التاريخ : 21/12/2025
من فواز العتيبي (تقرير إخباري)
بيروت - 21 - 12 (كونا) -- وسط مؤشرات على انتعاش متزايد تشهد الحركة التجارية والسياحية في لبنان نشاطا ملحوظا مع اقتراب رأس السنة الميلادية التي تعد تقليديا من أكثر الفترات نشاطا على المستوى الاقتصادي من خلال بروز معطيات أولية تتصل بارتفاع أعداد الزائرين وتزايد الحجوزات الفندقية إلى جانب تحسن ملحوظ في حركة الأسواق.
وتأتي هذه المؤشرات في ظل حالة من الترقب والتريث التي تسود الوضع الاقتصادي في لبنان نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية القائمة وفق تقديرات الهيئات الاقتصادية ونقابة أصحاب الفنادق التي أشارت في الوقت نفسه إلى تحسن نسبي وارتفاع في نسب الإشغال الفندقي خلال فترة الأعياد مع آمال بانعكاس هذا الحراك إيجابا على مختلف القطاعات الاقتصادية.
وفي هذا السياق قال رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية الوزير السابق محمد شقير لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة مطلع العام الجاري "خلقا ارتياحا داخليا وخارجيا" وترجم ذلك بارتفاع عدد الزائرين إلى لبنان خاصة في موسم الصيف الماضي.
وأضاف شقير أن تنامي حركة السياحة والسفر إلى لبنان كان له أثر إيجابي على الحركة الاقتصادية "برمتها تجاريا وسياحيا وخدماتيا وصناعيا" مشيرا إلى أن التقديرات الحكومية سجلت ارتفاعا في نمو الاقتصاد اللبناني بنسبة 5 بالمئة في عام 2025.
وأوضح أن الأعياد ومناسبة رأس السنة الميلادية تعدان "موسما أساسيا" لمختلف القطاعات في العديد من دول العالم و"فرصة ثمينة" تنتظرها الشركات لتحسين نتائجها السنوية لافتا إلى تراوح نسبة الأعمال خلال هذا الموسم بين 25 و35 بالمئة من مجمل أعمال السنة.
وأشار إلى وجود "ارتفاع متزايد" في حركة السوق مع انحسار التهديدات الأمنية واطمئنان اللبنانيين لإمكانية قضاء الأعياد في أجواء آمنة مصحوبا بتسجيل نمو في حركة السفر إلى لبنان معربا عن توقعاته بتصاعد حركة الطيران حتى نهاية العام.
وبين رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية أنه مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام شهدت البلاد حركة ناشطة خاصة في الملفات الاقتصادية والاستثمارية مشيرا إلى امتلاك لبنان قائمة واسعة من المشاريع الحكومية المطروحة.
واعتبر أن لبنان يشكل وجهة استثمارية جاذبة للأشقاء العرب ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سواء في المشاريع الخاصة أو العامة لافتا إلى استثمارات خليجية "كبيرة" قائمة في قطاعات اقتصادية متعددة.
وذكر شقير أنه خلال السنوات التي تلت "الانهيار الاقتصادي" في عام 2019 سجلت استثمارات تقدر بمليارات الدولارات في مشاريع خاصة داخل لبنان تركزت في قطاعات مختلفة مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من هذه الاستثمارات يعود إلى لبنانيين مقيمين ومغتربين إضافة إلى استثمارات عربية وخليجية.
ولفت إلى أن الوضع الراهن في لبنان "محكوم بشيء من التريث والترقب" مرتبطا بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 وخطة الجيش في حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وانعكاساتها على الوضع الداخلي للبلاد معربا عن أمله في تحقق ذلك خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أنه بعد التوصل إلى اتفاق إيقاف الأعمال العدائية في نوفمبر من العام الماضي أعدت الهيئات الاقتصادية اللبنانية ورقة إصلاحية شاملة تحت عنوان (نحو لبنان الجديد) تضمنت رؤيتها الإصلاحية على كل المستويات لا سيما اقتصاديا واجتماعيا وإنمائيا.
