A+ A-

ذكرى استقلال الكويت الي 47 تصادف غدا

الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله
الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله

من عدنان الفيلكاوي

 الكويت - 18 - 6 (كونا) -- يعد يوم ال 19 من يونيو عام 1961 يوما مشهودا ومرحلة جديدة ومضيئة في تاريخ الكويت اذ استكملت الكويت في ذلك اليوم سيادتها الكاملة وحصلت على استقلالها وباتت دولة عربية مستقلة بعد ان كانت خاضعة لنظام الحماية البريطاني .
وايقن امير الكويت في ذلك الوقت الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله ان معاهدة الحماية التي وقعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا عام 1899 لم تعد صالحة بعد ان تغيرت ظروف امارة الكويت التي سارت بخطوات واضحة في طريق الاستقلال وامتلكت الكثير من مقوماته ولم يعد الشعب الكويتي يقبل استمرار القيود التي فرضتها معاهدة الحماية رغم ادراكه ان تلك الحماية كان لها ايجابياتها في تلك الفترة ولكن الظروف لم تعد كما كانت في السابق .
ورأى الشيخ عبدالله السالم انه يجب الغاء المعاهدة وابدى بالفعل رغبته في الاستعاضة عنها باتفاقية صداقة جديدة تواكب التطورات والمتغيرات بهذه المعاهدة .
وقبلت الحكومة البريطانية الطلب الكويتي وادركت صعوبة رفض هذا الطلب وتم تبادل المذكرات بين المقيم السياسي البريطاني في الخليج في ذلك الوقت السير وليام لوسي وامير الكويت الشيخ عبدالله السالم في 19 يونيو 1961 وتم بموجبها الغاء معاهدة 23 يناير 1899 باعتبارها تتعارض مع سيادة الكويت واستقلالها .
ومنذ ذلك اليوم المشهود في تاريخ الكويت والذي ودعت فيه مرحلة ماضية بكل ما فيها من تاريخ سطره الاباء و الاجداد بكفاحهم في سبيل العيش الكريم والذود عن حمى الوطن دخلت الكويت مرحلة جديدة من تاريخها لتطل من خلاله على افق العالم المستقل و لتساهم في صنع السلام و حضارة الانسان .
وكان الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم الحاكم ال 11 للكويت قد وقع وثيقة الاستقلال مع المندوب السامي البريطاني في الخليج السير جورج ميدلتون نيابة عن حكومته في ذلك اليوم . والقى الشيخ عبدالله السالم الذى امتدت فترة حكمه من عام 1950 الى عام 1965 كلمة في المناسبة قال فيها " شعبي العزيز .. اخواني وأولادي فى هذا اليوم الاغر من ايام وطننا المحبوب .. فى هذا اليوم الذى ننتقل فيه من مرحلة الى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه نفتح صفحة جديدة تتمثل فى هذه الاتفاقية التى نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة

 وأضاف سموه " ونحن على أبواب عهد جديد نرجو ان تبدأ الكويت انطلاقها بتقوية اواصر الصداقة والأخوة مع شقيقاتها الدول العربية للعمل بتكاتف وتآزر على ما فيه خير العرب وتحقيق أماني الأمة العربية كما ان الوضع الجديد يتطلب منا العمل على الانتماء للجامعة العربية وهيئة الامم المتحدة وغيرها من المنظمات التى تعمل لخير العالم وأمنه وسلامه كل ما كان ذلك فى الامكان" .
   وعمل الشيخ عبدالله السالم على الغاء معاهدة الحماية واعلان الاستقلال وجاهد فى سبيل تحقيق هذا الهدف حتى تحقق على يديه وأعلن سموه عزمه على استكمال قيام المؤسسات الدستورية والحكومية فى اقرب فرصة.
   وبالفعل لم يمض شهران على توقيع معاهدة الاستقلال حتى كانت الخطوة الاولى التى جاءت فى 26 أغسطس عام 1961 بصدور مرسوم اميري يدعو الى اجراء انتخابات عامة لمجلس تأسيسي يتولى عند تأليفه اعداد دستور للبلاد .
   وبعد اجراء انتخابات اعضاء المجلس التأسيسي عقد اولى جلساته فى 20 يناير 1962 حيث أكد سمو الشيخ عبدالله السالم في جلسة الافتتاح ان اعلان استقلال الكويت كان فاتحة عهد جديد للكويت التى ما عرفت منذ وجدت الا الحرية والكرامة.
  وخلال تسعة أشهر انجز المجلس مشروع دستور دولة الكويت الذى يتكون من 183 مادة وقدمه للشيخ عبدالله السالم الذى صادق عليه واصدره فى 11 نوفمبر  1962 .
  وكان استقلال الكويت بداية مرحلة جديدة لدخولها ضمن بلدان المجتمع الدولي وفق سياسة كويتية خاصة اركانها السعي الى السلام وتحقيق التعاون مع مختلف دول العالم ضمن اطار علاقات الاخوة والصداقة بين الدول والشعوب .
  وهذا ما اكده الشيخ عبدالله السالم فى الذكرى الاولى للاستقلال بتاريخ 19 يونيو عام 1962 بقوله ان " دولة الكويت كلها عزيمة ومضي فى السير قدما فى بناء هذا الوطن وهى تتابع سيرها دولة عربية مستقلة متعاونة متضامنة مع شقيقاتها العربيات فى جامعة الدول العربية محافظة على استقلالها تحميه بالنفس والنفيس مؤمنة بحق الشعوب فى الحرية والاستقلال محبة للسلام ساعية الى تدعيمه منتهجة سياسة عدم الانحياز وساعية الى توطيد روابط الصداقة ومتمسكة بميثاق الامم المتحدة وشريعة حقوق الانسان"

