من بدر الشرهان (لقاء)
   الكويت - 2 - 12 (كونا) -- أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي أن دول المجلس تشهد تطورا ملحوظا في كل المجالات وتقدما كبيرا في تنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 بدفع من رؤى وطنية طموحة تضع جودة الحياة في صدارة أولوياتها.
   وقال البديوي في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء بمناسبة عقد القمة الخليجية الـ46 في البحرين غدا الأربعاء إن هذا التطور يعكس عموما توجه دول (التعاون) إلى بناء مجتمعات أكثر صحة ورفاهية وتحقيق تنمية شاملة تسهم في تحقيق رؤاها المستقبلية وتعزيز مكانتها عالميا.
   وعن تقييمه لتطبيق أهداف الأمم المتحدة للاستدامة (2015-2030) أوضح أن التقدم الكبير الذي حققته دول (التعاون) في تنفيذ تلك الأهداف عائد إلى السياسات الحكومية والاستثمارات الموجهة نحو الصحة والتعليم والطاقة النظيفة.
   وذكر أن بيانات المركز الإحصائي الخليجي أظهرت أن الدول الخليجية تغطي حاليا 80 إلى 90 في المئة من مؤشرات الصحة والتعليم مع تحسن تجاوز 70 في المئة في المؤشرات الرئيسية خلال السنوات الأخيرة.
   وأضاف أن تقرير التنمية المستدامة العالمي 2025 أكد أن الدول الخليجية حققت تقدما أسرع من المتوسط العالمي في أهداف مثل الطاقة النظيفة (SDG7) والابتكار والصناعة (SDG9) مدفوعة بمشاريع الطاقة المتجددة والتنويع الاقتصادي.
   وفي الجانب الاجتماعي لفت إلى أن دول المجلس حققت أيضا تقدما واضحا عبر رفع معدل الالتحاق بالتعليم وخفض وفيات الأطفال وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية كما حققت المدن الخليجية تقدما بيئيا من خلال خفض الانبعاثات.
   وتابع أن أداء دول مجلس التعاون الخليجي عموما يصنف بأنه (جيد جدا) مع استمرار العمل لتحقيق التكامل الإقليمي والوصول إلى مؤشرات أعلى بما يتماشى مع رؤاها الوطنية الطموحة.
   وبسؤاله عن واقع مشروع الربط بالسكة الحديد بين الدول الست والفائدة الاقتصادية المرجوة من المشروع قال البديوي إن المشروع من أهم المشاريع الخليجية المشتركة ويشهد تقدما ملحوظا على عدة مستويات.
   وأوضح أن بعض الدول الأعضاء انتهت من تنفيذ بعض أجزاء المسار داخل أراضيها مثل الإمارات والسعودية وتعمل الدول الأخرى على استكمال الإجراءات التنظيمية والفنية اللازمة علما أن المجلس الأعلى قد استهدف تاريخ (ديسمبر 2030) موعدا لتشغيل المشروع كاملا.
   ونوه بالفوائد الاقتصادية للمشروع ومساهمته في تسهيل التجارة البينية بين الدول الأعضاء وخلق فرص وظيفية واعدة لأبناء دول المجلس وتوطين الصناعات المساندة وجذب الاستثمارات الأجنبية ومشاركة القطاع الخاص وإيجاد وسيلة نقل جديدة تتكامل مع وسائل النقل الأخرى وخفض تكلفة صيانة الطرق الرابطة بين الدول الاعضاء.
   وردا على سؤال عن مساهمة الربط في زيادة النشاط السياحي بين المواطنين من ناحية وغير الخليجيين من ناحية أخرى أفاد بأنه حسب نتائج دراسة توقعات حجم حركة الركاب من المتوقع أن يرتفع عدد مستخدمي شبكة السكة الحديد داخل دول المجلس وفيما بينها ما يقارب 6 ملايين راكب عام 2030 إلى ما يقارب 8 ملايين راكب عام 2045.
   وتابع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن هذا المشروع سيساهم بلا شك في زيادة حجم التنقل بين دول المجلس خصوصا مع الاستثمارات الضخمة والنوعية في مجال القطاع السياحي.
