A+ A-

أحداث باريس: (11 سبتمبر فرنسي) يطلق مرحلة جديدة من محاربة الارهاب

(خبر موسع)

الكويت - 14 - 11 (كونا) -- ضرب الارهاب بقوة في العاصمة الفرنسية باريس أمس في اعتداءات وصلت أصداؤها لكافة أنحاء العالم الذي بات ينتظر ما ستكون عليه ردة فعل فرنسا والمجتمع الدولي.
ولعل أقرب وصف لما حدث في باريس أمس هو انه (11 سبتمبر فرنسي) حيث لا شك ان ما قبل 13 نوفمبر لن يكون كما بعده ليس فقط على صعيد فرنسا بل على مستوى أوروبا ككل وربما العالم معها وهو ما يتضح من ردود الفعل الأولية سواء المحلية أو الخارجية والتي اتفقت على ضرورة محاربة الارهاب.
وفي وقت لقيت الأحداث استنكارا واسعا عم العالم بأسره حيث اعربت مختلف الدول العربية والاسلامية والغربية عن تضامنها مع الشعب والحكومة الفرنسيين في مكافحة الارهاب حتى القضاء عليه يبدو ان هذه الاعتداءات وكما ذكر قادة الاتحاد الأوروبي ستحقق عكس أهدافها حيث انها ستوحد أوروبا ضد الارهاب ولن تزرع الخوف والكراهية كما أكدوا في بيان أصدروه الليلة.
إذ تعرضت باريس الليلة الماضية لهجمات نفذها ثمانية انتحاريين وطالت ستة مواقع أبرزها النادي الليلي (باتاكلان) حيث تم احتجاز أكثر من 80 رهينة قتل معظمهم فيما اسفرت الهجمات عن مقتل 129 شخصا وفق حصيلة رسمية فضلا عن جرح أكثر من 350 آخرين في أسوأ هجوم تتعرض له القارة الأوروبية بعد اعتداءات قطارات مدريد في 11 مارس من عام 2004.
وفي أول تدبير بعد الاعتداءات أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في خطاب متلفز صباح اليوم "حالة الطوارئ" في جميع أنحاء البلاد معتبرا ان بلاده في حالة حرب بلا هوادة ضد الارهاب.
كما أعلن هولاند عن تعبئة "كل القوى الممكنة" لتعزيز الامن وقال انه تم نشر 1500 من عناصر الجيش للمساعدة في هذه المهمة واصدر اوامر باجراء "تحقيقات خاصة" وتنفيذ عمليات مداهمة واسعة النطاق لتعقب منفذي الهجمات.
وشددت السلطات الفرنسية من اجراءات التفتيش في جميع منافذها الحدودية فيما اغلقت المؤسسات الاهلية في باريس ابوابها اضافة الى اغلاق اربع محطات لقطارات الأنفاق.
الا ان الأهم من الاعتداءات بحد ذاتها هو الجهة التي تقف وراءها وهي ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وهو ما أكدته فرنسا على لسان هولاند نفسه خلال تصريح صحافي مقتضب في اعقاب اجتماع (مجلس الدفاع) المصغر في قصر الاليزيه قال فيه ان "ما حصل في باريس امس هو عمل حربي قام به تنظيم (داعش) وتم التخطيط له من الخارج بتواطؤ داخلي" مؤكدا ان فرنسا ستقوم بتعبئة قدرات الامن والجيش بأقصى ما يمكن في المرحلة المقبلة.
وطبعا بعد هذا الاتهام الذي أرفق بتبني (داعش) الهجمات في بيان طرح العديد من المحللين تساؤلات حول معنى قيام التنظيم بمثل هذه الأفعال في قلب إحدى أهم عواصم العالم وهنا برز رأيان يقول أحدهما ان التنظيم الذي يتعرض لضغط كبير بمناطق سيطرته في كل من العراق وسوريا حيث يتلقى الضرابات اليومية من التحالف الدولي أراد أن يخفف هذا الضغط ويحقق معه فوزا معنويا ومعه أحد أهدافه المتمثلة بنشر الرعب في حين يرى الرأي الآخر ان هذه الاعلا ن يظهر أن التنظيم ورغم كل الضربات لا يزال قويا وقادرا على الضرب بعمق الدول التي يعتبرها عدوة.
