مسقط - 3 - 6 (كونا) -- منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد أولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم (حفظه الله ورعاه) اهتماما بالغا بنشر المعرفة وبالبحث العلمي من خلال إقامة العديد من المشاريع الثقافية والعلمية محليا وعربيا ودوليا.

وتتصل هذه المشاريع باللغة العربية والأدب والثقافة والتاريخ والعلوم والفنون والحوار الديني والحضاري لذا جاء إنشاء كراسي واستاذيات وزمالات علمية باسم جلالته في العديد من الجامعات العلمية المرموقة ترجمة لذلك الاهتمام ودعما لمجالات العلم والمعرفة الإنسانية بأنواعها المختلفة.

ويتولى مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني مهمة الإشراف على كراسي السلطان قابوس العلمية بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم (52/2012م) القاضي بإنشاء المركز كهيئةً ثقافية وعلمية تقوم بالعديد من المهام والاختصاصات المرتبطة برعاية الثقافة والعلوم والفنون ودعمها.

ومن بين تلك المهام التعريف بالثقافة العمانية ونشره وتوثيق الروابط وأوجه التعاون مع المؤسسات الثقافية والعلمية في دول العالم دعما للتواصل العلمي والحضاري والفكري الذي من شأنه ترسيخ المبادئ والقيم المشتركة وتعزيز التفاهم والتعايش والسلم في العالم أجمع.

وتم حتى الآن إنشاء 16 كرسيا وأستاذية وزمالة تحمل اسم جلالة السلطان قابوس المعظم (حفظه الله ورعاه) تتوزع في 13 جامعة عالمية تتنوع مجالاتها بين العلوم الإنسانية والتطبيقية ويعد كرسي سلطان عمان في الأدب العربي والإسلام بجامعة جورج تاون الأمريكية الذي أنشئ عام (1980م) أقدم هذه الكراسي والأستاذيات والزمالات وأحدثها زمالة السلطان قابوس للرياضيات المنشأة عام (2014م) بكلية كوربوس كريستي في جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة.

ومن أبرز المهام المنوطة بهذه الكراسي هو القيام بإجراء دراسات وبحوث مختلفة حسب مجالاتها المتعددة والإشراف على طلبة دراسات عليا ماجستير ودكتوراه في المجالات المتخصصة فيها إضافة إلى عقد الندوات والمؤتمرات وحلقات العمل العلمية.

وتهدف كراسي السلطان قابوس العلمية بشكل عام إلى تعريف العالم بنهضة عمان وحرصها قديما وحديثا على تطوير دراسات اللغة العربية والتراث والثقافة والدراسات العلمية والقيام بدور حضاري في تنمية ونشر المعرفة الانسانية والعلمية عالميا وتفعيل التعاون والتبادل الثقافي والعلمي بين السلطنة والجامعات العالمية المرموقة وإبراز دور السلطنة في التقريب بين الثقافة العربية والثقافات الأجنبية والتلاقي الحضاري بين الشعوب وصولا إلى حوار حضاري بناء.


وبتعدد مجالات كراسي السلطان قابوس العلمية تتعدد الأهداف العلمية والبحثية لكل منه ففي مجال الدراسات العربية والاسلامية تم إنشاء كرسيين علميين في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأمريكية وهما كرسي السلطان قابوس بن سعيد في الأدب العربي والإسلامي عام (1980م) وكرسي السلطان قابوس بن سعيد للغة العربية عام (1993م) وفي أستراليا تم إنشاء كرسي سلطان عمان للدراسات العربية والاسلامية بجامعة ملبورن عام (2003م) وفي المملكة المتحدة تم إنشاء زمالة السلطان قابوس بن سعيد الدولية في مجال الأدب والدراسات الإسلامية والاجتماعية في جامعة أكسفورد عام (2004م) وكرسي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد للدراسات العربية المعاصرة في جامعة كامبردج عام (2005م) وفي جمهورية الصين الشعبية تم إنشاء كرسي السلطان قابوس لدراسات اللغة العربية في جامعة بكين عام (2007م) وذلك لتحقيق عدد من الأهداف أهمها التعريف بالأدب العربي والإسلامي للمجتمعات غير العربية وتقديم مساهمة متميزة في تدريس اللغة العربية وتطوير الدراسات الإسلامية وتشجيع البحوث المرتبطة بهما خاصة ذات الصلة بعمان والمساعدة في تدعيم المكتبات الخاصة بأقسام اللغة العربية في هذه الجامعات بمصادر تسهم في رفع الوعي باللغة العربية وآدابها.


أما في مجال الديانات الابراهيمية والدراسات الشرقية فقد تم إنشاء كرسي سلطان عمان للدراسات الشرقية بجامعة لايدن الهولندية عام (2008م) وكرسي السلطان قابوس للدراسات الشرق أوسطية بجامعة طوكيو اليابانية عام (2010م) وفي عام (2011م) تم إنشاء كل من كرسي جلالة السلطان قابوس للديانات الابراهيمية والقيم المشتركة في جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة وأستاذية السلطان قابوس لدراسات الشرق الأوسط في كلية وليام وماري بالولايات المتحدة الأمريكية وذلك بهدف التدريس وإجراء البحوث في مجال الدراسات الشرقية في الجوانب التاريخية والثقافية والحضارية وكذلك المساهمة في تطوير المعرفة والتفاهم في مجال دراسة الديانات الإبراهيمية وقيمها المشتركة في ظل التحديات المعاصرة.


وفي أعقاب نيل حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه الجائزة الدولية للسلام في عام (1998م) بادرت جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية بمقترح لإنشاء كرسي في مجال العلاقات الدولية عرفانا بحكمة جلالته ودوره المشهود في إرساء دعائم السلام ومساندة الجهود الخيرة والهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار العالمي فتم إنشاء أستاذية السلطان قابوس بن سعيد في العلاقات الدولية بجامعة هارفارد في عام (1999م) وذلك لترسيخ وإشاعة منهج الحوار البناء ومفاهيم السلام وحسن الجوار المستمدة من فكر جلالته حفظه الله وخصوصية المجتمع العماني المحب للسلام ليكون منطلقا لتطوير مفاهيم العلاقات الدولية المعاصرة بعيدا عن العنف والكراهية والتمييز.


ولتقنية المعلومات نصيب من كراسي السلطان قابوس العلمية ففي جمهورية باكستان الإسلامية تم إنشاء كل من كرسي السلطان قابوس لتقنية المعلومات في جامعة الهندسة والتكنولوجيا بلاهور عام (2004م) وكرسي السلطان قابوس لتقنية المعلومات في جامعة نيد للهندسة والتكنولوجيا بكراتشي عام (2005م) وذلك بهدف تشجيع البحوث التقنية ورفع مستوى التخصصات العلمية في مجال تقنية المعلومات وتدعيم أقسام الجامعتين بالأجهزة الإلكترونية الحديثة ووسائل الاتصال المتطورة وربطها مع المؤسسات التعليمية العالمية في إطار التبادل المعرفي.


