A+ A-

دراسة أطلقتها وكالة (وام) تؤكد قدرة الذكاء الاصطناعي على كبح تراجع الإعلام التقليدي

دراسة أطلقتها وكالة (وام) تؤكد قدرة الذكاء الاصطناعي على كبح تراجع الإعلام التقليدي

أبوظبي – 13 – 3 (كونا) -- أكدت دراسة أطلقتها وكالة أنباء الإمارات (وام) أن الذكاء الاصطناعي يتمتع بالقدرة على إيقاف التراجع في وسائل الإعلام التقليدية ودعم نمو المؤسسات الإخبارية الأصغر حجما وتشجيع التنوع في الأخبار.
جاء ذلك في الدراسة البحثية الثانية للكونغرس العالمي للإعلام 2023 التي أطلقتها وكالة (وام) في العاصمة الكينية نيروبي بشأن اتجاهات وتحديات وفرص صناعة الإعلام العالمية بعنوان "القيادة الحاسمة في مشهد إعلامي متزايد التعقيد" وذلك بحضور المدير العام لـ (وام) رئيس اللجنة العليا المنظمة للكونغرس العالمي للإعلام محمد الريسي ومجموعة من قادة الإعلام والمسؤولين والأكاديميين والمؤثرين.
وجاءت هذه الدراسة التي أطلقت في مارس الجاري كمختبر لمستقبل الإعلام ترعاه وكالة (وام) ضمن سلسلة من المناقشات المغلقة والصريحة يقودها قادة وخبراء صناعة الإعلام في العالم.
وضمت الدراسة ثمانية فصول تناقش أثر الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام وإحياء الصحافة المطبوعة والطرق الحديثة لفهم الجمهور والذكاء الاصطناعي والوعي الإعلامي والصحافة البيئية وصحافة البيانات كأداة قوية في الأيدي المناسبة ودور التكنولوجيا في تعزيز تفاعل الجمهور الرياضي وكيفية الاستفادة من قوة الألعاب الرياضية النسائية داخل الملعب وخارجه كما جرى تدعيم الدراسة برأي أربعة من خبراء الإعلام والمحللين من مختلف دول العالم.

وتناول الفصل الأول من الدراسة بعنوان "الذكاء الاصطناعي في الاعلام.. تغيير جذري أم موجة أخرى من مد الابتكار؟" النقاش بشأن الذكاء الاصطناعي ودوره في غرف الأخبار وخلص إلى أن لديه القدرة على إيقاف التراجع البطيء لوسائل الإعلام التقليدية ودعم نمو المؤسسات الإخبارية الأصغر حجما وتشجيع تنوع أكبر في الأخبار برغم المخاطر الوجودية المتزايدة التي من بينها فقدان الوظائف.
أما الفصل الثاني من الدراسة فجاء بعنوان "إحياء الصحافة المطبوعة.. تحديات وآفاق مستقبلية" وتناول ظاهرة "إجهاد الأخبار" التي باتت تشكل تحديا رئيسيا أمام الصحافة التقليدية في ظل التعرض المفرط لمحتوى الأخبار خاصة تلك المتعلقة بالموضوعات المثيرة للجدل.
وسلط هذا الفصل الضوء على المخاطر التي قد تلحقها ظاهرة "إجهاد الأخبار" بالصحافة مثل تزايد اللامبالاة تجاه القضايا المطروحة وضعف الثقة في المؤسسات الإعلامية وازدياد صعوبة تمييز الحقائق من المعلومات المضللة.
وعلى الرغم من ذلك يظهر هذا الفصل تفاؤلا متزايدا بشأن إمكانية إحياء وسائل الإعلام المطبوعة إذ تتطلع هذه الصناعة إلى استحداث نهج جديد يمزج بين أفضل جوانب تراثها العريق وتوقعات الجمهور المعاصر وتوجهاتهم بالنسبة لنوعية وجودة الأخبار.
وأكد الفصل الثالث بعنوان "فهم الجماهير بطريقة جديدة" أن العالم يشهد تغيرات سريعة في خصائص وسمات مستهلكي الأخبار مع ازدياد الاعتماد على منصات المحتوى القائمة على الفيديو مثل "يوتيوب" و"تيك توك" ما يفرض تحديات جديدة على صناعة الإعلام ويفتح آفاقا واسعة لابتكار طرق جديدة للتفاعل مع الجمهور.
