A+ A-

تقرير.. اسقاط القروض كرة ثلج كويتية في موسم شتاء بارد

لار0022 4 0347 /كونارنه90 اقتصاد/كويت/قروض/تقرير تقرير.. اسقاط القروض كرة ثلج كويتية في موسم شتاء بارد من غادة الحبيب الكويت - 11 -12 (كونا) -- مثلما قد تنشأ كرة الثلج الضخمة من حبة برد صغيرة كذلك فان قضية اسقاط القروض في الكويت بدأت بفكرة يتداولها البعض ثم ما لبثت أن اتسعت وكبرت حتى غدت قضية رأي عام وحديث الساعة. فهذه القضية لم تثار من فترة طويلة وانما بدأت بوادر الحديث عنها في الحملات الانتخابية لدى بعض المرشحين لانتخابات مجلس الأمة الحالي التي عقدت في 29 من يونيو الماضي وبعد افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي 11 أصبحت مسألة اسقاط القروض من أولويات بعض النواب الذين سارعوا بتقديمها الى المجلس. وبالفعل فقد حددت جلسة خاصة في ال 27 من نوفمبر الماضي لمناقشة الاقتراح بقانون في شأن اسقاط القروض عن المواطنين بناء على الطلب الموقع من 12 نائبا الا أن هذه الجلسة قوبلت بالاعتذار الرسمي من الحكومة عن الحضور مما أدى برئيس المجلس الى فض الجلسة لعدم اكتمال النصاب. وعللت الحكومة اعتذارها عن حضور الجلسة " لغياب البيانات التفصيلية المتعلقة بالاقتراح واستمرارا لنهجها المعتمد في الاعتذار عن حضور الجلسات الاستثنائية التي لا يتم التنسيق في شأنها بين المجلس والحكومة ". هنا وجه بعض النواب اتهاما الى الحكومة بالتهرب من حضور الجلسة الا ان وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة عبد الهادي الصالح أكد ان الحكومة لم تتهرب من جلسة اسقاط القروض مشيرا الى أن " التهرب يكون عندما تتحد جلسة تم الاعداد والتنسيق لها بين المجلس والحكومة ومستوفية لكل الشروط والاجراءات ثم لا تحضر الحكومة". هذا على صعيد الموقف الحكومي من جلسة اسقاط القروض ولكن ما هو موقفها من القضية نفسها. فقد أكدت الحكومة ولأكثر من مرة على لسان وزير المالية بدر الحميضي رفضها القاطع لاسقاط القروض قائلا " نحن من حيث المبدأ نرفض اسقاط القروض عن المواطنين". وعلل الوزير الحميضي هذا الرفض بأن قيمة قروض البنوك والشركات الاستثمارية تبلغ نحو 2.1 مليار دينار كويتي فقط موزعة على 303 الاف و473 قرضا استهلاكيا بينما المتخلفين عن السداد يبلغ عددهم 8864 قرضا أي ما نسبته 9ر2 في المئة وهو ما يشكل أقل من النسبة المتعارف عليها عالميا والبالغة 6 في المئة. وأضاف أن المقترح بقانون المقدم من قبل بعض نواب مجلس الأمة يعد قانونا غير عادل اذ انه لا يشمل كل أنواع القروض مثل قروض الشركات التي لا تخضع لرقابة البنك المركزي وفي مسألة عدم تحقيق العدالة يذكر أن اللجنة التشريعية بمجلس الأمة أبدت عدم موافقتها على المقترح بسبب عدم تحقيقه للعدالة بين المواطنين مبينة أن المادة 29 من الدستور نصت على أن الناس سواسية في الكرامة الانسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك. وشدد الوزير الحميضي على ضرورة المحافظة على الاحتياطي العام للدولة قائلا " أن الكويت بها الكثير من الخيرات ولكن هذه الخيرات ليست حقا لنا وحدنا وانما هي من حق الاجيال القادمة ". وقال " لدينا الان 48 مليار دينار من ارتفاع عائدات النفط ولا يوجد لدينا غيرها لذلك علينا أن نعرف نتيجة اسقاط القروض ومغبة التفريط بهذه الفوائض ". يذكر أن مجلس الأمة قرر تحديد موعدا لجلسة اسقاط القروض في 19 من ديسمبر الجاري. واذا انتقلنا من الجانب الحكومي الى مقاعد نواب مجلس الأمة نجد أن أعضاء المجلس قد انقسموا بين مؤيد لاسقاط القروض وبين معارض لها. فالنائب