A+ A-

بريطانيا تسعى لتخفيف تداعيات الانسحاب والاتحاد الاوروبي يحاول امتصاص الصدمة

علم الاتحاد الاوروبي
علم الاتحاد الاوروبي

(خبر موسع)

الكويت - 24 - 6 (كونا) -- في محاولة لامتصاص صدمة انسحاب بريطانيا أعلن الاتحاد الاوروبي عقد لقاء قمة يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين لتقييم نتائج هذه الخطوة وتحديد الاجراءات الضرورية المقبلة.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ان الاجتماع سيناقش التداعيات السياسية والعملية لخروج بريطانيا من التكتل المؤلف من 27 دولة عضو موضحا أن الاجتماع سيناقش خروج بريطانيا طبقا للمادة 50 من معاهدة الاتحاد والبدء في بحث مستقبل الاتحاد.
وأضاف أنه نظرا إلى النتائج السلبية للاستفتاء في المملكة المتحدة فسوف تعقد قمة الاتحاد الاوروبي الرسمية يوم الثلاثاء فيما سيتم تكريس يوم الأربعاء لمناقشة التداعيات السياسية.
واشار الى أن الهدف من الاجتماع هو التأكد من وجود مساحة كافية لدى الدول الاعضاء في الاتحاد للتباحث مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول الخطوات التالية على أن يعقب ذلك اجتماع منفصل بينهم.
وحول الخطوات التي ستتخذها السلطات البريطانية لمواجهة تداعيات الانسحاب من الاتحاد الاوروبي قال السفير البريطاني في الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت إن حكومة بلاده ستنفذ قرار الشعب بالانسحاب مشيرا الى ان عملية المغادرة من الاتحاد الاوروبي ستكون "طويلة ومعقدة" حيث أنها ستستغرق عامين منذ بدء رئيس الوزراء تنفيذ اجراءات الانسحاب.
وذكر أنه خلال تلك الفترة ستبقى بريطانيا جزءا أساسيا وعضوا كاملا في الاتحاد الاوروبي لها كافة الحقوق وعليها كافة المسؤوليات مؤكدا أنه بعد تلك المدة "لن تتأثر أسس قوة بريطانيا في العالم".
وأوضح ان اقتصاد بريطانيا ومكانتها الدبلوماسية في العالم وفي الأمم المتحدة وقوتها العسكرية والتزاماتها في التنمية الدولية وغيرها من الجوانب ستستمر دون توقف.
من جهته قال وزير الخزانة البريطاني جورج اوزبورن انه سيبذل كل ما في وسعه لتخفيف تداعيات قرار الانسحاب من الاتحاد الاوروبي على الاقتصاد البريطاني والعالمي.
وذكر في تصريحات صحفية انه ناقش نتائج الاستفتاء مع نظرائه من دول السبع الصناعية الكبرى ومحافظي البنوك المركزية في الدول الكبرى لاتخاذ الاجراءات المناسبة التي تضمن استمرار تدفق السيولة المالية وعدم انزلاق اسواق المال العالمية تأثرا بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
واكد ان وزارته وبنك انجلترا يراقبان كل التطورات وسيتخذان كل الاجراءات الضرورية للحفاظ على استقرار الاقتصاد معربا عن اسفه لقرار الانسحاب واستعداده لتحمل مسؤولياته للتعامل مع الاوضاع المالية المستجدة.
وكان محافظ بنك انجلترا مارك كارني قد اعلن في وقت سابق اليوم عن استعداده لضخ 250 مليار جنيه استرليني اذا اقتضت الضرورة ذلك بهدف حماية الاقتصاد المحلي من اي تبعات سلبية سريعة لعملية الانسحاب.