وتناول الفصل الرابع بعنوان "الاستفادة من قوة الرياضة النسائية داخل وخارج الملعب" تزايد أهمية المنصات الرقمية وتأثيرها في عمل الصحفيات في المجال الرياضي إذ تتآكل الحواجز التقليدية أمام الأفراد المهمشين وخاصة النساء ببطء ونتيجة لذلك تظهر بعض النتائج الإيجابية مثل نمو عائدات الرياضات النسائية وزيادة عدد المشاهدين والاهتمام المتزايد بشكل عام بإنجازات النساء في الرياضة.
وخلص هذا الفصل إلى أن ثمة فرصة حقيقية أمام الصحفيات في المجال الرياضي للتركيز على حلول وأدوات من شأنها تعزيز العلاقة بين النساء الممارسات للرياضة والجمهور.
وأكد الفصل الخامس بعنوان "دور التكنولوجيا في تعزيز تفاعل الجمهور الرياضي" أن التكنولوجيا تحدث ثورة هائلة في الصحافة الرياضية الحديثة إذ بات للتقنيات الحديثة مثل تحليل البيانات والواقع المعزز وجود قوي في مسارات التغطية الصحفية وأدى هذا التطور إلى تغيير جذري في طريقة تفاعل الجماهير مع المحتوى الرياضي.
وبحث هذا الفصل كيفية دمج التقنيات الجديدة بشكل فعال في مستقبل الصحافة الرياضية لتقديم محتوى متنوع لجماهير محددة كما يناقش التأثيرات الأخلاقية لهذه العلاقة المتطورة بين التكنولوجيا والصحافة.
وأكد الفصل السادس "الذكاء الاصطناعي والوعي الإعلامي.. الحدود الجديدة للمعلومات المضللة" أن ظهور أدوات مثل "تشات جي بي تي" قد أثر بشكل كبير في المشهد الإعلامي محدثا تحديات جديدة لكل من منتجي ومستهلكي المحتوى الإعلامي.
وبين هذا الفصل أنه على الرغم من وجود جوانب إيجابية للذكاء الاصطناعي فإنه معرض أيضا لخطر الاستغلال من قبل البعض لإنشاء معلومات مضللة مشيرا إلى أنه مع تنامي استخدام وسائل الإعلام لتقنيات الذكاء الاصطناعي فإن هناك حاجة إلى تعزيز الثقافة الإعلامية بين الصحفيين كما ينبغي للحكومات تثقيف الجمهور بشأن هذه التهديدات. وخلص إلى أن هذه الصناعة يجب أن تصبح أكثر يقظة وأن تتحدى المعلومات المضللة بنشاط وأن تكثف الجهود لمكافحة تلوث المعلومات.
وأكد الفصل السابع "الصحافة البيئية.. جسر الهوة بين القراء والقضايا البيئية" أنه مع ازدياد تأثير تغير المناخ في المجتمعات برزت الصحافة البيئية كجزء لا يتجزأ من الأخبار السائدة ورغم اتساع نطاق التغطية تثار مخاوف حول صعوبة تفاعل الجماهير مع هذه الأخبار ما لم تحدث أزمة كبيرة. وسلط هذا الفصل الضوء على دور الصحفيين في توضيح وتبسيط علم المناخ المعقد ونقل المعلومات بفعالية وتعزيز الشعور بالمسؤولية.
واختتم الفصل بالتأكيد على ضرورة سعي صناعة الإعلام خاصة هيئات البث العامة إلى إعادة إشراك الجمهور من خلال سد الفجوات بين القراء والقضايا البيئية الحرجة وتبسيط المعلومات العلمية وطرح حلول قابلة للتطبيق.
وناقش الفصل الثامن والأخير بعنوان "صحافة البيانات.. أداة قوية في الأيدي الصحيحة" بشكل نقدي دور البيانات المتنامي الأهمية في صناعة الأخبار مع التركيز على التحديات التي تواجه الصحفيين في تحويل البيانات الخام إلى قصص إخبارية قيمة.
