A+ A-

2016 .. عام الصدمات في الاتحاد الاوروبي

من نواب خان بروكسل - 27 - 12 (كونا) -- سيشعر الكثير من الاوروبيين بالسعادة لانتهاء عام 2016 وذلك لما شهده العام من احداث عصفت بدول الاتحاد الاوروبي وصفت بانها (صادمة).
اذ شهد عام 2016 بالنسبة للاتحاد الاوروبي صدمة الهجمات الارهابية في كل من برلين وبلجيكا ونيس وانتخاب الرئيس دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وغرق خمسة الاف مهاجر في البحر الابيض المتوسط.
وحتى في الرياضة فان الامر لم يخل من الصدمات فقد تصدرت عبارات (البرتغال يصدم فرنسا) العناوين الرئيسية للصحف الاوروبية لفوز منتخب البرتغال غير المتوقع في نهائي بطولة يورو 2016 لكرة القدم على فرنسا الدولة المضيفة للبطولة.
كما ان تفاقم مظاهر عدم التسامح وبغض الاسلام وبغض الاجانب وبروز الشعارات القومية في اوساط دول الاتحاد عكسا بدورهما مدى حجم وتفاقم حالة موجة الاستياء والسخط وعدم الرضى التي تجتاح اوروبا بالاضافة الى ما يشكله بروز روسيا كقوة دولية من تعريض الاتحاد الاوروبي لتلك الحالة من الشعور بعدم الثبات ولاستقرار والهشاشة في القارة الاوروبية.
الا ان اكبر زلزال سياسي عصف بأوروبا كان صدمة استفتاء 23 يونيو الماضي (بريكسيت) الذي قرر فيه الشعب البريطاني ترك الاتحاد الاوروبي اذ كان الغرض من الاستفتاء في بداية الامر حسم العلاقات المضطربة بين الاتحاد الاوروبي وبريطانيا بشكل نهائي الا انه بدلا من ذلك عصفت نتيجة الاستفتاء بشدة وعنف بالعلاقات بين بروكسل ولندن.
ووصف الاوروبيون البريكسيت ب"التسونامي السياسي الهائل" الذي هز اركان الاتحاد الاوروبي علاوة على ما اثاره من تساؤلات حول مدى نجاح الاتحاد الاوروبي في ان يكون نموذجا للاندماج للاخرين للاقتداء به.
وكانت الاوساط والدوائر السياسية والاعلامية الاوروبية على يقين تام بانتصار المؤيدين لبقاء بريطانيا في الاتحاد في استفتاء البريكسيت لدرجة عدم التفكير في اي خطط بديلة في حال كان التصويت مؤيدا لخروج بريطانيا من الاتحاد الامر الذي ترك القادة والمحللين السياسيين في حالة من التشويش والفوضى حول ماهية الخطوات الواجب اتخاذها بهذا الصدد.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اعلنت انها ستضع القرار - البند 50 من اتفاقية الاتحاد الاوروبي حيز التنفيذ في شهر مارس المقبل وذلك للبدء رسميا في مفاوضات خروج بلادها من الاتحاد.
وسيؤدي خروج بريطانيا نهائيا من عضوية الاتحاد الاوروبي في عام 2019 الى حدوث تبعات كبيرة وانعكاسات في اوروبا والعالم.
اما الصدمة الرئيسية الثانية لدول الاتحاد الاوروبي فكانت الفوز غير المتوقع للرئيس دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية وهنا ايضا كان القادة وصناع القرار السياسي الاوروبيون على ثقة كبيرة بفوز مرشحة الرئاسة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في سباق الرئاسة ولم يقوموا باعداد اي تصورات بديلة في حال خسارتها.
وانتبه الاوروبيون الان الى ان الرئيس ترامب اظهر قليلا من الاهتمام بالعلاقات الاوروبية - الامريكية وانه سيركز ويعمل على تعزيز مكانة وقوة الولايات المتحدة كقوة عظمى.
والاصعب من ذلك فان ترامب قام بصرف النظر عن حلف شمال الاطلسي (ناتو) - الذي يعول عليه الامن الاوروبي - لكونه من الطراز القديم كما ان الكثير من دول الاتحاد غير مستعدة للاقرار بتلك التغييرات الجيوسياسية والانقسامات العميقة في وسط دول الاتحاد وانشاء جيش اوروبي لتولي مهام الدفاع عن دول الاتحاد الاوروبي في حال استدعت الضرورة ذلك.
وعلاوة على كل ما سبق فان ازمة المهاجرين الى اوروبا سببت تصدعا عميقا بين دول الاتحاد حول كيفية التعامل مع تلك المعضلة اذ ان سوء معاملة اللاجئين والمهاجرين في بعض دول الاتحاد ورفض استضافة حوالي 160 الف اخرين في الاتحاد المؤلف من 28 دولة بعثا باشارات صادمة للعالم. ولقي قرابة خمسة الاف لاجئ وهو اكبر عدد من اي وقت مضى مصرعهم غرقا في البحر الابيض المتوسط في عام 2016 وكانوا يحاولون الوصول الى اوروبا.
وتوصل الاتحاد الاوروبي الى اتفاق مع تركيا لاستضافة حوالي ثلاثة ملايين لاجئ سوري وذلك لايقافهم من العبور الى اوروبا مقابل حصول الاتراك على تصاريح لحرية العمل في الاتحاد الاوروبي ووعود بتسريع محادثات عضوية تركيا في الاتحاد.
الا ان هذا الاتفاق اخفق في دخول حيز التنفيذ في اعقاب الانقلاب الفاشل ضد الرئيس رجب طيب اردوغان في منتصف شهر يوليو الماضي اذ ابدى الاتحاد الاوروبي رغبته في ان تجري تركيا اصلاحات على القوانين ضد الارهاب التركية علاوة على ايقاف عمليات الاعتقالات الهائلة للصحفيين والعاملين المدنيين الا ان انقرة لم تعر اي اهتمام لتلك المطالب. وأصدر البرلمان الاوروبي في اعقاب ذلك قرارا غير ملزم يدعو الى توقف محادثات عضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي الامر الذي ادى الى زيادة توتر العلاقات بين انقرة وبروكسل.
اما فيما يتعلق بسوريا فان سياسة الاتحاد الاوروبي كانت تركز على تقديم الدعم الانساني ودعم جهود الامم المتحدة في ايجاد تسوية سياسية.
وفاقمت الهجمات الارهابية التي شنت في كل من بروكسل في شهر مارس الماضي ونيس في شهر يوليو الماضي وبرلين في شهر ديسمبر الجاري والتي اعلن عن مسؤوليتها ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) حدة التوتر في اوروبا.
وفي ألمانيا تحديدا ألقت أحزاب المعارضة ووسائل الاعلام اللوم بذلك على المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بسبب سياسات الباب المفتوح للهجرة الى المانيا.
وعلقت صحيفة (برافدا) السويدية بالقول ان "ميركل تحتاج الى توضيح افكارها فيما يتعلق بكيفية محاربة الارهاب وذلك حتى لا تعيش اوروبا بأسرها في حالة من عدم الامن".
وكان رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي استقال من منصبه في مطلع الشهر الجاري بعد فشل الاستفتاء الدستوري في البلاد حيث اظهرت النتائج انتصار المشككين في اوروبا والاحزاب القومية في ايطاليا والتي شنت حملات ضد اصلاحات رينزي وضد اليوروزون.(النهاية) ن خ