من خالد المطيري

(تقرير) الكويت - 27 - 12 (كونا) -- شكل احتفاء شركة البترول الوطنية الكويتية في أكتوبر الماضي بمرور 65 عاما على تأسيسها محطة مهمة عكست حجم ما حققته الشركة من إنجازات جعلتها إحدى أهم ركائز صناعة التكرير في المنطقة وقاطرة رئيسية لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة الكويت في أسواق الطاقة العالمية.
ومنذ انطلاقتها كأول شركة نفط وطنية بالكامل في الكويت والخليج العربي حافظت (البترول الوطنية) على نهج ثابت يقوم على التطوير المستمر والالتزام بالمعايير العالمية وتنفيذ مشاريع استراتيجية أسهمت في تحديث قدراتها الإنتاجية ورفع كفاءة التشغيل إلى جانب تبني ممارسات مسؤولة بيئيا ومجتمعيا.
وتعود بدايات الشركة إلى أكتوبر عام 1960 عندما صدر المرسوم الأميري رقم (9) في عهد الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح - طيب الله ثراه - معلنا تأسيس أول شركة نفط وطنية في البلاد برأسمال بلغ 100 مليون روبية آنذاك (نحو 5ر7 ملايين دينار كويتي) وذلك بدعوة من المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وزير المالية حينها.
وجاء هذا التأسيس ليشكل خطوة فارقة في تاريخ الصناعة النفطية الكويتية إذ ضمت الشركة في بداياتها أنشطة شملت الحفر والتنقيب والإنتاج والتسويق والنقل قبل أن تتجه تدريجيا نحو تركيز عملياتها على تكرير النفط الخام وتسويق المنتجات البترولية.
وشهد عام 1975 تحولا مهما في مسيرة الشركة بعد أن أصبحت مملوكة كاملة للدولة في إطار سياسة الحكومة لاستعادة السيطرة على ثرواتها النفطية ثم جاء تأسيس مؤسسة البترول الكويتية عام 1980 ليعيد هيكلة القطاع ويضع (البترول الوطنية) ضمن منظومة موحدة لإدارة الصناعة النفطية في البلاد وباتت الشركة منذ ذلك الحين الذراع المتخصصة في التكرير وإسالة الغاز والتسويق المحلي ضمن مجموعة شركات المؤسسة.
ومع مرور السنوات توسع نطاق أعمال (البترول الوطنية) بشكل كبير مدعوما بمشاريع تطويرية عملاقة جعلتها إحدى أبرز شركات التكرير في العالم إذ نجحت الشركة في تبني أحدث التقنيات ورفع قدراتها الإنتاجية وتنفيذ مشاريع تحويلية كبرى عززت جودة منتجاتها ومواءمتها للمعايير البيئية العالمية الأمر الذي انعكس على مكانتها التنافسية في أسواق الطاقة.
ولم تقتصر مسيرة الشركة على الجانب الصناعي بل امتدت إلى الإسهام في التنمية الوطنية عبر برامج للمسؤولية المجتمعية ودعم المبادرات البيئية إلى جانب الاستثمار في الكفاءات الوطنية وتأهيلها للعمل في قطاع استراتيجي يمثل عصب الاقتصاد الكويتي.
ومع دخولها عامها الـ65 تواصل شركة البترول الوطنية الكويتية تعزيز مكانتها في صناعة التكرير العالمية مستندة إلى إرث عريق ورؤية مستقبلية تستهدف تطوير القدرات وتحقيق قيمة مضافة لاقتصاد الكويت وترسيخ حضورها كأحد أعمدة الصناعة النفطية في المنطقة.
وتعد عمليات تكرير النفط وتصنيع الغاز الركيزة الأساسية لأعمال شركة البترول الوطنية الكويتية حيث تسهم في تلبية احتياجات السوق المحلي وتعزيز حضور الكويت في أسواق الطاقة العالمية إذ تدير الشركة مصفاتين بعد إغلاق مصفاة الشعيبة عام 2017 هما مصفاة ميناء الأحمدي بطاقة 346 ألف برميل يوميا ومصفاة ميناء عبد الله بطاقة 454 ألف برميل يوميا ليصل إجمالي الطاقة التكريرية إلى 800 ألف برميل يوميا وتوفر المصافي باقة واسعة من المنتجات عالية الجودة تشمل الجازولين والديزل وغاز البترول المسال والنافثا والكيروسين والبيتومين والكبريت وغيرها.
وشكلت محطات الوقود جزءا محوريا من أعمال الشركة حتى انتقال ملكيتها إلى شركة البترول الكويتية العالمية ضمن برنامج إعادة هيكلة القطاع النفطي قد عملت الشركة خلال فترة إدارتها على تطوير المحطات ورفع كفاءتها التشغيلية قبل أن يصل عددها إلى 119 محطة عام 2004.
وفي عام 2019 أطلقت الشركة خطة لإنشاء 100 محطة جديدة في مختلف المناطق دعما للتوسع العمراني وتلبية لاحتياجات المستهلكين.
ويمثل تصنيع الغاز أحد الأعمدة الرئيسية لعمليات الشركة من خلال مصنع إسالة الغاز في ميناء الأحمدي الذي يعمل منذ عام 1979 ويضم المصنع خمسة خطوط إنتاج بطاقة تصل إلى 125ر3 مليار قدم مكعبة قياسية يوميا من الغاز و332 ألف برميل من المكثفات يوميا مما يعزز مكانته كأحد أهم مرافق معالجة الغاز في المنطقة.
