لار0016 4 0260 /كوناحصر43 عام/سوريا/بيوت/ظاهرة(مع.صور) انتشار ظاهرة تحويل البيوت التراثية الدمشقية الى مطاعم ومقاه من طلال الكايد دمشق - 17 - 4 (كونا) -- انتشرت في الاونة الاخيرة في المدن السورية القديمة والكبرى ظاهرة تحويل البيوت التراثية والتقليدية والعريقة الاثرية الى مطاعم ومقاه ضمن خطة انعاش وتطوير الاحياء القديمة كونها جاذبة للمواطنين والسياح للتجول فيها. ويقول المعنيون واصحاب هذه البيوت ان هذا التحول من شانه الاستفادة من هذه البيوت في جذب للسياح وتفعيل الحياة الثقافية والفنية من خلال تحويل بعض غرف هذه البيوت الى صالات عرض فنية واقامة امسيات فنية وادبية في باحاتها المفتوححة وايواناتها. وفي جولة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) على بعض البيوت الشامية (الدمشقية)التي تم تحويلها الى مطاعم ومقاه قال المستثمرون لها ان هذه الظاهرة صحية ومن شانها تشكيل بقعة مضيئة في المدينة القديمة بعد ان كانت هذه البيوت العريقة مهجورة لفترة طويلة بسبب انشغال الملاك باعمالهم وخروجهم للسكن خارج دمشق القديمة في الاحياء الراقية والجديدة. ومن هذه البيوت بيت جبري وقصر النرجس وعلى البال والروزنة والموليا واليسار في دمشق وبيت المطعم العجمي في حلب والسلطان في حماة. ويعتبر بيت جبري من اوائل البيوت الشامية التقليدية التي حولت الى مطعم ومقهى وصالة عرض من خلال مبادرة ذاتية قام بها وريث المنزل الذي يقع في دمشق القديمة بجانب (مكتب عنبر) في حي الصوف فقد استطاع رائد جبري انقاذ بيت اجداده واستثماره سياحيا وثقافيا. وفي زيارة ل(كونا) الى بيت جبري الذي يعود الى حوالي 350 عاما حسب الكتابات المدونة على جدرانه يتبين ان بناه عبد العزيز الشلبي خصيصا لال جبري احدى العائلات الدمشقية العريقة واول من سكن البيت درويش بن محمد جبري والد الشاعر المعروف شفيق جبري شاعر دمشق - وقد بيع البيت بعقد بيع بدائي الى امير الشعلان ثم الغي البيع الا ان الامير في بداية عام 1910 جاء متوسطا الوالي العثماني وثبت شراءه القديم للبيت وتم طرد عائلة طلعت جبري. وقال احد احفاد جبري انه في نهاية الحكم العثماني تمكن طلعت جبري من العودة الى البيت واعادة ترميمه ومازالت عائلة جبري والاحفاد محتفظين بالبيت حتى التاريخ الحالي. وفي عام 1975 لم يستطع افراد العائلة المتبقية وهم الكبار في السن من خدمة ذلك البيت وتحمل مصاريف صيانته التي لا تنتهي ولذلك هجر البيت لفترة تقدر بحوالي 20 سنة وخلال تلك الفترة تمكن بعض الاشخاص من الدخول الى المنزل بطريقة غير مشروعة واستخدامه كورشات للنجارة والدهان واستخدامه كمستودعات من قبل بعض تجار الحريقة الحميدية. ونتيجة لذلك استطاع رائد جبري بعد عدة محاولات من اخراج الاشخاص العابثين وبدا يفكر بعدة طرق لامكان المحافظة على البيت وصيانته وتعمير الاقسام المنهارة فيه وجاءت فكرة تحويل البيت الى مقهى ومطعم يقع ضمن دمشق القديمة ليلبي رغبات السائحين واهل المدينة من الاطلاع على الاثار الموجودة فيه والنقوش وكذلك كيفية تعمير البيوت القديمة. وقال الحفيد ان لتوظيف هذا البيت بعض الاسباب اهمها انه يشكل استثمارا بديلا عن الاستثمار الحرفي وكما كان محولا الى مستودعات اضافة الى انه من ريع هذا التوظيف يتم ترميم البيت باسلوب جيد ومستمر مستعملا في ذلك نفس المواد التي كانت مستعملة سابقا في الترميم وليحافظ على مستواه وطابعه الاثري وتم توظيف احدى غرف البيت لتكون معرضا دائما للوحات فنية واقامة المعارض للفنانين التشكيليين. - وتبلغ مساحة بيت جبري حوالي 1200 متر مربع منها 750 مترا مربعا هي مساحة صحن الدار (الباحة السماوية) حيث البحرة الكبيرة وحولها وضعت الطاولات والكراسي اضافة الى الليوان الرئيسي حيث يستمتع الزائرون بطبيعة البيوت