(تقرير) الكويت - 21 - 4 (كونا) -- كان لعيد الفطر السعيد قديما عند الكويتيين بهجة لا توصف يتلمسها الكبار والصغار وكانوا ينتظرونه بفارغ الصبر ويستعدون للاحتفاء بأجوائه الرائعة رغم ظروف الحياة الصعبة آنذاك.
وكانت مظاهر العيد بسيطة وجميلة تختلف عن تلك الشائعة حاليا اختلافا جذريا وكانت الفرحة الغامرة التي كان يعيشها أهل الكويت آنذاك متميزة بخصوصيتها وطبيعتها المتفردة بين أفراد العائلة والأحباب والأصدقاء والجيران ومختلف شرائح المجتمع.
وأكد باحثان كويتيان في التراث الكويتي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الجمعة أن مظاهر العيد قديما كانت بسيطة وجميلة وتلقائية تنشر الفرحة والبهجة بين الكبار والصغار وتفوح منها رائحة الأصالة والتراث وتختلف اختلافا تاما عن مظاهر وقتنا الحاضر الذي فقد جزءا كبيرا من هذه البساطة والتلقائية.
وقال الباحث صالح المسباح إن عيد الفطر من أهم المناسبات الدينية التي يحتفل أهل الكويت قديما كسائر المسلمين ويفرحون بقدومه وعلى الرغم من التطور الذي حصل في الكويت بعد ظهور النفط والتغير الذي طرأ على المجتمع ودخول بعض العادات فإن المجتمع الكويتي كان محافظا على بعض من هذه العادات والمراسيم التي كانت موجودة في الماضي.
وتابع المسباح أن عيد الفطر قديما كانت له بهجة وفرحة خاصة ينتظرها أهل الكويت بفارغ الصبر ويستعدون له فهو يعني لهم التغيير والتجديد يلبسون فيه الجديد ويأكلون الحلوى ويتزاورون وله مظاهر خاصة تميزه عن الوقت الحالي من حيث المراسيم والعادات التي كان أهلنا في الماضي يقومون بها قبل قدومه والتي اندثر بعضها ومازال بعضها قائما.
وأوضح أن من أهم هذه العادات أن يعطل الكويتيون أشغالهم وأعمالهم لمدة أسبوع كامل سواء جهات حكومية أو خاصة ومن مظاهر الاحتفال بقدوم العيد ترتيب البيوت وتنظيفها لتكون لائقة بهذه المناسبة إذ ترش بماء الورد مخلوطا بالعطور الخاصة إضافة إلى البخور والمعمول وغيرها.
وذكر أن ربات البيوت كن يصنعن الحلويات الشعبية ومن لا تتمكن من ذلك تشتريها من السوق ومن تلك الحلويات التى تصنع الكيك (قرص العقيلي) الذي يتم خبزه من الطحين والبيض والسكر تضاف إليه حبات الهيل والزعفران ورحيق ماء الورد كما يشتري البعض البقصم ـ لسان الثور ـ بيض القطا ـ والغريبة وغيرها من الحلويات المعروفة قديما في الكويت.
وبين أن لعيد الفطر نكهة وسعادة خاصة بالنسبة للنساء والبنات فكن يقمن بوضع الحناء على راحة أيديهن وأسفل أقدامهن مما يضفي عليها اللون الأحمر الداكن الجميل في حين كان بعض الأطفال يقلدون البنات ويصرون على وضع الحنة على شكل دائرة في راحة الكف.
وقال المسباح إن من الاستعدادات أيضا تجهيز الملابس الجديدة تميهدا لارتدائها طوال العيد وفي الأيام التي تليه مبينا أن معظم الملابس سواء الرجالية والنسائية كالدشداشة للأولاد والدراعة والبخنق للبنات كانت بعض السيدات يخطن ملابس أولادهن بأنفسهن.
