من سارة المخيزيم
(تقرير) الكويت - 23 - 1 (كونا) -- دفع شغف الكويتيين بالتجارة منذ القدم إلى مزاولة العديد من الأعمال التجارية حتى إن كانت غير ناجحة في بداياتها ومن ذلك مصنع (الكاشي) أي بلاط الموزاييك الذي أسس في الكويت عام 1935.
وبهذا الشأن قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن تأسيس أول معمل لإنتاج (الكاشي) في الكويت عام 1935 اشترك فيه كل من المرحومين عبداللطيف محمد الثنيان الغانم وأحمد الأيوب القناعي وكانت الآلات المستخدمة في الإنتاج يدوية واستقدمت من مصر.
وأضاف جمال أن معظم المواد الخام كانت تستورد من الخارج وهي كسر الرخام والأسمنت الأسود والأبيض في حين استوردت الأصباغ من لندن عن طريق شركة (هندر وايز) في البصرة وكان موقع المعمل قرب سوق الخضرة وتولى إدارته اللبناني علي بليبل بعلبكي يعاونه عدد من العمال الكويتيين.
وأوضح أن الكويتيين في ذلك الوقت لم يعرفوا (الكاشي) ولا استخداماته نظرا إلى غياب أساليب العمران الحديثة إضافة إلى إمكاناتهم المحدودة وعلى الرغم من تشجيع دائرة البلدية للمعمل وشراء كميات من (الكاشي) منه بأمر من الأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح لدعم المعمل وتشجيعه فإن ذلك لم يؤد إلى نتيجة فاضطر أصحاب المعمل إلى إغلاقه عام 1942.
واستطرد أنه في عام 1942 جلب المرحوم مساعد الصالح القناعي آلة بسيطة من سوريا لإنتاج (الكاشي) واستأجر مخزنا قديما (بخار) قرب سوق الحمام القديم وبدأ صناعة الكاشي هناك وعين مسؤولا فنيا عراقيا على المصنع يساعده عاملان لإنتاج الكاشي كما عين عددا من الشباب الكويتيين الذين تم تدريبهم للعمل في المعمل.
وبين أن تلك الآلة كانت عبارة عن هيكل حديدي يبلغ ارتفاعه حوالي متر ونصف المتر ويوجد في جزئه العلوي قالب واحد مربع الشكل توضع فيه المواد الخام لإنتاج قطعة واحدة من الكاشي (بلاطة) في كل مرة.
وقال جمال إن قطعة (الكاشي) الواحدة كانت تصنع من طبقتين علوية وسفلية تتكون العلوية من أصباغ ذات مواصفات خاصة يتم تشكيلها حسب الزخرفة المطلوبة بينما تتكون السفلية من خلطة مكونة من الأسمنت والرمل.
وعن عملية الإنتاج أفاد بأنها تبدأ بتثبيت القالب الرئيسي في مكانه بالجزء العلوي من الآلة ثم يتم تحضير خلطة الرمل والأسمنت وقليل من الماء كما يتم تحضير الأصباغ وهي عبارة عن نوع خاص من البودرة تجلب بأكياس من الهند وتخلط بالماء لتكوين خلطة كثيفة يتم صبها داخل القالب لتشكل الطبقة العلوية من (الكاشية).
وأضاف أن العامل يقوم بعد ذلك بتغطية القالب بغطاء حديدي مربع الشكل يتم كبسه يدويا بواسطة ذراع حديدية يضغط هيدروليكيا على (الكاشية) لتتماسك اجزاؤها وهي مازالت طرية وتحريك قالب الحديد رأسيا.
وذكر أنه بعد ذلك يتناول العامل الكاشية بطريقة فنية وبحذر شديد مستخدما أصابع يديه التي يضعها تحت الكاشية لإخراجها من القالب وصفها رأسيا بجانب بعضها بعضا فوق سطح ناعم مؤكدا أن هذه المرحلة تعتبر أصعب مرحلة من الإنتاج إذ يمكن أن تتفتت الكاشية ويذهب الجهد الذي بذله العامل هباء في حالة عدم أخذه الحذر الشديد في رفعها.
وأشار إلى أنه وبعد مرور 24 ساعة على إنتاج الكاشي تتم تغطيته في أحواض ماء ويترك فيها يوما كاملا ليتماسك ويكتسب الصلابة المطلوبة قبل تجفيفه مبينا أن المصنع كان ينتج حوالي مئة قطعة من الكاشي يوميا.
وبين أن الطلب كان قليلا في البداية على الكاشي إذ كانت الحكومة أكبر عميل لذلك المصنع إذ اشترت بعض الكميات عند بناء المستشفى الأميري في نهاية الأربعينيات وكذلك لتبليط أرضيات بعض المدارس كما كان بعض الميسورين حينها يشترون الكاشي لتبليط أحواش منازلهم.
وأوضح الباحث جمال أن المصنع توسع فيما بعد وتم شراء آلة ثانية وانتقل عام 1943 إلى موقع آخر قرب منطقة المسيل شرق الصفاة وفي فترة لاحقة بنهاية الأربعينيات تم شراء آلة أخرى لإنتاج الكاشي من الموازييك.
وحينها انتقل المصنع إلى موقع قريب من المدرسة المباركية ثم إلى منطقة الصالحية قرب مدرسة المثنى ليقوم بإنتاج نوعين من الكاشي هما الكاشي المزخرف الذي تتكون طبقته العليا من الأصباغ وكاشي الموازييك. (النهاية) س م / ت ب