الدكتور ضيف الله بورمية أحد مقدمي الاقتراح بقانون وأكثرهم دفاعا عنه استند في رأيه على البيانات الصادرة من وزارة العدل بوجود أكثر من 140 ألف مواطن مقيد ضدهم قضايا بالمحاكم لعجزهم عن الدفع منهم 64 ألفا مطاردون من قبل وزارة الداخلية. وقال " ان اسقاط القروض قضية باتت قضية مصيرية للشعب الكويتي". أما النائب صالح عاشور وهو من المؤيدين أيضا لاسقاط القروض دعا الى " تقديم تشريعات تحد من تمادي البنوك في الاستقطاعات التي وصلت الى 80 في المئة من الراتب" متسائلا عن دور البنك المركزي في الرقابة على تلك البنوك. وعلى الصعيد نفسه أكد النائب حسين مزيد ( مؤيد لاسقاط القروض ) أن تحقيق العدالة المطلقة هو أمر من صفات الله سبحانه وتعالى ولكنها عند البشر متفاوته مبينا أننا الان أمام قضية اجتماعية مطلوب من الحكومة والمجلس حلها. يذكر أن الاقتراح بقانون المقدم من النواب ( ضيف الله بورمية - سعدون حماد العتيبي - مزعل النمران - محمد الخليفة - علي الدقباسي ) لاسقاط الديون المستحقة على المواطنين نص في مادته الأولى على أن يعفى المواطنون الكويتيون من الديون المستحقة عليهم من تاريخ العمل بهذا القانون للجهات الحكومية والهيئات العامة والمؤسسات العامة وكذلك القروض الاستهلاكية المستحقة عليهم للبنوك التجارية وشركات الاستثمار - بينما جاء في المذكرة الايضاحية للاقتراح انه وحرصا على مساعدة المواطنين لمواجهة الحياة الاجتماعية وتخفيفا للأعباء المالية الواقعة على عاتقهم ونظرا للوفرة المادية التي تشهدها الميزانية العامة للدولة فقد أعد هذا الاقتراح بقانون. ونظرا لما يشوب هذا الاقتراح من شبهة عدم تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين فقد تقدم نفس النواب باقتراح تعديل القانون السابق لينص القانون الجديد المعدل على 4 مواد أساسية أكثر تفصيلا وتحديدا وذلك بهدف تفكيك ديون المواطنين للتسهيل على المجلس في اسقاطها. ونص التعديل الجديد على اعفاء المواطنين الكويتيين من ديون وأقساط البيوت الحكومية المخصصة لهم من قبل المؤسسة العامة للرعاية السكنية قبل العمل بهذا القانون كما يعفى المواطنون من قروض بنك التسليف والادخار المستحقة قبل العمل بالقانون اضافة الى اعفائهم من الديون المستحقة نتيجة استهلاك الكهرباء والماء قبل العمل بهذا القانون. أما فيما يتعلق بالقروض التجارية فقد نص التعديل الجديد في المادة الرابعة منه على أن يعفى المواطنون الكويتيون من جميع أنواع القروض الممنوحة بضمان الراتب وتستقطع منه التي لا تزيد عن 70 ألف دينار المستحقة للبنوك التجارية وشركات الاستثمار قبل العمل بهذا القانون. وفي الجهة المقابلة نجد بعض نواب مجلس الأمة ممن يرفض رفضا باتا لقضية اسقاط القروض ومن أبرزهم رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس النائب أحمد باقر الذي أوضح أن " القانون المقدم سيؤدي الى المزيد من الربا والاستهلاك التبذيري وعدم العدالة بين الناس". أما النائب صالح الفضالة فقد وصف القانون بأنه " سيء الذكر " معتبرا أنه يخالف الدستور في الكثير من مواده التي تدعو للعدل والسواسية وحماية الأموال العامة. وقال انه " لا توجد أي دولة في العالم قامت باسقاط القروض عن مواطنيها على الرغم من استفادة دول عدة من ارتفاع أسعار النفط - وبين المؤيدين والمعارضين تظهر فئة أخرى من النواب الذين يدعون الى اسقاط فوائد القروض. ومن هؤلاء النواب الدكتور سعد الشريع والدكتور علي العمير الذين أوضحا أن هناك تحركات نيابية لوضع حد لارتفاع الفائدة على المقترضين وايجاد