A+ A-

الألغام في السودان.. تحديات أمنية ولوجستية تهدد حياة المدنيين

فرق البحث عن الذخائر غير المنفجرة في الخرطوم
فرق البحث عن الذخائر غير المنفجرة في الخرطوم

من محمد عبدالعزيز

(تقرير اخباري) الخرطوم - 8 - 5 (كونا) -- مع تواصل القتال وتراجع الدعم الدولي تواجه فرق إزالة الألغام في السودان تحديات أمنية ولوجستية تعرقل جهودها ما قد يؤخر جهود التعافي وإعادة الإعمار إضافة إلى تهديدها المتزايد لحياة المدنيين.
ويحذر مسؤولون في الأمم المتحدة وخبراء في إزالة الألغام من أن الذخائر غير المنفجرة المنتشرة في العاصمة السودانية الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد تعرقل وصول المساعدات الإنسانية وسط اشتباكات مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال المدير العام للمركز القومي لمكافحة الألغام اللواء خالد حمدان لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إنه تم تسجيل 40 حادث انفجار منذ أبريل الماضي ما أسفر عن مقتل 16 شخصا وإصابة 50 آخرين في ولايات الخرطوم ونهر الني والجزيرة وسنجة فيما تستمر عمليات التطهير في ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان.
وأوضح حمدان أن المركز دشن مؤخرا ثماني فرق جديدة تعمل في ولايات الخرطوم والجزيرة وشمال كردفان وجنوب كردفان وسنار إضافة إلى خمس فرق قائمة ليصبح العدد الإجمالي 13 فرقة ميدانية إلى جانب مساهمات من فرق سلاح المهندسين.
وأشار إلى أن عمليات الإزالة تواجه تحديات جسيمة أبرزها فقدان المركز والمنظمات الشريكة لعدد من المركبات والمعدات نتيجة الحرب إلى جانب حجم التلوث الكبير ونقص التمويل مضيفا "نحتاج إلى تدريب مزيد من العاملين واستقطاب دعم حكومي وخارجي خاصة أن عمليات الإزالة مكلفة وتتطلب إمكانات كبيرة".
وفيما يتعلق بالدعم الدولي قال حمدان إن "المساعدات الفنية والمالية توقفت منذ اندلاع الحرب وإن الفجوة التمويلية كبيرة" مشيرا إلى أن المركز يحتاج هذا العام فقط إلى نحو 90 مليون دولار بينما تعهد المانحون حتى الآن بتقديم 10 ملايين فقط.
وذكر أن المركز لا يملك إحصاء دقيقا بعدد الذخائر غير المنفجرة المتبقية لكنه أشار إلى أن الفرق الميدانية نجحت في تفجير أكثر من 13 ألف دانة من نوع OUX وأعدت 4 آلاف أخرى للتفجير بالإضافة إلى التعامل مع أكثر من 37 ألف ذخيرة صغيرة في ام درمان التي تعتبر الجزء الغربي من العاصمة.
وقال "في أم درمان وحدها نفذنا عمليات تفجير واسعة فيما وجدنا ألغاما مضادة للمركبات في بحري ومخلفات حربية في ولاية سنار خاصة في منطقة جبل موية إلى جانب انتشار كبير للذخائر غير المنفجرة في ولاية الجزيرة".
وتتوقع السلطات وقوع المزيد من الحوادث التي لم يبلغ عنها بسبب الانتشار الواسع للألغام ومخلفات الحرب خاصة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مع استمرار العمليات العسكرية.
من جانبها ذكرت إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة أن وسط الخرطوم سيظل مغلقا أمام وكالات الإغاثة حتى يناير 2026 بسبب انتشار الذخائر غير المنفجرة ودمار البنية التحتية الناتج عن النزاع.
وأوضح خبراء في مجال مكافحة الألغام ان نحو 10 في المئة من الذخائر الجوية التي أطلقت في السودان لم تنفجر وتتركز غالبيتها في محيط المطار والقصر الرئاسي حيث توجد مكاتب منظمات الأمم المتحدة.
وفي تصريحات صحفية حذر رئيس برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام في السودان صديق راشد من تصاعد الخطر مع عودة النازحين إلى مناطق ملوثة مشيرا إلى أن الذخائر قد تكون مرئية أو مدفونة تحت أنقاض المنازل والساحات.
وقال راشد "الخطر مرتفع للغاية... الذخائر المستخدمة لم تصمم للاستخدام في مناطق مأهولة بالسكان".
وسجلت الأمم المتحدة حوادث مميتة شملت مقتل أطفال ونساء نازحات فضلا عن انفجار لغم مضاد للدبابات في مدينة شندي شمالي السودان أدى إلى مقتل عشرة مدنيين.
وأوضح اللواء حمدان أن المركز يبذل جهودا أيضا في مجال التوعية حيث نشرت فرق ميدانية في الولايات الآمنة منذ نوفمبر الماضي وتم تنفيذ ورشة تدريب مدربين ل90 شابا في أم درمان بالإضافة إلى إطلاق خط ساخن (60666) منذ يوليو الماضي لتلقي البلاغات من جميع الشبكات متضمنا توجيهات للتعامل مع الأجسام المشبوهة.
وأكد أن أولويات المركز في المرحلة المقبلة تشمل توسيع انتشار الفرق في المناطق المتضررة وزيادة حملات التوعية المجتمعية والسعي إلى دمج مفاهيم الوقاية من مخاطر الألغام في المناهج الدراسية مشددا على أن إزالة الألغام "عمل إنساني في المقام الأول" يهدف إلى تأمين عودة آمنة للمدنيين.
ويشتهر السودان بتاريخه الطويل مع الألغام الأرضية ومخلفات الحروب لاسيما في مناطق مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور حيث تركت النزاعات السابقة إرثا من الذخائر غير المنفجرة.
ومع اندلاع الصراع الجديد في أبريل 2023 تصاعدت وتيرة التلوث نتيجة القتال داخل المدن المكتظة مما فاقم التحديات الإنسانية والأمنية.
ويواجه السودان اليوم أزمة مركبة تستدعي استجابة دولية عاجلة لدعم جهود الإزالة والتوعية وتوفير بيئة آمنة تمهد لعودة النازحين وإعادة بناء المجتمعات المنكوبة. (النهاية) م ع م / ط م ا