ونظرا لأهمية موضوع المياه لمختلف دول العالم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام والسلطنة بشكل خاص فقد تم إنشاء كل من كرسي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد للاستزراع الصحراوي في جامعة الخليج العربي بمملكة البحرين عام (1994م) و/كرسي السلطان قابوس للإدارة الكمية للمياه في جامعة اترخت الهولندية عام (2005م) ولذلك لتدريس وإجراء البحوث ذات العلاقة بالإدارة المثلى للمياه للمساهمة في التنويع الاقتصادي والتنمية في السلطنة وفي مختلف دول العالم ودعم مسيرة الجامعتين وتحقيق أهدافهما وتوجهاتهما المستقبلية في مجال أبحاث الزراعة الصحراوية وإدارة المياه من أجل تنمية مستدامة.


ومن أجل تقديم السلطنة مساهمة مهمة لتطوير المعرفة في مجال الرياضيات وفق المستويات العالمية وتعزيز التعاون المشترك وانتقال وانسياب المعلومات بين الدول والمؤسسات العلمية في هذا المجال وإبراز مساهمات السلطنة في الدراسات المتعلقة بالعلوم التطبيقية وخاصة الرياضيات استنادا الى رؤية جلالته حفظه الله ورعاه واهتمامه البالغ بهذا الشأن فقد تم في عام (2014م) انشاء زمالة السلطان قابوس للرياضيات بكلية كوربوس كريستي في جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة.


وبهدف تشجيع التعاون العلمي بين كراسي واستاذيات وزمالات السلطان قابوس العلمية والمؤسسات العلمية والبحثية العمانية وتسليط الضوء على الأنشطة والبرامج التي تقوم بها وإسهاماتها المختلفة في المجالات المعنية بها يتم كل عامين عقد ندوة لكراسي السلطان قابوس العلمية حيث تم حتى الآن عقد ثلاث ندوات علمية كانت الأولى في جامعة السلطان قابوس بمسقط عام (2010م) وذلك تحت عنوان كراسي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم العلمية وإسهاماتها في تنمية المعرفة الإنسانية واقيمت الندوة الثانية في جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة في عام (2012م) وكانت بعنوان إسهامات رائدة في دراسات الشرق الأوسط وفي عام (2014م) استضافت جامعة طوكيو باليابان الندوة الثالثة تحت عنوان إدارة موارد المياه لتنمية مستدامة وذلك وسط اهتمام رسمي وأكاديمي كبيرين.


الجدير بالذكر أنه تم في عام (1998م) إنشاء وحدة الدراسات العمانية في جامعة آل البيت بالمملكة الأردنية الهاشمية وذلك بهدف التعريف بعمان انسانا وحضارة وفكرا وتعزيز فرص التواصل بين المهتمين بالدراسات العمانية وتشجيع التعاون الثقافي والبحثي وتبادل الخبرات بين المؤسسات العلمية وعقد الندوات وحلقات العمل باستضافة المختصين في هذا المجال.وتتولى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ممثلة بمكتب الإفتاء مسؤولية الإشراف على هذه الوحدة.

 الأزياء النسائية العمانية
 
و يشكل التراث الشعبي وجدان أي أمة وهو يجسد كل ما يتعلق بالهوية الوطنية.
   وقد أدركت السلطنة منذ فجر نهضتها المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم  حفظه الله ورعاه قيمة الإسهام العماني في الحضارة الإنسانية وأهمية التراث ودوره في الحفاظ على أصالة الشخصية العمانية من ناحية وكركيزة لبناء الدولة العصرية من ناحية أخرى.
   ومثلما تتنوع جغرافية السلطنة وطبيعتها عبر أوديتها وأفلاجها وحاراتها القديمة تتفرد الأزياء العمانية التقليدية عن غيرها من الأزياء بحشمتها وجمال ألوانها وأشكالها وتفرد حياكتها وبساطتها وأسلوب لباسها.
 
   ويأتي تدشين كتاب (كنوز المرأة العمانية .. بين الأصالة والمعاصرة) الذي صدر مؤخرا للسيدة زكية بنت حمد بن سعود البوسعيدية ليبرز ذلك التنوع والجمال والثراء في أزياء المرأة العمانية وحليها التقليدية.
 
   تقول السيدة زكية البوسعيدية إن السلطنة بحكم موقعها الجغرافي تتميز بتنوع بيئاتها التي أثرت وساهمت في تنوع الأزياء الخاصة بالمرأة العمانية فتميزت بثرائها وجمال ألوانها وأشكالها وهي تمثل عراقة المجتمع وأصالته وحضارته وأنماط حياته.
   ووضحت أن للأزياء العمانية مكانة خاصة ومميزة فإلى جانب اتصافها بالبساطة والأناقة فهي تتميز بخصوصيتها النابعة من البيئة المنتسبة إليها بالإضافة إلى تأثرها بالشعوب الأخرى من خلال تواصل عمان الحضاري فكان جزء من جماليات تلك الأزياء نتاج هذا التواصل " مشيرة إلى أن الكتاب بمجلديه تضمن كل ما يتعلق بالأزياء الخاصة بالمرأة العمانية وكيفية حياكتها وطريقة لبسها وتزينها إيمانا بأهمية تجميع كل ما يتمحور حول الإرث العماني الأصيل الخاص بالمرأة العمانية سواء كان ذلك خاصا بالأزياء العمانية والأقمشة أو بالحلي والبخور والأعشاب العطرية.
 
   وعبرت عن شكرها لكلية الزهراء للبنات الراعية والداعمة لهذا الكتاب معربة عن أملها في أن يكون الكتاب مرجعا ودليلا للباحثين والمهتمين وأن ينال مكانته بين الكتب المهتمة بالموروث العماني.
   ويقع الكتاب في مجلدين ويحوي ما يقرب من ألف وثلاثمائة وسبعين صورة ملونة حيث يقع المجلد الأول في 363 صفحة ويضم الباب الأول أزياء المرأة العمانية في محافظة مسقط والباب الثاني الأزياء العمانية في محافظتي شمال وجنوب الباطنة والباب الثالث في أزياء محافظتي البريمي ومسندم والباب الرابع في أزياء محافظة الظاهرة والباب الخامس في الأزياء المرأة العمانية في محافظة الداخلية والباب السادس في أزياء محافظتي شمال وجنوب الشرقية .. ويضم المجلد الثاني الذي يقع في أزياء المرأة العمانية في محافظة الوسطى (الباب السابع) ويضم الباب الثامن أزياء محافظة ظفار.
 
   ويتحدث الباب التاسع عن الأزياء والحلي الخاصة بالأطفال والباب العاشر حول الحلي الفضية القديمة بينما يتحدث الباب الحادي عشر حول أدوات ومواد الزينة ويتضمن الباب الثاني عشر معلومات حول الأقمشة التي تحرص المرأة العمانية على اختيارها. كما يضم الكتاب جداول لمصطلحات ومفاهيم لغوية شملت المصطلح المحلي ومقابله في اللغة ومعناه اللغوي.
 
   وقد قدم للكتاب صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة الذي وضح أن هذا الإصدار يختزل بين جنباته ذلك التنوع الثقافي الزاهي بين أنماط الزي النسائي للمرأة العمانية والنمط الجميل للحلي العمانية بمختلف تشكيلاتها البهية مؤكدا أن هذا الكتاب يشكل إضافة ثرية لصالون الأزياء العمانية في هذا العهد الزاهر.
   وثمن جمال بن حسن الموسوي القائم بأعمال مدير عام المتحف الوطني ما تضمنه كتاب (كنوز المرأة العمانية.. بين الأصالة والمعاصرة). وقال إن الكتاب يشكل مادة مهمة وتطوافا جميلا في ملابس المرأة العمانية وحليها التقليدية في كافة محافظات السلطنة.
 
