25 و 26 فبراير مناسبتان وقيمة واحدة من عبد الحميد بدر الدين الكويت - 25 - 2 (كونا) -- تحتفل دولة الكويت هذه الأيام بالذكرى الاربعين للاستقلال والذكرى العاشرة للتحرير وهما مناسبتان أولاهما تعود الى عام 1961 وثانيهما الى عام 1991 ولكن تجمع بينهما قيمة واحدة هى الحرية بمفهومها الشامل اي حرية الارض والانسان .
وقد كانت الحرية هى هاجس المجتمع الكويتي منذ نشأته قبل اكثر من قرنين وبفضلها استطاع خلق الحياة الكريمة فوق هذه الرقعة من الأرض العربية واقام مجتمعا اتسم بوضوح العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين من يملك ومن لا يملك .
وتشهد وقائع التاريخ الكويتي ان الكويتيين هم الذين اختاروا حاكمهم صباح الاول فى عام 1757 وحددوا الموارد المالية للدولة فى تلك الفترة المبكرة وصاغوا قانونا للغوص لتوزيع العائد الاقتصادي لأهم نشاط او عمل كانوا يقومون به وربما كان هذا القانون فريدا من نوعه فى العالم بأسره وقتها .
لقد كان ذلك كله لايمان الكويتيين بحريتهم وحرية مجتمعهم خاصة وان مجتمعات العبيد لم تصمد أمام حركة التاريخ وانما اندثرت وانهارت وأصبحت أثرا بعد عين لعجزها عن التكيف مع المستجدات والتطورات المتلاحقة .
وكانت الحرية . حرية الأرض والانسان . هى التى دفعت الكويتيين الى الحرص على أن يؤسسوا مجلسا للشورى فى عام 1921 لمعاونة الحاكم على تصريف أمور الوطن . ومجلسا تشريعيا فى عام 1938 لصياغة دستور للبلاد .
هذا بخلاف المجلس البلدي فى عام 1931 ومجلس المعارف فى عام 1936 وغيرهما من المجالس وكلها تشير الى مشاركة الكويتيين قبل اعلان الاستقلال فى تسير أمور بلادهم سواء على مستوى التشريع او على مستوى الخدمات والمشاركة هى التطبيق العملي للحرية . (يتبع) ع ب كونا251147 جمت فبر 01 لار0042 4 0257 /كوناذفا91 سياسي/كويت/وطني/تحليل1 25 و 26 فبراير مناسبتان وقيمة واحدة الكويت - وعندما أعلن المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح فى كلمته الى الأمة يوم 19 يونيو 1961 استقلال الكويت كدولة عربية ذات سيادة كان مطلبه الى المواطنين ان يطلعوا على الاتفاقية وأن يبدوا الرأي بشأنها .
وكانت الاتفاقية الجديدة تلغى اتفاقية عام 1899 وتضع الاسس لعلاقات متكافئة بين دولتين مستقلتين تتمتع كل منهما بكامل حريتها وسيادتها .
مطلب " ابو الاستقلال " و " ابو الديمقراطية " المغفور له الشيخ عبدالله السالم فى جوهره يمثل حرصا على مشاركة الكويتيين اياه كل ما يتعلق ويتصل بالوطن وبالمواطنين انها الحرية مرة اخرى تحفر مجراها فى المرحلة الجديدة .
وبعد حوالي ستة أشهر على اعلان الاستقلال كان أول قانون وقعه الشيخ عبدالله السالم يختص بانشاء مجلس تأسيسي لاعداد وثيقة دستور " يبين نظام الحكم على اساس المبادىء الديمقراطية " .
وجاءت وثيقة الدستور بالفعل حريصة على حرية الوطن والمواطن وعلى الفصل بين السلطات مع تعاونها وعلى كل ما هو لازم وضروري لبناء مجتمع ناهض ومتحضر .
وقد وقف المغفور له الشيخ عبدالله السالم فى عام 1964 الى جانب الديمقراطية والحرية عندما انتصر لمجلس الأمة فى خلافه مع السلطة التنفيذية حول المادة 131 من الدستور .
وقد شهدت تلك الفترة من مسيرة الاستقلال والتى انتهت بوفاة الشيخ عبدالله السالم يوم 24 نوفمبر 1965 ارساء أسس الدولة الدستورية بمؤسساتها وأجهزتها المعروفة وقوانينها الحديثة كترجمة لمبدأ الحرية او الديمقراطية ولكنها فى نفس الوقت شهدت نضالا على طرف آخر للقيمة ذاتها او المبدأ ذاته .
فقد وقف أمير الاستقلال بصلابة فى وجه أطماع عبدالكريم قاسم حاكم العراق العسكري فى تلك الفترة والتى أطلقها ضد الكويت فى عام 1961 . (يتبع) ع ب كونا251147 جمت فبر 01 لار0043 4 0228 /كوناذفا93 سياسي/كويت/وطني/تحليل2 25 و 26 فبراير مناسبتان وقيمة واحدة الكويت - وحظى موقف الشيخ عبدالله السالم بمؤازرة شعبية واسعة نبعت عن ارادة حرة مستعدة لافتداء الوطن بالروح والمال والبنين مما جعله يخاطب الكويتيين بقوله " فى هذه الأونة من تاريخ الكويت المجيد وقد هببتم جميعكم كتلة متراصة تعربون عن شعوركم الطيب الجياش واستعدادكم بالنفس وبالنفيس فى سبيل الذود عن حياض الوطن مندفعين غير مدفوعين وطائعين غير مكرهين أشكركم يا أبنائي الأعزاء وأحييكم فرادى وجماعات " .
