A+ A-

اجواء مشحونة في اقليم (كتالونيا) الاسباني بسبب تنامي المد الانفصالي

جانب من المظاهرات في كتالونيا
جانب من المظاهرات في كتالونيا

من هنادي وطفة

(تقرير اخباري) مدريد - 16 - 10 (كونا) -- يعيش اقليم (كتالونيا) لليوم الثالث على التوالي أجواء مشحونة وتوترا شديدا لا يمكن التنبؤ بمدى استمراريته أو نتائجه في (سيناريو) مفتوح قد يفضي الى انتخابات اقليمية مبكرة لن تطفئ المد الانفصالي الذي احدث شرخا كبيرا في مجتمعه.
وكانت المحكمة العليا الاسبانية قد قضت بعقوبات سجن تتراوح بين تسع و13 سنة بحق تسعة قادة انفصاليين قادوا العملية الانفصالية التي وقعت عام 2017 الأمر الذي اشعل غضب الشارع الكتالوني الذي اعرب عن رفضه الكامل للحكم وطالب بإطلاق سراح السجناء دون قيد أو شرط.
ويأتي ذلك بعد نحو عامين من اعلان البرلمان الاقليمي الكتالوني استقلاله الاحادي الجانب عن اسبانيا بأغلبية 70 صوتا في المجلس المؤلف من 135 نائبا وإنشاء "الجمهورية الكتالونية كدولة مستقلة ذات سيادة" في 27 أكتوبر 2017 ومن ثم سجن تسعة من الزعماء الانفصالين وهروب الرئيس السابق للاقليم المقال كارليس بويجديمونت وبعض أفراد حكومته الآخرين الى الخارج.
وسارع رئيس الاقليم الحالي كيم تورا إلى اعلان رفضه الكامل للحكم بحق الزعماء الموقوفين معتبرا انه "غير قانوني وغير ديمقراطي" فيما وصفه نائب رئيس الإقليم المقال والموجود في السجن حاليا أوريول جونكيراس والذي حكم عليه بالسجن لمدة 13 عاما بأنه "انتقام" من الحركة الانفصالية الكتالونية.
من جانبها اعتبرت الاحزاب اليمينية ان العقوبات التي فرضها القضاء الاسباني "غير كافية" داعين الحكومة الاسبانية الى فرض قانون الامن القومي وفرض هيمنتها على الاقليم لاسيما بعد المظاهرات العنيفة التي اندلعت هناك احتجاجا على الحكم. وكانت الحكومة الاسبانية قد ارسلت 1200 عنصر من قوات الشرطة والحرس المدني الى اقليم (كتالونيا) لمساعدة الشرطة الاقليمية على ضبط الامن وتجنب التصعيد إلى جانب حماية البنى التحتية مثل القطارات والموانئ والمطارات.
وعلى الرغم من ذلك شهد الاقليم مظاهرة حاشدة شلت الحركة في مطار (ال برات) الدولي لعدة ساعات الاثنين الماضي فيما بلغ العنف ذروته الليلة الماضية وفجر اليوم الاربعاء مع وضع المتظاهرين للمتاريس واشعالهم لعدد كبير من الحرائق في شوارع مدينة (برشلونة) ليثيروا بذلك الرعب بين السكان والسياح.
كما استخدم المتظاهرون الملثمون "العنف الشديد" على حد تعبير الشرطة الإقليمية في مواجهتهم وألقوا عليهم القوارير الزجاجية والمواد المحترقة علما أن أربع مظاهرات عنيفة هاجمت في ذات الوقت اربعة مقار للحكومة الاسبانية في أربع مدن كتالونية هي (برشلونة) و(جيرونا) و(ييدا) و(تاراغونا) والتي تسببت في سقوط عدد كبير من الجرحى بينهم 75 من قوات الشرطة الإقليمية والوطنية.
وكان المتظاهرون قد قاموا الليلة الماضية بحرق 250 حاوية متسببين بخسائر مادية تقدر ب 320 ألف يورو (9ر352 ألف دولار) تضاف اليها تكاليف اصلاح الشوارع والتعاقد مع الخدمات لإصلاحها وتنظيفها وفق بيانات لوزارة الأشغال العامة.
وفي تلك الاثناء تحاول اجهزة الاستخبارات الاسبانية معرفة هوية القائمين على منصة (التسونامي الديمقراطي) وهي منصة يقوم عليها محترفون يتولون مهمة تنظيم المظاهرات والدعوة إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر تطبيق الكتروني تم تصميمه لهذا الغرض خصوصا.
وتتبع المنصة استراتيجيات تسعى لإنهاك قوى الامن وتفريقها وذلك عبر تنظيم مظاهرات متزامنة في أماكن ومرافق حيوية متباعدة جغرافيا والدعوة إليها بشكل مفاجئ لكيلا تتمكن قوى الأمن من استباق خطوات المتظاهرين والتصدي لهم. وقد نجح هذا الامر الاثنين الماضي عندما أرسلت المنصة بشكل مفاجئ رسالة للمتظاهرين في (برشلونة) والمناطق المجاورة تطلب فيها منهم بالتوجه إلى مطار (ال برات) الدولي وشل حركته مع توفير المئات من تذاكر الرحلات جوية التي استخدمها المتظاهرون لخداع قوات الأمن التي لم تكن تسمح بدخول المطار الا للمسافرين فقط.
وعقب ذلك توجه الى المطار اكثر من 10 آلاف متظاهر لشل حركته ما تسبب في إلغاء أكثر من 100 رحلة جوية الاثنين الماضي و45 رحلة يوم الثلاثاء الماضي وعلى الرغم من ان الأمور عادت إلى حالتها الطبيعية الا ان التوتر لايزال قائما في المطار وتخشى قوات الأمن من دعوة جديدة مفاجئة الى شل حركته.
وتسببت الاختناقات المرورية التي دامت ساعات طويلة في خلق حالة استياء شديدة بين السياح الذي اضطروا للنوم في مرافق المطار لغياب سيارات الأجرة من وإلى المطار في مدينة سياحية من الدرجة الأولى فيما تخشى الحكومة الاسبانية والشركات من الصورة السلبية التي ترسمها هذه المظاهرات عن المدينة.
وفي تلك اللحظات الحرجة بدأت بعض الأصوات الانفصالية بانتقاد تناقضات الرئيس تورا الذي يحرض المظاهرات ويدعو المتظاهرين الى "الضغط بكل قوة" في كل ظهور له وفي كل رسالة له على مواقع التواصل الاجتماعي من جهة ويقوم بعد ذلك بإرسال قوات الشرطة الإقليمية لضبط المتظاهرين والتصدي لهم من جهة اخرى لتلوح في الأفق امكانية المطالبة باستقالته والدعوة لانتخابات مبكرة.
من جهته طالب رئيس الوزراء الاسباني المنتهية ولايته بيدرو سانشيز رئيس الإقليم بإدانة العنف دون جدوى الا ان جونكيراس وعددا من زملائه الآخرين الموجودين في السجن دعوا الى التظاهر دون عنف في رسائل أطلقوها اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن المتوقع ان تستمر المظاهرات خلال الأيام المقبلة وان يتم كذلك استغلال مباراة (الكلاسيكو) بين (ريال مدريد) و(برشلونة) في ملعب (كامب نو) العاصمة الكتالونية في 26 أكتوبر الجاري لمنح مطالب المتظاهرين صدى اكبر واوسع. (النهاية) ه ن د / ا ب خ