   ويشير الموسوي إلى أن الكتاب الذي وثق لذلك الثراء الذي تمتلكه المرأة العمانية واحتفاء المتحف الوطني العماني بتدشين إصداره الأول جاء اكمالا  للدور الذي يقوم به المتحف الوطني في الجانب المتصل بالمحافظة على مكنونات الصناعات الحرفية لعمان ومن بين تجليات تلكم الصناعات الحرفية اللباس التقليدي وزينة المرأة العمانية حيث اتخذ المتحف الوطني في السنوات الست الماضية عددا من المبادرات في هذا السياق على مستوى السلطنة من خلال تكليف أمهر الحرفيين في هذه المجالات لجرد وحصر وتوثيق الملابس والحلي العمانية التقليدية وتكليف أبرز الصناع على مستوى السلطنة لعمل تصاميم للمتحف الوطني بحيث يتم عرضها وحفظها للأجيال القادمة كون أن الملابس والحلي التقليدية تعتبر من المفردات التي توثق للهوية العمانية وجزءا رئيسيا من هذه الهوية.
 
   وتحدث الباب الأول من الكتاب عن أزياء المرأة العمانية وحليها في محافظة مسقط وأشار إلى أن لكل ولاية من ولايات المحافظة الست خصوصيتها في الزي النسائي بالرغم من تشابه طرائق التفصيل والخياطة والتطريز مما يبرز تميز المرأة العمانية وتفننها في جمال ألوانها.
 
   تقول المؤلفة إن السوق الرائجة للصناعات التقليدية بمسقط كصناعة الذهب والفضيات وتجارة الأقمشة والمواد المختلفة أسهمت في رفد أفكار المرأة العمانية عبر استيراد مختلف الأقمشة من الحراير والبريسم والمزراي والأطلس وغيرها من أنواع الأقمشة التي تتميز بألوانها وأشكالها حتى أصبحت الأسواق الخارجية المصنعة لأنواع الأقمشة تدرك الأذواق الخاصة بالمرأة العمانية.
 
   وتضيف أن أزياء المرأة العمانية في محافظة مسقط تتعدد في الأشكال وتتقاطع في المكونات الأساسية لها وتوجد ثلاثة أنواع رئيسية لتلك الأزياء وهي العماني والبلوشي واللواتي وتختلف هذه الأنواع من حيث تصميمها وتطريزها وموادها بل تختلف في طرائق ارتدائها. وتناولت المؤلفة تلك الأنواع الثلاثة بالتفصيل وأنواعها وحليها.
 
   ويتم تزيين دشداشة المرأة العمانية في أبرز الأماكن التي تظهر جمال المرأة وذوقها إذ يكون التزيين على الشق وهو في صدارة الدشداشة وعلى القامة والترز ويطلق عليها النجاد الذي يتم تزيينه طوليا للدشداشة حسب قامة المرأة وطولها. كما يتم تزيين المحيط السفلي للدشداشة ويطلق عليه ذيل الدشداشة وتزين الأكمام.
 
   وتلبس المرأة العمانية في محافظة مسقط إضافة الى الدشداشة وثوب الرجل (السروال) الوقاية وهي عبارة عن غطاء للرأس بطول 3 أمتار وعرض متر واحد ويكون لونها مخالفا للون الدشداشة مزينة على الأطراف. كما يلبس اللحاف مع الوقاية بديلا عن الليسو وهو عبارة عن قطعة من القماش من نفس لون الدشداشة أو من لون قريب من ألوانها بطول مترين وعرض متر واحد وقد تضعه المرأة على رأسها أو تلفه على أكتافها بحيث تظهر زينة الأكمام والحلي.
 
   وحول حلي المرأة في محافظة مسقط تحدثت الكاتبة عن حلي الرأس الشنبر والغوص والعقام وحلي الصدر والقلائد ابرة فتحة الرقبة والمراري وحلي اليد حب الهيل والبنجري المشوك والخواتم وحلي القدم الحجول والفتخة.
 
   وحول الأزياء النسائية في محافظتي شمال وجنوب الباطنة قالت مؤلفة كتاب (كنوز المرأة العمانية .. بين الاصالة والمعاصرة) إنها تنقسم إلى 6 أزياء حيث يتكون الزي الأول من الدشداشة المصدرة والسروال المصدر ووقاية سوداء بحظية أو بدون حظية والشيلة المرتوقة بحظية أو بدون حظية والبرقع.
   ويتكون الزي الثاني من الدشداشة والسروال المصدر وثوب العود وشادر طرح بينما يتكون الزي الثالث من الدشداشة والسروال والوقاية والليسو فيما يشتمل الزي الرابع وهو زي نساء ولاية السويق على الدشداشة السروال المصدر وقاية حظية وشيلة حظية والكدسة وهي عبارة عن شادر مطوي بطريقة معينة تضعه المرأة على رأسها ليعطيها الحشمة.
 
   أما الزي الخامس وهو لنساء ولايتي لوى وشناص فيتكون من الدشداشة والسروال والثوب والوقاية والزي السادس وهو الزي البلوشي في ولاية المصنعة ويتكون من دشداشة طويلة بدون سنجاف في الأسفل والسروال المصدر والوقاية التي تكون من لون الدشداشة أو السروال.
 
   وتقول السيدة زكية بنت حمد البوسعيدية إن الزي النسائي في محافظتي مسندم والبريمي يتكون من الدشداشة الكندورة والثوب والشيلة والبرقع والسروال والعباءة وتعتني المرأة في المحافظتين بالتصدير التطريز على الصدر وتطريز الأكمام للدشداشة وأيضا طرفي ساقي السروال.
 
   وتضيف أن البرقع مميز بشكله عن بقية محافظات السلطنة وتزين بعض البراقع بنجوم ذهبية تلبس في المناسبات وتسمى المشاخص وهي عبارة عن قطع دائرية يزين بها البرقع من الأعلى ومن جانبي الوجه ويثبت بخيوط لربطه خلف الرأس وتسمى هذه الخيوط بالشجب أو الشبج.
 
 وتتزين المرأة في المحافظتين بأنواع عديدة من الحلي تشمل حلي الرأس ومنها المجلة وتلبس مع الكواشي وهي حلي الأذن وتغطي جزء كبير منه وتتكون من حلقات دائرية مترابطة مع بعضها بواسطة سلاسل تربطها بأطراف الحلية وحلي الصدر القلائد وتشمل المرتعشة والمرية بأنواعها الطبلة وحلي تبس على الخصر تسمى حجب وحلي اليد حجول وخواتم وزينة الكف وأساور.
 
   وتطرق الباب الرابع من الكتاب على الملابس النسائية في محافظة الظاهرة حيث إن لباس المرأة هناك يتكون من الدشداشة الكندورة والسروال والوقاية والشيلة جلبوب والعصابة والبرقع وهناك خمس تسميات لدشداشة المرأة حسب نوع التطريز المتعارف عليه أو التزيين الذي يوضع عليها مثل كندورة مخورة وكندورة مخوصة وكندورة فحايح كما أن هناك 4 أنواع للبرقع تشمل برقع الحروف والبرقع السادة وبرقع عمدان والبرقع المسنجف.
 
