A+ A-

(جنة الزهراء) المقبرة المدينة التي يرقد في باطنها مليون انسان

(جنة الزهراء) المقبرة المدينة التي يرقد في باطنها مليون انسان من نجم عبدالله طهران - 26 - 5 (كونا) -- لا تملك وانت تقترب من مقبرة ( بهشت زهراء ) المترامية الاطراف والتي يرقد في باطنها اكثر من مليون انسان وتبلغ مساحتها 414 هكتار الا ان تردد قوله تعالى " انك ميت وانهم ميتون ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ".
وعلى غير العادة التي تصاحب الزائر لمملكة الاموات من رهبة مصحوبة بالخوف الا ان اللافت للنظر ان نشاطا انسانيا غير عادي يتفاعل تجاريا في هذه المقبرة يقوم به سماسرة القبور وبائعو الاكفان والزهور وماء الورد ووجبات الطعام على اختلاف انواعها.
وتعني كلمة (بهشت) الجنة واما (زهراء) فالمقصود بها السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجة الامام علي ابن ابي طالب ووالدة الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة.
وتوجد في المقبرة التي افتتحت رسميا عام 1966 قطع خاصة لدفن المبدعين في مختلف العلوم والفنون واخرى مخصصة للشهداء الذين سقطوا ابان الثورة الايرانية عام 1979 وكذلك ضحايا الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمانية اعوام في الفترة من عام 1980 حتى عام 1988.
وتستقبل المقبرة خلال الشهور الاخيرة ما بين 120 الى 140 متوفي يوميا اذ تتسليم ادارة المقبرة حوالي 50 الف جنازة سنويا يستغرق غسل وتكفين ودفن كل شخص 40 دقيقة تقريبا يرحل بعضهم الي المدن الايرانية الاخرى بناء على طلب ذويهم .
واشارت التقارير الطبية الى ان الاصابة بالنوبة القلبية والدماغية تعتبران ابرز اسباب الموت لاهالي مدينة طهران اذ ان مجموع المتوفين عام 2001 في هذه المدينة بلغ 44557 شخص حيث تم دفن 35935 في مقبرة بهشت زهراء وتم نقل الباقين الى اماكن ومدن اخرى.
وتبلغ تكاليف غسل وتكفين ودفن الميت ووضع حجر اسود يكتب عليها اسم المتوفي ( الشاهد) 33 الف تومان بحوالي (اربعين دولار) وفقا للتسعيرة الرسمية المعمول بها.
ويوجد في المقبرة استراحات خضراء مزينة بالورود ونوافير مياه مزخرة واشجار واضواء كاشفة وشوارع فسيحة لمركبات الزوار تنظمها أشارات مرورية تجعل المقبرة عالما مشتركا بين الاحياء والاموات.
وتختص هذه المقبرة بالمسلمين فلا يسمح لغيرهم من اتباع الديانات الاخرى كالمسيحية واليهودية والزرادشتية وهي احدى الديانات القديمة في حضارة بلاد فارس الدفن بهذه المقبرة.(يتبع) طهران - ويحرص المسؤولون الايرانيون على ترتيب زيارات للوفود الرسمية التي تزور البلاد لهذه المقبرة التي يرقد فيها مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية ومرشدها الراحل اية الله الخميني وشهداء الثورة الايرانية عام 1979.
ويقدر عدد زوار المقبرة خلال يومي الخميس والجمعة بمليون شخص. وتخصص الحكومة الايرانية خلال الاحتفالات بأنتصار الثورة يوما لزيارة المقبرة للترحم على مؤسسها الذي يطل مرقده على شارع رئيسي ضمن حدود المقبرة الكبيرة.
ويدفن الاغنياء موتاهم في الاجزاء القديمة من هذه المقبرة المرتفعة الثمن والتي تتميز بوجود اشجار عالية مخضرة توفر الظل للقبر ولزواره من الاحياء الذين يعودونه في المناسبات الدينية ومنها الاعياد .
ويوجد انواع اخرى من القبور في هذه المقبرة وهي عبارة عن غرف كبيرة مخصصة لدفن عدد من الاموات يشتريها المقتدرون ماديا لدفن الموتى من افراد عائلتهم تباعا وتعرف ب "مقبرة العائلة" وتميز ابوابها الخارجية زخارف بورسلان منقوشه باللون الازرق على مدخل غرفة القبر وكأنه مدخل لمنزل احد الاحياء من متوسطي الدخل.
