A+ A-

عام 2022 ..إلتماعات مدن أردنية في فضاءات الإبداع والأصالة والحضارة

مسار مادبا التراثي
مسار مادبا التراثي

اليكم النشرة الثقافية لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) ضمن الملف الثقافي لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) وشكرا 

 إعداد: مجدي التل

عمان - 30 - 4 (كونا)-- يشهد عام 2022 إلتماعات مدن أردنية؛ إربد ومأدبا والسلط، في فضاءات الثقافة والحضارة بكل جماليات تجلياتها الإبداعية والتراثية والإنسانية؛ لتعكس عمق الهوية الأردنية المتكئة على ماض مكلل بالفخار وحاضر يحمل في طياته آفاق مستقبل واعد وزاخر بالإنجاز.
والأردن، الذي يمتطي صهوة المجد، يسجل بحروف من ذهب أنثيالات ثقافة وتاريخ وحضارة مدنه؛ إربد والسلط ومأدبا التي تتوج لعامي 2021- 2022 عربيا وعالميا؛ أيقونات تزخر بالإبداع الانساني المتأصل عبر التاريخ بوصفها موئلا للثقافة والفنون والتراث والحضارة والعيش المشترك وقبلة للسياحة، وتحمل هويته الثقافية والتراثية والحضارية.
ويسطع شعاع هذه المدن إلى العالم بحضورها المنتشي بعبق الأصالة على امتداد الحقب والعصور؛ بعد أن تم اختيار إربد عاصمة للثقافة العربية 2022، ومأدبا عاصمة السياحة العربية 2022، والسلط على قائمة التراث العالمي "مدينة التسامح والضيافة"2021 وهو العام الذي شهد احتفالات مئوية تأسيس الدولة الأردنية الحديثة.
إربد "أرابيلا"، الاقحوانة وعروس الشمال.. عاصمة للثقافة العربية 2022 مدينة إربد مركز المحافظة التي تحمل إسمها، تستعد للاحتفال بها عاصمة للثقافة العربية لعام 2022 بعد اختيارها من قِبل منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو)؛ بعد أن تم ترشيحها من قبل وزارة الثقافة، والموافقة عام 2016 على أن تكون إربد عاصمة للثقافة العربية عام 2021 وأُجلت للعام 2022 بسبب جائحة كورونا. ومن المقرر أن تبدأ الاحتفالات بهذه المناسبة، بافتتاح رسمي يعقبه فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة تعبر عن هوية إربد الثقافية، يتخللها الاحتفاء بإبن المدينة شاعر الأردن "عرار" مصطفى وهبي التل كرمز للثقافة العربية لعام 2022، في سياق تسليط الضوء على الإرث الثقافي والتاريخي الكبير للأردن كدولة أو لإربد كجسر للحضارات.
وتقع مدينة إربد في شمالِ غربِي المملكة، في وادي وحوض نهر الأردن، تعتبر جزءاً من امتداد سهول حوران، ويعود تاريخها إلى العصر الحجري والبرونزي الأول نحو 3000 إلى 2500 قبل الميلاد، فكانت المدينة القديمة محاطة بسور ضخم بُني من حجارة سوداء بازلتية، ووجدت فيها مغائر من العصر الروماني وبركة ماء رومانية قديمة.
وخضعت إربد كأي مدينة مجاورة في المنطقة للحكومات المتعاقبة على بلاد الشام، فعاصرت دولة الأدوميين والعموريين، كما خضعت للحكم اليوناني بعد فتوحات الاسكندر سنة (333 ق.م) وقد ساعدت إعادة تعمير المدينة اليونانية على وضع أسس الحلف التجاري (الديكابوليس) الذي تكون من عمان (فيلادلفيا) وجرش (جيرازا) وبيسان وإربد (ارابيلا) وبيت راس (كابيتولياس) ودرعا (درعي) وبصرى وأم قيس (جدارا)، بالاضافة إلى مرحلة الغساسنة، وميزتها الحضارات الإغريقية والرومانية والإسلامية التي تركت كنوزا من الآثار والمواقع الأثرية والتاريخية، وتضم آثارا تدل على ذلك، وقد احتلها الآشوريون والفراعنة والبابليون والفرس والعثمانيون وغيرهم .