وكانت مؤشرات بورصة لندن سجلت في افتتاح تعاملات اليوم مباشرة بعد اعلان نتائج الاستفتاء هبوطا حادا لم يسجل منذ اكثر من ثلاثة عقود ما ادى الى خسارة الشركات اكثر من 120 مليار جنيه استرليني من قيمة اسهمها.
كما هوى الجنيه الاسترليني امام الدولار الى مستويات لم تسجل منذ عام 1985 ما اثار مخاوفا من احتمالات بداية ارتفاع اسعار المواد الاساسية واسعار وقود السيارات.
وتوالت ردود الفعل الدولية حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان عن ثقته في قدرة أوروبا على تحقيق المصلحة المشتركة لصالح المواطنين الاوروبيين.
وقال إن الامم المتحدة تتطلع إلى استمرار العمل مع المملكة المتحدة والاتحاد الاوروبي "فكلاهما شريك مهم".
وتوقع المسؤول الاممي استمرار الاتحاد الاوروبي في لعب دور قوي مع الأمم المتحدة في التنمية والقضايا الانسانية وأيضا في قضايا السلام والامن والهجرة.
وتوقع أيضا أن تواصل بريطانيا القيام بدورها القيادي في شتى الجوانب.
وفي واشنطن قال الرئيس الامريكي باراك اوباما إن بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيظلان "شريكين لا غنى عنهما" للولايات المتحدة رغم تأييد الناخبين البريطانيين خروج بلادهم من التكتل الاوروبي.
وقال في بيان "إن العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة راسخة وعضوية بريطانيا في حلف شمال الاطلسي (ناتو) حجر زاوية حيوي لسياسة الولايات المتحدة الخارجية والأمنية والسياسية والاقتصادية".
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي "فعل الكثير لتعزيز الاستقرار وتحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع انتشار القيم والمثل الديمقراطية في جميع أنحاء القارة وخارجها".
واشار الى ان التصويت في المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي "يخاطب التغيرات والتحديات المستمرة التي تثيرها العولمة".
واعتبر اوباما في تصريحات له في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا انه اذا كانت العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي ستتغير فان "الشيء الوحيد الذي لن يتغير هو العلاقة الخاصة القائمة بين بلدينا".
وفي وقت سابق تحدث أوباما مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وأعرب اثر الاتصال عن ثقته في ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بعد تصويت الناخبين على ذلك سيتم "بشكل سلس".
وقال انه تحدث مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لتأكيد أن الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين سيعملون "معا بشكل وثيق" في الأشهر المقبلة.
وفي الوقت نفسه أكدت مجموعة السبع الصناعية الكبرى (جي 7) التي تضم المملكة المتحدة انها "تراقب تطورات السوق" مشددة على أن اقتصاد المملكة المتحدة "سيظل مرنا." وأعربت المجموعة في بيان عن ثقتها بأن سلطات المملكة المتحدة في وضع جيد يؤهلها لمواجهة العواقب المترتبة على نتائج الاستفتاء" مضيفة "نحن ندرك أن التقلبات المفرطة والتحركات غير المنتظمة في أسعار الصرف يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الاستقرار الاقتصادي والمالي".

