الكويت - 27 - 9 (كونا) -- يعد (سوق واجف) من الاسواق الشعبية التراثية الكويتية الذي يؤمه المواطنون والمقيمون السياح وزوار دولة الكويت الباحثون عن العراقة والتراث القديم ويعود تاريخه الى اربعينيات القرن الماضي.
وعن هذا السوق يقول الباحث في تاريخ الكويت الدكتور يعقوب يوسف الغنيم ان (سوق واجف) يقع في منطقة الدهلة بوسط مدينة الكويت بالقرب من اقدم اسواقها ويوجد في زقاق ضيق تجلس فيه البائعات وتحيط به منازل قديمة ازيلت لتحل محلها اسواق جديدة.
وأضاف الغنيم في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اسم (سوق واجف) يعني (واقف) حيث يلفظ حرف (القاف) باللهجة الكويتية بحرف (الجيم) وذلك لوقوف زبائنه ومرتاديه أمام البائعات عند الشراء دون أن يتمكنوا من الجلوس أمامهن أو بينهن لما في ذلك من مخالفة للعادات المرعية.
وذكر ان السوق يعد من أقدم الأسواق الشعبية الكويتية بل يكاد يكون هو الوحيد الباقي على وضعه السابق دون تغيير الا في بعض الجوانب اليسيرة التي لا تؤثر على صورته القديمة المألوفة مضيفا ان اسم سوق واجف "هو الاسم الذي نعرفه به منذ زمن طويل ولكننا لاحظنا أن العدد الكبير من الأجانب الذين وفدوا إلى الكويت فيما بعد صاروا يسمونه سوق الحريم لعدم معرفتهم باسمه الحقيقي وهم بذلك يطلقون عليه تسمية خاطئة". واوضح ان هذا السوق يتميز بأن أغلب من يتولى البيع فيه من النساء ولئن كانت هناك بعض الحوانيت على جانبيه فإن الأساس هو الجزء الأوسط منه حيث تصطف البائعات في صفين متخالفين يعطي أحدهما ظهره للآخر ويتجه أحدهما إلى الغرب ويتجه الآخر إلى الشرق ويشتهر السوق بيع الملابس والمنسوجات التقليدية من الاثواب والدراعات والعباءات النسائية والملافع والبوشية والبراقع. واشار الغنيم الى توافر بعض المواد الاستهلاكية من الصابون والليف او (المحفة) وحجر الحف الاسود لدعك القدمين وكحل العين ومشط الخشب القديم (والقحافي) التي تلبس على الرأس وادوات الزينة من الحناء و(الديرم) الذي يستخدم لصبغ الشفاه.
واوضح ان السوق عبارة عن زقاق ضيق ببسطات خشبية لها اتجاهات اربعة يتجاوز عددها 100 بسطة تتربع فوقها البائعات كما ان السوق غير مكيف وتشتد الحرارة في وقت الظهيرة حيث تكون اشعة الشمس عمودية ليعود العمل فيه بعد صلاة العصر ليستمر الى العاشرة مساء وفي ايام الاعياد والمناسبات يستمر لساعات الصباح الاولى.
ويصف الغنيم مداخل السوق يقوله ان هناك طريقا طويلا ممتدا غربا وشرقا يبدأ من الغرب عند فندق شيراتون حيث شارع السور وينتهي في الشرق بعد انتهاء سوق الغربللي وامتداده الموصل الى شارع أحمد الجابر.
وقال "اذا جئت من الغرب مررت بقصر العدل وفي طرفه الشمالي الشرقي المقبرة القديمة على يمينك وهي اليوم حديقة تسمى حديقة البلدية وموقف سيارات كبير وفي نهايتها طريق على يمينك أيضا هو شارع صلاح الدين الأيوبي وهو قلب منطقة الدهلة المعروفة قديما".
واضاف ان "اصل تسمية الدهلة هو الدحلة وهو اسم عربي فصيح قديم للبئر وقد كانت الدهلة في السابق موردا من موارد المياه للكويت وبعد اجتياز هذا الشارع يأتي على يمينك طريق كان يسمى سوق الفحم وكان في بداية السوق على الزاوية تماما محلات لبيع الباجلة والنخي وعندما تجتاز هذا الطريق يأتي على يمينك سوق واجف". واوضح انه "كان للنساء سوقهن منذ القدم ولكنه لم يكن في هذا المكان الذي نصفه هنا ونعرفه اليوم معرفة جيدة حيث كان سوقهن في الطرف الشمالي الشرقي من الصفاة بالقرب من المنطقة التي كان يطلق عليها اسم المسيل وقد نقل السوق من هذا المكان الى مقره الحالي".
وبين انه "في الماضي كان موقع سوق الحريم في الواجهة المطلة على ميدان الصفاة من شماليها وهي تمتد من موضع قريب من الموضع الذي وصفناه حتى تصل الى قرب مدخل الشارع الجديد من جهته الجنوبية وكانت به دكاكين يبيع فيها النساء الملابس والصناديق وغيرها وكان هناك سوق مشابه ي هو عبارة عن بسطات أرضية ي في مدخل الشارع الجديد قبل انشائه وكان هذا المقر صغيرا لكثرة البيوت حوله وقد زالت تلك البيوت عند انشاء الشارع المذكور".