   وبسؤاله عن مشروع (النقطة الواحدة للسفر) وعلى من ينطبق والفائدة المرجوة منه بين أنه عبارة عن السفر من أي دولة خليجية إلى أخرى بدون الحاجة إلى تسجيل الوصول للوجه عند الوصول إذ يتم عبر الربط الإلكتروني التعرف على المسافر عند الوصول من الوجه بالكاميرات ووضع مسار خاص للرحلات الخليجية فور وصول المسافر إل وجهته يتسلم الأمتعة ويخرج من المطار دون المرور على كاونترات الجوازات.
   وأضاف أن الفائدة تتركز على تخفيف الضغط على منصات الجوازات في المطار وانسيابية حركة المسافرين وتقليل وقت الانتظار للمسافر ورفع مؤشرات السعادة وسيتم تنفيذ المشروع على مراحل وسيكون المستفيدون من الخدمة جميع مواطني مجلس التعاون والمقيمين.
   وتطرق إلى اتفاقيات التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي مع الدول والمنظمات الاقتصادية قائلا إنه "منذ أن أقر قادة مجلس (التعاون) الاستراتيجية طويلة المدى لعلاقات دوله الاقتصادية مع الدول والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية عام 2000 باتت اتفاقيات التجارة الحرة ركيزة رئيسية في تنفيذ هذه الاستراتيجية ومحورا مهما في علاقات دول المجلس الاستراتيجية مع الدول والتكتلات الدولية".
   ولفت إلى توقيع دول المجلس أولى الاتفاقيات مع لبنان الشقيق عام 2004 تلتها الاتفاقية مع سنغافورة عام 2008 ثم الاتفاقية بين دول المجلس ورابطة التجارة الحرة الأوربية المعروفة برابطة دول (إفتا) عام 2009 التي تضم كلا من سويسرا والنرويج وآيسلندا وإمارة ليختنتشتاين.
   وقال البديوي إن المفاوضات الخليجية توقفت بعد ذلك بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية التي كان لها الأثر في توقف العديد من مفاوضات اتفاقيات التجارة الحرة حول العالم ومع استئناف مفاوضات التجارة الحرة لمجلس التعاون انخرطت دول المجلس في مفاوضات لإبرام اتفاقيات تجارة حرة.
   وتابع أنه "من الدول التي نتفاوض معها حاليا المملكة المتحدة وتركيا وماليزيا ونيوزيلندا وباكستان وكوريا واليابان وإندونيسيا وهناك دول ومنظمات في طور الاستطلاع معهم مثل فيتنام وجورجيا ورابطة دول الآسيان".
    وبسؤاله أين وصلت دول مجلس التعاون في تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل؟ أفاد البديوي بأن الدول الخليجية حققت تقدما كبيرا في مسار تنويع مصادر الدخل مستندة إلى رؤى وطنية طموحة وبرامج إصلاح اقتصادي واسعة.
   وأوضح أن هذه الجهود أسهمت في تعزيز أداء القطاعات غير النفطية إذ ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 76 في المئة وبقيمة تقارب 7ر1 تريليون دولار أمريكي عام 2024 مدفوعة بنمو الملحوظ في مجالات السياحة والخدمات اللوجستية والتقنية والطاقة المتجددة والصناعات التحويلية كما واصلت دول المجلس تحسين بيئة الاستثمار وتمكين ريادة الأعمال وتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
   وبين أنه على الرغم من التقدم المتسارع في تنفيذ برامج التنويع الاقتصادي تؤكد دول المجلس أن النفط سيظل ركيزة أساسية في منظومة أمن الطاقة العالمي وعنصرا مهما في استقرار أسواقه ويأتي مسار التنويع بوصفه تعزيزا لقوة الاقتصاد وتوسيعا لفرصه دون أن يمس بالدور الاستراتيجي الذي يضطلع به النفط في دعم استقرار الموازنات وأمن الطاقة العالمي.
   وردا على سؤال عن واقع التحول إلى الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر في دول مجلس التعاون قال إن هذه الدول قطعت خطوات رائدة إقليميا في التحول نحو الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر إذ تشهد المنطقة مشاريع كبرى للطاقة الشمسية وطاقة الرياح تعد من الأكبر عالميا مثل مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية في الإمارات ومشروع نيوم للطاقة النظيفة في السعودية ومشاريع الهيدروجين في سلطنة عمان إلى جانب برامج تنويع الطاقة في قطر والبحرين والكويت.