   وفيما يتعلق بالحلي الفضية والذهبية التي تلبسها النساء في محافظة الظاهرة فأشار هذا الباب إلى أنها تشمل إضافة إلى الخواتم والقلائد الحرز المسلسل والمخنق، والبتل والختمة فهناك حلي الرأس وتشمل الشغبان بشماريخ وتشمل حلي الأذن الشغاب وحلق مع جلاجل وحلق بدون جلاجل وحلي الأذن ومنها البدلة والبلاغة ومن حلي اليد البنجري المشوك والبنجري بونجوم والعضد وحلي القدم النطلة والفتخة.
 
   وفي محافظة الداخلية أشارت المؤلفة في الباب الخامس إلى أن المرأة تعتمد في تزيين الدشداشة على خيوط التلي التي كانت تصنعها بنفسها وبعض الغرز المعروفة مثل المراير وهي تتحكم فيها من حيث الخيوط وألوانها واتجاهات الغرز حسب الشكل المطلوب بينما يطلق على السروال (الميزر) وهو ثلاثة أنواع تزين من الأسفل بأنواع عديدة من أشكال التطريز ويغطى الرأس بالوقاية المزينة وهي عدة أنواع أو الشيلة أو الليسو ليسو الحظية.
 
   وحلي المرأة في محافظة الداخلية تتنوع بما يتناسب مع أزيائها وتتشابه مع المحافظات الأخرى ومن أبرزها البدلة وتلبس في الأنف والعقام لتثبيت اللحاف على الرأس والشنبر ويلبس في مقدمة الرأس وفي الصدر يأتي الزراد والسمط والحرز المسلسل والختمة وابرة فتحة الرقبة إضافة الى الحلي الأخرى كالبنجري والخواتم بأنواعها وأخيرا النطلة في القدم.
 
   وتحدثت المؤلفة في الباب السادس حول ملابس المرأة في محافظتي شمال وجنوب الشرقية وأوضحت أنها تميزت من حيث أناقتها الجميلة وألوانها الزاهية التي تعبر عن الذوق العام للمرأة من حيث تنوع الألوان وبروز الزخارف المتوفرة على الأقمشة وتغلب عليها النقوش الفضية والذهبية والأشكال المتنوعة بحيث يتناسق مع أناقتها إثناء اللبس والحلي المستخدمة.
 
   وأشارت إلى أن اللباس الصوري نسبة إلى ولاية صور يتكون من الدشداشة وثوب قبعة يلبس عليها والسروال أو البسطة وشادر طرح وقدمت شرحا مفصلا لها من حيث تفصيلها وخياطتها والغرز المستخدمة فيها.
 
   وتطرقت أيضا الى الحلي التي تلبسها المرأة في ولاية صور وقالت إنها تشتمل على حلي الرأس الشمروخ والدهر والسفة والسفيفة وحلي الأذن العوص والبدلة والقلائد وتلبس بأطوال مختلفة وأشكال من الحروف وأشكال بيضاوية وحلي اليد البناجري والمجافين والخواتم وحلي القدم.
   وأوضحت أن أزياء وحلي المرأة العمانية في ولايات محافظة جنوب الشرقية الأخرى الكامل والوافي وجعلان بني بوعلي وجعلان بني بو حسن تتشابه مع زي المرأة في ولاية صور في جميع مكوناتها مع اختلاف بعض المسميات.
 
   وبينت أن لأزياء محافظة شمال الشرقية هويتها الخاصة التي تختلف عن أزياء محافظة جنوب الشرقية من حيث الخياطة والتفصيل والأسماء وطريقة اللبس وتعتبر أزياء المرأة العمانية في ولاية بدية مزيجا من أزياء المرأة في محافظتي شمال الشرقية وجنوبها ومن أهم الأجزاء المجنع ويلف حول الرأس ويغطى به الصدر حيث يستره والظهر وأسفله ويثبت على الرأس بنوع معين من الحلي يسمى الشكمة وتكون إما من الذهب أو الفضة.
 
   ومن حلي المرأة في محافظة شمال الشرقية النسعة وتلبس على الرأس والحلق والمشامل والعذار والمنثورة والحزام والراعي إضافة الى القلائد والخواتم والحجول.
   وتضمن المجلد الثاني بابا حول أزياء المرأة العمانية في محافظة الوسطى وهي من البيئات البدوية ويشتمل الزي البدوي على الدشداشة وثوب القبعة والسروال واللحاف والبرقع الذي تتعدد أشكاله.
 
   ومن حليها الشابوك ويوضع على الرأس والغلاميات والمشل والقلائد البدوية (الشكة والدج والراعي والدههر واللكداني والمرية) وحلي اليد.
   وتناول الباب الثامن أزياء المرأة العمانية في محافظة ظفار حيث أوضحت مؤلفة الكتاب أن أنماط تلك الأزياء تختلف في بيئات ظفار الثلاث الساحلية والجبلية والبادية أو النجد وتتكون أزياء المرأة الظفارية من ثوب أبو ذيل وهو ثوب واسع فضفاض ويرتفع من الأمام إلى نصف الساق بينما من الخلف فهو طويل بمقدار الشبرين ومن أغطية الرأس المقنع والليسو والشقة والسروال.
 
   وحلي المرأة الظفارية متعددة ومنها الحلي المزينة للرأس والشعر وأهمها الخرقة التي تشتمل على جسم الخرقة والعوالي والجوانب والذيلة والعثاكيل والسبايب والعصابة وحلي الانف وحلي الآذان معاجل وقراقر والسلس والقلايد وحلي اليد والأرجل.
 
   وتطرق الباب التاسع إلى الأزياء والحلي الخاصة بالأطفال وأشارت مؤلفة الكتاب إلى أن الاهتمام بأزياء الأطفال وحليهم وبخاصة البنات يعتبر شيئا مهما فهو يظهر براعة الأمهات في الابتكار والاختيار.. كما انه سينعكس مستقبلا على تنمية الذوق لدى الأطفال ويجعلهم أكثر حرصا على انتقاء المناسب من اللبس وما يكمله من الحلي والاقتداء بأمهاتهن وبالتالي سينشأ جيل يتمتع بذوق عال وحس مرهف.
 
   ومن ملابس الأطفال الكمة بأشكال متعددة ونقوش مميزة ومزينة بقطع من الذهب والفضة والدشداشة المطرزة والمصغرة من دشداشة المرأة والسروال.
   واهتم الباب العاشر بالحلي الفضية القديمة بينما أجمل الباب الحادي عشر أدوات ومواد زينة المرأة العمانية وأشار إلى أنه يوجد في السلطنة العديد من أنواع الأشجار والزهور والنباتات العطرية التي قامت المرأة العمانية بجمعها وتصنيفها وخلطها حتى تنتج خلطات عطرية جميلة سواء كانت سائلة عن طريق التقطير أم جافة وتعتبر هذه العطور أساسية خاصة في تكريم الضيوف. وفصل هذا الباب الأعشاب المستخدمة للوجه والجسم والشعر والعيون والبخور وأدوات الزينة وأدوات الضيافة.
 
   وتحدث الباب الثاني عشر حول الأقمشة وأنواعها ومنها أقمشة الدشداشة والثوب القبعة وأقمشة البسطة والليسو والتلي وشرائط تزيين الملابس العمانية النسائية.
 
