A+ A-

(سورا).. ثورة الذكاء الاصطناعي لتحويل النصوص والأفكار إلى مقاطع فيديو

الكويت - وتوقعت أستاذة صحافة الملتيميديا بالجامعة الأمريكية في القاهرة رحاب إسماعيل في تصريح لـ(كونا) أن يشق نموذج (سورا) طريقه سريعا إلى الإعلام الرقمي وأن يستبدل بالبرامج والطرق المعتمدة حاليا لإنتاج الفيديو خصوصا في صناعة الوثائقيات والفيديو الإخباري اليومي (الفيديوغرافيك).
وأضافت إسماعيل أنه "في غرف الأخبار يبحث الصحفيون دائما عن طرق مبتكرة لصناعة الفيديو وجذب الجمهور وبدأوا بالفعل في إنتاج الصور بالذكاء الاصطناعي والآن لدينا توليد الفيديو.. المستقبل مفتوح على جميع الاحتمالات".
ورأت "أننا نحتاج كثيرا من التجربة كي نتعلم كيفية اتقان المهارة الجديدة وتوظيفها في غرف الأخبار فخلال فترة بسيطة ستكون هذه التكنولوجيا هي الأمر الطبيعي حتى للمستخدم العادي".
وتابعت أن "العالم يتغير بسرعة مذهلة وهذا يضع مسؤولية إضافية على الصحفيين لتطوير مهاراتهم سريعا من أجل استيعاب هذا التغير" داعية الصحفيين والمؤسسات الإعلامية للتفكير في المستقبل بسرعة "وبناء محتوى فريد لا يمكن استنساخه بسهولة".
وأشارت في هذا السياق إلى أن مشاعر القلق باتت تخيم على المؤسسات الإعلامية مع هذا التوسع التكنولوجي الفائق لأسباب تتعلق بـ"قضايا الملكية الفكرية" وهي واحدة من أدق التساؤلات الملحة التي يطرحها مستقبل انتشار الذكاء الاصطناعي.
ونبهت إسماعيل إلى أنه لا توجد حتى الآن قوانين حقيقية تنظم حقوق الملكية الفكرية تجاه المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي "فتدريب الذكاء الاصطناعي على أعمال الآخرين من دون تعويضهم مشكلة كبيرة تحتاج إلى أبحاث معمقة من المؤسسات الأكاديمية والإعلامية".
لكن هذه ليست التساؤلات الوحيدة التي يثيرها الاقتحام السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي صناعة الإعلام فهذه القدرات المذهلة تخفي أيضا مخاوف عميقة من انتشار المعلومات الزائفة والمضللة (misinformation and disinformation) ليجد الناس أنفسهم ذات يوم عاجزين عن معرفة ما يمكن أن يصدقوه.
ولم يخف أستاذ تكنولوجيا الإعلام في الجامعة الأمريكية بالقاهرة أحمد عصمت في تصريح لـ(كونا) خشيته من أن يساهم نموذج (سورا) في انتشار (التزييف العميق Deepfake) وسط أجواء انتخابية تخيم على عدة دول كبرى بالعالم ووجود بؤر للصراعات في أنحاء أخرى رئيسية.
ونبه عصمت - وهو استشاري في صحافة التحقق من البيانات الرقمية - إلى أن هذه الظروف تعد بيئات خصبة لإنتاج المحتوى المزيف لاسيما مع قدرة نموذج (سورا) المذهلة على إنتاج مقاطع فيديو واقعية شديدة الوضوح بمدة كاملة خلافا لباقي نماذج الذكاء الاصطناعي فـ"قاعدة البيانات هنا أعلى والنموذج اللغوي أكبر والتقنية أكثر تقدما".
ودق عصمت جرس الإنذار أمام المؤسسات الإعلامية من أن طوفان تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لا يقابل حاليا باستثمارات مماثلة في أدوات التحقق من المحتوى الرقمي لمساعدة الصحفيين على مواكبة هذه القفزات المذهلة المستمرة منذ العام الماضي.
وتابع أنه "في عمليات التحقق لا نزال نستخدم تكنولوجيا تخليق المحتوى نفسها في الكشف عنه لذا لابد للصحفيين من دراسة هذا النموذج بسرعة لنعرف إلى أين سنمضي".
إلى ذلك يؤكد الخبراء أن البشرية لم تر حتى الآن سوى غيض من فيض من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تتطور بسرعة مذهلة يعجز عن فهمها واستيعابها حتى المشتغلون بالإعلام الرقمي.
وقال البروفيسور تيد أندروود أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة إلينوي لصحيفة واشنطن بوست تعليقا على إطلاق نموذج (سورا): "لم أتوقع هذا المستوى من إنتاج الفيديو المستمر والمتماسك قبل عامين أو ثلاثة أعوام مقبلة على الأقل".
في موازاة ذلك تتوقع دراسة حديثة أعدها عشرات الباحثين من كبريات مؤسسات الإعلام والتكنولوجيا العالمية في سلسلة ورش بحثية استضافها المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن (تشاثام هاوس) أن يهيمن الذكاء الاصطناعي على انتاج الأخبار والمحتوى الرقمي بحلول عام 2026.
ومع ذلك لا تنصح الدراسة بالمواجهة مع قوة الذكاء الاصطناعي بل تدعو إلى تسخيرها في جعل عمل الإعلام أكثر كفاءة في مناخ اقتصادي عالمي يزداد قتامة.
فعلى إثر الصراعات العالمية والإقليمية وضغوط تغير المناخ والانكماش الاقتصادي تسود توقعات باستمرار تباطؤ الإعلانات والغاء ملفات الارتباط (كوكز) بسبب قوانين تنظيم الانترنت وتقليل الإحالة من مواقع التواصل مما سيزيد الضغوط على الوظائف على نطاق واسع في مجال الاعلام.
فشبكة (إن بي سي) الإخبارية الأمريكية مثلا تتوقع أن الثورة الجديدة التي أحدثها نموذج (سورا) ستؤثر في نحو ربع وظائف صناعة إنتاج الفيديو وصناعة الأفلام في الولايات المتحدة بحلول عام 2026.
ومع ذلك يرى المراقبون أنه يصعب حتى الآن التنبؤ بتأثيرات الذكاء الاصطناعي في مستقبل الاعلام لعوامل عدة من بينها إتاحة المصدر وقضايا الملكية الفكرية التي يمكن أن تتيح أو تقيد استخدام النماذج في تدريب أدواته.
لكنهم يتوقعون أن يكون هذا العام 2024 فاصلا في انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي كانت قبل سنوات قليلة فقط ضربا من الخيال وباتت اليوم جزءا من حياة الملايين في هذا العالم. (النهاية) ه س ص / ت م