   ولفت البديوي إلى أن الدول الخليجية تبنت أيضا استراتيجيات واضحة لتعزيز الاقتصاد الدائري للكربون وتحسين كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة وبفضل هذه الجهود أصبحت دول المجلس من أهم المساهمين في دفع التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة بشكل ومتزن يحافظ على أمن الطاقة.
   وبشأن مساهمة تمكين الشباب في دول المجلس في التنمية الاجتماعية والاقتصاد عموما قال إن تمكين الشباب في دول مجلس التعاون يساهم مباشرة في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية إذ يمثل الشباب أكبر طاقة إنتاجية في مجتمعاتنا الخليجية.
   وأوضح أنه على الصعيد الاقتصادي يؤدي تمكين الشباب إلى رفع الإنتاجية وتعزيز ريادة الأعمال ودعم الابتكار والتحول نحو اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي إضافة إلى تأهيل الكوادر الوطنية بما يقلل الاعتماد على العمالة الوافدة.
   وعن الجانب الاجتماعي أشار إلى أن تمكين الشباب يعزز الاستقرار المجتمعي والانتماء الوطني ومشاركتهم في المبادرات التطوعية والعمل الأهلي وصنع القرار ويسهم في تحسين جودة الحياة وابتكار حلول جديدة للتحديات الاجتماعية.
   وتابع أن أثر ذلك يمتد إلى البعد الاستراتيجي إذ يشكل الشباب ركيزة أساسية في تحقيق رؤى دول المجلس وتعزيز التنافسية الإقليمية والدولية بما يضمن استدامة التنمية عبر الاستثمار في رأس المال البشري وفي المحصلة أصبح تمكين الشباب خيارا استراتيجيا لدول مجلس التعاون تعكسه توجيهات قادة دول المجلس التي تركز على التأهيل والمشاركة والابتكار وترسيخ الهوية الخليجية الموحدة.
   وبسؤاله عن خطط دول مجلس التعاون لتحسين مؤشر التنمية البشرية قال البديوي إن خطط هذه الدول تعمل على تعزيز مؤشر التنمية البشرية عبر خطط شاملة تركز على تطوير الصحة والتعليم وزيادة الدخل وهي الركائز الأساسية للمؤشر العالمي.
   ففي الصحة أوضح أنه يجري توسيع خدمات التأمين والرعاية المتقدمة وتعزيز الطب الوقائي وفي التعليم تعمل الدول على تحديث المناهج ودعم المهارات المستقبلية وتوسيع الشراكات الدولية وعلى صعيد الاقتصاد والدخل تواصل دول المجلس تنفيذ برامج التنويع الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة وتمكين رواد الأعمال.
   وأشار إلى أنه يتم التركيز على تمكين المرأة والشباب وتحسين جودة الحياة وبفضل هذه الجهود تصنف جميع دول المجلس ضمن فئة التنمية البشرية المرتفعة جدا وتواصل الارتقاء بهذا المؤشر بما ينسجم مع رؤاها الوطنية المستقبلية.
   وأكد أن دول مجلس التعاون تشهد تطورا ملحوظا في المجالات الصحية والاجتماعية والرياضية مدفوعا برؤى وطنية طموحة تضع جودة الحياة في صدارة أولوياتها ففي القطاع الصحي توسعت الدول في البنية التحتية الطبية واعتمدت التحول الرقمي وطورت خدمات الوقاية والتأمين الصحي الشامل مما أدى إلى رفع مستوى كفاءة الرعاية وجودتها.
   وعن الجانب الاجتماعي أوضح أن دول مجلس التعاون ركزت على تمكين الأسرة والشباب والمرأة وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتحسين جودة الحياة إلى جانب دعم المبادرات التطوعية وتعزيز التماسك المجتمعي.
   وفي القطاع الرياضي قال البديوي إن دول المجلس حققت تقدما لافتا عبر الاستثمار في المنشآت الرياضية الحديثة واستضافة بطولات دولية كبرى وتطوير برامج لاكتشاف المواهب الرياضية بما يعزز الدبلوماسية الرياضية ودور الرياضة في الصحة المجتمعية.
   وأشار إلى أن هذا التطور يعكس بشكل عام توجه دول المجلس إلى بناء مجتمعات أكثر صحة ورفاهية وتحقيق تنمية شاملة تسهم في تحقيق رؤاها المستقبلية وتعزيز مكانتها عالميا. (النهاية)
 
   ب ش / ت م