 
 قراءة في كتاب عمان فجر جديد 
 
  يأتي اصدار  كتاب (عمان فجر جديد) المواءمة بين الأصالة والمعاصرة للبروفيسورة الأمريكية ليندا باباس فانش الذي نشره مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية وقام بترجمته ناصر بن سعيد الكندي ليضيف للمكتبة العمانية والخليجية والعربية والعالمية مزيدا من الوثائق والدراسات العلمية والحقائق التي اجتهدت المؤلفة في البحث عنها وتطمينها في هذا الكتاب لكي تجعل الباحث والقارئ للتاريخ العماني أمام مشهد مضيء لعمان الأصالة والمعاصرة بحقائقه التي لا يمكن ان تتغير او تتبدل بشيء آخر.
 
   يناقش الكتاب بنسخته العربية في ثلاثمائة وست وثلاثين صفحة وفي نسخته الإنجليزية في مائتين وخمس واربعين صفحة العوامل المختلفة التي أخرجت عُمان من ظلمات القرون الوسطى حسب تعبير المؤلفة، ونقلتها من أرض لا يعرف عنها العالم الخارجي الكثير إلى دولة مدنية حديثة خلال فترة لا تتعدى جيلين فحسب. 
 
   ويحلل الكتاب التفاعلات التي مكنت هذا البلد العريق من شق طريق التحول بسلاسة وتميز من هامش الركود والعزلة إلى قوة إقليمية استراتيجية دون أن يخسر بالمقابل هويته الوطنية ورغم الحداثة المتنامية يتبع العمانيون نموذجا للتنمية من صياغتهم وهو نموذج يعكس تاريخهم الفريد ويضع أهمية خاصة على الاستقلالية والأصالة الثقافية عوضا عن التقليد الأعمى لكل ما هو غربي.
 
   ورأت المؤلفة انه استنادا على بحوث أولية وثانوية وملاحظات مستقلة ومقابلات وبيانات واستطلاعات ميدانية يستخلص هذا الكتاب أن عمان اذ تبقى وفية لجذورها الحضارية تتبع مسار حداثة سياسية واجتماعية ممزوجة بالتقارب الثقافي والديني ويضعها في موقع فريد كوسيط مؤثر على الساحة السياسية الدولية في القرن الحادي والعشرين. ويقدم الكتاب الدلائل على أن وعيا وطنيا متميزا يستند على الفهم العميق لإرث تاريخي فريد قد ساهم في تطور مجتمع متفائل إلى نحو ما ومترابط يظل - مع تنوعه الثقافي واحتضانه للمعتقدات الأخرى - ثابت العزم في تأكيد هويته العربية الإسلامية إذ يمضي نحو العصر الحديث بثبات وفكر وخطى واثقة.
 
   وبينت البروفيسورة ليندا ان المهندس المعماري لهذا التحول هو حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه الحاكم المجيد الذي يحظى بحب واحترام واسعين وألهم شعبا كانت قد أوهنته حوادث الدهر وقام بتوحيده نحو هدف مشترك في ظل قيادته عبر أكثر من أربعة عقود تمكن السلطان قابوس من تحويل الحطام وبناء بلد ليس حديثا فحسب بل ومحافظا أيضا في أساسه على إرث الأعراف والتقاليد التي يكن لها الشعب العماني المحبة والوفاء.
 
   يبدأ تحليل رحلة السلطنة الفريدة من نوعها في الفصل الأول المعنون "جاذبية عمان" ويناقش موقع البلاد المتميز في منطقة الشرق الأوسط على تقاطع طرق التجارة القديمة والحديثة البرية منها والبحرية.
 
   إن الحكمة المعروفة التي تقول إن "الجغرافيا قدر" تنطبق في وصف عمان -تاريخيا في هذا العصر وفي المستقبل. يستقصي هذا الفصل دور عمان المهم في الاقتصاد العالمي منذ القدم والذي كثيرا لا ينال نصيبا كافيا في الاعلام ويشمل تاريخها البحري المجيد الذي اتسم بعلاقات مع بلدان نائية وشعوب بعيدة وهو تاريخ لم يساهم فقط في تكوين نسيج متنوع من الاعراق واللغات في عمان بل وساهم أيضا في تشكيل سمة الانفتاح على مجتمعات وثقافات أخرى والمبدأ القائل إن "الحاضر يستقي من الماضي" ينطبق تماما على عمان.
 
   ويوفر الفصل الثاني الموسوم "التمهيد: عمان قبل 1970" الإطار التاريخي لنهضة عمان الحديثة. ويتتبع هذا الفصل المليء بحكايات الفتوحات وبناء الامبراطورية والمواجهات البطولية والنجاحات الدبلوماسية تاريخ عمان منذ بداياته إلى حكم قبيلة آلبوسعيد العريقة وهي من أقدم الأسر الحاكمة في العالم. ويبرز الفصل الانجازات المهمة في تاريخ البلاد والقصص الملهمة لأهم الشخصيات في تاريخها وهو أمر ضروري لفهم تشكل الشخصية العمانية الحديثة كما هو ضروري لفهم التعامل الفريد للسلطنة مع الشؤون الإقليمية والعالمية.
 
   اما موضوع الفصل الثالث المعنون "قابوس بن سعيد: رجل النهضة"، فهو رحلة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه الذي استلم مقاليد الحكم في عام 1970 وهي قصة ثرية مليئة بالنجاحات الباهرة. يبدأ الفصل بمعاينة حياته في بداياتها ونشأته. ويتم التمعن بعمق في المهمة الكبيرة التي واجهت قائد البلاد الذي لم يتم امتحانه إلى حينها في بداية رحلة عمله في عام 1970. وتفتح مواجهته التحديات العديدة نافذة للتعرف على شخصيته الهادئة ورسالته التي أمعن فيها الفكر وكفاءة نسق قيادته للبلاد.
 
   ويفتتح الفصل الرابع المعنون "بناء مجتمع مدني" بمناقشة التعليم والرعاية الصحية وهما "الركيزتان التوأم" في استراتيجية التنمية الوطنية بعمان. والأمر الأكثر إثارة للاعجاب هو السجل الباهر لنجاح البلاد في هذين القطاعين الحيويين - عبر المستويين الحكومي والخاص - للوصول إلى كل شريحة من المجتمع العُماني.
 
   أما المؤسسات الحديثة التي تكافئ الإبداع والريادة في العمل التجاري ضمن وسط ثقافي يمكن إدراكه وهي مؤسسات متوافقة مع التقاليد وتوفر إطار عمل لاقتصاد متنوع ومستدام فهي موضع نقاش الفصل الخامس المعنون "بناء اقتصاد حديث". وإذ تتأمل عمان النضوب الذي لا مفر منه لاحتياطيها من النفط يبرز هذا الفصل المواضيع الجوهرية المتمثلة في التنويع الاقتصادي والتوظيف الأكبر للقوى العاملة العمانية والتوسع المهم للقطاع الخاص. ويتم عرض مساهمة التشجيع الحكومي الثابت للريادة في العمل التجاري والاستثمار ومن ضمنها الحوافز المجزية والضمانات القانونية في إيجاد بيئة محفزة للعمل التجاري.
 