واما قبور الفقراء فهي خالية من اية مظاهر للجمال والتبذير وعادة ما تكون في قطعة ارض رخيصة من المقبرة ويكتفون بوضع حجر اسود من القطع الصغير خالية من النقوش حتى لا يتحمل القبر تبعات مالية باهضة لا يقدر عليها اهل المتوفي.
وبالرغم من الفتاوى التي يطلقها عدد من المراجع الدينية هنا بعدم الاسراف على القبر والالتزام الشرعي بمواصفات القبر ووجوب خلوه من من اي اضافات شكلية الا ان هذه الفتاوى لا تجد في العادة اذان صاغية لدى الكثيرين خاصة في أجواء انفعالية مثل فقدان شخص عزيز.
ولعل ظاهرة بيع وشراء القبور واختلاف الاسعار في "مقبرة بهشت زهراء" ادى الي وجود عدد من الدلالين الذين يتحلقون حول ذوي الميت باساليب وطرق ماكرة ممزوجة بعواطف مفتعلة وحزن مصطنع ليكون المدخل النافذ لاجراء مفاوضات حامية بين الطرفين على شراء قبر في احدى القطع غالية الثمن. (يتبع) طهران - ومن المغريات والميزات التي يطرحها دلالي القبور على اهل الميت من أجل الحصول على سعر افضل هو اصرارهم على ان القبر يقع في منطقة مشجرة مضى عليها اكثر من ثلاثة عقود تضلل القبر والخدمات العامة الاخرى مثل الطرق وصنابير المياه والاضاءة والاعتناء المستمر بنظافتها حيث يتراوح سعر القبر الواحد ما بين 1250 دولار الى 2500 دولار .
وبالرغم من اعلان ادارة مقبرة "بهشت زهراء" أيقاف عمليات البيع المسبق للقبور لانها غير قانونية الا ان هذا الاجراء شجع مسوقي الاراضي على أحتكار سوق بيع القبور والتلاعب بالاسعار حسب ظروف العرض والطلب واهمية المتوفي كما يشاؤون بعيدا عن رقابة السلطة.
ورغم تواجد هؤلاء الوسطاء والدلاليين في المقبرة الا ان مديرها محمود رضائيان نفى في تصريح صحفي وجود ظاهرة تسويق القبور وقال ان الاعمال التي يقوم بها البعض من بيع وشراء القبور هي تصرفات غير رسمية وينبغي التصدي لمن يمارس هذه المهنة وملاحقته قانونيا.
وصنف رضائيان القبور في "بهشت زهراء" الى ثلاثة اشكال الاول ذي الطابق الواحد ويعطى مجانا الى العائلات الفقيرة مؤكدا ان ادارة المقبرة تقوم بانشاء قبور خاصة للفقراء من غير متاجرة .
اما النوع الثاني فهي قبور ذات طابقين يدفن المتوفى في الطابق الاسفل على ان يتم تحويل الطابق الاعلى الذي تتساوى حافته مع مستوى الارض لذويه وفق وثيقة تملك يمكنه بموجبها دفن ميت اخر في المستقبل ويبلغ سعر هذا النوع من القبور 125 دولار.
واوضح ان 10 الى 15 بالمائة من المواطنين يرغبون بدفن امواتهم في القطع القديمة التي تقع في مناطق اشجارها عالية عمرها اكثر من 30 عاما حيث يصل سعر القبر في هذه القطع من 500 دولار الى 2500 دولار .
واشار المسؤول عن مقبرة بهشت زهراء الى وجود مكاتب في هذه المقبرة الواسعة لتقديم خدماتها للمواطنين مثل مكبرات الصوت لاستكمال مراسم الدفن ودائرة لسجل الاحوال المدنية لاسقاط جنسية المتوفي والاعلان عنه في الجهات الرسمية من خلال مركز للكمبيوتر يقدم خدماته للزوار في هذا الصدد.
ووفقا للاحصائيات الرسمية فأنه ليس بأستطاعة مقبرة بهشت زهراء استيعاب اي من المتوفين بعد سبعة اعوام مقبلة مما يدعوا الى بناء مقبرة جديدة تسد حاجة اهالي العاصمة طهران .
وبين رضائيان ان المجلس البلدي لمدينة طهران صادق على مشروع بناء المقبرة الجديدة وان البلدية تسعى للحصول على ارض مناسبة متوقعا ان تكون المقبرة الجديدة بالقرب من المقبره الحالية في " بهشت زهراء" .
ومن المقرر ان يتم اعداد ارض بمساحة 700 هكتار لاستيعاب وفيات طهران على مدى النصف القرن المقبل. (النهاية) ن ع ش /ف ف كونا261319 جمت ماي 02