نجم الثريا وتاثيره على حياة البدو والصحراء فى الجزيرة العربية من منتهى الفضلي الكويت - 9 - 4 (كونا) -- لن يغيب عن ذاكرة الصحراء صورة ذلك البدوي الذي يحمل في يده عصا مخصرة بالعقد يعلوها مقبض عريض يربت عليه بحركة توحي بنشدان الحماية ويجر خلفه ساقه اليمنى كمن يجر غصن ميت وينظر الى السماء الداكنة السواد وكانه يتلحفها ويراقب نجم الثريا بصبر شديد.
يقول الموءرخ والباحث احمد بن محارب الظفيري لوكالة الانباء الكويتية (كونا) فى حديث تناول علاقة ابن الصحراء بالنجوم "من عادة ابناء الجزيرة العربية ملاحظة ومتابعة نجوم السماء وحساب مسافة حركتها منذ بداية وقت ظهورها وطول مدة ليالي وجودها في السماء حتى مغيبها ليكون على بينة من التغيرات الجوية المحتملة فهم اعتمدوا عليها في تقويم الظواهر الجوية". ويضيف قائلا "الحديث عن الثريا او كما يسمونها العرب محبوبة العرب حديث جميل لانها عنقود من النجوم المتلاءلىء والمنظم بعضه ببعض ويبدو أحيانا على هيئة مثلث ساحر الاضواء وقيل ان عدد نجومه ثلاث عشرة نجمة وبعضهم يقول تسع نجمات ".
والثريا من اشهر نجوم الانواء "الجو" عند العرب قديما وحديثا يسميها العرب الاوائل باسم الثريا او النجم وهي مرتبطة بالاشهر القمرية العربية المتنقلة وغير الثابته وعلى عكس الاشهر الميلادية المرتبطة بالشمس.
تطلع الثريا فجر ليلة يوم 7 يونيو ويهتم العرب برؤيتها عند قيامهم لصلاة الفجر حيث يمكن مشاهدتها عند طلوعها في جهة الجنوب الشرقي اقرب الى الشرق منها الى الجنوب وتسمى هذه الجهة بمطلع النجوم ويستدل على قرب طلوع الثريا بظهور زوابع ورياح شديدة تسبق طلوعها.
ويطلق البدو في جزيرة العرب على هذه الزوابع زوابع طلوع الثريا وبعضهم يسميها البوارح وهي رياح السرايات الشهيرة بمنطقة الخليج العربي .(يتبع) الكويت - وتشاهد الثريا عند بداية بزوغها لمدة دقائق معدودة ثم تخبو مع شروق نور الشمس فلا يمكن روءيتها بعد ذلك ثم تستمر بالتقدم ليلا لوسط السماء حتى ياتي 19 يونيو فيكون هذا التاريخ هو اخر بزوغ لها حيث تستقر فى موقعها بالسماء ويمكن مشاهدتها لمدة طويلة وبكل وضوح لتكون لوحة رائعة وجميلة ومع بداية طلوع الثريا تحسب الاربعينية ومدتها اربعون يوما وتسمى "مربعانية الصيف".
بحكم التجربه المتوازنة والعيش في البادية يقول الباحث ابن محارب لاحظ "البدو الاقدمون والحاليون في جزيرة العرب ان القمر يقارن بالثريا في كل شهر قمري وان تاريخ القران في كل شهر يختلف عن تاريخه السابق بمقدار يومين ويشبهون هذا القران الحاصل بين القمر والثريا " بقران حشو" وكلمة حشو عند اهل البادية تعني صغار الابل وسميت حشوا او حاشية لانها تحشو كبار الأبل أي تتخللها وتمشي بين ارجلها" .
وكلمةالقران تعني الحبل الذي يقرن به بعيران او يجمع به فالبدوي يقرن الحاشيين أي يجمع البعيرين بحبل واحد من رقبتيهما ليجعلهما متساويان بالسير ولا يفترقان ويمكن السيطرة عليهم وسوقهما بكل سرور وسهولة .
ويضيف ابن محارب الظفيري قائلا " هناك انواع كثيرة للقران تحدث في السماء بين نجم الثريا والقمر واشهرها " قران حادي برد بادي "وتعني عندما يقارن القمر بنجم الثريا ويحصل هذا القران عادة في الايام العشر الاوائل من شهر ديسمبر وهو اشارة الى بداية مربعانية الشتاء".