 من جهتها دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد السلطات في المملكة المتحدة وأوروبا إلى "العمل معا لضمان الانتقال السلس نحو علاقة اقتصادية جديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بما في ذلك من خلال توضيح الإجراءات والأهداف العريضة التي ستقود العملية ".
وأضافت في بيان أن صندوق النقد الدولي "يدعم بقوة التزامات بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي لزيادة السيولة في النظام المصرفي والحد من التقلبات المالية." وفي كولالمبور قال رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبدالرزاق إن بريطانيا اتخذت "خطوة غير مسبوقة" بعد قرار خروجها من الاتحاد الاوروبي مفيدا بأنه "لا يمكن التنبؤ بالمستقبل مع توقعات بأن تكون هناك فترة من التقلبات في الأسواق المالية حسب نتيجة الاستفتاء.
وأعرب في بيان عن ثقته في تعزيز العلاقات بين ماليزيا وبريطانيا مفيدا بأن بلاده ستراقب التطورات عن كثب وسوف تظل متيقظة لأية مخاطر اقتصادية ناشئة مضيفا الا نتوقع حدوث أي تأثير كبير على الاقتصاد الماليزي مع القرار البريطاني في الخروج من الاتحاد الاوروبي.
ودعا عبدالرزق إلى احترام قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي معبرا عن حزنه تجاه قرار استقالة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إضافة إلى تطلعه للعمل مع من سيخلفه ومتمنيا لبريطانيا الصديقة مستقبلا موفقا بعد قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي. وفي بروكسل دعا رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال إلى الحفاظ على "الهدوء" بعدما أيد البريطانيون انسحاب بلادهم من عضوية الاتحاد الأوروبي مؤكدا أن "الكرة الآن في ملعب الحكومة البريطانية".
وقال ميشال في مؤتمر صحفي "يجب أن نتجنب خلق حالة من عدم اليقين وهذا يعني أنه يجب علينا إكمال المفاوضات مع بريطانيا العظمى في غضون العامين المقبلين ويجب علينا أن نجد أفضل نموذج للتعاون بطريقة جديدة مع هذا البلد".
ومن جانبه رئيس منطقة اليورو التي تضم 19 عضوا يروين ديسلبوليوم إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يغير جدول أعمال لمنطقته.
وقال في تصريحات صحفية في لاهاي "إن أسوأ شيء يمكن أن نفعله هو السماح للمزيد من عدم الاستقرار في الاتحاد الأوروبي".
وأضاف ديسلبوليوم وهو أيضا وزير مالية هولندا "للأسف اختارت بريطانيا ذلك ويجب علينا أن نجعل هناك خيارا آخر".
وفي طوكيو أكد وزير الخارجية الياباني كيشيدا ان حكومة بلاده ستسعى بشكل مستمر لتعزيز العلاقات الثنائية مع بريطانيا بعد التصويت التاريخي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال كيشيدا في بيان "يعتقد بأن مناقشات مختلفة ستجرى بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان تراقب عن كثب تأثير تلك التطورات على اليابان والمجتمع الدولي وستتخذ التدابير المناسبة من وجهة نظر المصالح الوطنية لليابان".
وأضاف "اليابان والمملكة المتحدة تتشاركان القيم الأساسية وبينهما علاقات قوية وتعاون في مختلف المجالات بما فيها السياسة والاقتصاد والأمن وستستمر الحكومة اليابانية في بذل الجهود للحفاظ على وتعزيز العلاقات بين اليابان والمملكة المتحدة". وفي بكين تعهد بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) بالحفاظ على وفرة السيولة وحماية الاستقرار المالي العالمي.
ونقلت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) عن بيان للبنك المركزي الصيني التزامه بمواصلة اتباع سياسات حذرة للحفاظ على وفرة معقولة من السيولة النقدية.
وأضاف "لدينا خطة طوارئ للتعامل مع أي ردود فعل لنتائج الاستفتاء في بريطانيا في الاسواق المالية".
من جهة أخرى قال وزير المالية الكوري الجنوبي (يو إيل هو) إن بلاده ستتخذ أي اجراء ضروري لمواجهة التقلبات في الاسواق المالية العالمية على خلفية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مؤكدا أن بلاده ستضاعف تعاونها مع الصين واليابان ومجموعة العشرين (جي20).
وأضاف أنه تمت مراجعة خطط الطوارئ مؤكدا أن الحكومة ستتعامل بشكل سريع وثابت مع أي تطورات ملحة.
وتوقع أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد إلى فترة طويلة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
وكانت لجنة الانتخابات البريطانية أعلنت صباح اليوم الجمعة ان النتائج النهائية للاستفتاء الذي جرى امس أظهرت اختيار الشعب البريطاني الانسحاب من الاتحاد الاوروبي بنسبة نحو 52 بالمئة من أصوات الناخبين بعد 43 عاما من الانضمام اليه. (النهاية) م م ج