الكويت - 1 - 9 (كونا) -- أكد أكاديميون كويتيون بجامعة الكويت أن خطاب سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي ألقاه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح نيابة عن سموه حفظهما الله ورعاهما شكل خريطة طريق للناخبين الذين سيتجهون إلى صناديق الاقتراع في 29 سبتمبر الجاري لاختيار الأعضاء الجدد لمجلس الأمة في فصله التشريعي ال17 باعتبارهم المعنيين بتصحيح المسار السياسي من خلال حسن اختيار من يمثلهم.
ورأى هؤلاء الأكاديميون في تصريحات متفرقة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس أن الخطاب السامي الذي ألقي في 22 يونيو الماضي بث روح التفاؤل بين جموع المواطنين إذ منح الناخب دليلا استرشاديا يدعوه من خلاله إلى حسن الاختيار للدخول إلى مرحلة إصلاحية جديدة.
وقال أستاذ القانون في كلية الحقوق الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي إنه مع فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الأمة في 29 أغسطس الماضي يستذكر الناخب الكويتي الخطاب التاريخي الذي تضمن رؤية وتحليلا منطقيا لوضع سياسي كان متأزما ولا يمكن الخروج منه دون العودة إلى الناخبين.
وبين الفيلي أن الخطاب شخص أسباب الأزمة وحدد مكامن الخلل في تجاوز السلطتين الدور المرسوم لهما دستوريا و"قد تبنت الحكومة الجديدة هذه الرؤية التي شكلت خريطة طريق فبادرت برفع مرسوم حل مجلس الأمة متضمنا الأفكار الرئيسة التي وردت في الرؤية التي قدمها سمو ولي العهد في الخطاب".
وأوضح أن هذه الرؤية انعكست إلى حد ما في المرسوم بقانون بتعديل بعض قواعد قانوني الانتخاب والدوائر الانتخابية تلمسا للوصول إلى نقطة تجعل هذه الانتخابات قريبة من مفهوم النزاهة والشفافية في التعبير عن إرادة الناخبين ليصحب ذلك بوادر إيجابية في تفعيل مقتضى قانون الانتخاب للحد من استخدام المؤثرات التي جرمها القانون بغرض توفير مصداقية أعلى لعملية الاقتراع.
وذكر أن من أبرز الملامح التي تمثلها المرحلة التي تسبق العملية الانتخابية السعي نحو تفعيل تطبيق القانون لمواجهة أي انتخابات فرعية ومنع استخدام النفوذ لمصلحة بعض المرشحين.
بدوره أكد أستاذ الانثروبولوجيا (علم الإنسان) في كلية العلوم الاجتماعية الدكتور ماجد المطيري أن الخطاب الأميري حمل قيما عظمى واضحة واتسم بالمباشرة والوضوح في تشخيص الحالة الراهنة للبلاد وترك أثرا إيجابيا في نفوس المواطنين إذ أرجع إليهم المسؤولية في تصحيح المسار السياسي والتنموي وحمل دعوة صريحة للشعب بأن يحسن الاختيار.
وأضاف المطيري أن الخطاب حمل في طياته مضامين تنتصر للوطن والدستور وتطمئن المواطنين وتؤكد حرص القيادة على التمسك بالدستور باعتباره منهجا يعزز مكانة دولة الكويت كما كانت في الماضي.
وألمح إلى ان الخطاب شخص حالة الصراع الدائم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ما أدى إلى توقف شبه تام لعملية التنمية في البلاد مبينا أن سمو ولي العهد أعطى السلطة للشعب لتصحيح المسار عبر حل مجلس الأمة ودعوته إلى التوجه لصناديق الاقتراع لاختيار من يمثله بكفاءة بعيدا عن التعصب الطائفي والقبلي والحزبي كي لا تتكرر نفس الأخطاء السابقة.
وأشار إلى تعهد سموه بعدم التدخل الحكومي في اختيارات الشعب وحتى في اختيار رئيس البرلمان أو اللجان ليكون المجلس سيد قرارته حيث ستقف السلطة على مسافة واحدة من الجميع لافتا إلى أن سموه طالب بممارسة ديمقراطية شكلا ومضمونا خاصة أن "الديمقراطية ليست آلية وإنما هي ثقافة لا يمكن الارتقاء إليها إلا برفع أداء الناس الحضاري ليكون اختيارهم أكثر صوابا وأحكامهم أصلح تنطلق منها الحرية الفردية وحرية الاختيار والتعبير وإبداء الرأي والفكر العلمي".