اما قران " تاسع برد لاسع " وهو يلي قران حادي وتعني ان القمر يقارن الثريا في الشهر القمري التالي أي الذي يلي الشهر السابق في ليلة اليوم التاسع منه ويقصدون بهذه الكلمة ان البرد قد اشتد واخذ يلسع الاجسام ببرودته القارصة ويتم هذه القران في العشر الاوائل من شهر يناير .
ويكمل حديثه قائلا " ثم ياتي القران السابع ويقال قران سابع مجيع وشابع حيث يقارن القمر الثريا في ليلة اليوم السابع وتحديدا في العشر الأوائل من شهر فبراير وسمي ذلك للدلالة على بداية ظهور العشب وانتشاره على سطح الارض فترعاه الحيوانات وقد تشبع منه او لا تشبع فالعشب الذي يظهر خلال شهر هذا القران محكوم بكمية الامطار المتساقطة في فترة الوسم وما يليها ".(يتبع) الكويت - ثم ياتي بعد قران تاسع قران خامس ويقال " قران خامس بالربيع طامس " للدلالة على ان الربيع خلال فترة شهر من هذا القران قد بلغ ذروته بكثرة ظهورالاعشاب والشجيرات والحشائش فاذا جلس الانسان او برك الحيوان في الروض الاخضر انطمس بين اعشابه وشجيراته ويقول البدو عن فترة هذا القران " اهزوجة بدوية مرحبه بهذا الجو الجميل "تفرع الاشجار وتبيض الاطيار ويتساوى الليل بالنهار ويسير الجار على الجار " ( يسير ) بمعنى يزور ويحصل هذا القران في الايام العشر الاوائل من شهر مارس .
ويضيف الباحث ابن محارب مفسرا سبب تسمية قران ثالث بربيع ذالف ان خلال هذه الفترة يكفكف الربيع اذياله للمغادرة فهو ذالف أي ذاهب ليفسح المجال امام ايام الصيف ويتم هذا القران في الايام العشر الاخيرة من شهر ابريل ليأتي بعده " قران حادي على الماء ترادي " حيث يقارن القمر مجموعة نجم الثريا في اول ليلة من الشهر الهجرى ومعنى ذلك ان الصيف قد دخل وبدأت حرارته بالتزايد والتسارع التدريجي وعليه فان الحيوانات من ابل وغنم يجب ان ترد الماء لان الاعشاب والاعواد الخضراء الرطيبة قد جفت بفعل حرارة الشمس .
خلال هذه الفترة يتجه عربان البادية للقطن حول "القلبان" اي الابار ويلتفوا حول " المقاطين " أي حول عدودهم قلبانهم المعروفة وتعني كلمة المقاطين هي الفرجان اما العدود جمع عد وهو البئر العميق الذي لا ينضب منها الماء ووقف هذا القران يكون في العشر الاوائل من شهر مايو .
وفي ليلة يوم 27 ابريل وعندما يستيقظ المصلون فجرا لتأدية الصلاة فانهم يشاهدون الثريا متدلية نحو الارض وقريبة منها في جهة الغرب الشمالي مغيب النجوم وسرعان ما تخفق من امام نظريه أي تختفي نهائيا من السماء لمدة اربعين يوما وتسمى مدة الاختفاء هذه " بالكنه " او بكنه الثريا ومقدراها اربعون يوما اخرى.
وفي فجر يوم 7 يونيو والكلام للباحث ويختتم فيه حديثه لكونا"تطل الثريا مرة اخرى ويقال في هذه المناسبة " ليما خفقت الثريا ثم وايقت كل خضراء ودعت بسلام " ويعني المثل ان بعد اختفاء او خفق الثريا وايقت أي طلعت فان كل عشبة خضراء اصبحت يابسة بفعل حرارة الشمس الملتهبة في هذه الفترة ويرافق خفوق اختفاء الثريا عواصف ورياح رملية متقلبة الاتجاهات والسرعة ويسميها اهل الخليج برياح البوارح ويحسبون لها الف حساب عند دخولهم البحر".(النهاية) م ف / ف ز كونا090952 جمت ابر 02