   ويسلط الفصل السادس الضوء على "العلاقات الخارجية: سياسة الاحترام المتبادل." حيث حافظت السلطنة على تقاليد جديرة بالاحترام أساسها الصداقة والتعاون مع كل من الأصدقاء في الغرب ومن ضمنهم بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية والتي تشترك معهما بروابط ثنائية تعود إلى أكثر من قرنين ومع أصدقاء في الشرق مثل إيران التي تشترك معها بروابط تاريخية متلاحمة. وبما أن سجل العلاقات الثنائية بين عمان والمملكة المتحدة تم التطرق إليه في فصول سابقة من الكتاب وسيبرز هذا الفصل تاريخ صداقة عمان مع الولايات المتحد وهو تاريخ يمتد حتى يومنا هذا.
 
   وتحت عنوان "الفرص والتحديات في القرن الحديث" يناقش الفصل الأخير مشاركة المواطنين الشباب في عمان القرن الحادي والعشرين وتطلعاتهم ومخاوفهم. كما يشرح هذا الفصل كيف استجاب جلالة السلطان المعظم المحفز الأول للشباب في خطاباته وكيف كان  يرسم الخطوط العريضة للإجراءات المحددة التي اتخذها لجعل الشباب عنصرا مساهما و فعالا في المجتمع العماني.
 
   وتؤكد المؤلفة في ختام ملخصها للكتاب بالقول إن هذا الكتاب صمم ليبرز إلى أي درجة نموذج عمان للحداثة فريد خاصة بين جيرانها ويعكس تقاليدها المتميزة وتاريخها الفريد. ويتتبع النهضة العمانية منذ فجر ولادتها من أجل إثبات أن رحلة الميلاد الجديد للبلاد تمضي في خطوات واثقة رغم التحديات الكامنة. وبالنظر إلى تراث عمان المنفرد فمن المعقول أن العمانيين سيمضون قدما مسترشدين بالحداثة الثقافية الأصيلة التي اتسم بها دخولهم القرن الحادي والعشرين مدفوعين بحس ثابت بالهوية الوطنية ومحتضنين للمستقبل بثقة هادفة.
 
 التاريخ الشفوي في السلطنة وتوثيقه
 
يعد التاريخ الشفوي حقلا تاريخيا اسطوغرافيا يتيح للمؤرخ توسيع مجال البحث ودراسة الماضي من خلال ذاكرة منطوقة قوامها روايات الأفراد واستحضاراتهم عن حيواتهم وخبراتهم ومشاهداتهم ولا سيما تلك التي شاركوا فيها وكانوا صانعي أحداث أو قريبين منها أو معاصرين لفترة زمنية محددة ولم تجد هذه المعلومات والمعارف طريقا إلى التدوين والتوثيق والكتابة.
 
   ويمثل التاريخ الشفوي في السلطنة الذي تعمل على استقصائه حاليا هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مصدرا لكثير من المعلومات والمعارف التي تتناقلها الأجيال وترويها الشخصيات المعاصرة للمشاهد والأحداث وتسعى الهيئة إلى حفظ جانب من الإرث والمخزون العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأدبي الذي تختزنه الذاكرة البشرية وتحتفظ به ذاكرة العديد من أبناء هذا الوطن ممن كان لهم دور مهم في تلك المجالات وغيرها أو من الذين عاصروا التطور الذي تعيشه البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.
 
   ومن المقرر أن تحتفل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في التاسع والعشرين من مارس الجاري تحت رعاية معالي الشيخ سعود بن سليمان بن حمير النبهاني مستشار الدولة بفندق جراند هرمز بتكريم الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفوي بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة احتفاء برواة التاريخ الشفوي الذين سجلوا روايتهم الشفوية عبر المقابلات الشخصية التي أجراها فريق عمل المشروع بالهيئة لعدد من أصحاب الفكر والتجربة والمحفوظات الوطنية وتثمينا لجهودهم. وكانت الهيئة قد احتفت بالدفعة الأولى في يونيو من عام 2015.
 
   ويشتمل برنامج حفل تكريم الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفوي على كلمة لسعادة الدكتور رئيس الهيئة وكلمة للرواة وعرض فيلم قصير حول التاريخ الشفوي (لكل زمان حكاية). كما سيتم عرض ثلاثة أفلام حول الرواة الذين تم التسجيل معهم لتوثيق التاريخ الشفوي.
 
   وقال الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي مدير دائرة البحوث والدراسات في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ومشرف مشروع التاريخ الشفوي في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن اهتمام الهيئة بهذا المشروع يأتي ايمانا منها بأهمية توثيق تاريخ عمان التليد من خلال حفظ الرواية الشفوية وهو إضافة جديدة ومركز اشعاع مهم للمعرفة البحثية، ويعد من الركائز الأساسية في توجه الهيئة لتكوين بيئة داعمة للبحث العلمي وقادرة على الإسهام الفاعل في حفظ ذاكرة الوطن ولضمان بقائها كرصيد تاريخي حي للبلاد من خلال اجراء المقابلات التوثيقية مع صناع الحدث أو المشاركين فيه أو مع اصحاب الفكرة والتجربة اليومية.
 
   وأضاف الخروصي أن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قد أطلقت في عام 2012 مشروع توثيق تاريخ السلطنة الشفوي المروي الذي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية إلى جانب الوثيقة المكتوبة سعيا منها في حفظ هذا التاريخ حيث تم تشكل فريق عمل متخصص ومدرب في مجال التاريخ الشفوي ومجهز بكل الأدوات الفنية والتقنية التي يحتاجها العمل وأنشأت الهيئة في مقرها من أجل هذا المشروع أستوديو مخصص لإجراء المقابلات والحوارات والبث الحي ومجهز بأحدث الأجهزة والأدوات والتقنيات المتطورة في عالم التسجيل والتصوير.
 
   ووضح أن العمل في مشروع التاريخ الشفوي سينتج عنه وثائق وملفات تستدعي ان يكون تصنيفها وفق نظام إدارة الوثائق الذي تضطلع به الهيئة ولكي يتم التعامل بكل سهولة ويسر مع المواد العلمية والتسجيلات والمقابلات وكذلك سهولة الرجوع إليها من قبل العاملين بالمشروع أو حتى الباحثين مستقبلا فالمشروع بحاجة إلى مراعاة عدة قواعد أهمها تصنيف المقابلات بما يتلاءم مع المضمون والمحتوى اجتماعيا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا واداريا وفنيا وغيرها وتفريغ المعلومات المقابلات من الصيغ الرقمية إلى مادة كتابية مطبوعة وكذلك مراجعة المادة المفرغة وتقييمها لغويا وعلميا من قبل لجنة مختصة أو باحثين مؤهلين للتعامل مع نصوص المقابلات والحوارات الشفوية أيضا التأكد من سلامة الأجهزة المستخدمة في المقابلات والتأكد من نقل المقابلات من أجهزة المتعاونين إلى أجهزة الهيئة لضمان سريتها وعدم تسربها إلى خارج الهيئة و تهيئة الأماكن المكاتب المناسبة لإدخال البيانات وإجراء عمليات التفريغ وإعداد جداول مدد استبقاء للمقابلات لضمان إتاحتها للجمهور بعد خضوعها لمراحل التدقيق والتحليل وفق قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان.
 
   وأضاف أن من القواعد أيضا عدم عرض المادة العلمية المستخلصة من المقابلات إلا بعد التأكد من سلامتها وجودتها وبعدها عن كل ما يثير بواعث الخلاف أو يسيئ إلى الآخرين سواء أكانوا أفرادا أو جماعات أو الإساءة إلى العادات والتقاليد أو جانب من الجوانب الحياتية.
 