ونجحت الشركة في تدشين عدد من المشروعات الاستراتيجية أبرزها مشروع الوقود البيئي وبدأت هذه الخطوة المفصلية عصرا جديدا للصناعة النفطية الكويتية حيث تم في 22 مارس 2022 التشغيل الرسمي للمشروع كما تضمن إنشاء 76 وحدة جديدة في مصفاتي الأحمدي وميناء عبدالله إضافة إلى تحديث 30 وحدة أخرى.
ويضم المشروع أكبر ضواغط للهيدروجين في العالم وشعلات بارتفاع يصل إلى 140 مترا فضلا عن أكبر طاقة إنتاجية للهيدروجين في موقع واحد بإجمالي 555 مليون قدم مكعبة قياسية يوميا وأكبر مجمع لإزالة الكبريت من متبقي التقطير الجوي بطاقة 200ألف برميل يوميا.
وبفضل هذا المشروع أصبحت البترول الوطنية ضمن أكثر شركات التكرير تنافسية عالميا وقادرة على تلبية متطلبات الأسواق المحلية والعالمية بمنتجات عالية الجودة بما يعزز مكانة الكويت في صناعة تكرير النفط.
ومن بين تلك المشروعات أيضا خط الغاز البترولي المسال الخامس الذي شكل إضافة جديدة تدعم مسيرة التنمية في دولة الكويت نظرا لمساهمته في تلبية احتياجات السوق المحلي من مصادر الطاقة النظيفة إضافة إلى تصدير منتجات عالية الجودة تتوافق مع متطلبات الأسواق العالمية ومعاييرها البيئية الجديدة إذ تبلغ طاقته الإنتاجية 805 ملايين قدم مكعبة قياسية من الغاز و106 آلاف برميل من المكثفات يوميا وساهم المشروع في رفع طاقة خطوط الغاز في مصنع إسالة الغاز بمصفاة ميناء الأحمدي بنسبة تصل إلى 30 في المئة.
وفي يوم تاريخي لصناعة التكرير في الكويت دشَّن حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه التشغيل الكامل لمصفاة الزور في 29 مايو 2024 لترسخ مكانة دولة الكويت على خريطة الطاقة العالمية.
وتقع المصفاة على بعد 90 كيلومترا جنوب البلاد وتمتد على مساحة 16 كيلومترا مربعا بطاقة تكريرية تبلغ 615 ألف برميل يوميا ما يجعلها الأكبر في الكويت والسابعة ضمن أكبر عشر مصاف في العالم وتم تصميمها لمعالجة مختلف أنواع النفط الكويتي بما فيها النفط الثقيل مع مرونة لتكرير كامل الطاقة من النفط الخام أو 535 ألف برميل يوميا من خليط النفوط الثقيلة كما تنتج مشتقات عالية الجودة مطابقة لأرقى المعايير البيئية وتضم أكبر مجمع لوحدات إزالة الكبريت من النفط المتبقي عالميا.
وتمتلك (البترول الوطنية) حاليا مصنعي تعبئة أسطوانات الغاز البترولي المسال في الشعيبة وأم العيش بعدما تسلمت إدارتهما وملكيتهما بالكامل في 1 أغسطس 2025 من شركة ناقلات النفط ضمن خطة إعادة هيكلة القطاع النفطي وتوحيد بعض الأنشطة لرفع الكفاءة وتعزيز موقع الكويت في صناعة النفط إذ انتقلت إلى الشركة جميع الأصول والعمليات والعاملين بما في ذلك مسؤولية تسويق وتوزيع الغاز المسال في السوق المحلي.
وفي إطار مشروع إعادة الهيكلة الشاملة للقطاع النفطي وخطة دمج الشركات التي اعتمدتها مؤسسة البترول الكويتية لتعزيز التكامل وتطوير الأعمال حققت (البترول الوطنية) والشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة (كيبك) تقدما كبيرا في خطوات الدمج بينهما حيث بدأت العملية بتشكيل اللجنة التوجيهية العليا للدمج برئاسة الرئيس التنفيذي المهندسة ل(البترول الوطنية) و(كيبك) وضحة الخطيب وعضوية نواب الرئيس التنفيذي.
كما تم إنشاء مكتب إدارة تنفيذ عملية الدمج ليقود العمل بشكل مهني وتندرج تحته ست لجان متخصصة (المالية وتقنية المعلومات والتجارية والموارد البشرية والقانونية وإدارة التغيير) وقد أنهت هذه اللجان كامل خطط العمل المقررة للسنة المالية 2024/2025.
وشملت عملية الدمج نقل العاملين والأصول والعمليات لتصبح جميعها مملوكة ومدارة بالكامل من قبل شركة البترول الوطنية الكويتية ومع انضمام مصفاة الزور التابعة لـ(كيبك) ذات الطاقة التكريرية البالغة 615 ألف برميل يوميا سترتفع الطاقة التكريرية ل(البترول الوطنية) إلى 415ر1 مليون برميل يوميا ما يضع دولة الكويت في موقع تنافسي متقدم عالميا في قطاع التكرير.
ويهدف الدمج إلى توحيد الجهود لمواجهة تحديات صناعة التكرير وتعزيز الالتزام تجاه العملاء وتحسين الكفاءة والاعتمادية ودعم التميز التشغيلي.
وتمتلك (البترول الوطنية) الشركة الكويتية لتزويد الطائرات بالوقود (كافكو) حيث تتولى الشركة حصريا تزويد جميع الطائرات بالوقود في مطار الكويت الدولي إضافة إلى تقديم الاستشارات والدعم الفني لوزارة الدفاع. (النهاية) خ م / ه ث