وقال "أما سوق واجف الذي نعرفه اليوم فقد نشأ في مكانه هذا حاملا هذه التسمية وبعد انشائه انهار السوقان المشار اليهما بسبب نشاط هذا السوق وحركة التعمير في المنطقة التي كانا فيها".
واضاف "بالنسبة الى الحوانيت الواقعة على جانبي السوق فاذا دخلت السوق من جهته الشمالية وجدت الدكاكين التي يبيع أصحابها الحلويات بأنواعها المعروفة في ذلك الوقت اذا تجاوزت هؤلاء الباعة هناك محلات الأواني المنزلية ومعدات الطبخ يتلوها محلات تبيع ألعاب الأطفال التي كان أصحاب هذه الدكاكين يجلبونها من الهند وبعضها يبيع بالجملة والبعض الآخر يبيع بالقطاعي وينتهي هذا الجزء بانتهاء القسم المسقوف من السوق وهذا السقف هو الذي يحدد موضع اسمه إذ لا يطلق اسم سوق واجف إلا على ما هو قائم تحت هذا السقف الممتد شمالا وجنوبا".
وذكر الغنيم "اذا بدأت مسيرك في السوق متجها من الشمال قاصدا المحلات التي على اليسار فإنك تبدأ بمحلات تبيع أنواعا من أدوات الخياطة المنزلية وأدوات التجميل السائدة في ذلك الوقت ثم تقابلك محلات الملابس الجاهزة من الدشاديش والملابس الداخلية التي كانت النساء تخيطها في البيوت ويتخلل هذه المحلات عدد من محلات بيع الأحذية لا سيما النعال".
واضاف "قد نكون مبالغين حين نطلق لفظ محلات على مواقع البيع التي ذكرناها فهي لا تعدو عن كونها دكاكين صغيرة ولكنها كانت تؤدي الغرض في ذلك الوقت وكان عدد كبير من الأسر يعيش على المردود المادي الذي ينتج من العمل فيها ولها في حين ان البسطات قديما داخل السوق مقسمة وفق تقسيمات محددة منها القسم الجنوبي وهو خاص ببيع الحاجات النسائية التي كان يغلب عليها الملابس المستعملة أما القسم الشمالي فقد كانت فيه المجالس البيعية لبائعات البيض الذي كان من السلع الصعبة آنذاك وكان يجمع بالشراء من أصحاب البيوت الذين يقوم بعضهم بتربية الدجاج وقد يزيد انتاجه لديهم عن حاجتهم وقد اختفى هذا الصنف من سوف واجف حاليا بسبب تغير الأحوال".
واشار الى ان هذه السلعة (البيض) لم تكن هي الوحيدة التي اختفت من سوق واجف فهناك سلع أخرى لم تعد لها حاجة فلم يكن لها من سبيل إلى العرض للبيع وبخاصة تلك المواد المستعملة والاقفال والمفاتيح القديمة ونحو ذلك.
واضاف "هناك آخر محل من محلات الجهة الجنوبية الغربية من سوق واجف وهو محل الملا عبدالعزيز ناصر العنجري وهو رجل مكفوف البصر ولكنه حاضر البصيرة قوي التمييز له عدة أعمال منها هذا المحل الذي يبيع فيه الأقفال والمفاتيح الصدئة ويحاول طيلة وجوده في المحل إصلاح ما يحتاج إلى إصلاح منها بفضل ذهنه الحاضر ويديه المدربتين وفي القسم الشرقي المقابل لدكان الملا عبدالعزيز محل صغير يخص المرحوم محمد الناجم الذي اعتاد على السفر إلى الهند ويجلب ما يراه مناسبا من البضائع ويقوم بتصريفها من خلال موقعه في سوق واجف على أصحاب المحلات والباعة المتجولين".
ولفت الى انه "في الجزء المقابل (في وسط السوق تقريبا من جهة الشرق) توجد محلات بيع الملابس الجاهزة والغتر وباقي أنواع الملابس اما بالنسبة الى الجهة الشمالية الغربية لسوق واجف فيوجد محل يقع بعد محلات الحلويات مباشرة وهو محل عبدالرزاق العسكر الذي انشىء منذ بدايات خمسينيات القرن الماضي وخاص بالأواني المنزلية التي كان يستوردها".
وكشف الغنيم ان سوق واجف جاء ذكره في كتاب (كانت الكويت بلادي) للكاتبة زهرة ديكسون فريث ابنه الكولونيل ديكسون ممثل بريطانيا في الكويت قديما والتي ولدت في الكويت وقد ألفت كتابا عن تجربتها في العيش والكتاب مترجم إلى اللغة العربية ومطبوع عدة مرات وهو يتألف مما يزيد على مئتي صفحة من الحجم الوسط.(النهاية) م ف / ر ض ا كونا271224 جمت سبت 11