واستطرد أنه كانت هناك استعدادات أخرى تتم بين الأهالي فمثلا (الحمارة) وهم الذين يقومون ببيع الماء على ظهور الحمير كان لهم دور في هذه المناسبة حيث يقومون بصبغ حميرهم بالألوان الفاقعة مع تخضيبها بالحنة وتزيينها بالخرق الملونة البالية وتعليق الأجراس عليها ب(القراقيش) التى تحدث رنينا عند سير الحمار والغرض من ذلك هو تأجيرها للركوب عليها بالعيد.
وعن مراسم العيد أفاد بأنه "من الصباح الباكر كان الكبار والصغار يقومون لأداء صلاة العيد مهللين مكبرين وحامدين الله على ما خصهم به من جزيل النعم وغالبا الأطفال أول من يستيقظ من أفراد الأسرة فرحين مسرورين بهذه المناسبة المباركة لأن هناك العديد من المفاجآت تنتظرهم وربما لا ينام بعضهم طوال الليل يحسبون الوقت كي تشرق شمس العيد وقد لبسوا ملابسهم الجديدة باكرا وتجملوا بما عندهم من زينة وبعد الصلاة تبدأ مراسيم وعادات ومظاهر العيد".
ولفت إلى حرص الأطفال والرجال على أداء صلاة عيد الفطر في المساجد في حين تصلي النساء في البيوت ويفطر أفراد العائلة على حبات قليلة من التمر قبل الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة وبعدها يتجمع الأطفال بكثرة خارج المسجد وأصواتهم تتعالى ويسمعها من في الداخل ويتباهون بملابسهم الجديدة بانتظار العيدية.
وقال المسباح إنه عند الانتهاء من أداء الصلاة يقوم كل طفل بتقبيل جده أو والده أو خاله لهدف تسلم العيدية وهي مبلغ من المال لا تكتمل سعادته إلا به وغالبا ما يصرفها على ركوب الألعاب الشعبية والحمير وشراء الألعاب والحلويات.

ولفت إلى أن مقدار العيدية كان لا يتجاوز (الروبية) التي تعادل في الوقت الراهن ما بين 50 و75 فلسا ويمكن الحصول عليها من الأقارب والجيران وكان يتجمع لدى الأطفال عدد لا بأس به من الروبيات وأجزائها من النصف والربع آنات والانتين.
وتابع أن الأطفال كانوا يتباهون فيما بينهم بمن حصل على أكبر قدر من المال ويضعونها ليلا داخل قطعة من القماش (صرارة) داخل المخدة وكانوا يتلمسونها بين فترة وأخرى للتأكد من وجودها.
وأوضح أنه كان للعيد مراسم متعارف عليها عند أهل الكويت قديما ولاتزال موجودة ومن أهمها تهنئة الأسرة الحاكمة في اليوم الأول فبعد الصلاة كان يذهب أهل الكويت قديما إلى قصر سمو الأمير للتهنئة بحلول العيد حيث يكون أفراد أسرة آل صباح الكرام في قصر الأمير يستقبلون المهنئين.
وتابع أنه "من المراسم أيضا تبادل الزيارات بين الأهالي للتهنئة حيث كان أهالي جبلة يقومون بزيارة إخوانهم أهالي شرق وأهل الوسط كذلك الحال في قرى القصور وقرية الجهراء في تلاحم يدل على مدى رقي ومحبة أهل الكويت بعضهم البعض".
وذكر أنه "كانت تقدم خلال الزيارات القهوة والشاي وماء الورد والعود حيث يقوم الأهالي بتهنئة بعضهم البعض بقول عيدك مبارك فيرد عليه الآخر أعاده الله علينا بخير وعليكم بخير وعافية وغيرها الكثير من العبارات.
وبالنسبة للطعام قال المسباح إن الكويتيين كانوا يبدون اهتماما خاصا بالطعام خلال فترة العيد سواء الفطر فمنهم من يخصه لعائلته وأقاربه ومنهم من يفتح أبوابه للفقراء من أهل الخير وهم كثير في البلاد وهي عادة جميلة تدل على أخلاق وشهامة وكرم أهل الكويت قديما.
