من نجود قاسم

 رام الله - 8 - 7 (كونا) -- مرت خمس سنوات وما زال والد سرحان برهان حسين برهان ينتظر تلك اللحظة ليكمل حزنه الممتد ويتمكن من دفن جثة نجله برهان الذي اغتيل على ايدي قوات خاصة اسرائيلية في مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية.
انه لا يتمنى المستحيل انما يتمنى ان يأتي يوم يصبح فيه لابنه قبر يزوره صبيحة يوم عيد او كلما رجف قلبه لوعة وحسرة على زهرة قطفت عنوة من بستان شبابها.
لم يترك الاب بابا الا وطرقه وتنقل بين مؤسسة حقوقية كثيرة فلسطينية واسرائيلية واوكل محامين كثرا عله يعثر على جثة سرحان ابن ال 19 ربيعا او على الاقل معرفة ما اذا كانت مدفونة في مقابر الارقام السرية ام انها ما زالت داخل الثلاجات لكن لا اجابة تطفئ نار قلب الاب وعائلته وتمسح ولو جزءا من حزنه المزدوج على الرحيل واختطاف الجثمان.
سرحان الابن اغتيل عام 2003 من قبل فرق الموت الاسرائيلية التي تنكرت بزي عربي بدعوى مسؤوليته عن عملية ميتسر التي ادت الى مقتل خمسة اسرائيليين ومنذ ذلك الوقت والقوات الاسرائيلية تحتجز الجثمان.
قال الاب لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه تلقى ردا من المؤسسة الاسرائيلية للدفاع عن الفرد (هموكيد) وانه لدى ذهابه اليها تلقى ردا كان مفاده ان "الافراج عن الجثمان يحتاج الى قرار سياسي اسرائيلي".
وفي الايام الاخيرة وبعد ان صادقت حكومة اسرائيل باغلبية كبيرة على صفقة تبادل الاسرى التي تشمل الافراج عن جثامين اسرها الجيش الاسرائيلي انفتحت امامه ثغرة امل صغيرة سرعان ما اغلقها اتصال هاتفي مع محاميه الذي اخبره ان جثمان ابنه ليس من بين الجثامين التي ستفرج عنها اسرائيل.

واعلنت اسرائيل الاثنين الماضي عن اغلاق المواقع التي تقع فيها مقابر الارقام لانتشال الجثث والرفات التي ستسلم في اطار صفقة التبادل المقرر ان تنفذ مرحلتها الاولى يوم الاحد القادم.
وهذه القضية على اهميتها ما زالت تفتقر الى احصائيات لعدد مقابر الارقام او عدد رفات الشهداء فيها بسبب التكتم الاسرائيلي.
ويدور الحديث هنا عن 200 جثة لشهداء عرب وفلسطينيين وعن مقبرتين للارقام هما مقبرة جسر بنات يعقوب على الحدود السورية ومقبرة جسر دامية في منطقة الاغوار.
لكن الباحث عيسى طقاطقة الذي يتقصى ويبحث حول هذه المقابر قال ان عددها 12 مقبرة تضم 700 جثة.
واضاف طقاطقة لكونا انه يعد بحثا عن هذه المقابر منذ سنوات واعتمد فيه على روايات شهود العيان واكتشف هذا العدد من الجثث والمقابر موضحا ان العدد الذي يدور الحديث حوله يستثني رفات شهداء الدوريات والمفقودين.
وقال الباحث طقاطقة الذي تمكن من الوصول الى بعض هذه المقابر خفية انها تقع في مناطق جرداء نائية محاطة باسلاك شائكة ضمن مناطق عسكرية يمنع الوصول اليها.
واضاف ان سكان القرى القريبة من المقابر اكدوا له ان الجيش الاسرائيلي كان يستعين بهم لدفن الشهداء في المقابر دون السماح لهم بطرح أي سؤال عن اصحابها او عن اسباب دفنها.
وقال ان عملية الدفن لا تتم وفقا للدين الاسلامي فيتم فتح حفرة لا تتجاوز 60 سنتيمترا ويلف الشهيد بغطاء سرير يحمل شعار وزارة الصحة الاسرائيلية ويتم الدفن دون وجود عازل بين الجثمان والتراب ما يجعله عرضه للنهش من الحيوانات المفترسة ولانجراف التربة في فصل الشتاء ويوضع على القبر لوحة معدنية كتب عليها رقم لا غير.

 ويوضح طقاقطة ان اللوحات القديمة اكلها الصدأ ولم يعد من المستطاع التعرف حتى على رقم الشهيد ومن هنا اخذت الاسم (مقابر الارقام).
ويقول ان آخر ما توصل اليه عبر شهود العيان هو رواية عن جلب الجيش الاسرائيلي في احدى ليالي العام 2006 جثامين عدد من الشهداء تم دفنها في مقبرة تدعى "الراس" جنوب الخليل.
وستفرج اسرائيل عن جثامين 199 شهيدا سقطوا خلال عمليات عسكرية مع الجيش الاسرائيلي خلال العقود التي تلت الاحتلال للاراضي الفلسطينية من بينها جثة الشهيدة دلال المغربي التي نفذت عملية الساحل في العام 78 وادت الى مقتل اكثر من ثلاثين اسرائيليا والعشرات من الجرحى.
واكدت الكثير من الروايات ان جثة دلال المغربي محتجزة في ثلاجة في اسرائيل وهي بلباسها العسكري.
وقال عيس قراقع النائب عن حركة (فتح) ان تحرير رفات دلال المغربي يفتح الباب امام ملف رفات الشهداء من الفلسطينين والعرب وان احتجاز اسرائيل لرفات الشهداء هو بمثابة جريمة حرب مشددا على ضرورة الكشف عن كافة المفقودين.
ويرى وكيل وزارة شؤون الاسرى زياد ابو عين ان صفقة تبادل الاسرى مع حزب الله على اهميتها لن تسدل الستار على وجه مخفي من معاناة الشعب الفلسطيني واسر وعائلات الشهداء المفقودين لان عددهم كبير يفوق العدد الذي تتحدث عنه اسرائيل.
وقال لكونا ان "اسرائيل تأسر جثماين الشهداء ولا تكتفي بقتلهم" وانها تسجن 11 ألف اسير في سجونها لتعمق من المعاناة ولتستخدمها عنصر ضغط وابتزاز على الجانب الفلسطيني وان الجانب الفلسطيني طرح خلال المفاوضات مع اسرائيل هذه القضية عدة مرات لانهاء معاناة مئات الاسر الفلسطينية.
وطالب ابو عين طاقم التفاوض مع اسرائيل ببذل المزيد من الجهود للافراج عن الجثامين المحتجزة في المقابر السرية والثلاجات الاسرائيلية.(النهاية) ن ق / ا ع م كونا081041 جمت يول 08