من نهى العوضي

الكويت - 25 - 8 (كونا) -- في الخطاب الوطني المعاصر تكون هناك أصوات متعددة تمثل مختلف الشرائح التي تشكل مجتمعا معينا ومنها الكويت التي أضحت رسالة حضارية لشعب عريق وتتميز بفرادة خاصة بكل ما تحفل به من الأصوات الكثيرة التي تختلف في قدرتها على التعبير عن نفسها لكنها تمتزج فيما بينها تحت عنوان الوحدة الوطنية.
ومن هذه الأصوات انطلقت المقالة التصويرية التي لقيت صدى واسعا على شبكة الإنترنت أمس الأول تحت عنوان هاشتاغ (whatdoyousee#) التي تحمل صوتا متناقضا لكنه في المقابل مبشر ومتنور.
وهذه المقالة التصويرية نجحت بالفعل في تصدر منصات وسائل التواصل الاجتماعي بعد نشرها بداية كمقال على موقع التواصل الاجتماعي للشركات (لينكد إن) قبل أن تتحول إلى مقالة بصرية بواسطة كاتبها فواز السري محققة نسبة مشاهدة كثيفة على شبكة الإنترنت منذ إطلاقها.
والمقالة التصويرية التي نشرت باللغة الإنكليزية تفتتح بمشاهد وأصوات تمثل حالة التنوع الحضاري في الكويت وهي تقدم صورة واقعية عن البلاد وتسلط الضوء على مشاعر وطنية وقومية حاضرة دائما رغم بعض الأصوات السلبية هنا أو هناك.
وهذه المقالة التصويرية في ما يزيد قليلا على أربع دقائق تطلق رسالة من الأمل وتتعدى ذلك إلى إطلاق حوار أيضا على شبكة الإنترنت تشتد الحاجة إليه الآن.
وهذا الحوار السردي وكما ترى وكيلة وزارة الدولة لشؤون الشباب الشيخة الزين الصباح لم يكن من السهل التعبير عنه وقالت لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن المقالة التصويرية "أنتجت من قبل فريق من الشباب الكويتيين وهي شهادة على واقع أن هذه النظرة الديمغرافية الجديدة والتوجيه المرافق لها تمثل المطلوب على وجه التحديد للأخذ بيد هذا المجتمع المليء بالتناقضات والأفكار المعززة وتطوير مزاياه بما يسمح للأمة أن تزدهر في كل الأوجه التي تتشابك فيها".
وأضافت الشيخة الزين الصباح "أن هذه المكونات بالضبط هي التي تجعل منا أمة وليس مجرد بلد فهي التي تزيل أي شكوك وتسمح لقيمنا الحقيقية ومشاعر الوحدة بأن تتألق وتطفو على السطح".
من جانبها وتعليقا على تأثير المقالة التصويرية عليها شخصيا قالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة ابتهال الخطيب ل(كونا) إن مقالة (whatdoyousee#) من وجهة نظرها تنقل تعقيدات الحياة في وقت تصور "الأمل والخير والفرصة" مشيرة إلى أنه ضمن هذه الشبكة من التعقيد "يكمن تفردنا كبشر وككويتيين".
وأضافت الخطيب أن المقالة التصويرية نجحت في لفت النظر "إلى الطبقات التي تعوق الرؤية لدينا" لافتة إلى أن هذا يجعل الأشياء "تغيب عن بالنا فتتشابك الأمور الجيدة والسيئة لدينا بحيث لا نعود نستطيع تمييز بعضها عن البعض الآخر ونقع في اليأس...وبدلا من التركيز على اليأس تعمل المقالة التصويرية كمحرك يحث المشاهد على التوقف والمراجعة".
وذهب المخرج الكويتي وصانع الفيلم يعرب بورحمة إلى ذلك أيضا قائلا إن المقالة تندمج فيها الكلمات والصورة لتخلق نظرة على الواقع مدتها أربع دقائق" ورأى أنها تمثل "صفعة بليغة على الوجه مع نكهة من الأمل".
وقال بورحمة إنه في غضون الساعات ال24 الأولى حصلت المقالة التصويرية على 20 ألف مشاهدة على موقع (يوتيوب) كما وصلت التغريدة إلى مليون مشترك على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر).
وفي السياق قال الخبير في الإعلام الرقمي قتيبة الربعي ل(كونا) ان الإنترنت أوجد مناخا سهل التبادل في وسائل الاعلام بطريقة لم تشهد مثلها المنصات التقليدية.
واعتبر الربعي أن "طول الفيديو أي ما يزيد قليلا على أربع دقائق أمر مثالي فهو ليس طويلا جدا وبالتالي يمكن مشاهدته بسهولة في أي فترة خلال اليوم في حين ان منصات وسائل الإعلام الاجتماعية مثل إنستغرام وفيسبوك وتويتر توفر أرضية مريحة للتبادل السهل" مستطردا أنه من خلال دمج الهاشتاغ في عنوان المقالة التصويرية فإنه تم بالفعل إطلاق المحادثة والحوار.
