الدوحة - 23 - 3 (كونا) -- افتتح رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني اليوم الاربعاء اعمال المؤتمر الدولي السنوي ال15 لمنظمة اقتصاديي الشرق الاوسط الذي يستضيفه معهد الدوحة للدراسات العليا على مدى ثلاثة ايام.
واكد العديد من المحاضرين في اليوم الاول للمؤتمر الذي يقام بعنوان (تأثير اسعار النفط على النمو الاقتصادي والتنمية في دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا) على ان دول المنطقة مدعوة اليوم اكثر من اي وقت مضى في ظل التراجع الكبير في اسعار النفط الى احداث التنويع الاقتصادي وانهاء ارتهان اقتصاداتها بإيرادات النفط واسعاره من اجل ضمان تنمية مستدامة.
واشار رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا بالوكالة للدكتور ياسر سليمان معالي في كلمته الافتتاحية الى اهمية انعقاد المؤتمر في المرحلة الحالية "خصوصا وهو يطرح قضايا بالغة الاهمية" مثل التعليم والبيئة وبرامج الاصلاح ومسارات التطوير اضافة الى قضايا الطاقة والمال وتذبذبات اسعار النفط ومسائل الهجرة واقتصادات سوق العمل والتجارة الدولية والحوكمة.
وقال معالي ان "الاهداف التي ينشدها معهد الدوحة للدراسات العليا تتناغم مع اهداف جمعية اقتصاديي الشرق الاوسط من حيث أنه معهد نهضوي يسعى الى تدريب اجيال باحثة من ابناء دولة قطر ومن الوطن العربي عموما تؤمن بدورها في بناء مجتمعاتها بانفتاح ناقد على الذات وعلى مصادر المعارف الانسانية مهما كانت منابعها".
من جهته قال رئيس منظمة اقتصاديي الشرق الاوسط وعميد كلية الادارة العامة واقتصاديات التنمية في معهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور حسن علي انه تم اعتماد موضوع المؤتمر منذ نحو سنة الا انه يعد في الوقت الحالي موضوعا للاخبار الاقتصادية العالمية كما يتصدر العناوين الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي. واوضح ان "القضايا التي يطرحها المؤتمر ذات اهمية بالغة بالنظر الى توجهات السوق النفطية على المدى القريب" متوقعا ان "ينخفض فائض المعروض النفطي في السوق العالمية في النصف الثاني من العام الحالي". واضاف انه ما لم يتوصل اعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) والمنتجين من خارجها لاتفاق لخفض الانتاج خلال الاشهر الثلاثة او الاربعة المقبلة فإن اسعار النفط لن ترتفع كثيرا اذ قد تستقر على ما هي عليه او ترتفع بنسبة ضئيلة".
من جهته قدم استاذ الادارة العامة في جامعة شيكاغو والمؤلف المشارك لكتاب (لماذا تفشل الامم) مع دارون اجيموغلو الدكتور جايمس روبنسون محاضرة رئيسة في اليوم الاول من المؤتمر تمحورت حول ما يمكن ان تقدمه النظرية التي طورها في كتابه في فهم وضع الدول التي تعتمد اقتصاداتها على النفط. واكد روبنسون ان التحدي الرئيس لهذه الدول هو اقامة مؤسسات سياسية تشاركية مفتوحة لان ذلك هو الضامن الرئيس لإقامة نظام مؤسسات اقتصادية تشاركية مفتوحة تعد بدورها اساس تحقيق الاستدامة حتى بالنسبة الى الدول التي استطاعت تحقيق نمو اقتصادي جيد مثلما هو نموذج اغلبية دول مجلس التعاون الخليجي. واوضح ان التحدي الاخطر ليس ان النفط سينفد ولكنه ضمان استمرارية وديمومة المؤسسات السياسية التشاركية لانها الوصفة الافضل لتحقيق استخدام ثروة النفط في خدمة المجتمع.
وخصصت الجلسة العامة الاولى للمؤتمر لمناقشة موضوع تأثير تقلبات اسعار النفط في الموازنات الحكومية والسياسات المالية. وتحدث في الجلسة الاولى كل من المستشار الاقتصادي والمالي لدى رئيس الوزراء القطري علي العامري والمستشارة لدى البنك المركزي الاماراتي ماجدة قنديل وخبير صندوق النقد الدولي في مركز الشرق الاوسط للاقتصاد والمالية في الكويت اسامة كنعان.
وابرزت قنديل خلال الجلسة تأثيرات تراجع اسعار النفط في التوازنات الاقتصادية الكبرى في دول مجلس التعاون الخليجي موضحة ان تراجع اسعار النفط في العامين الماضيين ادى الى تراجع نسبة ايرادات النفط والغاز في اجمالي ايرادات موازنات دول المنطقة مع استمرار النفط اعلى مورد من ايرادات الموازنة. واشارت الى تأثر الاقراض المصرفي بتراجع اسعار النفط حتى بالنسبة لتمويل القطاع الخاص في دول المجلس والسبب هو تراجع الايداعات الحكومية في البنوك وزيادة الطلب الحكومي على قروض البنوك ما قلص من مستويات التمويل المتاحة للقطاع الخاص لدى البنوك.
وقالت ان دول المجلس تتمكن اليوم من مواجهة تبعات تراجع اسعار النفط بفضل الاحتياطيات النقدية الاجنبية التي كونتها في فترة ارتفاع الاسعار. وافادت ان هذه الاحتياطيات هي التي تمكن دول المجلس من الحفاظ على ربط عملاتها بالدولار الامريكي (باستثناء الكويت التي لا تربط الدينار به). وشددت على ان دول مجلس التعاون الخليجي التي تربط عملتها بالعملة الامريكية عليها ان تضع سياسات نقدية تحافظ على استقلالية ومسافة عن السياسة النقدية الامريكية ولا تتبعها في كل خطواتها لان السياسة النقدية الامريكية معاكسة لتوجهات سياسة تنويع الاقتصاد الذي ترغب دول الخليج تحقيقه.
ونصحت الخبيرة دول مجلس التعاون بوضع سياسات مالية تضع سقفا للانفاق الحكومي في فترات ارتفاع اسعار النفط حتى لا تضطر الى خفض حاد له في فترات تراجع الاسعار او احداث عجز كبير في الموازنات.
يذكر ان المؤتمر السنوي ال15 لمنظمة اقتصاديي الشرق الاوسط يشمل برنامجا ثريا من الجلسات التي تقدم فيها اوراق تحليلية للعديد من القضايا الرئيسة المهمة بالنسبة لاقتصادات المنطقة. ويضم البرنامج ثلاثة جلسات عامة خصصت اولاها لتأثير تذبذب اسعار النفط في السياسات المالية والنقدية والثانية حول تأثير تقلب اسعار النفط على تنويع الاقتصاد والتنمية البشرية والثالثة عن تأثير تقلب اسعار النفط على الاقتصاد العالمي.
وتعقد خلال ايام المؤتمر ورش عمل تتضمن مساهمات خبراء وباحثين اقتصاديين يقدمون اكثر من 80 ورقة بحثية تتعلق جميعها باقتصادات الشرق الاوسط ويركز جزء كبير منها على موضوع النفط الى جانب اوراق بحثية تتعلق باقتصاديات التعليم والعمل. (النهاية) ن ن د / أ م س