A+ A-

(البودكاست) السعودي.. نمو متزايد وحضور قوي عربيا

من فواز اسميران

جدة - 18 - 4 (كونا) -- منذ انطلاقتها شهدت برامج (البودكاست) في السنوات الماضية تطورا كبيرا ونموا قياسيا ومنافسة قوية بين تلك البرامج لاسيما في الوطن العربي اذ استطاع بعض برامج (البودكاست) السعودية ان يتربع على عرش المنافسة والابداع في صناعة المحتوى ما ساهم في انتشار واسع وحضور قوي على منصات التواصل الاجتماعي.
ويمكن رصد مظاهر تفوق (البودكاست) السعودي على المستوى العربي من حيث نسبة المشاهدات والأفكار المطروحة في اللقاءات وتنوع وجودة المحتوى والانتاج والتحسين المستمر بالعرض ومحاكاتها الدقيقة لمختلف القضايا فضلا عن استضافتها لأبرز الشخصيات الرسمية وغير الرسمية وتسليطها الضوء على قصص النجاح المختلفة والمبتكرة.
وأظهرت دراسة مشتركة اعدتها جامعة (نورث ويسترن) ومؤسسة (الدوحة للأفلام) حول أعداد متابعي (البودكاست) في العالم العربي أن ثلاثة من أصل عشرة مواطنين عرب يتابعون تلك البرامج.
واحتلت السعودية المركز الأول في الوطن العربي من حيث أعداد متابعي (البودكاست) قياسا بعدد السكان بنسبة 56 بالمئة تلتها عمان بنسبة 14 بالمئة ثم الإمارات 6 بالمئة بحسب الدراسة.
ووفقا للدراسة المشتركة فإن الفئة العمرية من 18 الى 45 عاما هي الأكثر متابعة لتلك البرامج بنسبة تتراوح بين 23 بالمئة و33 بالمئة.
ورأى عدد من مقدمي برامج (البودكاست) السعوديين والاعلاميين في لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس أن جودة المحتوى المقدم ومدى قربه من الجمهور عامل مهم في انتشار (البودكاست) السعودي فضلا عن أهمية الإعلام السعودي حجما وانتشارا وتأثيرا على المستوى العربي.
وقال الناشط في برامج (البودكاست) عمر الجريسي إن الحراك السعودي الهائل اقتصاديا واجتماعيا وعلى كافة الاصعدة خلق اهتمامات ونقاشات وتساؤلات جديدة فكان (البودكاست) الفضاء الأكثر استيعابا لها لأن أبوابه مفتوحة للجميع مبينا أن هذا الحراك خلق قصصا ومحاور ونقاشات ثرية ومثيرة زادت من حجم المشاهدات.
وأشار إلى استضافته قادة حكوميين ومسؤولين رسميين مما منح برنامجه او منصته موثوقية وجذب لها جمهورا نخبويا من صناع القرار وقادة الرأي المهتمين بالشأن العام.
وأضاف أن عنصر الموهبة السعودية عامل مهم في هذا التميز "فرواية القصص واجراء الحوارات جزء أصيل وثابت في الثقافة السعودية الغنية بالحكايات وهي امتداد لإنسان الجزيرة العربية الذي كان يؤثر ويتأثر بالحكايات والحوارات".
وأوضح الجريسي انه ليست كل برامج (البودكاست) السعودي مميزة لكن المميز منها نجح لمخاطبته الجمهور السعودي وهو الجمهور الأكبر والأكثر متابعة للمحتوى على مستوى العالم العربي وهذا عنصر قوة يجب أن يؤخذ في الاعتبار.
ولفت إلى قدم تجارب السعوديين مع برامج (البودكاست) مشيرا الى الصعوبات التي واجهت التجارب السعودية الاولى حيث كانت المنصات محدودة الوصول والانتشار.
وذكر الجريسي أن دخول شركات مختصة بتقديم خدمات الانتاج ونشر (البودكاست) سهل القرار على الكثيرين لدخول هذا العالم دون أن تعيقهم التعقيدات الانتاجية والفنية.
من جانبه أكد رئيس تحرير (اندبندنت عربية) عضوان الأحمري أن السعودية تعتبر من أهم الدول العربية المؤثرة إعلاميا وصاحبة الريادة بذلك مضيفا أنها أصبحت حاضنة لأشهر برامج (البودكاست) في منطقة الشرق الأوسط سواء باللغة العربية أو الإنجليزية.
