التاريخ : 04/12/2025
من مخلص خوشناو (تقرير)
أربيل - 4 - 12 (كونا) -– بعد مرور أكثر من عام على الانتخابات في إقليم كردستان لا تزال مسألة تشكيل الهيئة الرئاسية للبرلمان وحكومة إقليم جديدة قيد التأجيل وذلك بسبب عدم توصل الحزبين الرئيسين وهما الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني إلى مطالبهما في حصد الامتيازات والاستحقاقات الانتخابية.
وبعد اجراء انتخابات برلمان اقليم كردستان في أكتوبر 2024 لم يعقد المجلس سوى جلسة واحدة فقط في الثاني من ديسمبر وهو متعطل تماما منذ ذلك الوقت.
وبحسب النظام الداخلي لبرلمان كردستان يتم اختيار رئيسه ونائبه والسكرتير في أول جلسة يعقدها المجلس إلا ان الجلسة الأولى لبرلمان الإقليم التي عقدت قبل اكثر من عام من الآن تم رفعها إلى اشعار آخر دون تحديد أي موعد معلوم لانعقادها وذلك بسبب الخلافات السياسية بين الحزبين الرئيسين.
ويحمل مواطنو الإقليم الحزبين مسؤولية تأخر تشكيل الحكومة بسبب خلافاتهما على توزيع المناصب ومنها مواقع رئيس الحكومة ورئيس الاقليم ووزير الداخلية فضلا عن الخلافات على طريقة ادارة الوزارات وبعض الهيئات والممثليات الخارجية وملفات النفط وعائدات المعابر والرواتب.
ومنذ أول انتخابات في الإقليم والتي أجريت عام 1992 فقد قام الديمقراطي والاتحاد على توزيع مناصب الحكومات المتعاقبة بالتوافق لحين الانتخابات الأخيرة التي أجريت العام الماضي حيث برزت مسألة الاستحقاق الانتخابي لان الديمقراطي حصل على مقاعد اكثر من الثاني.
اما في الواقع فمنذ انتفاضة عام 1991 يسيطر الديمقراطي الكردستاني على محافظتين هما (أربيل) و(دهوك) وله نفوذه دون غريمه التقليدي الاتحاد الذي يمتد نفوذه بمناطق محافظة (السليمانية) واطرافها لذلك فهو يطالب بالشراكة بدل الاستحقاقات الانتخابية.
وحسب العرف السياسي المعمول به في العراق منذ نحو عشرين عاما فإن منصب رئيس الجمهورية هو من حصة الكرد وتحديدا للاتحاد الوطني الكردستاني مقابل حصول منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصب رئاسة اقليم كردستان ورئاسة الحكومة فيه كنوع من الاتفاق بشأن توزيع المناصب السيادية في العراق والاقليم.
وفي الانتخابات الأخيرة التي جرت في أكتوبر من العام الماضي فقد تصدر الحزب الديمقراطي الكتل ب 39 مقعدا فيما جاء الاتحاد الوطني ثانيا ب 23 مقعدا لكن واقع النفوذ الإداري والعسكري المنقسم بين أكبر حزبين في الإقليم يفرض صعوبة بالغة في إبعاد أي منهما عن الحكومة بالاضافة الى ان مختلف قوى المعارضة التي تحتل نحو ثلث المقاعد بالبرلمان رفض معظمها قطعيا الانضمام إلى الحكومة الجديدة.
وبعد سلسلة من الاجتماعات التفاوضية بين الطرفين أوضح الوفد المفاوض للحزب الديمقراطي في بيان ان "بعد الاتفاق النهائي على الرؤية المشتركة في مايو 2025 بدأنا بمناقشة كيفية مشاركة الطرفين في واجبات وسلطات الحكم في إقليم كردستان ولهذا الغرض طرح حزبنا مبدأين هما احترام نتائج الانتخابات ومراعاة مكانة الطرفين وواقع إقليم كردستان".
وأضاف "على الرغم من أن الحزب الديمقراطي هو القوة الأولى بفارق كبير من حيث المقاعد والأصوات أبدينا من منطلق المصلحة العليا لإقليم كردستان أقصى درجات المرونة وكنا مستعدين للاتفاق على ما هو أكثر بكثير من استحقاق الاتحاد الوطني من الأصوات والمقاعد لطمأنتهم".
وركز الديمقراطي في بيانه على مشاركة متوازنة في الرئاسات على مستوى إقليم كردستان بحيث تكون (رئاسة برلمان كردستان ونيابة رئاسة الإقليم ونيابة رئاسة الحكومة من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني).
ومن أصل 22 وزيرا في حكومة الإقليم اقترح الحزب الديمقراطي أن تشارك المكونات بوزيرين وأن تكون حوالي تسع وزارات من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني من ضمنها وزارات مهمة في المجالات العسكرية والاقتصادية والمالية والخدمات بالإضافة إلى مشاركة فعالة ومؤثرة في المجال الأمني والمناصب الأخرى في الهيئات والدوائر.
ومقابل ذلك أكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيرة في تصريح للصحافيين ان "حزبه لن يشارك في أي حكومة تشكل من دون اتفاق شامل وواضح على الخطوات اللاحقة" مشددا على ان حزبه يريد مشاركة حقيقية ومتوازنة في الحكومة المقبلة.
وأشار إلى ان المحادثات ما زالت مستمرة لان الحزب يريد شراكة حقيقية بحيث تكون الحكومة المقبلة حكومة استكمال مشاريع إقليم كردستان السابقة ومعالجة الخلافات التي كانت قائمة في الماضي.
وبعد ان وصلت مفاوضاته إلى طريق شبه مغلق مع الاتحاد الوطني الكردستاني بدأت تحركات على الأرض من قبل الديمقراطي للبحث عن شريك آخر لتشكيل الحكومة غير الاتحاد الوطني او اللجوء الى إعادة اجراء الانتخابات البرلمانية.
وبصدد الخيار الأول فقد بدأ الديمقراطي الكردستاني بمناوراته ومشاوراته لايجاد البديل حيث يأتي في المرتبة الأولى للمفاوضات حراك الجيل الجديد الذي حصل على 15 مقعدا في الانتخابات الأخيرة إضافة الى أحزاب أخرى حصلت على مقاعد اقل منها مثل الاتحاد الإسلامي وغيره الا ان المراقبين يرون ان هذه الخطوة لن تجدي نفعا لان ذلك قد يؤدي الى تقسيم الإقليم الى ادارتين بحكم ان الاتحاد يسيطر على جزء من الإقليم وان حدث ذلك فإن المناطق الخاضعة له لن تلتزم بقرارات الحكومة المشكلة من قبل الديمقراطي.
اما الخيار الثاني فإعادة اجراء الانتخابات فهذا الخيار لن يمر دون عقبات قانونية إضافة الى مسألة الوقت والمفوضية العليا للانتخابات العراقية تنتهي صلاحياتها قريبا.
وبحسب المراقبين فإن خيار تحقيق تسوية شاملة حول المناصب في الإقليم وحصة الكرد في بغداد حل أكثر واقعية بحكم النتائج السابقة لتجارب الصراع ومع وجود ضغوط أمريكية وغربية لمنع تفكك مؤسسات الإقليم ورغم المعوقات الحاصلة فهذا لا يعني أن حكومة الإقليم لن تتشكل. (النهاية)
ص ب ر / ش م ع