ورأى المطيري أن الكويت مقبلة على مرحلة جديدة ومفصلية ومهمة في تاريخها ما يستوجب على المواطنين أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية عند توجههم إلى صناديق الاقتراع عبر اختيار الأمثل لمن يمثلهم في البرلمان.
من جانبه أكد أستاذ علم النفس في الكلية نفسها الدكتور خضر البارون أن الوقع النفسي لما جاء في الخطاب السامي تمثل في بث روح التفاؤل لدى المواطن الكويتي للسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق رؤية نهضوية شاملة تبدأ بصناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الأمة 2022.
وقال البارون إن الخطاب أعطى جرعة كبيرة من التفاؤل الذي يمكن استشعاره لدى المواطنين عند الحديث عن الانتخابات البرلمانية المقبلة ما يدل على الوقع النفسي الإيجابي له على جموع المواطنين والذي يؤمل أن يترجم إلى انتخاب الأفضل والأصلح لضمان الوصول إلى تشكيل سلطتين تحققان ما يطمح إليه المواطن.
وأضاف أن سمو ولي العهد رسم عبر الخطاب خطوطا واضحة للمسار الصحيح الذي يصبو إليه كل مواطن بعد تلمس الأخطاء في العلاقة ما بين السلطتين وما أدت إليه من تأخر في مجالات عدة أثرت في المسار التنموي للدولة.
وأوضح أن الخطاب شكل نقلة نوعية في العملية السياسية و"ليس لنا إلا أن نتمنى أن ينعكس ذلك على الممارسة الحكومية والنيابية وأن يصحح المواطن الأخطاء عبر الاختيار الصحيح والصائب عند الإدلاء بصوته الذي بدوره سينعكس إيجابا على القضايا التي يتطلع إلى حلها كمخرجات التعليم وتعديل التركيبة السكانية وخلق الوظائف للشباب والإسكان وغيرها من القضايا التي لا يمكن حلها إلا عبر تعاون السلطتين".
من جهته أكد أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بكلية الآداب الدكتور أحمد الشريف إن انتخابات مجلس الأمة المرتقبة قد تشهد انعطافة تاريخية في المسيرة البرلمانية إذا ما أخذ الناخب بمضامين خطاب سمو ولي العهد الذي وجهه عبر خطوط عريضة تدعوه إلى حسن الاختيار إذ "اعتمد الخطاب أسلوب المصارحة والمكاشفة والشفافية المطلقة في تحديد أسباب الأزمة وخطط علاجها دستوريا".
وقال الشريف إن خطاب سمو ولي العهد كان استثنائيا وشخص الواقع الذي تمر به الكويت متمسكا بالدستور الذي يرجع إلى الناخب الكويتي عند تأزم الأمور ما بين السلطتين بسبب المشهد السياسي الذي تمزقه الاختلافات وتدمره الصراعات وتسيره المصالح والأهواء الشخصية على حساب استقرار البلاد وتقدمها.
وثمن التأكيدات القاطعة والجوهرية التي حددها سمو ولي العهد بقوله "إننا لن نحيد عن الدستور ولن نقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعطيله ولا تعليقه ولا حتى المساس به حيث سيكون في حرز مكنون فهو شرعية الحكم وضمان بقائه والعهد الوثيق بيننا وبينكم".
وأكد الشريف أن الخطاب يريد مشاركة شعبية كاملة مع حراك العملية السياسية ليكون المواطنون نشطاء فاعلين بإمكانهم التأثير في اتخاذ القرار وتحديد اطر التنمية إذ أن للمشاركة الشعبية دلالات واضحة تبين عمق التطور السياسي للمجتمع وقدرته على تطوير أنماط جديدة لمواكبة التطورات.
ورأى أن من أكبر الحوافز التي أعطت المواطنين تفاؤلا لا حدود له للمرحلة المقبلة ما تضمنه الخطاب بشأن الحياد الحكومي في الانتخابات وتعزيز مبدأ فصل السلطات واحترام إرادة الناخبين وعدم التأثير عليهم لكي يقوم كل ناخب بالدور المطلوب منه وهو اختيار الاكفأ لتمثيله سياسيا.
وأعاد الشريف إلى الأذهان الدعوة الصريحة لسموه للجميع ب"إدراك حجم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقكم في المشاركة الإيجابية في عملية الانتخاب والحرص كل الحرص على اختيار القوي الأمين المؤمن بربه ثم وطنه والذي يضع مصلحة الكويت وشعبها فوق كل اعتبار".
وأشار إلى قول سموه "لا تضيعوا فرصة تصحيح مسار المشاركة الوطنية حتى لا نعود إلى ما كنا عليه لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين وسيكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث". (النهاية) م ف / م ص ع