وقال إن انتشار برامج (البودكاست) السعودية وتميزها عربيا جاء بسبب نوع وجودة الإنتاج والمهنية العالية في الطرح والتسويق مشيدا بالتجربة السعودية وما وصلت اليه من احترافية وتمكن وتجاوز لحالة النضج.
وأشار الى امتلاك السعودية لأكبر مجموعتين إعلاميتين هما مجموعة (ام بي سي) و(المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام) مبينا أن الحصة الإعلانية الأكبر تؤخذ من السوق السعودي وهذا ما يدل على الحراك والاهتمام والتنوع والتجديد وهذا أحد الأسباب البسيطة للحصول على التميز العربي.
وبين الأحمري ان انتشار برامج (البودكاست) في العالم العربي لم يكن مفاجئا بل كان تدريجيا مضيفا ان (البودكاست) بطبيعته وطريقته الحوارية مناسبة للاستماع والمشاهدة في أي وقت فضلا عن نوع الضيف والموضوع والتوقيت وكلها عوامل تساعد في الانتشار.
وأوضح أن تلك البرامج تعد الأقرب لجميع الفئات والانسب للجميع وانتشارها خدم محبي المحتوى الجيد مشيرا الى وجود المنافسة بين القنوات المتخصصة والشركات والبرامج الفردية في صناعة (البودكاست) وتميزه.
وحول ما إذا كانت هناك منافسة بين الاعلام التقليدي والبودكاست قال الأحمري انه "لا يوجد شيء اسمه اعلام تقليدي ..الإعلام هو الإعلام" مضيفا ان (البودكاست) جزء من الإعلام ولا يوجد بينهما منافسة بل هناك تكامل.
بدوره قال الاعلامي وأحد مقدمي برامج (البودكاست) محمد الشثري إن النمو السكاني والتطور الذي صاحب المملكة والرياض تحديدا ساهم في تشكيل انماط وسلوكيات جديدة ومنها هواية المشاهدة والاستماع الى (البودكاست).
وتوقع الشثري استمرار سطوة برامج (البودكاست) مستقبلا وتحقيق انتشار أوسع في الفضاء الاعلامي لتقديمها محتوى جاذبا وبقالب تفاعلي وابداعي.
ورأى أن أسبقية (البودكاست) السعودي جعلته يتربع على عرش هذا المجال معتبرا ان ما يميز (البودكاست) والحواري تحديدا هو وجود العدد الكافي منها وبمختلف الاختصاصات.
وأشار الى احصائية اعدتها (إذاعة ثمانية) في عام 2020 توضح أن أعداد (البودكاست) العربية تصل الى 500 مضيفا أن هذا العدد تضاعف في الوقت الحالي ولذلك نشهد طفرة كما شهدها برنامج التواصل الاجتماعي (اليوتيوب) بداية العقد الماضي.
وذكر ان جمهور البودكاست السعودي والمتابع له يأتي من داخل المنطقة في الدرجة الأولى ثم تتوسع الشريحة مع انتماء كل ضيف لمنطقة أخرى واستقطاب شريحة جديدة معربا عن أمله بالوصول أكثر إلى كل الدول العربية.
ورأى الشثري أن برامج (البودكاست) ساهمت بشكل كبير في رفع الوعي والثقافة وما يدل على ذلك دخول الجهات الحكومية اليوم في (البودكاست) لأنها أصبحت منصة تأثير قوية.
وفي سياق متصل أعدت شركة سعودية متخصصة في تمكين وصناعة المحتوى الرقمي في عام 2023 دراسة حول متابعي (البودكاست) في المملكة بهدف معرفة تفضيلات وسلوكيات وتوقعات المتابعين وتعريف المهتمين بصناعة تلك البرامج بما يلهم الجمهور فضلا عن مواكبة النمو والتطور في هذا المجال.
وتوقعت تلك الدراسة أن يستمر مستقبل (البودكاست) في السعودية في النمو المتزايد اذ ان هذه الوسيلة المتنامية بشكل سريع تجذب جمهورا متنوعا واسع النطاق.
يذكر ان دول العالم تحتفل في يوم 30 سبتمبر من كل عام ب (اليوم العالمي للبودكاست) الذي يشكل نقطة فارقة في طبيعة التعامل مع المضمون الإعلامي وما تشكله هذه المنصة من قوة جذب وتأثير للجمهور.(النهاية) ف ن