من منتهى الفضلي
الكويت 7 8 (كونا) - خلدته دولة الكويت اذ اتخذته شعارا رسميا لها وزينت به عملتها النقدية من فئة عشرة دنانير في كل اصداراتها فقد كان رمزا لسطوتها البحرية ودليلا على مهارة صناعها وجسارة بحارتها ونجاح تجارها وتكاتف اهلها...انه (البوم) أشهر السفن الخشبية الشراعية الكويتية قديما.
وحول صناعة السفن في الكويت وتحديدا صناعة السفينة (البوم) يقول الباحث في التراث البحري الكويتي الدكتور يعقوب يوسف الحجي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان صناعة السفن كانت مهنة خاصة بالقلاف (نجار السفينة) كما هو معروف وتتم في ما يعرف قديما باسم (عمارة الأستاذ) أي ورشة مهندس السفن.
وذكر الحجي ان اجمالي تكاليف سفينة من نوع (البوم) متوسطة الحجم بلغت في حوالي العام 1937 نحو 14700 روبية هندية وكانت فترة البناء تصل الى ستة اشهر.
وقال ان عملية التصنيع تبدأ بعد جلب الاخشاب والمعدات اللازمة الى العمارة حيث يقوم (الأستاذ او الأستاد) وهو مهندس السفينة بعمل القياسات ثم اعداد خشبة القاعدة بشكل مستقيم وهي تسمى (البيص) ثم يوجه القلاليف بعدها لتركيب مقدمة السفينة (ميل الصدر) على ان تكون بشكل مائل الى الامام وتركيب خشبة المؤخرة (ميل التفر) وبعد تثبيت الميلين بالقاعدة يكون الاطار العام للسفينة قد اكتمل للقيام ببناء بقية اجزائها بما تتضمنه من الواح واضلاع واعمدة وصواري واشرعة وغيرها.
وحول الوظائف التي بنيت من اجلها السفن في الكويت ذكر الحجي انها ست وظائف هي الغوص على اللؤلؤ في مياه الخليج وسفن النقل البحري وسفن التجارة بين موانيء الخليج وسفن صيد الاسماك وسفن النقل الساحلي واخيرا سفن نقل الماء العذب من شط العرب.
وعن انواع السفن قديما ذكر (الجالبوت) و (السنبوك) و (الشوعي) و (البقارة) و (البتيل) للغوص على اللؤلؤ فيما استخدم (البوم) لنفس الغرض وكذلك للسفر البحري الطويل او النقل البحري اضافة الى (البغلة).
واضاف ان من انواع السفن الاخرى (القطاعة) وهي مخصصة للنقل داخل الخليج و (الورجية) لصيد الاسماك اضافة الى (الشوعي) الذي ذكر للغوص على اللؤلؤ و (البلم) و (اللنج) و (الهوري
وقال الحجي ان الكويتيين استخدموا ايضا سفنا للنقل الساحلي وهي (التشالة) و (حمال باشي) فيما استخدم (بوم الماء) كسفينة لنقل الماء.
وحول الشهرة التي عرفت بها سفينة (البوم) قال الحجي انها سفينة صممت لكي تحل محل (البغلة) التي استخدمت في الكويت حتى مطلع القرن العشرين في خدمة النقل البحري وقد اثبتت سفينة البوم على مر السنين على انها افضل انواع السفن للملاحة في الخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي.
وافاد ان نجاح البوم كان سببا في انتشار صنعه واستخدامه في العديد من الموانيء الخليجية والهندية.
واوضح ان من اسباب انقراض البغلة واحلال البوم هو ان البغلة صعبة القيادة في البحر المتلاطم الامواج فوجود رقعة مربعة الشكل في مؤخرة البغلة مدعاة للقلق ومصدر خطر للسفينة اما البوم فمؤخرته مدببة واكثر قدرة على الصمود في وجه الامواج لذا جاء تصميم البوم على يد قلاليف الكويت في اواخر القرن التاسع عشر كتطوير لتصميم البغلة وتحسين لها.
وبين ان هذا لايعني ان الكويتيين هم اول من فكر بالسفن مدببة الطرفين لانها كانت موجودة منذ قرون الا ان تطويرهم لنظام الدفة (السكان) يعد بحق تطويرا لم يسبقهم اليه احد.
ومن مواصفات البوم ايضا ذكر الحجي انه اقل تكلفة من البغلة لخلوه من النقوش اضافة الى تميزه بطرفيه الامامي والخلفي المدببين كما يبرز الطرف العلوي في مقدمته (الساطور) باللونان الابيض والاسود وله صار كبير يسمى (الدقل العود) وآخر في المؤخرة يسمى (الدقل القلمي) وله سطح علوي في الثلث الخلفي يسمى (النيم) وفيه يجلس الربان (النوخذه) وصاحب الدفة (السكوني) وتحته غرفة تسمى (الدبوسة) تستخدم لخزن الطعام والمؤونة وغيرها من الحاجات.
واضاف ان احد نواخذة البحر ذكر انه يمكن رفع سبعة اشرعة في نفس الوقت على البوم غير ان معظم النواخذة كانوا يكتفون برفع الاشرعة الثلاثة الاولى.
وقال الحجي ان البوم اثبت انه افضل السفن للسفر البحري على مر السنين ولقد تبارى صناع الكويت في تصميم الابوام التي بلغ بعضها حد الكمال واكسب الكويت سمعة طيبة حتى عرفت بأنها "البلد الذي يصنع البوم".(النهاية) م ف / ن ا