A+ A-

مظاهر العيد في العراق .. مقبرة وادي السلام في النجف تغص بالزوار

مظاهر العيد في العراق .. مقبرة وادي السلام في النجف تغص بالزوار
مظاهر العيد في العراق .. مقبرة وادي السلام في النجف تغص بالزوار

من محمد الغزي

 بغداد - 31 - 8 (كونا) -- يستقبل اهالي مدينة النجف عيد الفطر بالتكبير والزغاريد وهم يحيون الليلة منذ رؤية الهلال حتى صلاة العيد بالصلوات وتلاوة الادعية والتهليل لكنهم ايضا يستقبلون افواجا من الزوار الذي يقصدون احبتهم في قبور مقبرة (وادي السلام) المترامية الاطراف وتحتل مساحة ثلثي مدينة النجف.
ويختلف أول ايام العيد في العراق عن بقية البلدان اذ يستهل العراقيون ذلك اليوم بزيارة القبور وهم يحملون الشموع والبخور في طقس يخلصون فيه شحنات من الحزن ويطلقون الحسرات والانين على احبة فقدوا.
وقال عبدالحسن الجباري وهو صاحب مكتب دفن في مقبرة النجف لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه منذ فجر اليوم الأول للعيد يتوافد على مقبرة وادي السلام الاف من المعزين من جميع مناطق العراق فضلا عن معزين وزوار من ايران ودول الخليج العربي لزيارة موتاهم حاملين معهم البخور والشموع وماء الورد وصدقات توزع على الفقراء بعد زيارة احبتهم ومتابعة قبورهم بغسلها واصلاح ما بها.
واضاف الجباري ان تلك المناسبة فرصة لكثير من العاملين في المقبرة للتكسب والرزق اذ يجدها الفقراء من قارئي القران مناسبة لتلاوة ايات من الذكر الحكيم امام تلك القبور مقابل هدية من ذوي الموتى وباعة البخور والماء وماء الورد والزهور يفرشون بضاعتهم في ازقة بين تلك القبور فيما يجلس الدفانون على مفارق الطرق في المقبرة او في مكاتبهم لاستقبال الزائرين وما يحتاجون اليه من خدمات لقبورهم.
كما يجد سائقو الدراجات النارية الملحقة بعربة والتي تسمى في العراق ب(الستوتة) في توافد الاف الزوار فرصة كبيرة للرزق اذ ينظمون جولات بعرباتهم في المقبرة التي لا يستطيع الزائر قطعها مشيا في ظل درجات الحرارة العالية ومنع دخول السيارات الى محيط مدينة النجف القديمة.
وكانت قيادة عمليات منطقة الفرات الأوسط بالتنسيق مع القيادات الامنية في محافظة النجف اعلنت عن اجراءات احترازية لتامين سلامة المواطنين خلال ايام عيد الفطر تتضمن تسيير دوريات راجلة بالقرب من مقبرة (وادي السلام) والمراقد المقدسة في مدينتي النجف والكوفة والتنسيق مع الدوائر الخدمية لتسهيل دخول وخروج الزائرين.
وتقول الشاعرة النجفية فليحة حسن "حين اتسلق كتف مدينتنا .. لا ابصر غير اثنين .. بقايا ذاكرة وجثامين تجهل وجهتها اين" مشيرا الى ان امتداد مقبرة (وادي السلام) بهذا الشكل وسعي الزوار الى ترويض انفسهم وذاكرتهم بوقوفهم امام احبتهم.
من جهته قال ابو علي المندلاوي وهو احد الادلاء في المقبرة "ان مقبرة (وادي السلام) تكتسب اهميتها من قربها من مرقد الامام علي ومن مساحتها الكبيرة" مؤكدا انها لا تظل على خريطة واحدة بل تكبر يوميا بفعل التوسعة.
من جانبه اكد الباحث الدكتور محسن عبدالصاحب المظفر ان مقبرة (وادي السلام) هي اكبر مقبرة اسلامية في العالم مبينا ان مساحتها تبلغ اليوم 380 هكتارا وان عمرها تجاوز الف سنة.
وذكر المظفر ان عمر الدفن الذي حصل في موضع النجف بعد دفن الامام علي ومنذ ظهور نواة صغيرة للمدينة عام 861 هو 1139 سنة حتى اليوم.
واشار الى عمر مقبرة (وادي السلام) كمقبرة عامة لها ملامحها الواضحة ومنذ بدايات الدفن فيها عام 1765 حتى اليوم (346 سنة).
وقال ان مقبرة (وادي السلام) تضاهي مقابر العالم من حيث السعة والقدم كمقبرة (تخت فولاذ) في أصفهان ايران ومقبرة (جنوا) في ايطاليا وحتى اكبر من المقبرة الصينية ومقبرة الفاتيكان.
وبين ان المقبرة في حال يرثى لها تتطلب اهتماما مستمرا وينبغي ان يكون الدفن فيها ودخولها وفق قانون وقواعد اذ ان وجود المقبرة بصورتها هذه لا يتناسب مع قدسية مدينة النجف الاشرف واستعدادها لان تكون عاصمة الثقافة الاسلامية في العام 2012.
وطالب المظفر باتباع خطوات مرسومة لتكون بعد ذلك داخلة تحت عناية المنظمات الدولية واليونسكو وانه ينبغي اصدار نشرات تعريفية بالمقبرة والاهتمام بالتشجير للفسحات المتروكة لاغراض غير الدفن بالاشجار الدائمة الخضرة ووضع دليل سياحي يوضح اهمية المقبرة واهم المدفونين فيها.
فيما يؤكد الباحث حسن الحكيم ل(كونا) "ان مقبرة (وادي السلام) تمتد من مرقد الامام علي الى جهة الشمال حيث بدأت مساحة المقبرة على شكل قوس" مبينا "ان المقبرة كانت مقتصرة على أصحاب السلطة من امراء وسلاطين وشخصيات مرموقة لتوفر الامكانات لديهم على نقل جثامينهم الى النجف لكنها اليوم تضم اكثر من خمسة ملايين قبر".
اما السيد محمد القزويني صاحب مكتب دفن في (وادي السلام) فيقول "لا هوية في المقبرة ولا كبير فهي تضم ملوكا وامراء وشيوخا قادة وعلماء وفقراء ولافرق فيها بين غني او فقير ملك او مواطن بسيط تتنوع القبور بين صغير وكبير لكن ثرى الاجساد واحد".
واضاف القزويني "ان (وادي السلام) ليس مقبرة خاصة للنجفيين او العراقيين بل لكثير من سكان البلاد مثل ايران والهند وباكستان والكويت ولبنان وغيرها".
يترك المرء (وادي السلام) وهو لا يشعر انه كان في مقبرة بل يشعر انه كان واقفا على اطلال العالم وسنوات مضت باحداثها وناسها ولا يلفه الا صمت عميق وهو عائد الى المدينة.(النهاية) م ح غ / م ج ز كونا311017 جمت اغو 11