A+ A-

ألمانيا والحرب في أوكرانيا .. من تردد في تقديم السلاح إلى تزويد كييف بدبابات قتالية ثقيلة

من عبدالناصر جبارة (تقرير اخباري) برلين - 2 - 2 (كونا) -— تشير تطورات المعركة في أوكرانيا منذ بداية يناير الماضي والضغوطات الخارجية والداخلية التي تتعرض لها حكومة المستشار الاتحادي أولاف شولتس الى تدرج تراكمي ادى الى اتخاذ حكومة برلين قرارا نوعيا بخصوص مد حكومة كييف بأسلحة ثقيلة من طراز دبابة (ليوبارد 2) التي تعد فخر الصناعات العسكرية الألمانية.
ففي ال24 من يناير الماضي قررت الحكومة الألمانية وفق مصادر اعلامية متطابقة تزويد القوات الأوكرانية بهذه الدبابة لتكون حكومة برلين التي اتهمت في بداية الحرب الأوكرانية بالتردد في تقديم السلاح لحكومة كييف قد وافقت لأول مرة على تقديم أسلحة ثقيلة.
وبهذا القرار تكون ألمانيا قد استجابت لإلحاح حكومة فولوديمير زيلينسكي التي تواظب منذ بداية الحرب في فبراير من عام 2022 على مطالبة ألمانيا بأسلحة ثقيلة أبرزها دبابة (ليوبارد 2) التي تعد المكون الأساسي لقواتها البرية.
وجاء قرار رئيس الحكومة الألمانية أولاف شولتس بعد تعرض حكومته ليس فقط لضغوطات من كييف بل ايضا من طرفي الائتلاف الحكومي الخضر والليبراليين ومن جماعات الضغط المؤيدة لتسليح أوكرانيا وبسبب التطورات التي شهدتها الجبهة في شرق أوكرانيا.
ودخلت أوكرانيا العام الجديد على وقع الضربات الجوية التي نفذتها القوات الروسية في مناطق عدة ولكن بداية يناير دشنت أيضا بدء مرحلة تزويد أوكرانيا بالدبابات.
ففي الخامس من يناير اعلنت الحكومة الألمانية في بيان مشترك مع الولايات المتحدة ان المستشار الاتحادي اولاف شولتس اتفق في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على تقديم مركبة الجنود المدرعة (ماردر) للجيش الأوكراني في وقت سيقدم فيه الأمريكيون مدرعة مشابهة من طراز (برادلي ). وجاء القرار الألماني الأمريكي المشترك بعد قرار مشابه اعلنت عنه الحكومة الفرنسية في الرابع من الشهر ذاته وتم بموجبه تقديم مدرعات فرنسية بنفس القدرات من طراز (ايه ام اكس).
وفي ال9 من يناير اعلنت الحكومة الأوكرانية تنفيذ روسيا هجمات كبيرة استهدفت مناطق استراتيجية في اقليم (دونباس) الامر الذي اشعل في ألمانيا نقاش تزويد أوكرانيا بمدرعات قتالية ثقيلة.
وفي وقت بدأت فيه الحكومة البريطانية تدرس تقديم دبابات قتالية ثقيلة من طراز (تشالينجر 2) بقي المستشار الألماني مصرا على رفض تزويد أوكرانيا بدبابات ألمانية بنفس القدرات القتالية من طراز (ليوبارد 2).
وفي ال 10 من يناير زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك المعروفة بتأييدها لمد أوكرانيا بالسلاح الثقيل شرق أوكرانيا وتعهدت بتقديم 40 مليون يورو دون التعهد بتقديم اسلحة جديدة.
وبينما اشتدت المعركة على اطراف مدينة (سوليدار) اعلنت الحكومة البولندية على لسان رئيس الوزراء ماتيوش مورافيتسكي في 11 من يناير خطة لتقديم 14 دبابة ألمانية الصنع بحوزة جيشها من طراز (ليوبارد 2).
ولكن هذه الخطة البولندية اصطدمت بقوانين "اعادة التصدير" التي تنص على ضرورة ان تنسق اي دولة ترغب في تقديم أسلحة ألمانية الصنع لطرف ثالث هذه الخطة مع حكومة برلين الامر الذي علقت عليه المتحدثة باسم الحكومة الألمانية كريستيانه هوفمان في مؤتمر صحفي دوري بالقول ان قيام وارسو بتقديم هذه الدبابات لأوكرانيا دون التنسيق مع ألمانيا "امر غير قانوني".
