من محمد أبوبكر (تقرير)

الكويت - 13 - 12 (كونا) -- استبشر المنزعجون من الذباب الذي يتكاثر في مثل هذه الايام بقرب الخلاص منه بعد أن حل موسم المربعانية في السابع من الشهر الجاري وفق ما أعلنه الفلكي الكويتي عادل السعدون.


وفي قناعات الكثيرين يمثل الذباب مؤشرا إلى غنى الأرض بالخيرات وربما لارتباط تزاوجه باعتدال الطقس ورطوبة الهواء التي تكون غالبا سابقة أو لاحقة لهطول الأمطار مع ما يصاحبها من ازدهار نباتات الرعي ونقاء الهواء وكسر شوكة الفيافي القاحلة بالمروج الغناء.


وعن ذلك يقول المواطن هلال الرومي إن الكويتيين قديما "كانوا ينتظرون بشوق اعتدال الأجواء بعد حرارة الصيف المتعبة وعندما ينكسر قيظ الصيف يستبشرون بأيام هانئة" حتى إن كانت مصحوبة بذباب مزعج ومضر.


ويشير الرومي إلى أن "من أبرز علامات اعتدال الطقس ظهور ذلك الذباب ولذلك كان الكويتيون عندما يرونه قد ظهر بأعداد كبيرة يطمئنون إلى ذهاب فصل الصيف ومن هنا سمعنا المثل القائل: يا الله سنة ذباب ولا سنة غراب" وهو المثل الذي ذكر المواطنان المهتمان بالتراث الكويتي محمد يعقوب البكر وفرحان الفرحان أنهما لم يسمعا به ولم يقفا له على أثر في التراث الوطني.


وبعيدا عن صحة وخطأ ذلك المثل الذي جاء في الجزء الخامس من كتاب "الأمثال العامية في نجد" لمؤلفه محمد بن ناصر العبودي لا يختلف اثنان على أن الذباب يكثر في سنة الخصب بينما الغراب لا يكثر إلا في أيام الجدب وموت الماشية.


ورغم ذلك يستاء كثيرون من صعوبة التخلص من الذباب ويبحثون عن أي سبيل لطرده كيف لا وقد كان التصاقه بالإنسان رغم تكرار طرده سببا في ربط لغويين اسمه بفعله فقالوا إنه حاز هذا الاسم لأنه كلما "ذب" (أي طرد) "آب" (أي عاد) وفق ما جاء في "موسوعة الطير والحيوان في الحديث النبوي" لعبداللطيف عاشور.
وبعد أن كانت موجة الأمطار الأخيرة محل اتهام بالتسبب المباشر في كثرة أعداد الذباب جاء رأي أكاديمي مبرئا لها ومرجحا وقوف "رواسب عضوية" وراء ظهوره حتى إن كان في سياقه الطبيعي.


وقالت أستاذة العلوم البيولوجية في جامعة الكويت الدكتورة وسمية الحوطي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن الذباب يأتي بشكل اعتيادي في موسم عرفه الكويتيون منذ أمد بعيد ب"الصفري".


وطمأنت الحوطي المنزعجين منه إلى قرب زوال سبب شكواهم بسبب ميل درجات الحرارة إلى الانخفاض خلال الأيام المقبلة مجددة تأكيدها عدم مسؤولية الأمطار عن الزيادة الملحوظة في أعداده "مع احتمالية تسبب فيضان المياه من أنابيب الصرف الصحي في ترسب مخلفات عضوية تمثل بيئات ملائمة لوضع البيض ومن ثم زيادة أعدادها بالشكل الحالي".


وفي شأن مقاومة الذباب تلافيا للأمراض التي ينقلها بينت أن الاتجاه العالمي في مقاومة الآفات عموما ومنها الذباب يعتمد على منع تزاوجها أو جعلها عقيما توازيا مع تحسين سلالات العوائل لوقف دورة حياة تلك الآفات.


وتوقعت "زيادة مرضى الرمد بسبب الذباب الذي يتحرى الوقوف على سوائل جسم الإنسان لامتصاصها عبر فمه الإسفنجي ما يجعل جسمه الممتلئ بالشعر محملا بكميات كبيرة من الميكروبات التي تنتقل من شخص إلى آخر" مشددة على أهمية النظافة العامة لمنع حدوث ذلك.


ونصحت بقطع الطريق على تكاثر الذباب في المنزل بتغطية المأكولات جيدا وإزالة أي بقايا محاليل سكرية ناتجة عن الشاي او القهوة أو غيرها وكذلك تغطية حاويات القمامة التي تمثل البيئة الخصبة لوضع نحو 200 بيضة للذبابة الواحدة قد تفقس خلال 24 ساعة في درجة حرارة تبلغ 24 أو 25 مئوية.


ونحى الكثيرون إلى انتهاج سبل المقاومة المبتكرة وإن لم تكن مثبتة علميا فبعض مطاعم المباركية مثلا تلجأ إلى المبالغة في استخدام المنظفات حتى لا يحل الذباب ضيفا "بلا دعوة" على موائد الرواد وبعضها الآخر يضع "علكة البان" أو القهوة التركية على الجمر لطرده وآخرون وجدوا في المراوح العملاقة ضالتهم لإبعاده.


ولا تدخر وزارة الصحة وسعا في مكافحة الأعداد المتنامية من الذباب عبر العديد من الحملات لوقف دورة حياته برش حاويات القمامة بالمبيدات للقضاء على اليرقات توازيا مع رش ما يطلق عليه "أماكن الراحة" كالأشجار والجدران والأسطح المجاورة لمصادر تغذيته.


وبعد مرور ما يقارب الأسبوع من دخول المربعانية وتأخر موجاتها الشديدة البرودة يظل الذباب فارضا وجوده في مناحي الحياة اليومية وإن كان بوتيرة أقل مما سبق ويظل أيضا الجميع تواقين لليوم الذي يقولون فيه لهذا الضيف الثقيل: وداعا. (النهاية) م أ ب / ي س ع