وتابع أنه بعد الصلاة يجتمع شمل الأسرة مرة أخرى في البيت للإفطار (ريوق العيد) الذي يتكون من أصناف الفول المطبوخ (الباجيلا) والحمص المطبوخ (النخي) وخبز الرقاق وبعض الحلويات الشعبية كالدرابيل وقرص العقيلي والبقصم والبلاليط والبيض بالهيل والزعفران إضافة إلى الحليب بالهيل والشاي ويتبادلون الأحاديث الطريفة بينهم.
وأردف أن الأجداد والآباء كانوا يذهبون إلى الدواوين وهي عبارة عن مجالس شعبية تضم الأصدقاء وأبناء الحي (الفريج) والضيوف من أبناء الأحياء والفرجان الأخرى لتقديم التهاني وعبارات "عيدكم مبارك" و"عساكم من عواده" أو "يعود عليك من أمثاله" ثم يقوم أصحاب الدواوين والفرجان الاخرى برد التهاني وفى هذه الأثناء يلتقي القادمون والذاهبون في الأزقة (السكيك) فيتبادلون التهاني.
وعن غداء العيد قال المسباح إنه في العادة يكون باكرا ويكون في الغالب سمكا محمرا وفي عيد الأضحى يكون من لحم الأضاحي ولاتزال عادة الغداء والمحمر موجودة عند بعض العوائل في الوقت الحالي.
وأشار إلى تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب وعادة يكون التجمع في البيت الكبير (العود) وهو (بيت الجد) أو كبير العائلة غالبا وبالنسبة للنساء يذهبن لتبادل الزيارات مابين الجيران وتقديم التهاني للأقارب من النساء.
من جانبه قال الباحث في التراث الكويتي يعقوب الغنيم إن الشيخ عبدالعزيز الرشيد تحدث عن مراسم العيد سنة 1926 حيث كان أهالي الكويت يذهبون في اليوم الأول بعد الصلاة إلى قصر سمو الأمير لتهنئة سموه وأفراد أسرة آل صباح الكرام الذين يستقبلون المهنئين بهذه المناسبة.
وأضاف الغنيم أن الكويتيين كانوا يتبادلون الزيارات للتهنئة بالعيد في مظهر يدل على تلاحم ورقي ومحبة أهل الكويت بعضهم لبعض ويتم خلال الزيارات تقديم مشروبات الضيافة كالقهوة والشاي وماء الورد والعود.
وذكر الغنيم أن الكويتيين كانوا يعطلون في العيد قديما مدة أسبوع كامل ويتم التحضير لهذه المناسبة قبل قدومها بفترة وتقام حفلات العرضة كل نهار كما يقوم الرجال بأداء (العرضة) باستخدام البنادق والسيوف وينشدون القصائد الحماسية وبين أن الاحتفالات كانت تقام في الأماكن الفسيحة (البرايح) وساحة الصفاة كما تقام الرقصات الشعبية مثل العرضة البرية والبحرية والفرينسي وكان الأطفال يركبون في الساحات الحمير والمراجيح التي تدور بحركات رأسية ويكون بعضهم جالسين داخل الصناديق الخشبية التى تدور بهم اضافة الى (ام الحصن) وهي لعبة تدور على شكل دائري.
وذكر من مظاهر العيد قديما أيضا قيام البعض بصنع الألعاب الشعبية المسلية للأطفال مثل المراجيح (الديارف) و (القلليبة) و (أم الحصن) وهي عبارة عن ألعاب شعبية تصنع من الخشب ثم توضع وتنصب في الساحات (البرايح) لاستخدامها فى العيد.
وبين أن أصحاب محلات بيع الحلويات الشعبية كانوا يجهزون محلاتهم بالعديد من أصناف الحلويات الشعبية التي يشتد عليها الطلب بهذه المناسبة السعيدة وفي هذه الساحات كانت تجلس بعض النسوة على الأرض لبيع المكسرات والحلويات الشعبية التي كانت معروفة منها الملبس والنقل. (النهاية) م ف / ت م