وسلط هذا الفصل الضوء على إدراك هذه الصناعة لأهمية ترجمة البيانات وتفسيرها للجمهور مع التأكيد على المخاطر المترتبة على استخدام البيانات غير الموثوقة أو المتحيزة مشيرا إلى صعود صحافة البيانات مع إبراز نقاط الخلاف حول كيفية نشرها واختيار ممثلي وسائل الإعلام لاستخدامها.
وفي موازاة إطلاق الدراسة شارك المدير العام لـ(وام) محمد الريسي في حلقة نقاشية أدارتها الكاتبة والممثلة ومنتجة الأفلام دافينا ليونارد ركزت على موضوع الدراسة وتأثيرها على المشهد الإعلامي الكيني والإفريقي مثل تغيير سلوك الجمهور.
كما شارك في الحلقة النقاشية أوشينغ رابورو رئيس التحرير في "Standard Media Group" إحدى أكبر الصحف الكينية ووكانيكا سيغال محرر الأعمال في مجلة "تقرير إفريقيا" وجوزيف أوديندو المحاضر الأول في جامعة الآغا خان للإعلام في نيروبي.
من جانبه سلط المدير العام لوكالة (وام) محمد الريسي الضوء على أهمية حماية حقوق المؤسسات الإعلامية والصحفيين في إطار السعي العالمي لتسخير التكنولوجيا الحديثة مشددا على أهمية التعاون الدولي وقال "علينا أن نعمل معا على المستوى الدولي لسن القوانين واللوائح اللازمة في مجال الذكاء الاصطناعي لحماية حقوق النشر".
وأضاف الريسي "يشهد قطاع الإعلام تغيرات متسارعة ما يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة. ونسعى من خلال هذه الورقة البحثية إلى تحديد القرارات التي يتعين على قادة قطاع الإعلام اتخاذها - مثل الجاهزية لدمج الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الإعلامية - وهي قرارات قد تؤثر على القطاع بشكل هائل.
وقال "إن ما اتضح خلال تلك الجلسة الحوارية والمناقشات التي جرت خلال الكونغرس العالمي للإعلام هو التفاؤل السائد عبر قطاع الإعلام حول المستقبل".
وتابع "بطبيعة الحال سوف تواجهنا تحديات ولكن من المبشر أن نرى مدى شغف قادة القطاع ببذل الجهود المطلوبة لصياغة ملامح مستقبله وضمان استدامته في كينيا والعالم".
وأردف "كما هو واضح من المناقشات فإن هناك حالة من التفاؤل تسود وسائل الإعلام بشكل أساسي بشأن المستقبل وبالطبع فإن هناك تحديات أمامنا ولكن من المشجع للغاية أن نرى كيف أن قادة وسائل الإعلام متحمسون لصياغة صناعة الإعلام المستدامة في المستقبل في كينيا وعلى مستوى العالم.
وشدد جوزيف أوديندو على أهمية محو الأمية الرقمية عند تدريب الصحفيين الناشئين مشيرا إلى الحاجة لمراجعة المناهج الجامعية لمواكبة التطورات التكنولوجية الجديدة.
كما ركزت النقاشات بشكل خاص على دور الذكاء الاصطناعي حيث أكد أوشينغ رابورو أن تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لتسخيرها في دعم الصحافة في المنطقة.
وقال "يتم تطوير معظم أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة باستخدام مواد ومعطيات من خارج إفريقيا وكينيا بشكل خاص. ويجب علينا تسليط الضوء على الحاجة إلى تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات جمهورنا المحلي".
تجدر الإشارة إلى أن نشر الدراسة البحثية الثانية التي أطلقتها (وام) جاء بعد اختتام النسخة الثانية للكونغرس العالمي للإعلام 2023 الذي عقد في نوفمبر الماضي في أبوظبي بتنظيم من مجموعة "أدنيك" بالشراكة مع وكالة (وام) بحضور ما يقارب 24000 خبير وزائر على مدى ثلاثة أيام لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحا التي تواجه صناعة الإعلام العالمية. (النهاية) ه س ص