذه الحالة يؤدي الى عواقب نفسية جسيمة.
ورأت أن عملية حرمان الطالب من الدورين الأول والثاني كنوع من العقاب للغش هو بحد ذاته عقاب للمجتمع بما سينجم عنه من رد فعل مضاد من هذا الطالب للمجتمع لا تتمثل بالغش فحسب بل بالتخريب وايذاء النفس والغير اذا كان لديه استعداد لسلوك اكثر سلبية.
وقالت انه يمكن تفادي ذلك بحرمانه فقط من المادة التي غش فيها واعادتها بالدور الثاني فيكون الجزاء بقدر عمله وليس أكثر.
ورأت أن الحرمان قد يصيب الطالب برد فعل عنيف تكون ذيوله عنده أقوى من الغش محذرة من عدم الموازنة في ذلك.
بدوره ايد مدرس مقرر مهارات التعلم الذاتي في الجامعة العربية طارق البكري ضرورة عدم التشدد في قرار الحرمان موضحا ان خطورة الغش لا توازي ما يصاب به الطالب من "فضيحة مدمرة" تؤثر في حاضره ومستقبله.
وقال البكري ان الغش أمر ملاحظ لكل من يحصل على فرصة معتبرا ان "فضح الطالب" موقف مؤثر للغاية نفسيا وتربويا واجتماعيا ومن الواجب عدم التسرع في اتخاذ القرار.
لكن أبورقبة أكد أن الوزارة لا تتخذ قرارها بتسرع وان المراقبين مشهود لهم بالنزاهة وهم بالاساس من المدرسين الذي يحسنون التعامل مع الطلبة في مثل هذه الحالات.
وقال ابورقبة ان الحرمان لا يتم عشوائيا بل يقوم المراقب بنصح الطالب أكثر من مرة عندما يتأكد من محاولته للغش وفي حال اصرار الطالب وتكرار المحاولة وعدم أخذه التحذير بعين الاعتبار يتم اخذ الاجراءات اللازمة بحقه حسب اللوائح والنظم المعمول بها وبعد اجراء تحقيق بذلك ودون تسرع.

 - واضاف ان ثمة قرارات خاصة بذلك "ونظرا لضرورة الالتزام فاننا ننصح الطلبة بالتوقف عن هذه السلوكيات" داعيا الطلاب الى أخذ ساعات من الراحة قبل كل امتحان وعدم التسرع في الاجابة واللجوء الى "البراشيم" والاستماع الى رفاق السوء.
وأشار الى وجود تعليمات خاصة بمسألة الغش ما يحتم على الطالب التنبه الى ذلك والتحضير الجيد للامتحان لان النتيجة تحدد مستقبله وعليه اختيار الوقت المناسب للدراسة.
لكن البكري رأى ان الامتحان ليس فرصة للعقاب والتشديد بل من المهم ان يشعر الطالب انه خطوة من ضمن خطوات طبيعية وعادية لافتا المراقبين الى ضرورة مراعاة الجانب النفسي وأخذ الطالب بتقدير جهده.
وأشار الى ان الشدة داخل قاعات الاختبار " تنعكس على جميع الطلبة وتؤدي الى تراجع عملهم".
وقال ان افضل الحلول برأيه هو ترك الطالب يتابع الامتحان بعد مصادرة وسائل الغش التي تكون في حوزته ثم مقارنتها بما هو مكتوب في ورقة الامتحان وحذف الاسئلة التي تم الغش فيها مع ترك الطالب يتابع الامتحان في اليوم التالي وتشديد الرقابة عليه.
ونصح ابورقبة الطلاب لدخول الامتحان دون خوف ودون حاجة للغش بعد التحضير الجيد باختيار الفترة الصباحية المبكرة التي تلي الفجر مباشرة حيث يكون الذهن مهيأ للمراجعة بعد ساعات مناسبة من النوم محذرا من مغبة مواصلة الدراسة طوال الليل حتى الصباح.
ودعا الطلاب للتوقف عن الدراسة قبل الامتحان بفترة مناسبة حتى لا يتشتت ذهنه وللحد من الحساسية المفرطة لديه أثناء تأدية الامتحان.
وقال ان بعض الطلاب قد يلجأ الى الغش لاسباب متعددة لكن الوزارة تختار مراقبين تربويين يتعاملون مع مثل هذه الحالات باسلوب تربوي قبل اتخاذ أي اجراء.
