من علاء الهويجل

بغداد - 27 - 6 (كونا) -- لا يسع المرء وهو يستحضر اليوم الذكرى السنوية ال13 لعودة العلاقات الدبلوماسية العراقية الكويتية الا ان يستذكر شريط العلاقة بين البلدين الجارين الشقيقين بما شهده من مد وجزر حتى صار لسنوات طويلة مؤشرا لرسم تاريخ المنطقة ومحركا للعلاقات الدولية باسرها.
كما لا تغفل العين عن خط الحدود البرية العراقية الكويتية المشتركة بما شهده من تناقضات السلب والايجاب فتلك الحدود التي انتهكها جيش صدام حسين غازيا في عام 1990 هي ذاتها التي تمر عليها اليوم قوافل الاغاثة الكويتية باتجاه الشمال لتقديم الدعم والمساعدات للنازحين العراقيين في محنتهم وهم يقارعون قوى الارهاب والتطرف.
كما ان الحدود التي مرت عبرها "القداحات" التي اضرمت النار في حقول النفط الكويتية ابان الغزو هي بعينها التي مرت عبرها في الاتجاه المعاكس معدات الاطفاء التي ارسلتها الكويت قبل اشهر للمشاركة باخماد نيران الحقول النفطية في الموصل.
تاريخ مزدحم بالاحداث والشجون كلما استحكمت حلقاته انفرجت نحو صورة جديدة من التآخي والاقرار للاخر بالجميل وتجاوز عثرات الماضي وكأن المصير الجغرافي والاجتماعي المشترك يأبى لهذين البلدين الا ان يرتبا علاقة اخوية تعد مثالا يحتذى كما وصفها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
وقال العبادي في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) بمناسبة ذكرى عودة العلاقات انه "على الرغم من ان النظام السابق حاول ان تكون علاقتنا بالكويت علاقة دموية تعسفية لكننا ولله الحمد نجحنا اليوم كدولتين من ان نحول تلك العلاقة الى مثال يحتذى في المنطقة وان نعمل على اعادة التوازن الى تلك العلاقات وقد نجحنا في ذلك الى درجة كبيرة".
واعرب عن امله بانهاء كل الملفات العالقة بين البلدين منذ غزو الكويت بما فيها ملف التعويضات الكويتية التي لم يتبق منها سوى مبلغ 6ر4 مليار دولار مؤكدا التزام العراق بسدادها كونها قرارا امميا واجب التنفيذ.
كما تعهد العبادي بانهاء كل الملفات الاخرى مع الكويت ومنها ملف المفقودين الكويتيين مؤكدا ان بلاده زودت الحكومة الكويتية بمعلومات كثيرة بهذا الخصوص.
ودعا العبادي الى مزيد من التعاون بين البلدين لتجاوز ما تبقى من متعلقات مؤكدا ان بغداد مستعدة لهذا التعاون لدفع العلاقة بين البلدين الى الامام وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
واكد ان حكومته تشجع الاستثمارات الكويتية في العراق وتحث على المزيد من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الثنائية الاخرى.
ولاتختلف رؤية السلطة التشريعية في بغداد عن رؤية السلطة التنفيذية بشأن وضع العلاقات بين العراق والكويت فالنائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي همام حمودي اكد ان العلاقات العراقية الكويتية شهدت تحسنا ملحوظا في الاونة الاخيرة مدفوعة بمساع جادة من البلدين لتحسينها.
واشاد حمودي بهذا الاطار بمساعي القيادة الكويتية وعلى راسها حضرة صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح "الذي حرص على ان يكون هو من بين اوائل القادة العرب الذين زاروا العراق بعد التغيير".
ونوه حمودي بمساعي سمو الامير التي ساهمت في راب الصدع بين العراق والكويت وقال ان "مساعي سموه لم تقتصر ثمارها الايجابية على العلاقات بين البلدين فحسب بل شملت جميع شعوب المنطقة".
واكد حرص العراق على ازالة كل مخلفات مرحلة النظام البائد والتاسيس لعلاقات متينة بين الدولتين الجارتين معربا عن التقدير للدعم الانساني الذي تقدمه الكويت للشعب العراقي لاسيما في مجال بناء المدارس وهي "رسالة جميلة للاجيال القادمة".
في المقابل قال السفير الكويتي لدى العراق سالم الزمانان ان موقف الكويت ثابت في دعم امن ووحدة وسيادة واستقرار العراق الشقيق من دون التدخل في شؤونه الداخلية معربا عن امله بان تتكلل جهود تحقيق المصالحة الوطنية في هذا البلد بالنجاح.
ولفت الى ان مشاركة حضرة صاحب السمو امير البلاد في القمة العربية التي اقيمت في بغداد وهو الاعلى تمثيلا في مستوى المشاركة" دليل على حرص الكويت على عودة العراق الى مكانته الطبيعية في المنطقة.
وافاد بان الكويت لم تدخر اي جهد في سبيل مساعدة العراق وشعبه في المجالات كافة مشيرا الى انجازات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية المتمثلة بانشاء 23 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات العراقية اضافة الى المنحة الكويتية المخصصة لبناء مستشفى الجراحة في البصرة والذي وصل الى مرحلة متقدمة من الانجاز.
وحول الحرب على الارهاب ابدى السفير الزمانان تطلع الكويت الى الاحتفال مع الاشقاء في العراق باعلان النصر النهائي على ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
واوضح انه بناء على توجيهات حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح سارعت الكويت في مد يد العون للنازحين في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى اذ تعهدت في عام 2015 بتقديم 200 مليون دولار لاغاثة النازحين.
وبين ان "المساعدات الكويتية شملت ايضا تشييد 38 مدرسة مؤقتة حتى يومنا هذا وكفالة عدد من الايتام وتبني مشروع للتدريب المهني للارامل في المحافظات المتضررة وتجهيز عيادات طبية متنقلة وبناء الخيام وتوزيع الدواء و(البطانيات) والحقائب المدرسية وجميع ذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة في العراق".
وتطرق السفير الى الاجتماع الذي عقد في الكويت اواخر شهر ابريل الماضي بين المسؤولين في الصندوق الكويتي للتنمية ورئيس صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة في العراق مصطفى الهيتي والذي تناول ما تم انجازه نحو عقد مؤتمر دولي للشركاء للتنمية لاعادة اعمار المناطق المتضررة في العراق جراء الحرب ضد الارهاب.
وعلى الصعيد السياسي قال السفير ان حكومتي البلدين الشقيقين قطعتا شوطا كبيرا في التفاهم والتنسيق والتعاون حيث وصل عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين الى 53 اتفاقية ومذكرة وذلك نتيجة للاجواء الايجابية والرغبة الاكيدة والنوايا الحسنة لدى البلدين.
وكانت اللجنة الوزارية العراقية الكويتية العليا قد عقدت ستة اجتماعات على مدار السنوات الست الماضية في بغداد والكويت بالتناوب كان اخرها اجتماع بغداد في ال28 من شهر ديسمبر من العام الماضي 2016 برئاسة وزيري خارجية البلدين والذي تمخض عن توقيع اربع اتفاقيات في مجالات الثقافة والصناعة والامن والنقل الجوي.
وكانت الكويت قد استانفت علاقاتها الدبلوماسية مع العراق بعد اتمام عملية نقل السلطة الى الشعب العراقي في ال28 من شهر يونيو من العام 2004.(النهاية) ع ح ه / خ ن ش