تونس - 18 - 2 (كونا) -- قال رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد في تونس عبدالفتاح عمر ان الوثائق والشواهد الكثيرة التي توافرت لدى اللجنة حتى الان تؤكد حدوث فساد كبير في ادارة الدولة في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
واوضح عمر في مؤتمر صحافي عقده هنا اليوم ان ممارسات الفساد شملت على سبيل المثال جمع مبلغ قدره 15 مليون دينار تونسي كتبرعات لمصلحة الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 2009.
واضاف ان المبالغ المتبقية من تلك التبرعات بعد الانتخابات وزعت في شكل منح وهدايا لبعض الاشخاص منهم اربعة مسؤولين في احزاب سياسية اضافة الى المدير السابق للحرس الرئاسي علي السرياطي الذي تلقى انذاك وبصورة غير مشروعة 500 الف دينار.
وأوضح أن اللجنة درست حتى الان 100 ملف من نحو مالا يقل عن 3300 ملف تلقتها مشيرا الى ان العمل يتركز في البداية على دراسة الملفات الهامة لعائلة الرئيس السابق بن علي وعائلة زوجته (الطرابلسي).
وقال ان دراسة هذه الملفات بينت "عمليات سطو تمت على مجموعة من املاك الدولة في مناطق راقية كسيدي بوسعيد ومدينة الحمامات على سبيل المثال باسعار رمزية تتراوح بين دينار تونسي واحد وخمسة دنانير للمتر المربع الواحد وتحويل صبغتها وتملك افراد العائلتين المذكورتين والمقربين منهم لاملاك تخضع لعقود قانونية من الناحية الشكلية وتعكس تلاعبا كبيرا بالقوانين من الناحية الاصلية بما يجعل هذه العقود باطلة عمليا".
واكد ان اللجنة تمكنت اثناء دراستها لاحد الملفات المتعلقة بالفساد والمتمثل في ابرام شركة لعقد مع مؤسسات وطنية في ظروف غير عادية من استرجاع 24 مليون دينار من الشركة المعنية الى خزينة الدولة التونسية.
وشدد رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق على ان طريقة الحكم في تونس "لم تكن رئاسية بل كانت طريقة (كليانية) اذ ان كل السلطات وحتى الجزئيات كانت محل نظر وقرار من قبل رئيس الدولة السابق شخصيا ومن ذلك القرارت المتعلقة بالسيادة وتراخيص دخول سيارات فخمة للعائلة المقربة لا تتوافر فيها الشروط القانونية ومنع منح التاشيرات لدخول مواطنين الى الاراضي التونسية".
واوضح ان دور الوزراء وبقية المسؤولين الذين استمعت اللجنة لشهادات عدد مهم منهم كان "هامشيا وحتى معدوما وينحصر في التنفيذ والاعلام بالتنفيذ وقد يصل الامر الى تهديد من يتلكأ من الوزراء في النظر في الملفات".
واكد ان اتلاف بعض الوثائق الهامة لعدد من المنشآت العمومية امر يثير المسؤولية الجنائية لمرتكبيها موكدا ان هناك طرق عدة للوصول الى المعلومة التي تم اتلافها وان الملفات الاساسية مازالت موجودة والوصول اليها يسير.
وخلص الى القول ان "منظومة الفساد والرشوة التي انطلقت منذ سنوات طويلة في تونس نخرت مؤسسات وهياكل الدولة بما اسهم في بروز عقلية لدى كثير من المواطنين تؤكد ان الرشوة والفساد اصبحا من طبيعة الامور في المجتمع التونسي". (النهاية) ن م / ه ب كونا190016 جمت فبر 11