A+ A-

بغداد ترفض الحوار مع اربيل إلا بشروطها وعينها على المنفذ الوحيد نحو تركيا

من علاء الهويجل بغداد - 28 - 10 (كونا) -- لم يفلح اقليم كردستان العراق في ثني الحكومة المركزية في بغداد عن موقفها بالتخلي عن شروطها للقبول بالحوار بين الطرفين حيث رد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على آخر مبادرات الاقليم بتجميد نتائج الاستفتاء لحلحلة الازمة برفض مطلق وبشرط مشدد بالخضوع للدستور.
فحكومة بغداد المنتشية بمكاسب مذهلة وكبيرة تحققت على الاراضي المتنازع عليها في غضون ايام قليلة فقط وشملت كركوك الغنية بالنفط لا تجد نفسها اليوم ملزمة بقبول أنصاف الحلول مع اربيل وهي ترى الفرصة سانحة امامها للوصول الى المعابر الحدودية مع تركيا لأول مرة منذ عام 1990 وبالتالي إنهاء هيمنة الاقليم على بوابة التصدير الوحيدة هناك.
ويرى مراقبون ان بغداد حين تتمسك بشروطها "المشددة" بالغاء نتائج الاستفتاء وضرورة الانصياع للدستور رغم انها تعلم جيدا ان اربيل لن تستجيب لها فإنها بذلك تحاول كسب المزيد من الوقت للوصول الى جميع اهدافها الميدانية قبل ان تعود لتخفض سقف الشروط.
ولا يرى العبادي في تحرك قواته وفرض سيطرته على المناطق المتنازع عليها الا نصرا لكل العراقيين قائلا من طهران التي كان يزورها اول من امس الخميس لحشد الدعم الاقليمي لتحركات حكومته ضد الاستفتاء "ان اجراءاتنا الدستورية في بسط السلطة الاتحادية ما هي الا انتصار لجميع العراقيين وان استراتيجيتنا هي اخضاع هذه المناطق لسلطة الدولة".
وشدد العبادي على "اننا لا نقبل الا بالغاء الاستفتاء والالتزام بالدستور" مغلقا بذلك الباب امام مبادرة حكومة كردستان الاخيرة والتي جاءت في ثلاثة بنود اهمها موافقة الاقليم على تجميد نتائج الاستفتاء على الانفصال.
وعن هذا الشأن قال النائب في البرلمان العراقي جاسم محمد جعفر وهو مقرب من رئيس الحكومة ان تحرك بغداد وفرض سيطرتها على المناطق المتنازع عليها انما هو امر قانوني وفي اطار سيادة الدولة على اراضيها وهي ماضية في ذلك حتى استعادة المنافذ الحدودية وجميع ابار النفط.
ورأى جعفر في حديث لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم السبت "ان رئيس الاقليم مسعود البرزاني وقع في خطأ كبير حين اصر على الاستفتاء وهو الان يعاني من ازمة داخلية في الاقليم قبل ازمته مع بغداد وبقية دول المنطقة".
واكد "ان بغداد لن تتفاوض بعد الان مع البرزاني بصفته المتحكم الوحيد بمصير الاقليم فلا مفاوضات الا مع وفد يمثل الاحزاب السياسية كافة داخل الاقليم بما فيها احزاب التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني والجماعة الاسلامية الذين سبق ان عارضوا الاستفتاء ولو بأشكال متفاوتة".
واعتبر جعفر "ان هذا لا يعني ان بغداد تريد اقصاء او عزل البرزاني فالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الاقليم هو حزب كردي عريق وله تاريخه الطويل لكننا لا نريد ان يكون وحده ممثلا عن الأكراد في المرحلة المقبلة".
بدوره قال المحلل السياسي والمتخصص بالشأن الكردستاني سامان نوح في حديث مماثل ل(كونا) "نحن الان امام طرفين احدهما منتصر وهو الحكومة الاتحادية والاخر يشعر بأنه مهزوم وهو اقليم كردستان الذي خسر في ايام قليلة فقط 51 بالمئة من الاراضي التي كانت تحت سلطته".
وأضاف نوح "ان الطرف المنتصر وصل الى مرحلة لا يمكنه التقدم اكثر بعد ان حقق أكثر مما كان يحلم به بينما لم يعد امام الأكراد ما يخسرونه وقد يضطرون بعد ذلك للقتال حتى اخر طلقة كما يهددون الان".
وأشار الى انه "في هذا الوضع لا بديل عن تدخل امريكي لارغام الطرفين على الجلوس الى طاولة الحوار وعدم المضي الى معارك قد تنتهي بتدمير اقليم كردستان بنيويا بينما تخسر بغداد الدعم الذي كانت تتلقاه من دول العالم في حربها ضد المتشددين".
ورأى "ان بغداد نجحت في شق الصف الكردي وهو ما ساعدها على دخول كركوك بعد ان اقتنع احد الاطراف بأن الدخول في معركة مع الجيش العراقي بامكاناته الكبيرة معركة خاسرة قد يسقط فيها الاف القتلى وتدمر كركوك كما دمرت المدن السنية" في اشارة منه الى موقف الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأوضح ان المشكلة الوحيدة الان التي تعطل اي فرصة لاجراء مفاوضات بين الطرفين هي رغبة بغداد بالسيطرة على منفذ (فيشخابور) الذي يمكن ان يؤمن لها منفذا مهما وحيويا نحو الجارة تركيا.
وأفاد بأن سيطرة بغداد على المنفذ الذي تقف القوات العراقية على مسافة قريبة منه الان ستفتح لها الطريق المباشر الى تركيا وستمكن الحكومة الاتحادية من تصدير النفط والبضائع دون ارادة كردستان ولو بعد سنوات.
ولفت الى ان الأكراد يقاتلون من اجل عدم خسارة هذا المنفذ لأن ذلك يعني خسارة اهم ورقة ضغط كانوا يستخدمونها سنوات للتأثير على بغداد كما كانت وسيلتهم لاجبار الاتراك على التعامل معهم كمنفذ تجاري وحيد الى العراق بتبادل تجاري يصل الى 12 مليار دولار.
ولم يستبعد نوح ان يتوصل الجانبان اذا ما كان هناك تدخل امريكي الى حل وسط يمكن بغداد من المنفذ لكنه يبقى تحت سلطة الاقليم بطريقة توافقية.
وكان مجلس الامن الدولي دعا الخميس الماضي الحكومة العراقية والقيادة الكردية الى وضع جدول زمني لاجراء مباحثات تهدف الى انهاء الازمة التي تسبب بها الاستفتاء على الانفصال الذي أجراه اقليم كردستان الشهر الماضي.
وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الامن هذا الشهر ان اعضاء المجلس احيطوا علما بأن الحكومتين الفدرالية والاقليمية ترغبان في اجراء حوار معربا عن تشجيعه لهما لوضع جدول زمني بسرعة لاجراء هذه المناقشات.
كما صرح وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون اول امس الخميس ان الولايات المتحدة لا تزال قلقة جدا بخصوص القتال الذي اندلع بين قوات الامن العراقية وقوات البيشمركة الكردية بعد استفتاء الاكراد على الاستقلال.
واعرب تيلرسون عن خيبة امله لعجز الطرفين عن التوصل الى حل سلمي تماما داعيا العبادي الى قبول مبادرات اربيل لاجراء محادثات على اساس الدستور العراقي. (النهاية) ع ح ه / ر ج