الشامية الرائعة. ويضم البيت 23 غرفة في طابقين ويلاحظ انقسام البيت كما هو حال البيوت الشامية الى مدخل البيت وهو باب ضخم يسمى (الخوخة) مكون من باب صغير يدخل منه الشخص وباب كبير يفتح لادخال الاشياء الكبيرة. وهناك الممر الضيق الذي وضع صاحب البيت الصور والمقالات التي كتبت عن منزله فيه ومن ثم تاتي الفسحة السماوية والغرف والليوان الرئيسي المبني من الحجارة البازلتية السوداء والحجارة البيضاء والصفراء (الابلق) وسقف الليوان من العجمي المزود بمرايا ويتصدر الليوان قوس رئيسي على جانبيه قوسان اخران مصنوعان من الحجر وعليها نقوش وزخارف. وهناك ايضا القاعة (التحتانية) وهي غرفة استراحة صيفية تستخدم للجلوس والمناسبات وفيها بحرة فستقية وتميز القاعة الزخارف النباتية والهندسية. ويقول العاملون ل(كونا) ان هذه المطاعم تشهد اقبالا كبيرا وعلى كافة المستويات حيث يتوافد العديد من المواطنين والمقيمين والسياح لقضاء فترات ممتعة ولاتقتصر الخدمة على تقديم الوجبات الدمشقية المشهورة بل تقدم ايضا البرامج الترفيهية. وعن البرامج الترفيهية ذكروا ان برامج هذه المطاعم مقتصرة على فرق فنية صغيرة تقدم وصلات غنائية تراثية وفلكلورية والقدود الحلبية وهي ترتدي اللباس الدمشقي وبمصاحبة العود والقانون ودون ضوضاء احتراما للجيران ورقصة المولوية. وقالوا ان هذه المطاعم جذبت الكثير من رواد المطاعم والفنادق في دمشق الجديدة كما تحرص المجموعات السياحية على ارتيادها لقربها من اماكن سياحتهم حيث قلعة دمشق والجامع الاموي والاسواق التاريخية القديمة مثل مدحت باشا والحميدية والحريقة والتكايا ومحال الصناعات اليدوية والتقليدية وبيع التحف الشرقية وقال العاملون ان الوزارات وادارات الدولة والسفارات بدات تقيم الولائم لكبار الضيوف الزوار من عرب واجانب. وفي قلب دمشق القديمة واسواقها والى جانب حمام البكري يقع (مطعم اليسار) الذي زارته الوكالة ويمثل خصائص البيت الدمشقي حيث يتميز ببساطة المظهر الخارجي مع غنى واتساع الداخل وحيث تتعانق فخامة الرخام والحجر المملوكي مع اناقة النباتات ونوافير المياه. ويقول احد العاملين في المطعم باسل رستم ل(كونا) انه تم تشيد المنزل (مطعم اليسار) الواقع بالقرب من (باب توما) عام 1840 واعيد ترميمه بين عامي 1994 و1996 مع المحافظة على رونق واصالة زخارفه القديمة وفيما بعد تم استثماره كمطعم من قبل المالكين. وحول تسمية هذا البيت الدمشقي باسم مطعم اليسار قال رستم انه اسم اميرة من صور اعتلت عرش المملكة بعد وفاة والدها وعند اغتيال زوجها رحلت مع حاشيتها من كبار القوم ووصلت بهم الى شمال افريقيا وطلبت اليسار من اهالي البلد رقعة ارض يمكن احتواؤها بجلد بقرة واحدة وبعد موافقتهم قامت الملكة بتقطيع جلد البقرة الى قطع صغيرة بحيث حصلت على طول كاف لمحيط ارض اسست عليها مملكة قرطاج. ويشاهد الزائر المحلي والسائح لدى دخوله المطعم لوحات كتبت عليها مسميات اقسام البيت مثل (السطحية) و(القاعة) والغدير والعجمي ولدى سؤال رستم معاني هذه التسميات قال ان السطحية تعني التراس او الشرفة او كما يطلق عليها اهل الشام في لهجتهم المحكية (برندا) والعجمي هي صالة صغيرة تحتوي على ارائك وكراسي دمشقية مصنوعة من الخشب المصدف بالخزف الابيض اما جدران الصالة فهي مكسوة بديكور خشبي فلكوري بني اللون والقاعة وهي الصالة الكبيرة. ولم يقتصر تحويل البيوت الدمشقية التاريخية والعريقة الى مطاعم او مقاه فقط بل ان وزارة الثقافة حولت العديد من هذه البيوت الى متاحف حرصا منها على المحافظة على هذه البيوت اضافة الى اصدار العديد من القوانين الصادرة عن محافظة دمشق القاضية بعدم جواز بيع هذه البيوت خوفا من هدمها من قبل مستثمري العقارات وانشاء مبان حديثة مكانها للمتاجرة بها.(النهاية) ط ك / ع ب د