وتابع شقير "نحن اليوم نتابع مع المعنيين في الدولة اللبنانية تنفيذ بنود الورقة الإصلاحية وقد تحقق تقدم ملموس لكن ما زال هناك الكثير من العمل ونحن ملتزمون بمتابعة التنفيذ بكل عزم وإرادة".
وأكد أن القطاع الخاص يعد "الركيزة الأساسية" لصمود لبنان ومنع انهياره الكامل خلال ذروة أزماته الاقتصادية معتبرا أن أي تقدم سياسي سينعكس مباشرة على الأداء الاقتصادي خاصة في القطاعات التجارية والصناعية.
وشدد شقير على أن إقرار قانوني إعادة هيكلة القطاع المصرفي والفجوة المالية وتوقيع عقود التمويل مع صندوق النقد الدولي يعدان "أولوية" لدى الحكومة اللبنانية مشيرا إلى اتخاذ الحكومة خطوات وقرارات "محورية" في هذا الشأن واجراء العديد من التعيينات الإدارية.
وفي السياق ذاته يبرز القطاع السياحي والفندقي بجميع مكوناته كأحد أبرز القطاعات المتأثرة بحركة الزوار وتطور الأوضاع العامة في لبنان إذ تشكل نسب الإشغال وحركة الحجوزات مؤشرا مباشرا على مستوى النشاط الاقتصادي في ظل استمرار حالة الترقب التي تطغى على مختلف القطاعات.
ومن جانبه أكد رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان بيير أشقر ل(كونا) أن الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان تؤثر بشكل مباشر على قطاع الفنادق والسياحة والحركة الاقتصادية مشيرا إلى "حالة الترقب" التي يعيشها ويعاني منها القطاع منذ أكثر من عامين.
وقال أشقر إن القطاع السياحي بكل مكوناته حاول الاستفادة من موسم الصيف الماضي "رغم التهديدات الأمنية المستمرة التي طالت العاصمة بيروت" لافتا إلى أن نسبة الأشغال في موسم الصيف وصلت إلى 50 بالمئة.
وأضاف أن القطاع السياحي في لبنان يعتمد بشكل كبير على شريحة المغتربين اللبنانيين الذين يأتون إلى لبنان لزيارة أقاربهم وقضاء عطلاتهم وخاصة في مواسم الأعياد وفصل الصيف معتبرا أن هذه الشريحة لا تتأثر بالأوضاع الأمنية كثيرا كغيرهم من الزوار.
وذكر أشقر أن العاصمة بيروت شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية تنظيم العديد من الفعاليات السياحية والمؤتمرات السياسية والاقتصادية إضافة إلى زيارة رجال الأعمال لافتا إلى أن العاصمة تستحوذ على 70 بالمئة من نسبة الأشغال في الفنادق.
واعتبر رئيس نقابة أصحاب الفنادق أن لبنان يتمتع بموسم سياحي طوال العام نظرا للاعتدال المناخي والتنوع الجغرافي والثقافي الذي يتمتع به مشيرا إلى أن بيروت وجبل لبنان والمدن الساحلية مثل طرابلس والبترون وجبيل هي أكثر الوجهات التي يقصدها الزوار.
وأوضح أن المناطق الجنوبية من لبنان تراجع دورها في الجذب السياحي وحركة الزوار بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة واستمرار اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي الجوية على معظم مناطقها.
وبين أن القطاع السياحي في لبنان بمكوناته سواء قطاع الإيواء أو المطاعم أو المقاهي أو مكاتب تأجير السيارات "أوجد أسلوبا خاصا لإدارة نفسه أوقات الأزمات".
وذكر أن أكثر الزوار العرب الذين يقصدون لبنان لقضاء عطلاتهم يأتون من العراق والأردن ومصر وسوريا مشيرا إلى أن غالبية الزوار من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يأتون من دولتي الكويت وقطر. (النهاية)
ف ز / ط م ا