   وقال إن اختراع الطباعة والتطور التقني لم يكن يغني عن التواصل الشفوي فالكلمة لا تزال وستظل الوسيلة الأسهل والأكثر فعالية في نقل المعارف والأخبار والأفكار وهناك الكثيرون لا يقدرون قيمة التاريخ الشفوي فعندما نتحدث عن التاريخ يجول في خاطرنا التاريخ المكتوب وتلوح بين ناظرينا الكتب والمؤلفات والوثائق والمجلدات والأوراق ويتم استبعاد الوثائق الشفوية.
 
   وأشار إلى أن "التاريخ من حولنا نجده بيننا أو في مجتمعنا وحتى بين أسرنا نجده في تلك الذكريات التي لا تزال بيننا من خلال الأشخاص سواء كبار السن أو أصحاب التجارب والخبرات فعندما نتحاور مع شخص من هؤلاء فيمكن للباحث ان يصدر كتابا من خلال سماعه أو نقله لمقابلة أو تجربة إنسانية وقف عليها وتحاور مع من كان فاعلاً فيها وشاهدا لها".
   الجدير بالذكر ان وزارة التراث والثقافة عملت أيضا خلال السنوات الماضية على تنفيذ مجموعة من البرامج لجمع التاريخ المروي العماني في مجال توثيق مختلف الموروثات الشعبية العمانية كالفنون الشعبية والعادات والتقاليد والاحتفالات المختلفة للمناسبات الاجتماعية والدينية والوطنية بالإضافة الى الحرف والصناعات التقليدية والعمارة العمانية.
 
 كتاب المبصرون في الشعر العماني
 
 اصدار يحمل بين طياته سيرة وقصائد ثمانية شعراء عمانيين فقدوا أبصارهم لكن لم تخفت بصيرتهم وملأوا الدنيا شعرا وحكمة وأشعلوا لمن أتى بعدهم مشاعل الإبداع غير أن تلك السيرة المختصرة والقصائد في كتاب المبصرون في الشعر العماني كتبت بلغة برايل للمكفوفين فكان الإصدار فرصة لعبور حدود اللغة الى عالم أوسع وأكثر فائدة.
 
   وفي حفل تدشين الكتاب الذي نظمته مؤسسة بيت الزبير قبل أيام احتفت المؤسسة وجمعية النور للمكفوفين ومعهد عمر بن الخطاب للمكفوفين بحضور معالي محمد بن الزبير بن علي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي بإصدار الطبعة الأولى من الكتاب الذي يقع في ثلاثين صفحة وتناول سيرة مختصرة وقصائد لثمانية شعراء عمانيين مكفوفين من حقب مختلفة وهم الشاعر راشد بن خميس الحبسي الشيخة عائشة بنت عيسى الحارثية الشاعر صالح بن سعيد الزاملي الشاعر عبدالله بن عامر العزري الشاعر ثابت قطنة العتكي الإمام نور الدين السالمي الشاعر الربيع بن المر الرستاقي والشاعر الصلت بن خميس الخروصي.
 
   وقال الدكتور محمد بن عبدالكريم الشحي المدير العام لمؤسسة بيت الزبير إن الكتاب جاء بمبادرة من مختبر الشعر الذي يعد من المختبرات الثقافية والأدبية التي دشنها بيت الزبير للمساهمة في رفد الحركة الثقافية والمشهد الثقافي في السلطنة وتتضمن هذه المبادرة مختبرات في مجالات الفنون التشكيلية المسرح والشباب والطفل وتضم نخبة من الفاعلين في المشهد الثقافي.
 
   وأضاف في تصريح  لوكالة الأنباء العمانية أن مختبر الشعر حرص منذ انطلاقته على تعزيز حركة الفعل الثقافي وابتكار روافد وبرامج مستدامة تسهم في ايجاد مشاريع ذات أهداف ومحتويات تخدم قطاعات مهمة في المجتمع وتتفاعل معه ومن بينها معرض الخط العربي الذي اقيم تحت عنوان رشقا من الديم وتضمن عددا من اللوحات المستقاة من الشعر العماني في المديح النبوي لثمانية خطاطين أظهرت مدى التكامل بين الشعر وفنون اخرى وتنفيذ مبادرة سفر فني في الشعر الروحي العماني والتي استوحي من خلالها لوحات فنية قام بها عدد من الفنانين التشكيليين من خلال زيارتهم للأماكن التي عاش فيها عدد من الشعراء العمانيين ومسابقة " من روح أطلال المدن" التي اقيمت تزامنا مع معرض مسقط للكتاب حيث تم اختيار صور فوتوغرافية مسوحاة من نصوص شعرية عمانية بالوقوف على الأمكنة المنسية والأطلال العمانية ومبادرة ثلاثين سدرة تحرس الجبل التي سيتم تدشينها قريبا وهي عبارة عن ثلاثين قصيدة لثلاثين شاعرا عمانيا سيتم ترجمتها الى اللغة الألمانية وأفكار أخرى قادمة.
 
   ومن جانبه قال الشاعر سماء عيسى المشرف على مختبر الشعر الذي يضم ايضا الشاعرة عائشة السيفية والشاعر خالد المعمري إن مختبر الشعر بمؤسسة بيت الزبير يهدف الى رفع الذائقة الشعرية إلى درجات من الحس الجمالي الذي يربط الشعر بروح العمانية المتنوعة وبمختلف أشكال التعبير الفني والثقافي كالتصوير الضوئي والخط العربي والفن التشكيلي والنحت والموسيقى والسينما والمسرح وغيرها.
 
   وأشار الى أن كتاب المبصرون في الشعر العماني يعد انجازا سيحمله الكفيف معه قارئا لتراث له يشار اليه بالبنان من الشعر العماني الخالد يمثل نخبة مختارة لشعراء من حقب تاريخية مختلفة وتمت الاستعانة بجمعية النور للمكفوفين ومعهد عمر بن الخطاب لتحويله الى قصائد مكتوبة بلغة برايل للمكفوفين.
 
   وقالت الشاعرة عائشة السيفية لوكالة الأنباء العمانية إن هذا المشروع "جاء في إطار عدة مبادرات سعت للخروج بمشاريع مختلفة نوعيا تتعدى حدود القاعات المغلقة والفعاليات المؤقتة الى مشاريع طويلة المدى وذات أثر بعيد" مشيرة الى أن الكتاب الذي تم الاحتفاء به جاءت فكرته " من منطلق تجسير الشعر مع شرائح المجتمع ومن بينها شريحة المكفوفين المهمة ولكي نرسل رسالة مفادها أن الحياة لا تتوقف وفقدان البصر لم يوقف هؤلاء الشعراء عن التحليق في عالم الخيال وجنون الشعر وجماله ونأمل أن يكون هذا الاصدار فرصة أولى لنعبر به حدود اللغة ولنحمل سيرة ثمانية شعراء من هؤلاء الخالدين ودهشة قصائدهم الى أبعد من القارئ العماني وحدود المكان والذاكرة العمانية ونريد أن نقول طوبي لأولئك الذين يخرجون من العتمة حيوات وشخوصا قمرا وسحابا يخرجون منها الإخضرار والشجر وكرنفالات من المشاهد المتحركة والخيالات التي لا تخبو جذوتها".
 
