A+ A-

إدانة (كوشيب) تفتح ملفات دارفور من جديد وسط دعوات سودانية لملاحقة رموز سابقة

من محمد عبدالعزيز (تقرير إخباري) الخرطوم - 15 - 10 (كونا) -- بعد أكثر من عقدين على اندلاع الصراع في إقليم دارفور عادت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إلى واجهة الأحداث السودانية بإصدار أول حكم لها ضد القائد السابق في مليشيا (الجنجويد) علي محمد عبدالرحمن المعروف باسم (علي كوشيب) على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية التي شهدها الإقليم قبل 20 عاما.
ويمثل الحكم الذي أصدرته المحكمة الدولية في 6 أكتوبر الجاري ودانت فيه كوشيب بالضلوع في 27 تهمة تشمل القتل والاغتصاب والتعذيب والاضطهاد ضد مدنيين في دارفور خلال عامي 2003 و2004 منعطفا تاريخيا في المسار القضائي بشأن دارفور إذ يعد أول حكم تصدره المحكمة منذ أن أحال مجلس الأمن الدولي القضية إلى لاهاي عام 2005.
ولاقى قرار المحكمة في القضية التي شغلت المجتمع الدولي منذ مطلع الألفية الجديدة ترحيبا واسعا في الأوساط الحقوقية والقانونية داخل السودان ليفتح بذلك ملف دارفور من جديد وسط دعوات سودانية لتسليم رموز سابقة إلى العدالة الدولية في مقدمتهم الرئيس السابق عمر البشير.
ويأتي الحكم عقب تحقيق شامل بدأ بعد إحالة مجلس الأمن لملف الإقليم للمحكمة تبعته محاكمة اعتمد الادعاء فيها على شهادات 81 شاهدا و1521 قطعة من الأدلة قدمت إلى الدائرة فيما أرجأت المحكمة الدولية إصدار عقوبة ضد كوشيب لوقت لاحق.
ووصف المتحدث باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) الإدانة بأنها "انتصار تاريخي للعدالة وإنصاف لضحايا جرائم دارفور" داعيا إلى تنظيم مسيرات سلمية دعما للقرار الذي اعتبره "بداية طريق العدالة ونهاية زمن الإفلات من العقاب".
وقال إن "إدانة كوشيب بعد أكثر من عقدين من ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تمثل انتصارا حقيقيا لحقوق الضحايا" مضيفا أن "العدالة الدولية أثبتت قدرتها على إنصاف المظلومين عندما يفشل القضاء الوطني في ذلك".
وشدد على ضرورة تسليم بقية المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية وفي مقدمتهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم حسين ووزير الدولة للشؤون الإنسانية السابق أحمد هارون مؤكدا أن "العدالة لن تكتمل إلا بمحاكمة جميع المتورطين".
ومن جهتها وصفت منظمة (محامو الطوارئ) الحكم بأنه "يوم تاريخي للعدالة في السودان" معتبرة أن القرار يثبت ضلوع قادة النظام السابق في جرائم دارفور ويحذر من أن العدالة ستطال الجميع.
ودعت المنظمة السلطات السودانية والدول الأعضاء في نظام (روما الأساسي) إلى التعاون الكامل مع المحكمة وتسليم المطلوبين دون تأخير مشيرة إلى أن أي تباطؤ في ذلك سيقوض مصداقية مؤسسات العدالة ويفتح الباب للافلات من العقاب.
واعتبر رئيس هيئة محامي دارفور صالح محمود الحكم "انتصارا للعدالة وإنصافا للضحايا وأسرهم" مشددا على أن "الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ولا يجوز العفو عنها".
وقال إن القرار يبعث برسالتين واضحتين الأولى للمطلوبين قضائيا بأن العدالة الدولية قادرة على ملاحقتهم والأخرى للضحايا بأن معاناتهم لم تنس.
ودعا محمود المجتمع الدولي إلى توسيع نطاق اختصاص المحكمة ليشمل الجرائم المرتكبة في مناطق أخرى من السودان خلال النزاع الحالي مؤكدا أن تحقيق العدالة يجب أن يكون شاملا وليس انتقائيا.
وشدد على أهمية إصلاح المنظومة القضائية الوطنية وتعديل القوانين لتتوافق مع المعايير الدولية وذلك لضمان تحقيق العدالة مستقبلا موضحا أن إدراج جرائم الإبادة وجرائم الحرب في القانون السوداني عام 2009 لا يسمح بتطبيقها بأثر رجعي على جرائم دارفور.
من جانبها اعتبرت نائبة المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية نزهة شميم خان أن هذا الحكم يمثل "رسالة مدوية إلى مرتكبي الفظائع في السودان" مؤكدة أن "العدالة ستسود وأن من ارتكب الجرائم سيحاسب على معاناة المدنيين من رجال ونساء وأطفال".
وبينما يرى مراقبون أن الحكم يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في مسار القضاء والعدالة الدولية الخاصة بالسودان فإنه يطرح في الوقت نفسه تساؤلات حول مدى الاستعداد للتعاون مع المحكمة خاصة في ظل الانقسام السياسي والأمني الحالي.
فبعد نحو 20 عاما على إحالة ملف دارفور إلى لاهاي يبدو أن العدالة الدولية بدأت تحرك عجلاتها غير أن تحقيق العدالة الكاملة ما زال مرهونا بتسليم بقية المطلوبين وإصلاح النظام القضائي السوداني ليستطيع مستقبلا أن يتولى محاسبة الجناة بنفسه. (النهاية) م ع م / ط م ا