ولم يكن قدر الشيخ عبدالله السالم وحده مواجهة الأطماع الخارجية التى استهدفت الكويت وطنا ومواطنين ولكن ثاني أمراء الاستقلال المرحوم الشيخ صباح السالم الصباح واجه تحديا مماثلا وان كان قد انتقل من خانة التفكير والتهديد الى خانة الحركة والفعل.
ففى عام 1973 تعرضت منطقة الصامتة للعدوان وقد انتفض الكويتيون للدفاع عن حريتهم وحرية وطنهم والحفاظ على منعة حدودهم مما ادى الى تسوية الأمر وبما يكفل للكويت وطنا وشعبا الحرية .
لقد وقعت المعركة والكويتيون مشغولون بتشييد خدماتهم واقتصادهم وفى وقت كانوا يسلحون انسانهم بالمعرفة والعلم الحديث ولكن انشغالهم ذاك لم يصرفهم عن الحفاظ على حرية وسلامة وسيادة الكويت لأنها الأساس لسلامة وحرية انسانها .
اما فى الثاني من اغسطس عام 1991 فقد كتب على الكويت وأميرها سمو الشيخ جابر الاحمد الصباح ان تواجه أخطر عدوان تعرضت له دولة قرب نهاية القرن العشرين .
و لم يستهدف العدوان قطعة أرض او منطقة خلافية وانما استهدف الكويت من أساسها استهدف حرية وطن وحرية شعب . (يتبع) ع ب كونا251147 جمت فبر 01 لار0044 4 0356 /كوناذفا94 سياسي/كويت/وطني/تحليل3-واخيرة 25 و 26 فبراير مناسبتان وقيمة واحدة الكويت - وبفضل التراث المتراكم من العلاقات الحرة بين الحاكم والمحكوم فى الكويت والتى عبر عنها كأفضل ما يكون عبدالعزيز حمد الصقر فى كلمته امام مؤتمر جدة الشعبي فى اكتوبر 1990 بقوله " فى لقاء كهذا رسمي الدعوة شعبي الاستجابة ليس الهدف أبدا مبايعة آل صباح ذلك أن مبايعة الكويتيين لهم لم تكن يوما موضع جدل لتؤكد و لا مجال نقض لتجدد ولا ارتبطت بموعد لتمدد بل هى بدأت محبة " واتساقا " . واستمرت تعاونا واتفاقا . ثم تكرست دستورا وميثاقا " .
بفضل هذا التراث الذى تحول الى واقع وقفت الكويت شعبا وقيادة صفا واحدا ضد العدوان وضد مخطط المحو والالغاء وبفضل وقفتهم النابعة عن ارادة حرة قيض لقضيتهم العادلة اجماع دولي غير مسبوق داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الاقليمية وعلى الأرض وتحررت بلادهم بعد أقل من سبعة أشهر على العدوان .
وبالمقابل فان الحرية الغائبة كانت وراء العدوان الذى استهدف كيان ووجود الكويت فقد سيق الاشقاء المغلوبون على أمرهم الى حرب لا مصلحة لهم فيها وسخرت امكانيات القطر الشقيق لاطماع لا يحتاج اليها العراق ودفع الانسان والوطن على حدود الكويت الشمالية ثمنا فادحا لمغامرة او مغامرات طائشة بلا معنى ولا هدف ولا تعبر الا عن أحلام توسعية فاشية لا تؤمن بالمشاركة ولا بالحرية والديمقراطية .
الحرية الغائبة ذاتها وراء التهديدات المستمرة التى يطلقها اركان النظام الحاكم فى العراق ضد الكويت والكويتيين سواء بالتلويح بسحب الاعتراف باستقلال الكويت وحرمة حدودها الدولية او بوقف صيغة النفط مقابل الغذاء وهي ذاتها - اى الحرية الغائبة - وراء استمرار انكار وجود اكثر من 600 اسير ومختطف كويتي ومن جنسيات أخرى فى سجون ذلك النظام ووراء عدم قبول القرار الدولي رقم 1284 وتحين الفرص لاعادة بناء الترسانة النووية . وغياب الحرية والديمقراطية والمشاركة الشعبية هى التى عرضت وتعرض الشعب العراقي لامتهان كافة حقوقه وحالت وتحول بينه وبين الحياة الآمنة الكريمة وهو الذى يملك من القدرات البشرية والثروات الطبيعية ما يضعه فى مقدمة الشعوب والبلدان الناهضة والنامية.
واليوم والكويت تعيش احتفالات مرور أربعة عقود على الاستقلال وعقد واحد على التحرير فان الحرية سواء اتخذت اسم المشاركة او الديمقراطية هى القيمة التى ترفرف فوق رايات الاحتفالات فى حين أن غيابها وراء مسلسل الهزائم والكوارث الذى مني به الآخرون وتسبب فى المعاناة التى ألمت بشعوبهم . (النهاية) ع ب كونا251147 جمت فبر 01