وبنيت إربد وكانت تسمى "أرابيلا" في العصر الروماني في موقع متوسط بين مُدن حلف الديكابولس العشرة التاريخية، وأصبحت فيما بعد مركزاً من مراكز الفتح الإسلامي، وتختلف الروايات عن تسمية المدينة "ارابيلا"، إذ ثمة رواية تقول بأن الاسم آشوري أُطلق على المدينة بعد احتلال الملك تغلات بلاصر الثالث لها.
وتقول دائرة المعارف الإسلامية: "ليس ببعيد أن تكون الأماكن المسماة أرابيلا وأربيل وإربد الواقعة خارج آشور قد ابتناها أهل أربلا الآشورية باسم مدينتهم"، وفي رواية أخرى فإن أصل اسم أرابيلا هو كلمة رومانية تعني (الأسوَد)، وقام الرومان بتبديل اسمها إلى "أربيلا"، وهو الإسم الذي يشبه تسمية اليونان لها، و"أرابيلا" تعني الأرض الخصبة، وفي رواية أخرى يقال أن اسمها الحالي ليس إلا تحريفًا لاسم البلدة الرومانية القديمة بيت أربل، أو أنه لفظ مشتق من كلمة (الرُبدة)؛ وذلك يعود إلى لون تربة الأرض الحمراء المصحوب بسواد الصخور البركانية المنتشرة في محيط المدينة. وبحسب الروايات سميت بالأقحوانة؛ نسبة إلى زهرة الأقحوان، الزاهية رائعة الجمال، التي تنبت بكثرة فيها، وورد ذكر مدينة إربد في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، وكان لها أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي والعربي، ودور كبير في معارك المسلمين الحاسمة في اليرموك وحطين.
وتتميز إربد في بيوتاتها ومعالمها التراثية القديمة ومواقعها الأثرية، علاوة على حضورها الثقافي والفني الذي يعود إلى أكثر من قرن؛ إذ شهدت المدينة في منتصف العشرينيات أولى دور السينما، ونشأ فيها العديد من المبدعين الرواد الذي خرجوا من رحم المدينة وأطرافها، ومنهم عرار، وأديب عباسي.
ويقول عضو اللجنة الثقافية في الاحتفالية الروائي هاشم الغرايبة لوكالة الأنباء الاردنية (بترا)؛ "إربد أرض القمح والزيتون تمتد هضابها ما بين حرمون وجبال عجلون، وتشير آثارها إلى حضارة امتدت من العصر الهلنستي إلى العصر الروماني ثم الإسلامي وصولا إلى يومنا هذا، وعلى عجل تحضر أسماء مثقفيها ابتداء من الشاعر أرابيوس إبن جدارا الرومانية مرورا بالشاعرة الصوفية عائشة الباعونية إبنة جبل عجلون في القرن الخامس عشر وصولا إلى الشاعر المشاغب المجدد عرار مطلع القرن العشرين".
وبعد قيام الدولة الأردنية عام 1921، يضيف الغرايبة؛ اشتهرت إربد بأنها حاضرة الشمال وبرز من مثقفيها علي خلقي الشرايرة وعرار ومحمود المطلق وواصف الصليبي واديب عباسي والشاعر الشعبي إبراهيم الشلول المعروف بالدوقراني وغيرهم كثير.
ويشير إلى أنه في الجيل الثاني من عمر الدولة الأردنية، برز العديد من مثقفيها من أمثال عبد الكريم غرايبة أول حاصل على شهادة الدكتوراه في شرق الأردن، والأديب واصف الصليبي والتربوي والكاتب وحيد سليمان والشاعر الشعبي مصطفى السكران والصحفي والقاص محمد سعيد الجنيدي وغيرهم.