بدورها تستخدم الكاتبة والروائية دلع المفتي وسيلة الاعلام الاجتماعي (تويتر) للتعبير عن رأيها ولم تخف تأثرها بمقالة (whatdoyousee#) لاسيما لناحية تسليطها الضوء على التصوير الدقيق للشرائح الاجتماعية المختلفة في الكويت كما هي ممثلة في المقطع القصير الذي يتفحص "الفقراء والأغنياء والمغتربين والمواطنين".
وتشدد المفتي على الأثر الذي شكله الواقع الذي ينقله الفيديو عليها فضلا عن الصفات الجمالية معربة عن أملها في أن يترجم إلى اللغة العربية بأقرب وقت ممكن لينجح في نهاية المطاف بالوصول الى جمهور أوسع من ذلك بكثير.
وكرست المفتي عدة تغريدات للمقالة التصويرية عندما أطلقت للمرة الأولى حيث بلغ عدد الريتويت 29 مرة في حين وصل عدد المرات التي اعتبرها متابعوها من تغريداتهم المفضلة 36 مرة موضحة ان أكثر ما أحبته في شريط الفيديو كان تمثيله للتعايش بين مختلف قطاعات المجتمع الكويتي.
وكما كان وقعه على الشعب الكويتي كان للمقالة التصويرية الوقع نفسه على الوافدين حيث قالت شانون غريفيث وهي معلمة بريطانية كندية تعيش في الكويت منذ عام 2004 إن الفيديو أثر بها جدا "لأنه يعبر عن الشد والجذب اللذين أشعر بهما حول الحياة في الكويت ومحبتي لها على مدى السنوات ال11 الماضية".
وأوضحت غريفيث أن (whatdoyousee#) يصور "مجتمعا حيث يحتشد الناس ويتضامنون سويا عندما يتطلب الأمر حتى لو اختلفت معتقداتهم وخلفياتهم ليسلط بذلك الضوء على التنوع الذي تحتفل به الكويت.
وأضافت ان تموضع الكويت بين التمسك بجذورها التاريخية وتبني الابتكار والحداثة هو أكثر ما تحبه في هذا البلد.
وافدة أخرى تعيش في الكويت رددت نفس المشاعر وهي جوانا المقبل من بولندا التي وجدت الفيديو ملهما جدا لأنه "يقدم تغييرا متفائلا للقلب" رغم حقيقة أن "كل بلد يعيش معاناته الخاصة ولا يوجد مكان مثالي لكن الكويت لا تزال بلدا متسامحا ومسالما وأنا أحبه".
بناء عليه يمكن وصف المقالة التصويرية بمثابة وجهة نظر لاستقراء المواقف السائدة في الكويت... هذا ما تقوله الكاتبة والناشطة في قضايا المرأة شمايل الشارخ التي تؤكد أنه في أي مجتمع يكون الميل الجماعي "أننا غارقون في السلبية والشفقة على الذات والتي تتحول بعد ذلك إلى إما الرضا عن النفس أو الرغبة في الفرار".
وافترضت الشارخ "أننا بدلا من ذلك فإننا نغير وجهات نظرنا للنظر في التطورات البطيئة المستمرة حتى الآن بحيث نتمكن نحن أيضا من إدراك أن الكويت تمتلك الأمل".
أما الأستاذة المشاركة في قسم اللغة والأدب الإنكليزي بجامعة الكويت الدكتورة مي النقيب فتركز على الصوت الغاضب لكن الإيجابي الذي تم تسليط الضوء عليه في (whatdoyousee#).
وأوضحت النقيب أن المقالة التصويرية "تلتقط بعض التعقيدات التاريخية والمعاصرة في الكويت والتي يمكن أن تكون مشجعة ومحزنة على السواء حيث تميل المقالة إلى جانب التفاؤل الحذر ليظهر أنه لا يزال لدينا الموارد اللازمة لنزدهر كأمة وتقترح أن نضع طاقة في العمل من أجل تحقيق هذا الهدف بقدر ما نفعل عند التذمر وهذه نصيحة جيدة في هذه الأوقات المظلمة".
أما الكاتب الصحافي أحمد الصراف فقال ل(كونا) أنه "رغم من الركود الذي أصاب النفسية الجماعية للشعب الكويتي وتشابك الخطاب الوطني أخيرا فإن هذا الفيديو أثار موجة مستغربة من التفاؤل".
وأضاف الصراف أنه يرى "بلدا يمكن أن تكون الأفضل وفي أي وقت من الأوقات وليس فقط بين الدول العربية بل على مستوى منطقة الشرق الأوسط بأسرها".
وذكر ان لدى الكويت الكثير لتقدمه بسبب تنوعها الثقافي مؤكدا "أننا نتملك بلدا جميلا يمكن أن يكون أكثر جمالا" مرددا التفاؤل الذي برز لدى الدكتورة النقيب.
في الخلاصة يشرك (whatdoyousee#) على لسان راويته المشاهد في الحوار على الإنترنت معتنقا فكرة أنه يرى اللامبالاة والاكتئاب والعزم على حد سواء معترفا بأن الوضع الراهن يشكل لغزا وتحديا لكن الحلول والفرص تنشأ في كل مكان ومؤكدا أن كل الأمر يتعلق فعلا بوجهة النظر. (النهاية) ن ع ع / ر ج / ت ب