A+ A-

العلاقات الكويتية اليابانية.. نصف قرن من التعاون والصداقة

من سارة المخيزيم

الكويت - 10 - 5 (كونا) -- تكتسب الجولة الآسيوية لسمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء لكل من بنغلاديش وفيتنام وكوريا الجنوبية واليابان أهمية كبيرة لاسيما أنها ترمي إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الكويت ودول القارة الصفراء.
وتعتبر الزيارة الرسمية لسمو الشيخ جابر المبارك إلى (طوكيو) غدا كمحطة أخيرة لتلك الجولة الآسيوية التي تختتم في 13 مايو الجاري لبنة إضافية لتوثيق أواصر الصداقة وتعزيز العلاقات الودية بين الكويت واليابان.
ويتضمن جدول الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام اجتماع سمو الشيخ جابر المبارك مع إمبراطور اليابان أكيهيتو إضافة إلى عقد مباحثات مع نظيره الياباني شينزو آبي.
وترتبط اليابان بصداقة قوية مع الكويت حيث بدأت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في خمسينيات القرن الماضي وتطورت إلى سياسية وذلك عندما وافق المغفور له الشيخ عبدالله السالم في عام 1958 على منح شركة الزيت العربية المحدودة امتيازا وحقوقا لاستغلال النفط والغاز في المنطقة المغمورة بما كان يسمى في ذلك الوقت بالمنطقة المحايدة وكانت هذه الاتفاقية من ابرز أوجه التعاون مع الشركات اليابانية في هذا المجال.
وتعتبر اليابان من أولى الدول التي اعترفت باستقلال الكويت من خلال قرار صادر من مجلس الوزراء الياباني في الثامن من ديسمبر عام 1961 رغم ما فرضه العراق من عقوبات اقتصادية عبر قرار يقضى بمنع دخول البضائع اليابانية إلى الأسواق العراقية.
وكان القرار الياباني مبنيا على موازنة مصالح اليابان مع الكويت وخصوصا بعد حصولها على امتياز إدارة حصة الكويت في الحقول النفطية المشتركة مع السعودية ومصالحها مع العراق في تفادي العقوبات الاقتصادية العراقية.
وانتهى هذا الامتياز في سبتمبر عام 2001 حيث وقعت الكويت واليابان مذكرة تفاهم تقضي بإنهاء حقوق الامتياز والتنقيب الممنوحة لشركة الزيت العربية ابتداء من الرابع من يناير 2003 حيث بدأت الشركة الكويتية لنفط الخليج أعمالها في الحقول البحرية المشتركة.
وقررت اليابان كذلك تبادل السفراء مع الكويت حيث وصل في فبراير عام 1962 أول سفير كويتي إلى طوكيو وهو سليمان محمد الصانع وتبعها افتتاح السفارة اليابانية في الكويت في مارس من عام 1963 رغم وجود البعثات التجارية اليابانية في أسواق الكويت منذ عام 1961 لدراسة السوق في دول الخليج العربي.
وبدأت بعدها مرحلة جديدة من علاقات التعاون بين البلدين من خلال التعاون بين الشركة الكويتية لنفط الخليج وشركة الزيت العربية إذ تم توقيع عدة اتفاقيات للتعاون بينهما تمثلت بتزويد اليابان بجزء من إنتاج هذه المنطقة واستعانة الشركة الكويتية بخبرات شركة الزيت العربية واتفاقية تمويل ياباني لأنشطة هذه الشركة.
وخلال السنوات الماضية كانت العلاقات بين البلدين مبنية على المصالح المشتركة وخصوصا التجارية منها حيث كانت الكويت من أهم مصدري النفط الخام ومنتجاته المكررة لليابان في حين كانت الأسواق الكويتية عامرة بمختلف أنواع السلع الاستهلاكية اليابانية.
وكان لليابان مواقف مشرفة إبان فترة الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت عام 1990 حيث ساندت الحق الكويتي وقرارات الشرعية الدولية التي أدانت الاحتلال وطالبت بعودة الشرعية للكويت كما ساهمت في الجهود التي بذلت في تحرير الكويت بما يزيد على 13 مليار دولار.
والتزمت اليابان أيضا بقرارات مجلس الأمن بشأن مقاطعة العراق اقتصاديا رغم حاجتها الشديدة إلى النفط حيث إنها تستورد 12 في المئة من حاجتها النفطية من الكويت والعراق لكنها سارعت إلى تطبيق العقوبات الاقتصادية على العراق فامتنعت عن استيراد النفط وتصدير السلع الصناعية وغيرها الواردة في برنامج التعاون الاقتصادي.
وقدرت خسائر الشركات اليابانية نتيجة تنفيذها قرار المقاطعة بنحو 5ر11 في المئة من دخلها خلال الأيام الأولى لتنفيذ القرار وفي عام 2011 قدمت الكويت الى اليابان تبرعا بعد الزلزال الذي ضرب السواحل الشرقية للبلاد (منطقة فوكوشيما) ونجم عنه موجات تسونامي في المحيط الهادي.
وتمثل ذلك التبرع بخمسة ملايين برميل من النفط الخام بقيمة تعادل نحو 500 مليون دولار الى جانب ثلاثة ملايين دولار لإعادة تأهيل المعهد العلمي البحري في فوكوشيما ومليوني دولار للصليب الأحمر الياباني كتبرع شخصي من سمو الأمير حفظه الله.
ويعتبر عام 1995 الاكثر تميزا في علاقات البلدين حيث قام ولي عهد اليابان ناروهيتو والأميرة ماماكو بزيارة الكويت في يناير من ذلك العام كما زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طوكيو للاعراب عن تقدير الكويت للمساهمة اليابانية في تحرير البلاد.
وخلال زيارة الامير ناروهيتو للكويت منحه الأمير الراحل قلادة مبارك الكبير وهي أعلى وسام في الكويت تقديرا للتأييد الياباني للحق الكويتي أثناء فترة الاحتلال العراقي الغاشم.
وعلى مستوى العلاقات السياسية فهناك تقارب في رؤى الدولتين حول مجمل القضايا الدولية كما عبر عنه التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة تجاه قضايا الأمن الدولي ونزع السلاح ومنع الانتشار النووي وغيرها وربما يكون الاستثناء هو حالة القضايا المتعلقة بالصراع العربي الاسرائيلي وحقوق الإنسان.
أما على المستوى الاقتصادي فالكويت تتطلع دائما الى اليابان كشريك اقتصادي متميز وتسعى دائما الى توثيق الروابط وزيادة التبادل التجاري وإتاحة الفرص الاستثمارية المشتركة لاسيما بعد ما أقر قانون الاستثمار الأجنبي في الكويت.
كما يرتبط رجال الأعمال في البلدين بلجنة مشتركة منذ عام 1995 حيث عقدت هذه اللجنة اول اجتماعاتها بالكويت في السابع من نوفمبر من العام نفسه مما يعكس حرص القطاع الخاص في البلدين على توسيع آفاق التعاون المشترك. (النهاية) س ط م / ج خ