من خالد الشمري (تقرير اخباري)

الرياض - 5 - 12 (كونا) -- يشكل مشروع المسار الرياضي أحد أكبر المشاريع الحضرية التي تشهدها مدينة الرياض في تاريخها الحديث ضمن سلسلة الأحداث الكبرى التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 2019 بهدف تطوير العاصمة وتحسين جودة الحياة فيها من خلال تعزيز الممارسات الرياضية والصحية وتوفير بيئة حضرية اكثر حيوية واستدامة.
وبحسب ما اعلنته مؤسسة المسار الرياضي فقد تم افتتاح ما نسبته 40 في المئة من اجمالي المشروع وبما يشمل أكثر من 83 كيلومترا من المسارات والمناطق المجهزة وهي المرحلة التي شملت خمس وجهات رئيسة تم فتحها امام الزوار وهي وادي حنيفة والبروميناد وتقاطع طريق الامير محمد بن سلمان مع طريق الامير تركي بن عبدالعزيز الاول والحلقة الداخلية في جامعة الاميرة نورة بنت عبدالرحمن ومنتزه سندس بارك الرياضي في مرحلته الاولى.
ويمتد المسار على طول يتجاوز 135 كيلومترا من غرب الرياض الى شرقها في شبكة حضرية تعد من الاطول عالميا اذ يضم مسارات مخصصة للمشي والجري والدراجات الهوائية وركوب الخيل اضافة الى مناطق خضراء واسعة ومنشآت ثقافية ورياضية ومرافق خدمية تتيح للسكان ممارسة النشاط البدني في بيئة امنة ومجهزة على مدار الساعة وذلك ضمن توجه عام نحو خلق فضاءات حضرية مفتوحة تساهم في رفع معدلات النشاط البدني للسكان.
وتعود فكرة انشاء المسار الرياضي الى الرغبة في توفير بنية تحتية مستدامة تشجع السكان والزوار على ممارسة الرياضة بشكل يومي عبر تحويل ممرات المدينة الطبيعية الى منظومة مترابطة من المسارات والحدائق والمناطق المجهزة اذ تم تطوير وادي حنيفة كأحد المحاور الاساسية للمشروع كما يجري العمل على تطوير وجهات اضافية ضمن مراحل لاحقة ستزيد من الطاقة الاستيعابية وتنوع الانشطة.
وتشرف على تنفيذ المشروع مؤسسة المسار الرياضي التي صدر قرار تأسيسها عام 2020 لتتولى ادارة مراحل العمل ووضع الخطط التشغيلية واعتماد المواصفات الفنية وتنسيق الجهود مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وتمكنت المؤسسة خلال الاعوام الماضية من استكمال اعمال بنية تحتية معقدة شملت انشاء الجسور والانفاق ومحطات التوقف واعمال تصريف المياه والاضاءة الذكية وهو ما مهد لافتتاح المرحلة الاولى التي اتاحت للمستخدمين تجربة مباشرة للمسارات والمنشآت.
وحول أهمية المشروع قال المهندس هليل بن جهز لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان المشروع يمثل نقطة تحول نوعية في المشهد العمراني للرياض اذ يسهم في تعزيز مفهوم المدينة الصديقة للمشاة والدراجات ويرفع من جاذبية العاصمة للمقيمين والزوار.
وأكد أن المشروع يعمل أيضا على تعزيز مستويات الصحة العامة عبر تقليل الاعتماد على المركبات وخفض الانبعاثات ودعم اسلوب الحياة الصحي كما يسهم في خلق فرص عمل جديدة في قطاعات الرياضة والترفيه والسياحة ويجذب الفعاليات الرياضية الدولية التي باتت الرياض تستضيفها بشكل متزايد.
واشار الى ان المسار الرياضي يترجم رؤية المملكة 2030 في جانب جودة الحياة اذ يشكل احد المشاريع التي تستهدف رفع ترتيب الرياض بين افضل عشر مدن عالمية من حيث المعيشة من خلال زيادة المساحات الخضراء وتطوير البنية التحتية للترفيه والرياضة ورفع القدرة الاستيعابية لعاصمة يتجاوز عدد سكانها سبعة ملايين نسمة ويتوقع ان يتضاعف عدد سكانها خلال العقود المقبلة.
ويستفيد مستخدمو المسار من توفر مسارات مضاءة ومناطق جلوس ونقاط اسعافية وتوجيهية في الوجهات الخمس المفتوحة مما يسهم في تحسين تجربة الزوار وتشجيعهم على ممارسة الرياضة طوال اليوم فيما يرى اخرون ان زيادة عدد محطات الدراجات وتوسيع نطاق الخدمات سيسهم في تعزيز الاستخدام اليومي ويمنح المدينة بعدا حضاريا يعكس توجهها نحو التحول الرياضي الشامل.
من جهته قال المهندس مسند بن نايف ل(كونا) ان اكتمال المشروع خلال السنوات المقبلة سيسهم في تعزيز السياحة الداخلية وترسيخ حضور العاصمة كوجهة متميزة للفعاليات الرياضية الكبرى اضافة الى دوره في ربط احياء المدينة وتعزيز الاندماج الاجتماعي وتوفير مساحات عامة تتيح للعائلات ممارسة انشطة مشتركة في بيئة حضرية حديثة كما سيسهم في زيادة قيمة الاراضي المحيطة بالمسار ويدعم نشوء مشاريع استثمارية ذات مردود اقتصادي.
وحول التحديات اشار بن نايف إلى ان استدامة المشروع تتطلب برامج صيانة مستمرة وادارة تشغيلية فعالة لضمان الحفاظ على مستوى الخدمات وجودة المرافق كما تتطلب زيادة الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على المسارات والمنشآت العامة اضافة الى تطوير حلول نقل تربط بين اجزاء المسار المختلفة لتسهيل وصول المستخدمين دون الحاجة للتنقل بالسيارات لمسافات طويلة.
ومع افتتاح المرحلة الاولى واستمرار الاعمال في بقية الاجزاء يتوقع أن يشكل المسار الرياضي خلال السنوات القريبة معلما حضريا رائدا في العاصمة السعودية وأحد اهم المشاريع التي تعكس رؤية التطوير الشاملة نحو بناء مدن ذكية ومستدامة تضع الانسان في صلب اولوياتها وتوفر بيئة حضارية تدعم جودة الحياة وتعزز المشاركة المجتمعية وترسخ مفهوما حديثا للمدينة المعاصرة. (النهاية) خ ن ش / ط م ا