وربما ستنعكس هذه الأحداث على التعامل مع اللاجئين في أوروبا حيث اعلن المدعي العام في باريس فرانسوا مولانس ان "جميع الانتحاريين تدربوا في سوريا وكانوا يحملون نفس نوع الاحزمة الناسفة التي تحتوي على بطاريات ومفرقعات شديدة الانفجار وبراغي" مشيرا الى ان الادلة الجنائية عثرت كذلك على جواز سفر سوري بالقرب من جثة احد الانتحاريين الذين "لم ترصده المصالح الاستخباراتية في السابق".
وبات واضحا ان العالم يتجه حاليا لإجراءات أكثر تشددا وهو ما برز في إعلان وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازنوف عن مجموعة من الاجراءات الامنية المشددة حيث قال انه طلب من جميع قوات الأمن رفع حالة التأهب الى الدرجة القصوى "استعدادا للمعركة الحاسمة التي تنتظرهم" في إشارة إلى أن فرنسا تتوقع المزيد من الهجمات من تنظيم (داعش).
واضاف كازنوف انه قرر حشد "جميع خدمات الشرطة" ونشر فرق مكافحة الشغب في باريس ومئات من افراد الدرك فضلا عن استدعاء نحو ألف من قوات الجيش و 30 الف شرطي وجندي وعنصر أمن منتشرون بالفعل قرب نحو خمسة آلاف موقع في جميع أنحاء البلاد ووضع اكثر من 28 فريقا من خبراء تفكيك المتفجرات والهجمات البيولوجية والكيميائية على أهبة الاستعداد "متى لزم الأمر".
كما اعلن حظر جميع التظاهرات في باريس وضواحيها حتى يوم الخميس المقبل وإغلاق العديد من المواقع والوقوف دقيقة صمت يوم الاثنين المقبل على ضحايا تلك العملية "الوحشية".
واعلن أيضا تشديد إجراءات الرقابة على الحدود في اكثر من 61 نقطة مرور مختلفة مشيرا الى أن قوات الشرطة والقوى المدنية ستمنح سلطة استثنائية للتدخل أو فرض مناطق حماية خاصة في حال الاعتقاد بوجود تهديد أمني ورفض دخول أي شخص يعتقد أنه يمثل تهديدا للأمن القومي إلى مناطق أو مدن معينة.
كما سيسمح للمسؤولين المحليين بتنفيذ اجراءات الإقامة الجبرية على الأفراد الذين يعتقد بأنهم يمثلون تهديدا فيما ستغلق دور السينما والمسارح وغيرها من المناطق الترفيهية في إطار حالة الطوارئ التي تشهدها البلاد.
واشار وزير الداخلية الفرنسي إلى أنه طلب من نظرائه الأوروبيين إيلاء اهتمام خاص للعابرين من بلدانهم والمتوجهين إلى فرنسا وتكثيف الرقابة على وسائل التنقل.
وكشف كذلك عن ان السلطات الفرنسية تعمل بشكل مكثف مع شركائها واستخبارات اوروبية وغربية لتحديد هوية منفذي اعتداءات باريس موضحا ان "المدعي العام سيقدم المعلومات بشأن تفاصيل الهجمات بعد التثبت منها" مشيرا الى السلطات الفرنسية تتعاون بشكل مكثف مع جهات مكافحة الارهاب وبتنسيق مع استخبارات غربية واوروبية اخرى لتحديد هوية اولئك الذين يقفون وراء الهجمات الارهابية.
وذكر أيضا ان الوحدات الامنية ستعمل بالتعاون مع استخبارات اجنبية لضبط الحدود مشيرا الى ان المطارات الفرنسية ستبقى مفتوحة ولكنها ستخضع لرقابة مشددة فيما ستفتح المدارس ابوابها الاثنين المقبل.
وفي مطالب تشديد الاجراءات دعا الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الى مراجعة السياسة الخارجية لبلاده واجراءات الامن الداخلي على حد سواء بهدف "حماية الفرنسيين".