   ووضحت أن جذوة الشعر "هي ذاتها التي تشتعل في نفس الشاعر من أي جغرافية جاء ومن أي أرض بعث ولعلها تصبح أكثر أصالة وحساسية عندما ينطفئ شيء منه فيحاول رتق فراغه بالانصراف إلى الشعر".
 
   وأضافت "طوبى لأولئك اللذين ينامون على العتمة ويستيقظون عليها ولكنهم يرون الله فيها ويهجسون ويشكلون طرق أرواحهم وسط الفراغ الذي يملؤونه بالكثير من شعر الحكمة والتأني الذي اكتسبوه وهم يتحسسون بأياديهم الهواء والماء والطريق والانسان مما يجعلهم أكثر ارتباطا منا نحن المبصرون بالمكان والانسان فاذا ما انتفى الانس حولهم وودعهم الراحلون كتبوا أجمل القصائد حيث يقول الإمام نور الدين السالمي على فقد أحد أحبته:
 
صبرا على مضض المصارع فالدهر للأعمار قاطع
هون فان العمر في الانسان من بعض الودائع
كف المدامع أن تسيل فما عسى نفع المدامع
وأعلم بأن الدهر لا يصغى لحالٍ منك جازع
فصبر وإن مضت الافاضل في التراب وفي البلاقع
من عصبة كانوا قديـمًا نورهم في الخلق ساطع
محوا الضلالة بالجموع وبالبراهين القواطع
أجلوا حناديس دجنها بوقائع تتلو وقائع
أحيوا رسوم المجد من بعد انطماس كان فاجع".
 
   وتحدث إبراهيم بن حمدون الحارثي رئيس مجلس إدارة جمعية النور للمكفوفين عن أهمية مثل هذه المشاريع للجمعية وضرورة تكامل الجهود الثقافية بين المؤسسات الأهلية والحكومية والخاصة وقال: كتاب  المبصرون في الشعر العماني يتحدث عن كوكبة مضيئة في التاريخ العماني لم تقف الإعاقة حائلا بينهم وبين الابداع وتحقيق ما يصبون اليه بل أمدتهم بطاقة متجددة فجرت فيهم روح التحدي وتحقيق انجازات عظيمة عجز عن تحقيقها اقرانهم من المبصرين.
 
   وأضاف: "الاصدار يعتبر مفتاح التعاون بين الجمعية وبيت الزبير الذي لم يدخر وسعًا في تبني الفكرة وقام بإعداد الاصدار وجمع مادته وقامت الجمعية بتحويله الى لغة برايل ليتسنى للمكفوفين تصفحه والنهل من معينه بكل سهولة ويسر حيث تم طباعة 500 نسخة منه سيتم توزيعها داخل السلطنة وخارجها".
 
   يذكر ان الشاعر راشد بن خميس الحبسي (1089 -1150)هـ ولد بقرية (عين الصوارخ ) بوادي العين في ولاية عبري وقد شاء القدر أن يحرم من نعمتين منذ طفولته وهما نعمتا البصر وحنان الأبوين حيث فقد بصره وهو ابن ستة أشهر ومات أبواه وهو في السابعة من عمره وعلى الرغم من ذلك فقد عوضه الله بموهبة الشعر وقد طلبه الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي للانتقال إلى جبرين ليقوم برعايته وتربيته وتعلم في ظله علوم القرآن الكريم وعلوم اللغة فأصبح شاعرا مجيدا وأديبا حاذقا وخاض في جميع فنون الشعر وقد ترك لنا هذا الشعر موروثا قيما في مجال الشعر مما حدا بوزارة التراث والثقافة بطباعة ديوانه المسمى (ديوان الحبسي). وهو القائل:
 
بالله يا معشر العشاقِ أسألكم
هل يعشق الصبَّ معشوقا كما عشقا
أم هل سقاه الهوى من كأسه فغدا
نشوان مصطحبا منها ومغتبقا
تملكت نفسى الغيد الحسان كما
تملك القوم عبدا بعد ما ابقا
أحبابنا هل لكم عهد ابل به
قلبا عدا بضرام الوجد محترقا
أم هل خيال وصال يستلذ به
قلبي عسى من حياتي يمسك الرمقا
كما عاذل قال لي صبرا فقلت له
اقصر فكل اصطبار يستحل شقا.
 
   والشاعرة عائشة بنت عيسى الحارثية أديبة وشاعره تربت في بيت علم وحكمة، وصدر لها في 2012م كتاب "من أيامي" متحدثة فيه عن سيرة حياتها وضمت هذه السيرة مجموعة من قصائد الشاعرة لم ترد منفصلة بل ضمن متن السيرة بحسب الموقف أو المناسبة التي قيلت فيها القصيدة ولها أشعار كثيرة في المناجاة الإلهية منها:
 
ويا من إذا ناديته لمهمة
غدا القلب منها فارغا متنعما
ومن لو توعدت الأعادي ببطشه
وكانوا على رضوى إذا لتهدما
ويا من تُحل المعضلات بذكره
أغثني مما مس جسمي فأسقما
رضيت بما ترضاه لي وتحبه
فمن ذا أرى بي منك أولى وأرحما
 
   كما أن الشاعر صالح بن سعيد الزاملي كان قاضيًا في زمن الإمام ناصر بن مرشد اليعربي والإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي وكان أيضا فقيها ورعا ومن المتصدرين في الفتيا أما الشاعر عبدالله بن عامر العزري فقد ولد كفيف البصر وكان تواقا للمعرفة لذا فقد تنقل في حياته بين عمان وزنجبار طلبا للعلم وسعيا للمعرفة وأيضا الشاعر ثابت قطنة العتكي وهو بالإضافة الى كونه شاعرا كان من الفرسان الذين يشار اليهم بالبنان.
   والإمام نور الدين عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي (رحمه الله) له العديد من المنظومات والأراجيز والمؤلفات في العقيدة والأصول وأشهر كتبه "تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان".
   والشاعر الربيع بن المر بن نصيب الرستاقي ولد في ولاية الرستاق تلقى تعليمه في مسقط رأسه حيث حفظ القرآن الكريم ودرس أصول الدين وأصول العربية متتلمذا على يد الشيخ محمد بن حمد الزاملي. له قصائد نشرت ومنظومة في النحو بعنوان العينية ومن أشعاره ما قاله في رثاء الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري:
 
فها نحن في ذا اليوم نبكي حبيبنا
أخا الدين والإيمان والعلم والعمل
فتى في فنون العلم قد صار راسخًا
وفي الكل منها قد غدا مضرب المثل
هو النور من إشراقه كل مشرقٍ
ولكنه بعد الإضاءة قد أفل
أنار الدُنا بالعلم والحلم مرتقًا
وبدد ديجور الجهالة حيث حل
له منزل يعلو السماكين مرتقا
ومرتبة من دونها موضع الحمل
ستبكيك يا بحر العلوم منابر
عليها خطيبا قمت ترشد من غفل
 
   أما الشاعر الأخير في كتاب المبصرون في الشعر العماني فهو الشاعر الصلت بن خميس الخروصي وهو فقيه وشاعر ترك لنا العديد من الأعمال منها "البيان والبرهان" وكتاب "الأحداث والصفات" ويعد من العلماء البارزين في القرن الثالث الهجري.(النهاية)