من خالد المطيري
شنغهاي - 19 - 11 (كونا) -- شهدت العلاقات الكويتية - الصينية خلال السنوات القليلة الماضية تطورا متسارعا وحرصا مشتركا من البلدين على تحقيق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية التي تربط رؤية (كويت 2035) بمبادرة (الحزام والطريق) الصينية عبر وضع منهج متكامل للتعاون الاقتصادي بينهما.
وتتوافق مبادرة (الحزام والطريق) مع رؤية (كويت 2035) عبر سعيهما لاحياء طريق الحرير وإنشاء منطقة حيوية تجارية تخدم مختلف دول العالم وتساهم في ازدهار وإثراء الاقتصاد العالمي.
وتعتبر مشاركة الكويت في مشروع طريق الحرير انعكاس لرؤيتها الاستراتيجية بتحولها الى مركز مالي وتجاري إقليمي وعالمي بهدف استعادة دورها الريادي في المجالين التجاري والاقتصادي في المنطقة.
وتعد الكويت اول دولة خليجية تبادر بتوقيع مذكرة تفاهم مع الصين في مبادرة (الحزام والطريق) إذ من شأن احياء طريق الحرير ان يغير شكل ونمط العلاقات الدولية عبر تكريس المنافع المشتركة بين الامم وحل مشاكل الدول النامية وإرساء قواعد السلم والأمن الدوليين.
وأتى تفرد الصين بالمرتبة الاولى كأكبر شريك تجاري لدولة الكويت في السنتين الماضيتين وثاني اكبر مشتر للنفط الكويتي ومشتقاته تأكيدا على العلاقات الاقتصادية المتميزة بين البلدين وأخذها لطابع تصاعدي مستمر بدعم من القيادتين الكويتية والصينية إذ بلغ التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي نحو 12 مليار دولار.
وتعمل في دولة الكويت اكثر من 40 شركة صينية بقيمة تقدر ب20 مليار دولار كما ان الكويت تعتبر اول بلد عربي استثمر في الصندوق السيادي الصيني باستثمارات بلغت نحو 10 مليارات دولار منذ عام 2005 حتى الان.
وفتحت زيارة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الى بكين في يوليو الماضي الباب واسعا للانطلاق بالعلاقات الكويتية - الصينية الى آفاق ارحب بما يجسد رغبة البلدين في تعزيز مستوى الشراكة الاستراتيجية بينهما.
ومثل اختيار سمو امير الكويت ليحل ضيف شرف في افتتاح منتدى التعاون العربي - الصيني ليصبح اول رئيس عربي يشارك في إلقاء كلمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ انشاء المنتدى انعكاسا لقوة ومتانة العلاقات الكويتية - الصينية.
واكد سمو الامير في كلمته امام المنتدى ان الكويت بدأت الحديث مع الأصدقاء في الصين عن مشاريع مستقبلية عملاقة تجسد الشراكة الحقيقية واتخذت خطوات عملية منها مشروع مدينة الحرير ومشروع تطوير الجزر الكويتية.
وقال سمو امير الكويت ان التعاون الثنائي بين البلدين انطلاقا من اعتبار الصين احد اكبر الشركاء التجاريين للكويت يمثل بعدا جوهريا وفق آليات التعاون مع الصين وإضافة مهمة له لافتا الى الحقائق والارقام حول العلاقات الاقتصادية بين الكويت والصين وما تمثله من مؤشر تفاؤل مدعاة للبناء عليها وتحقيق المزيد.
ونتج عن زيارة سمو الامير للصين توقيع سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم منها اربع ذات صبغة اقتصادية اضافة الى بحث مشروع مدينة الحرير وتطوير الجزر الكويتية باعتبارها مشروعات تنموية تحقق أهداف عدة منها تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط وتحقيق ناتج قومي يصل الى 23 مليار دولار.
وتضمنت الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة موضوعات التجارة الالكترونية وتعزيز الشراكة في مجالات النفظ والغاز والبتروكيماويات وتشجيع الاستثمار المباشر وبحث فرص الاعمال المتاحة اضافة الى إمكانية تطبيق استراتيجية المدن الذكية بالكويت لاسيما تحويل (ميناء مبارك) الى ميناء ذكي.
وتتنوع القطاعات التي تربط بين الكويت والصين اقتصاديا وهي ثلاثة أولها القطاع النفطي إذ تعد شركة (سينوبك) الصينية اكبر مقاول يقدم خدمة حفر الآبار للكويت في حين جاء قطاع الاتصالات بالمرتبة الثانية إذ تصنف شركة (هواوي) ثاني شركة اجنبية تؤسس شركة في الكويت بنسبة تملك 100 في المئة وتبلغ حصتها السوقية اكثر من 50 في المئة.
اما القطاع الثالث فهو (البنى التحتية) حيث تشارك شركات صينية في تنفيذ عدد من المشاريع المهمة منها مبنى بنك الكويت المركزي والمقر الرئيسي لبنك الكويت الوطني فضلا عن تنفيذ مرافق مشروع مدينة صباح السالم الجامعية بمنطقة الشدادية.
وتتسم العلاقات الكويتية - الصينية إجمالا بطبيعة خاصة إذ تعد الكويت اول بلد خليجي يقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين منذ عام 1971 وهي علاقة آخذه بالتطور ويمكن وصفها انها ذات بعد استراتيجي تخدم في رؤية الكويت التنموية من جهة وتطلعات الصين بالوصول لأسواق المنطقة من جهة اخرى.
وتتضمن رؤية (كويت 2035) سبع ركائز هي الادارة الحكومية الفاعلة والاقتصاد المتنوع المستدام والبنية التحتية المتطورة والرعاية الصحية عالية الجودة ورأس المال البشري الابداعي والبيئة المعيشية المستدامة والمكانة الدولية المتميزة.
كما تتضمن الرؤية أيضا تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي وتشجع فيه روح المنافسة وترفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم وترسخ القيم وتحافظ على الهوية الاجتماعية وتحقق التنمية البشرية والتنمية المتوازنة وتوفر بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة.
يذكر أن مبادرة (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري في القرن ال21) التي أطلقتها الصين في 2013 والتي تعد فرصة تنموية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي في دول العالم لاسيما العربية.
وتتوافق هذه المبادرة مع الرؤية السامية لحضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التي تتمثل في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي في عام 2035 ورؤية إنشاء مدينة (الحرير) التي أطلقت عام 2006 مما يجسد آفاقا جديدة وطموحا واسعا لأحياء طريق الحرير التاريخي.
وتتضمن مبادرة (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري في القرن ال21) شقين الأول منها هو الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري الذي يربط الصين مع أوربا عبر آسيا الوسطى والغربية أما الشق الثاني هو طريق الحرير البحري للقرن ال21 الذي يمتد من جنوبي الصين الى جنوب شرقي آسيا وإفريقيا.
وستشارك الكويت بهذا الطريق بعدة مشاريع تنموية تعكس رؤية (الكويت 2035) وتمثل خطوة مهمة نحو إعادة احياء الطريق الحرير التاريخي والمنطقة عبر مشروع مدينة (الحرير) ومشروع (الجزر الخمس) إضافة إلى مشروع ميناء مبارك الكبير.(النهاية) خ م / خ ن ع