السجون والمعتقلات في حكم النظام العراقي صدام حسين من ايمان الطبطبائي الكويت -- 16 - 4 (كونا) -- عرف العراق السجون والمعتقلات منذ أزمان سحيقة وكانت السجون عبارة عن قلاع عالية أو سراديب تحت الارض لايربطها بالسطح رابطة وكانت كبيرة وواسعة لتخزين الاسلحة والمعدات العسكرية حيث تم تفريغها ووضع هؤلاء السجناء فيها.
وجاء هذا الاجراء لضمان لعدم هروبهم في حالة قيام اى تحرك شعبي كما ان هذه المستودعات تفتقر للتهوية ولابسط مستلزمات الحياة ولا تصلها أشعة الشمس مما يعني تعرض هؤلاء المعتقلين لشتى أنواع الامراض وربما هلاكهم في وقت لاحق.
وتم انشاء السجون في جميع ألوية العراق أي المحافظات وكان أشهرها سجون بغداد وموقف السراي والحلة والكوت وبعقوبة والعمارة والموصل والبصرة ونقرة السلمان الصحراوي والذى كان يبعد اليه أشهر السجناء ويعتبر السياسيون المكوث فيه مفخرة لهم لبعده وقسوته لبلا جانب سجون الرضوانية والرمادي وأبو غريب ومئات الفلل والشقق السرية للاعتقال.
وبعد انقلاب تموز عام 1968 أسست رئاسة المخابرات وقوات الطوارئ السجون لكل فرع من فروع الامن العام أو المخابرات العامة وأشهرها سجن المخابرات فى بغداد.وشيدت معتقلات في مراكز الجيش الشعبي ومنظمات الحزب والنقابات ومراكز الشباب والملاعب الاولمبية. وانتشرت السجون ومراكز التعذيب فى كل مدينة بعد ذلك حولت القصور الى سجون مثل قصر الرحاب حيث حول الى سجن للتعذيب والتصفية الجسدية وسمى باسم (قصر النهاية) وكان على رأس المخابرات العامة برزان التكريتي.
كذلك كان هناك نظام الدعم الامنى وهي المؤسسة الاولي وهي المسؤولة عن اجهزة الامن والاستخبارات وتضم عددا كبيرا لايحصى من الاجهزة الرئيسية والفرعية بعضها علنى ومعظمها سري تدار وفقا لتكليفات خاصة من القيادة غير ان هذا النظام يعتمد على خمسة أجهزة أساسية تتفرع عنها تشكيلات فرعية سرية لرصد اى معارض اوتحركات ضد النظام.
والاجهزة الاساسية لامن النظام هى الحماية الخاصة ومخابرات الرئاسة والمخابرات العامة وجهازي الاستخبارات العسكرية والامن العام.
ومن أجل تنظيم الحياة فى السجون فقد انشأ السجناء فى كل سجن هيئة سجينة منتخبة من السجناء أنفسهم وهذه الهيئة تتألف من أصلب المناضلين ومن ذوى التاريخ النظيف والايادي البيضاء والسمعة الطيبة هدفها تنظيم حياة السجناء فى كافة النواحى المعيشية والصحية والاعلامية والفكرية وتكون صلة وصل بين السجناء وادارة السجن أو المسؤولين الذين يزورون السجن.
ولقد تحول العراق الى سجن كبير ورصدت مبالغ طائلة لاجهزة الامن والمخابرات وتضخمت تلك الاجهزة لتصبح كاالاخطبوط وفتحت خزائن البلاد فى استيراد أحدث وسائل التعذيب وبناء أكبر عدد من السجون والمعتقلات السرية وانتشار الجواسيس واستخدام الاطفال للتجسس على أسرهم ورفع تقارير منتظمة عما يدور داخل كل اسرة واتبعت السلطة اسلوب الاستدعاءات المتكررة ثم الاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية.
وأسست فروع للاغتيال والتشويش والتنصت والحرب ومنعت كافة الهيئات الدولية من ابادة السجون والمعتقلات بدلا من اشراف وزارة الشؤون الاجتماعية على تلك السجون بحكم تبعيتها الادارية انما اصبحت تدار مباشرة من قبل اجهزة الامن والمخابرات والشرطة واتبع اسلوب العقاب الجماعى على أوسع نطاق والاعتقال العشوائى الوقائى والمقابر الجماعية والتصفية الجسدية بأقذر الطرق.
واصبح نزلاء السجون حقلا للتجارب على الاسلحة الكيماوية والبيولوجية.
ان سجون ومعتقلات النظام العراقى ليست سجونا ومعتقلات وفقا لما هو متعارف ومعمول به فى البلدان الاخرى بل هي مجرد أوكار واقبية قذرة تفوح منها الجريمة والاوبئة والامراض.
وسجون ومعتقلات النظام لم تكن يوما لاصلاح ومعاقبة المجرمين وانما هى مراكز للتعذيب والقتل وتمارس فيها أبشع الجرائم والموبقات وتعيد الى الاذهان أجواء المعسكرات التى أقامها النازيون.
وكان النظام العراقي يشير دائما الى ان غالبية السجناء سياسيون وهم من ابناء الشعب المعارضين للنظام او ممن تشك اجهزة الامن في ولائهم له وهم يضافون باستمرار الى جيش السجناء السياسيين المغيبين المذكور ويتعرضون مثلهم الى المعاملة الوحشية والتعذيب والامتهان.
ويذكر تقرير منظمة العفو الدولية ان الالاف من معارضي النظام العراقي اعتقلوا دون تهمة أو محاكمة وكان منهم سجناء رأي كما كان الحال مع الالاف ممن قبض عليهم في السنوات السابقة وظلوا قيد الاعتقال.
وكان من بين المحتجزين كويتيون ممن سجنوا بعد الاحتلال العراقي للكويت في اغسطس عام 1990 وأفراد من الاكراد والشيعة المسلمين في العراق ممن قبض عليهم اثناء الانتفاضة التى وقعت في العراق في شهر مارس 1991.
وذكر شهود عيان كثر ان المعتقلين كان يمثل بهم قبل اعدامهم اما باقتلاع عيونهم او تقطيع أطرافهم واشعال النار فيهم وغرز الابر الكهربائية فى أفخاذ المواطنين لانتزاع اعترافاتهم وإتلأف شبكة العين بأجهزة خاصة للرؤية وهذه الاساليب ان دلت على شيء فانما تدل على تفنن النظام العراقي فى الممارسات الاجرامية الوحشية.
اما النوع الاخر من التعذيب فهو التعذيب النفسي الذي كان له أبلغ أثر حيث ان كثيرا من الحالات قد وصلت الى حالة الجنون.
وأخيرا سيظل التاسع من أبريل من عام 2003 محفورا في ذاكرة العراقيين مع سقوط نظام حكم صدام حسين وسيكون يوما للفرح ونهاية مرحلة الالم والمعاناة النفسية والظلم والقهر والخوف والرعب الذي تعرضوا له على مدى ثلاثة عقود .(النهاية ) أ ط / ف ز