A+ A-

الموصل تتلمس طريقها مجددا نحو الاعتدال بعد عامين من تطرف (داعش)

من علاء الهويجل

بغداد - 17 - 2 (كونا) -- من المنبر ذاته الذي كان قبل اشهر قليلة منصة للخطباء المتطرفين في الموصل عاد رئيس ديوان الوقف السني العراقي الشيخ عبداللطيف الهميم ليلقي من فوقه خطبة الجمعة الفائتة بمنهج وسطي معتدل طالما افتقده الموصليون ابان سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
ولم تكن خطبة الهميم في مسجد (الحاج ذياب العراقي) وحدها المختلفة في مشهد صلاة الجمعة بل امتد الاختلاف ليشمل المصلين انفسهم فبعد ان كانوا من طيف واحد ابان سيطرة (داعش) اصطفوا من مختلف الطوائف الاسلامية في صفوف الصلاة بينهم جنود من جنوب العراق واكراد من شماله فضلا عن اهل المدينة ذاتها.
وغابت بين المصلين مظاهر اعتادها الموصليون في الحقبة السابقة فلم يعد للزي الافغاني الذي فرضه (داعش) على اتباعه ولا اللحى الكثة والجدائل ولا رجال الحسبة الذين يلزمون الناس ترك متاجرهم لاداء صلاة الجمعة وجود فكل شيء هنا عاد لطبيعته الاولى.
وكان الشيخ الهميم افتتح في التاسع من الشهر الماضي المقر البديل لمديرية اوقاف نينوى في مسجد (الحاج ذياب العراقي) لتعاود نشاطها من جديد في المحافظة بعد استعادتها من (داعش).
وقال الهميم خلال الافتتاح "من اليوم وصاعدا سوف تكون المساجد جزءا من امن المجتمع وسلامته ولن يسمح باستغلالها مجددا" مؤكدا ان اعتلاء المنابر سيقتصر على الائمة والخطباء المنتمين لديوان الوقف السني.
والتقى الهميم بالكادر الوظيفي للمديرية ووجههم بجرد المساجد المتضررة في الجانب الايسر من المدينة وتقديم كشوفات لاعادة صيانتها واعمارها.
ولم يقتصر التحول في الموصل على صلاة الجمعة وطبيعة الخطاب الديني فيها فحسب بل امتد ليشمل مجالات اخرى ولعل ابرزها الانفتاح في مجال الاتصالات حيث عادت متاجر المدينة من جديد تعرض سلعها من مختلف اجهزة (الستلايت) بعد ان كان اقتناؤها يعد جريمة ابان سيطرة (داعش).
ويمكن للمتجول في شوارع المدينة اليوم ان يرى اجهزة الستلايت ومختلف انواع اجهزة الاستقبال الهوائي في معارض المحلات التجارية وعلى الارصفة المقابلة لها.
وقال احد التجار لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان "(داعش) كان يمنعهم من بيع الستلايت واليوم يتم بيع اعداد كبيرة منها".
واضاف ان "عناصر (داعش) كانت تعاقب صاحب المنزل الذي يضبط لديه جهاز ستلايت بالجلد 30 جلدة مع غرامة مالية تقدر بعشرة دولارات والزامه بحضور دورات دينية شرعية لمدة 15 يوما".
واشار التاجر الى ان عناصر (داعش) كانوا ايضا يشددون العقوبة بحق من يضبط لديه جهاز ستلايت للمرة الثانية وقد يصل الامر الى الاعتقال والتغييب القسري.
وطال التغيير في الموصل ايضا صالونات الحلاقة الرجالية التي عاد "الموس" فيها لحلق اللحى لمن يرغب بذلك بعد ان كان الامر يودي بحليقها الى الجلد والغرامة.
ولا تخطئ العين في اسواق الموصل الايسر اليوم النسوة المتبضعات بلا محرم بعد عامين من منعهن من التجول في المدينة ابان سيطرة (داعش)".
وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم دار الافتاء العراقية الشيخ عامر البياتي ل(كونا) ان "عناصر (داعش) جثموا بفكرهم المتطرف لاكثر من عامين على صدر مدينة الموصل وأقصوا كل رجال الدين المعتدلين ونحروا ائمة ودعاة ومشايخ ليس لشيء سوى لانهم يختلفون معهم في التوجه الديني".
واضاف انه "بعد تحرير الجانب الايسر من الموصل عاودت المساجد فتح ابوابها من جديد امام المصلين من ابناء المدينة ولكن بمنهج مختلف يعتمد الوسطية والاعتدال".
واشار البياتي الى "ان دار الافتاء العراقية وجهت العلماء والائمة بالتمسك بمنهج الوسطية والعمل على افهام الناس ان المنهج الرباني هو الصراط المستقيم ليتبعوه ولا يتبعوا السبل فتفرق بهم".
من جانبه قال نائب محافظ نينوى حسن العلاف في تصريح مماثل ل(كونا) ان "الموصل بلد حضارة عمرها اكثر من خمسة الاف عام ولا يمكن طمس تلك الحضارة بافكار ضالة ومنحرفة كالتي تفرضها التنظيمات الارهابية اليوم".
واكد ان "مخلفات ذلك التنظيم المتطرف ستزول بالتأكيد" مشيرا الى ان الخطاب الديني المعتدل والمتسامح في الموصل ما بعد التحرير يبعث برسالة بأن الاسلام دين الرحمة والتسامح".(النهاية) ع ح ه / م خ