ملايين الرواد يوميا لأكثر من 42 ألف مقهى في مصر القاهرة - 29 - 6 (كونا) -- ذكرت ارقام احصائية نشرت اليوم ان 12 مليون شخص يترددون يوميا على 42 الف مقهى مرخصا في مصر الا ان دور هذه المقاهي تحول من منابر اعلامية وثقافية وسياسية الى مجرد مكان لتمضية الوقت.
ووفق بيانات للجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء فان الانفاق على المقاهي والمطاعم زاد بشدة خلال السنوات الخمس بنسبة 73 في المائة في الريف و89 في المائة في الحضر ليحتل حيزا واضحا في دخل الاسر المصرية.
صحيفة (الوفد) ذكرت في تعليقها على تلك الارقام ان عدد رواد المقاهي يفوق سكان كثير من الدول اذ ان عدد رواد المقهى الواحد يتراوح ما بين 100 و 500 شخص يوميا حسب تأكيدات عدد كبير من اصحاب المقاهي.
وتعود اصول ما يمكن تسميته ب"دولة المقاهي" في مصر الى القرن ال15 حينما اكتشف مشروب القهوة لأول مرة ودخل الى مصر بواسطة المتصوف ابوبكر بن عبدالله الذي كان يمر مصادفة بجوار شجرة بن فأكل من ثمارها فشعر بالنشاط والحيوية واضفة الى الارق ما دعاه الى السهر والعبادة فشجع اتباعه على تناولها ليبدأ اثر ذلك جدل كبير حول القهوة وشربها وهل هي حرام أم حلال.
وبعد سنوات قليلة انتشر الجدل حول تلك القضية وحرم بعض الفقهاء شرب القهوة وحرقوا اكياس البن لدى التجار وأفتوا بأن بيعه من المحظورات ولم تمنع الفتاوى انتشار المقاهي في غالبية مدن العالم الاسلامي.
وقبل ان تضع "معارك القهوة اوزارها" ويهدأ الجدل حولها اثارت المقاهي معركة أخرى أشد ضراوة وكان انطلاقها أيضا من المقاهي وكانت المعركة هذه المرة حول تحريم شرب الدخان الذي بدأ بعض المقاهي تقديمه الى روادها.
وفي مصر ومنذ مطلع القرن ال16 حتى قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 كانت القهوة تقدم ومعها " شبك الدخان " الذي يشبه الى حد كبير "الجوزة " أو "الشيشة " كما يطلق عليها الآن.
وتذكر كتب التاريخ ان الجلوس في المقهى لم يكن مقصورا في البداية على تمضية وقت الفراغ وشرب القهوة والتدخين انما لعب المقهى دورا مهما في كثير من الأحداث فعندما كان المذياع في علم الغيب كانت المقاهي هي مركز انطلاق اخبار الغزوات والانتصارات والهزائم أيضا.
وعندما احتل العثمانيون مصر عام 1517 تحولت المقاهي الى مراكز لانشاد ملاحم البطولة مثل ملاحم ابوزيد الهلالى وقصص عنترة والزير سالم وألف ليلة وليلة وكان سردها أشبه بالمسلسلات الليلية المتتابعة التي يتشوق الناس الى سماعها ليلة بعد أخرى سيما وان الجلوس في المقاهي كان في الغالب مقصورا على فترة الليل.
وفي العصر الحديث لعبت مقاهي القاهرة دورا مهما في الحركة الثقافية والسياسية وذاع صيت عدد منها وكانت أشبه بالمنتديات الثقافية والسياسية اذا كان يجلس فيها أحد رواد الثقافة أو السياسة محاطا بأتباعه ومريديه.
وهكذا ذاع صيت مقهى (نوبار) الذي كان عبده الحامولي يشدو فيه كل ليلة ومقهى (متانيا) الذي كان يجتمع فيه جمال الدين الأفغاني والامام محمد عبده والزعيم سعد زغلول ثم ارتاده في ما بعد عباس العقاد وابراهيم المازني.(النهاية) ر ض/ ص ب