ويبين أن اللجنة الثقافية لاحتفالية إربد ستحتفي بهؤلاء الرواد وارثهم وإبداعاتهم، وإعادة دراسة نتاجهم في ندوات وكتب بهذه المناسبة، مبينا أن برنامج الاحتفالية يشمل أيضا مؤتمرات للنقد والرواية والقصة ومهرجانات للشعر، إلى جانب نشاطات أخرى للجامعات والهيئات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني. والاحتفالية التي ستتزامن مع احتفالات عيد استقلال المملكة، تسعى لتقديم إربد والأردن إلى العالم العربي كنقطة إشعاع حضاري وفكري تشكل ركيزة مستقبلية للجذب الثقافي، وتتضمن أسابيع ثقافية تشارك فيها دول عربية.
كما تشتمل الاحتفالية التي ستقام في 24 موقعا في محافظة إربد، على إقامة عدة فعاليات في مجالات الفنون الموسيقية، والأدائية، والشعر، والنقد، والفكر، والابتكار، وأدب المرأة، والطفل، والثقافة العلمية، والابتكار، وإقامة ورش ومعارض للفنون التشكيلية، والخط العربي والتصوير الفوتوغرافي ورسوم الكاريكاتور.
وتشمل الاحتفالية أيضا فعاليات تروي تاريخ إربد المكان والزمان والإنسان، وأخرى تستعرض تاريخ المدينة ونشأتها وجمالياتها، وسهرات وأمسيات موسيقية تراثية، ومهرجانات تحاكي مواسم الزيتون والرمان والقمح والمأكولات الشعبية، وعروض للحرف الشعبية واليدوية ومنتجاتها والأزياء التراثية والشعبية، وأخرى غنائية وموسيقية واستعراضية راقصة.، اضافة إلى إقامة معارض للكتب وعروض لمسرحيات وأفلام ومسابقات فنية، ومؤتمر نوعي يحاكي دور إربد الثقافي والسياسي والتاريخي. كما ستشتمل وبالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسوا"، على مشاركات عربية في مجالات التراث الشعبي والأشغال اليدوية والحرفية والفنون الموسيقية والأدائية والادب والشعر والنقد وتناول الشؤون والقضايا المحلية والعربية، فيما سيتم خلال الاحتفالية توقيع توأمة بين إربد كعاصمة للثقافة العربية لعام 2022، والقدس كعاصمة دائمة للثقافة العربية.
مأدبا مدينة الزخارف واللوحات الفسيفسائية والكنائس عاصمة السياحة العربية لعام 2022 بعد تحقيقها للمعايير والشروط المرجعية التي أعدتها المنظمة العربية للسياحة؛ تم اختيار مأدبا "عاصمة السياحة العربية لعام 2022"، لما تتمتع به من معالم ثقافية وتراثية ودينية وأثرية وتاريخية فريدة.
ولعل أبرز ما يميز مأدبا، فن اللوحات الفسيفسائية؛ فتعد واحدة من أهم المدن الحرفيّة في العالم بهذا الفن، وبإرث خاص في أزقتها وكنائسها البيزنطيّة القديمة ومساجدها وعمارتها الفريدة، مثلما تحوي المعهد الوحيد في العالم لتعليم هذا الفن، حتى سُميت بـمدينة الفسيفساء، وتُعد خارطة مادبا من أهم الآثار الفسيسفائية فيها.
وتشتهر مأدبا؛ مدينة الكنائس وينابيع الاستشفاء والمعالم الطبيعية الخلابة من وديان مميزة وإطلالات جبلية فريدة، بالفسيفساء البيزنطية والأموية، وتضم خارطة فسيفساء تعود إلى القرن السادس، وتظهر القدس والأراضي المقدسة، مثلما تزخر الخارطة بكم هائل من الأحجار المحلية ذات الألوان المشرقة، وتعرض رسوماً للتلال، والأودية، والقرى، والمدن التي تصل إلى دلتا النيل.
وتغطي خارطة الفسيفساء التي تعد أقدم الخرائط للأراضي المقدسة في مأدبا، أرض كنيسة القديس جورجيوس للروم الأورثوذكس في وسط المدينة، والتي بُنيت عام 1896 على أنقاض كنيسة بيزنطية قديمة تعود لمنتصف القرن السادس الميلادي. ومدينة مأدبا، التي تقع على بعد نحو 35 كيلومترا جنوب غربي العاصمة عمان ويعود تاريخها إلى العصر الحديدي، أسسها المؤابيّون في القرن التاسع قبل الميلاد، وتوالت عليها العديد