وقال ساركوزي في مؤتمر صحفي ان "الارهابيين خاضوا حربا قاسية على فرنسا وقيمها وشعبنا عازم على التغلب على الهمجية الارهابية" مؤكدا ضرورة مواجهة الارهاب ب"حرب شاملة" دون هوادة معتبرا انه "لا بد ان نفهم الاسباب التي ادت الى وقوع تلك العمليات على الاراضي الفرنسية ويجب ان تأخذ سياستنا الخارجية في الاعتبار بأننا في حالة حرب".
وفي موسكو اعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد بلاده لتقديم المساعدة لفرنسا في مواجهة الهجمات الارهابية وفي التحقيق بها.
من جهتها أعلنت السلطات الأمنية البريطانية تشديد اجراءات الامن عبر جميع المطارات والموانئ ومحطات القطار وأماكن التجمعات الكبرى وخاصة في لندن.
وقال مساعد قائد عام شرطة لندن المكلف بالعمليات الخاصة ومكافحة الارهاب مارك راولي في تصريح ان "الأحداث التي عاشتها باريس الليلة الماضية تفرض علينا تعزيز اجراءات الامن في الأماكن العامة والتأكد من يقظة قواتنا ومواطنينا ايضا".
بدوره قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان الأحداث "الإرهابية" التي عاشتها العاصمة الفرنسية باريس الليلة الماضية ستفرض على السلطات البريطانية مراجعة اجراءات وخطط الامن في البلاد.
وذكر كاميرون في تصريح صحفي عقب ترؤسه لجنة الطوارئ الوطنية (كوبرا) ان التهديدات الإرهابية ضد بريطانيا ما زالت في ثاني اعلى درجة وهي "خطيرة" ما يعني احتمال حدوث عمل "ارهابي" في اي لحظة مؤكدا ان التفجيرات والهجمات الاخيرة في باريس تفرض على اجهزة الامن والاستخبارات البريطانية استخلاص الدروس والعبر لتفادي وقوع عمل مماثل في بريطانيا مضيفا ان الأجهزة الأمنية وضعت خططا للتعامل مع مثل هذه الأحداث منذ عمليات مومباي عام 2008.
وكان الوضع مماثلا في اسبانيا التي أكد وزير داخليتها خورخي فيرنانديز دياث اليزك ان بلاده تطبق حاليا الدرجة الرابعة في سلم التأهب الأمني على مقياس من خمس درجات موضحا ان ذلك يعني ان هناك "خطرا كبيرا" لتعرض اسبانيا لهجوم "إرهابي".
وأكد فيرنانديز بالتالي ان اسبانيا لن ترفع مستوى التأهب الأمني عقب الهجمات التي وقعت في باريس غير انها ستعزز الإجراءات الأمنية في بعض المؤسسات والمنشآت الحيوية في البلاد.
وفي الكويت طمأنت السفارة الفرنسية الى انه لن يطرأ اي تغيير على اجراءات اصدار تأشيرات الدخول (شنغن) للمواطنين الكويتيين الراغبين بزيارة فرنسا مؤكدة أن هذه التأشيرات "ما زالت تصدر خلال 48 ساعة".
وذكرت السفارة في بيان صحافي ان "فرنسا قامت بتشديد الاجراءات الامنية على حدودها الداخلية" وذلك بسبب احداث التفجير التي وقعت في فرنسا امس "لكن هذا الامر لا يغير بتاتا اي شيء يتعلق باصدار التأشيرات التي ما زالت تصدر للمواطنين الكويتيين خلال 48 ساعة".
كما اشارت الى ان تأشيرات (الشنغن) التي اصدرتها السفارة تبقى صالحة للسفر الى فرنسا ومن خلالها الى كافة بلدان الشنغن موضحة ان "تشديد الاجراءات الامنية يعني امكان ان يكون هناك تفتيش امني خلال التنقلات الداخلية ضمن البلدان الاعضاء في مجموعة (الشنغن) حيث ان ذلك لم يكن يجري عادة". (النهاية) ر ج