بيروت - 24 - 11 (كونا) -- أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اليوم الخميس أن خروج بلاده من المأزق يكون عن طريق حل عام يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت وتشكيل حكومة جديدة والإسراع في عجلة الاصلاحات المنشودة. واعتبر ميقاتي في كلمة ألقاها في افتتاح فعاليات (منتدى بيروت الاقتصادي 2022) الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية تحت عنوان (التجارب العربية في الإصلاح الاقتصادي وصولا الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي) ان المخرج للازمة الاقتصادية النقدية الحالية يكمن في إقرار الاتفاق النهائي مع صندوق النقد بما يؤمن تدفق عائدات بالعملات الاجنبية الى لبنان سواء من خلال صندوق النقد مباشرة أو من خلال الدول المانحة في ما بعد "والتي لن تمد يد المساعدة إذا لم يكن هنالك مراقب دولي للاصلاحات الا وهو صندوق النقد". وتطرق ميقاتي الى وضع القطاع المصرفي اللبناني الذي "شكل العمود الفقري للاقتصاد على مدى العقود الثلاثة الماضية قبل اندلاع الازمة المالية الاخيرة" والذي أصبح يعاني اليوم من أزمة خطيرة مشددا على اهمية تضافر جهود السلطات السياسية والنقدية والمصرفية لاحتواء "الاختلالات القائمة" والنهوض بالقطاع نحو التعافي. واعتبر ان القطاع المصرفي يعاني حاليا من أزمة قطاعية بسبب "أوضاع اقتصادية غير منتظمة" بالاضافة الى "مالية عامة واهنة في ظل تعرض ملحوظ لميزانيات المصارف لمخاطر القطاع العام". واشار الى وجود خيارين اليوم الاول يتمثل ب(سيناريو) المراوحة والجمود واللا إصلاح في حين ان الخيار الثاني يقوم على إعادة هيكلة منتظمة للقطاع المصرفي وفق برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي يشكل "المفتاح للتصحيح الضروري للوضع المالي بشكل عام". من جهته قال رئيس لجنة الاستثمار في اتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح في الافتتاح إن "الكويت لم تترك مناسبة يحتاج فيها لبنان الى الدعم والمؤازرة الا وكانت من أوائل الداعمين" مؤكدا دعمها لمسار التعافي والاصلاح الاقتصادي والمساهمة في دفع مسيرة الاستقرار والنمو في البلاد. واكد سعي لجنة الاستثمار في الاتحاد بكل طاقاتها الى تشجيع وتحفيز عودة الاستثمارات الى لبنان الذي يزخر بالامكانات والمشاريع المنتجة التي تخرج لبنان من النفق وتجدد الثقة باقتصاده وبقطاعه المصرفي.
واعرب عن أمله في ان يفتح المنتدى بابا واسعا لاستعادة لبنان ثقة المجتمع العربي داعيا الحكومة اللبنانية إلى وضع "خطة تضمن استعادة أموال المودعين العرب حفاظا على الثقة بلبنان وقطاعه المصرفي". من جانبه اكد رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية جوزف طربيه أهمية الدور الذي يلعبه صندوق النقد الدولي في الاقتصاد العالمي وما يقوم به من أعمال تساعد البلدان التي تنفذ برامج اصلاحية مع الصندوق للولوج الى مؤسسات التمويل الدولية الاخرى والى أسواق المال. واشار الى المفاوضات التي تجريها بعض الدول العربية مع صندوق النقد الدولي لاعتماد إصلاحات اقتصادية والحصول على قروض لاجتياز صعوباتها المالية كما هو حال مصر وتونس والاردن والسودان ولبنان التي "تعاني من أزمات اقتصادية ترافقها احتياجات تمويل ملحة". ورأى ان مسيرة لبنان في التفاوض مع الصندوق ستصبح أصعب مع وقوع لبنان في مرحلة الشغور الرئاسي و"دقة المواضيع المطروحة على مجلس النواب للتشريع التي لا سابق لها كشطب الودائع وتصفير الرساميل ووضع قيود على حركة الرساميل ومراجعة النظام الضريبي". وأكد طربيه ضرورة تحمل الدولة اللبنانية مسؤوليتها عن ديونها وقيادة الحل من خلال خطة لإعادة الودائع تدريجيا من دون أي بيع لأصولها وكذلك التفاوض مع الدائنين في الخارج "تمهيدا لاستعادة الشرعية المالية والعودة الى الاسواق المالية الدولية". وعلى هامش المنتدى قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان "اكبر عائق أمام انتظام الامور في البلاد يكمن في غياب الارداة السياسية والاتفاق لأن كل ما نشهده من انهيار نتيجة تجاذبات سياسية لسنوات طويلة خلت أسهمت في تعطيل سير الامور كما يجب". واكد ان توفر الإرادة السياسية هو الذي يؤمن الحلول التي تصل بالاقتصاد الى بر الامان معربا عن أمله أن يكون السياسيون قد بلغوا بعد كل هذه الانهيارات الى قناعة من حتمية الاتفاق حول مستقبل لبنان والتعاون المشترك لاقتراح الحلول الاقتصادية والخروج من النفق المظلم.
من جهته اعرب رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان محمد شقير في تصريح مماثل ل(كونا) عن ترحيبه بالاشقاء العرب المشاركين في المنتدى الذي اعتبره لقاء مهما جدا كونه يتناول حلولا للازمة اللبنانية. وقال "نأمل ان يستفيد اللبنانيون من خبرات وتجارب الاشقاء العرب الذين نفذوا إصلاحات في بلادهم للوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي". واعتبر ان البحث في الحلول أمر مهم إلا أن الأهم ان تتفق القوى السياسية على الشروع في تنفيذ الحلول لان "مشكلتنا الحقيقية في السياسة". واكد شقير في كلمة ألقاها في الافتتاح بذل الهيئات الاقتصادية الجهود للحفاظ على امكانات الاستقرار الاجتماعي مشيرا الى الحوار الدائم الذي تجريه مع الاتحاد العمالي العام بهدف إعطاء زيادات على الاجور للعمال والموظفين. ولفت الى ان الهيائت وضعت من جهتها خطة للتعافي المالي والاقتصادي مساهمة منها لإيجاد الحلول وهي تسعى "للتقريب بين خطتها وخطة الحكومة للوصول الى خطة موحدة قبل نهاية العام الحالي". وسيناقش المنتدى على مدى يومين في جلساته عددا من العناوين تتمحور حول (ورقة اتحاد المصارف العربية حول الاصلاحات الاقتصادية في لبنان) و(عرض التجارب العربية في عملية الاصلاح الاقتصادي) لدول مصر والاردن وتونس ولبنان. كما سيبحث المشاركون في هيكلة القطاع المصرفي اللبناني وأزمة استرداد أموال المودعين الى جانب درس الآثار الاقتصادية والاجتماعية لسياسات الاصلاح الاقتصادي. يذكر ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تتمحور حول مطالب أساسية كاقرار الحكومة لخطة التعافي واقرار مجلس النواب قانون تعديل السرية المصرفية وإنجاز الحكومة لمشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي وإنجاز الحكومة لمشروع قانون إعادة التوازن للقطاع المالي وإقرار مشروع القانون الذي يضع ضوابط رسمية على التحاويل المصرفية. (النهاية) ا ي ب / ط م ا