حل لها مع تزايد عدد المتأثرين من المواطنين الذين اقترضوا من البنوك المحلية مشيرين الى أن البعض في مأزق حقيقي اذ ترتفع الفوائد وأصل الدين ثابت. فقد أكد النائب العمير سعي الكتلة الاسلامية لايجاد حل يتعلق بفوائد القروض مشيرا الى انها باتت تشكل عبء يعاني منه معظم الكويتيين المقترضين. أما النائب الدكتور سعد الشريع فقال ان على المجلس والحكومة النظر في قضية الفوائد ودراستها من كل جانب والتدخل لانهاء معاناة المواطنين الذين يشتكون من فحش الفوائد لاسيما وانها مركبة ( بالنسبة للقروض غير الاستهلاكية ) وتوضع بشكل خاطىء وغير قانوني مما يؤثر على المدين ويجعل البنك هو المتحكم بسعر الفائدة والاستفادة منه دون أصل الدين. ومن الحكومة والمجلس ننتقل الى الشارع العام ممثلا بقطاع جمعيات النفع العام والتيارات السياسية في الدولة والتي انقسم غالبيتها بين مؤيد ومعارض. فقد أصدر كل من الاتحاد العام لعمال الكويت واتحاد القطاع الحكومي ونقابات البترول والاتحاد الوطني لعمال الكويت وتكتل العدالة وحزب الأمة والحركة السلفية وتجمع التكافل وجمعية المجتمع الوطني بيانا في ال28 من نوفمبر الماضي " يحذر من العواقب الوخيمة لهذه القضية وعدم حسمها محملين الحكومة كامل المسؤولية فيما يتعلق بتراكم الديون على المواطنين بسبب زيادة الفوائد ". وفي مقابل ذلك تبنت بعض جمعيات النفع العام المعارضة لقانون اسقاط القروض كالجمعية الاقتصادية الكويتية حملة في الصحف اليومية تدعو الى رفض القانون معتبرة أن اقراره سوف يؤدي بالبلاد الى كارثة اقتصادية - وهو التعبير نفسه الذي استخدمه رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت علي ثنيان الغانم لدى ادلائه برأيه في مسألة اسقاط القروض وقال " لا يوجد أي مبرر لاسقاط القروض عن المواطنين وبدلا من ذلك يجب تنمية الشعب ليصبح منتجا ويحافظ على كيانه وثروته ". واضاف " ان الفوائض المالية لدى الدول تقاس وفق أسس وضوابط ترتبط باكتمال البنية الاساسية للدولة كالكهرباء التي تشهد الكويت عجزا فيها اضافة الى النقص في مشاريع الطرق والوحدات السكنية ". أما من أبرز التيارات الدينية الرافضة لاسقاط القروض هو التجمع السلفي الذي بين أمينه العام خالد السلطان أن مقترح اسقاط القروض " يعتبر بمثابة الافساد والتدمير للشعب الكويتي ". كذلك اعتبرت جمعية الاصلاح الاجتماعي في بيان لها ان اسقاط القروض مخالفا للعدالة والمساواة ويلحق بالاقتصاد الكويتي أفدح الأضرار. وقال أمين سر الجمعية عبدالله العتيقي أن الجمعية ترى أن الحل يكمن في الاسلام الذي شرع الزكاة للغارمين والصدقات للمعسرين دون اللجوء الى مسألة اسقاط القروض عن الجميع وما تحمله من تكريس عدم المساواة بين المواطنين. أما الحركة الدستورية اعلنت على لسان النائب جمعان الحربش انها ستتقدم باقتراحين الى المجلس فيما يختص بمسألة اسقاط القروض على المواطنين يحققان العدالة والمساواة وتجاوز الشبهة الدستورية التي ذكرتها اللجنة التشريعية في القانون الأول المقدم من النائب ضيف الله بورمية. وبين النائب الحربش ان الاقتراح الأول يكمن في منح مبلغ ألف دينار كويتي لكل مواطن أما الاقتراح الثاني فينص على تخصيص الحكومة مبلغ 200 مليون دينار لمساعدة المواطنين المعسرين. اذن بالأمس القريب كانت قضية الدوائر الخمس هي كرة الثلج التي نزلت على الكويت في أشد أوقات الطقس حرارة واليوم ها هي قضية اسقاط القروض تتبلور لتصل الى كرة ثلج جديدة تتلائم وغيوم الشتاء التي تلف أجواء البلاد الان فكيف ستكون النهاية. (النهاية) غ ح / ف ف .(