وقال ان وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح سبق أن نوهت بطريقة الاسلوب التربوي في مراقبة الاختبارات مؤكدا ان هذا ما اعتدنا عليه من التربويين كي لا يسببوا ضغطا نفسيا على الطلبة وهم في الاصل يشعرون بضغوط نفسية.
وهنا رأت المدهون أن الغش "حالة عالمية وليس محلية" فقط وقالت انها تعود لاسباب دينية-خلقية واسباب عدة منها الهروب من العقاب والخوف من المجهول وهو المستقبل وعدم قدرة بعض الطلبة على التميز بالسلوك الايجابي.
واضافت ان من الاسباب لجوء الطلبة الى تحدي الهيئة التعليمية لاشباع رغباتهم الشخصية لافتة الى ان الغش هو "سلوك مضاد للمجتمع يلجأ اليه الطالب في بعض الأحيان كسلوك مضاد للمجتمع".
وذكرت ان بعض الطلبة يلجأ الى الغش بسبب عدم انتهائهم من الدراسة لأي سبب ولاسيما التقصير

  - واوضحت المدهون ان الغش قد يكون نوعا من الحلول التي يتلذذ بها بعض الطلبة في مخالفة القوانين لو تمكنوا من الغش دون أن يضبطهم أحد حيث أصبحت لدى البعض عادة لا يستغني عنها.
وقالت المدهون انه في كثير من الأحيان قد يكون الطالب غير ملم بالمنهج فيلجأ الى الغش كنوع من الفنون وارضاء النفس والخروج عما هو مألوف.
ومن الاسباب التي اشارت اليها الاختصاصية النفسية سماح المدهون "التميز السلبي عن بقية الطلبة واعتبار الغش نوعا من الارضاء الذاتي والتميز بالأمور السلبية نتيجة عدم القدرة على التميز الايجابي".
والغش في الامتحانات لم يعد حالة محدودة كما رأى البكري معتبرا انه قد يعد اليوم "ظاهرة" في ظل ما نجده لدى الكثير من الطلبة رغبة في النجاح والتفوق دون بذل جهد يذكر وفي ظل الابتعاد عن الكتاب مع وجود كثير من المشوشات الذهنية ولاسيما عبر وسائل الاعلام والصورة وانبهار الطلاب بالتكنولوجيا وضعف القدرة الذهنية لديهم بسبب الضغط التقني.
واشار الى ان هناك ضعفا عاما لدى الطلبة ملاحظا في المستويات الجامعية حيث يخطىء الطلبة في ابسط مبادىء اللغة العربية اضافة الى ضعف اللغات الأجنبية في حال الاعتماد على المدرسة وحدها دون لجوء الى دورات خاصة.
واستشهد البكري بانتشار الدروس الخصوصية في الفترة التي تسبق الامتحانات حيث ترتفع اسعار الساعة الواحدة الى 50 دينارا للمواد العلمية ما يشكل سببا مباشرا وملحا وضاغطا على الطالب.
واضاف ان الطالب يشعر انه كلف اسرته مبالغ طائلة ما يتطلب منه النجاح بأي وسيلة كانت حتى ولو كانت بالغش تقديرا منه للعبء المادي المرهق على الاسرة وحرضه على الحصول على درجات عالية.
وشدد على ضرورة مراعاة هذه المسألة ولفت اولياء الأمور الى عدم الضغط على ابنائهم وتخويفهم من الحصول على درجات منخفضة معتبرا أن هذه الشدة تولد انفجارا عكسيا لدى الطلاب.
ابورقبة ايد ذلك بقوله ان الضغط النفسي لا ينفع وضرره أكبر من نفعه محذرا من دخول الطلاب الامتحان وهم تحت شعور بالخوف من النتيجة موضحا انه ينبغي الا نزيد الضغط على الطالب فهو في الأصل يدخل الاختبار متخوفا لأن الامتحان يتوقف عليه جهد 12 سنة دراسية.
واردف قائلا "من هنا فان من المهم مراعاة هذه القضية بحكمة من اولياء الامور ومن المراقبين داخل قاعات الامتحان".
وتمنى أن تقتصر حالات الحرمان على اليوم الأول فقط قائلا ان الوزراة لا تسعد بحرمان أبنائنا من الامتحان وهو اجراء تضطر اليه الوزارة حرصا على العملية التعليمية ككل.
وقال ان "الطلاب هم ابناؤنا ونجاحهم هو نجاحنا ولذلك فنحن نحرص على ادائهم وعلى مستقبلهم ونأمل لهم النجاح والتفوق بعيدا عن الضغوط مهما كانت أشكالها".
(النهاية) ص ب