 وتطلبت مرحلة الاستقلال تحمل الكويت مسؤولياتها فى السياسة الخارجية بانشاء وزارة الخارجية لتقوم بدورها المنوط بها فصدر فى 19 اغسطس عام 1961 مرسوم اميري رقمه (13) يقضي بانشاء دائرة للخارجية تختص دون غيرها بالقيام بالشؤون الخارجية للدولة ونص المرسوم في مادته الثانية على دمج سكرتارية حكومة الكويت بدائرة الخارجية التى تحولت فى اول تشكيل وزاري الى وزارة الخارجية .
   وبعد صدور مرسوم انشاء الدائرة صدر مرسوم اميري بتعيين اول رئيس للخارجية فى تاريخ استقلال الكويت بتاريخ 3 اكتوبر عام 1961 حيث تم تعيين الشيخ صباح السالم الصباح رئيسا للخارجية ثم وزيرا للخارجية فى اول تشكيل وزاري بتاريخ 17 يناير عام 1962 وأعقبه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذى اصبح وزيرا للخارجية في التشكيل الوزاري الثاني الصادر فى 28 يناير عام 1963 .
   وقدمت الكويت بعد استقلالها طلبا لعضوية جامعة الدول العربية حيث عقد مجلس الجامعة اجتماعا في تاريخ 16 يوليو عام 1961 واصدر قرارا بقبولها عضوا الى جانب شقيقاتها الدول العربية.
    وكانت الكويت ولا تزال جزءا من الوطن العربي وهى بذلك تفخر بالانتماء له حيث وقفت على امتداد التاريخ العربي تناصر القضايا العربية بالرجال والمال والسلاح وبكل وسيلة توفرت لها .
   وفى 30 نوفمبر عام 1961 بدأ مجلس الامن الدولي النظر فى طلب الكويت الانضمام الى عضوية الامم المتحدة وفى 14 مايو عام 1963 تمت الموافقة على انضمام الكويت الى هذه المنظمة الدولية لتصبح العضو الـ 111.
   ومنذ الاستقلال وحتى اليوم تم تشكيل 25 وزارة تتابع على رئاستها سمو الشيخ صباح السالم الصباح وسمو الشيخ جابر الاحمد الصباح وسمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمهم الله جميعا وسمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله وسمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح .
   واجريت انتخابات ل 12 فصلا تشريعيا لمجلس الامة تنفيذا لاحكام الدستور ما يؤكد المبدأ الديمقراطي الذى انتهجته الكويت كدولةآمنت بالمشاركة الشعبية والطريق الديمقراطي الذى تسلكه فى حياتها .
   وفى عام 1963 صدر مرسوم بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس الموافق 25 فبراير وهو ذكرى تسلم الشيخ عبدالله السالم الصباح مقاليد الحكم فى الكويت عام 1950 .
   ومنذ فجر الاستقلال وعلى مدى 47 عاما انجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة بتعاون ابنائها خلف قيادتهم الحكيمة.(النهاية)

    ع د ف / ع ب د