وفي وقت تأكدت فيه من طرف واحد سيطرة روسيا على مدينة (سوليدار) لم تستبعد وزيرة الدفاع الألمانية السابقة كريستينه لامبريشت تقديم دبابات من طراز (ليوبارد) وذلك في وقت طالب فيه وزير الاقتصاد روبرت هابك بالسماح لبولندا بإرسال 14 دبابة من الطراز ذاته لأوكرانيا.
وفي ال 13 من يناير كشفت وسائل اعلامية ألمانية عن ان وزيرة الدفاع لامبريشت تستعد للاستقالة من منصبها وذلك في وقت تأكدت فيه سيطرة القوات الروسية على مدينة (سوليدار) الاستراتيجية.
وفي ال 14 من يناير اعلنت بريطانيا رسميا تزويد أوكرانيا بدبابات من طراز (تشالينجر 2) الامر الذي شجع الرئيس الأوكراني زيلينسكي على اعادة الكرة ومطالبة الحلفاء الغربيين بدبابات قتالية ثقيلة لاسيما بدبابة (ليوبارد 2) الألمانية.
وفي ال 20 من الشهر ذاته لم يتمخض اجتماع مجموعة الاتصال للدفاع عن أوكرانيا في القاعدة العسكرية الأمريكية في ألمانيا (رامشتات) عن اتخاذ قرار غربي بإرسال مدرعات قتالية لأوكرانيا.
وشهد هذا الاجتماع اول ظهور لوزير الدفاع الألماني الجديد بوريس بستوريوس الذي تسلم منصبه بعد استقالة وزيرة الدفاع كريستينه لامبريشت.
وفي 22 يناير اعلنت أوكرانيا ان بولندا ستبدأ بتدريب جنود أوكرانيين على استخدام مدرعة (ليوبارد 2) في بولندا.
وفي اليوم ذاته لم يتفق المستشار الألماني شولتس مع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون على ارسال مثل هذه الدبابات الامر الذي علق عليه شولتس بالقول ان بلاده ترفض السياسات الانفرادية بخصوص الحرب في أوكرانيا.
واعلنت بولندا في 23 يناير انها ستطلب رسميا من ألمانيا السماح لها بأرسال دبابات من طراز (ليوبارد 2) لأوكرانيا الامر الذي زاد الضغوطات على حكومة شولتس للموافقة على الاقل على تزويد دول أوروبية أوكرانيا بدبابات ألمانية الصنع تمتلكها جيوشها.
في ال24 من يناير نقلت وسائل اعلام ألمانية متطابقة عن الحكومة الألمانية تأكيدها انها ستزود أوكرانيا بهذه الدبابات وستعطي لدول أوروبية تمتلك هذه الدبابات الحق في إرسالها للجيش الأوكراني.
واعلنت الحكومة الألمانية في ال 25 من يناير رسميا ان المستشار شولتس اتفق مع الرئيس الأمريكي بايدن على ان تقدم ألمانيا 14 نسخة من طراز (ليوبارد 2) وعلى ان تقدم الولايات المتحدة مدرعات بنفس القدرات تقريبا من طراز (أبرامز 1).
وعقب هذا القرار اعلان دول أوروبية اخرى هي بولندا واسبانيا والنرويج تقديم مدرعات ألمانية من الطراز ذاته بحوزة جيوشها.
وفي ال 26 من يناير اعتبرت الحكومة الروسية مد أوكرانيا بهذه المدرعات "مشاركة غربية مباشرة" في الحرب.
وفور اعلان هذه الدول عن تزويد أوكرانيا بهذه الاسلحة الثقيلة بدأت حكومة كييف على لسان الرئيس زيلينسكي ووزير الخارجية دميترو كوليبا بالمطالبة بمقاتلات غربية من طراز (اف 16) و(اف 35) و(تورنادو) وغيرها من المقاتلات الغربية.
وبينما لم تستبعد فرنسا اول من امس تزويد أوكرانيا بمقاتلات غربية تنصل المستشار الألماني اثناء زيارة لتشيلي والأرجنتين والبرازيل من تصريح لوزيرة خارجيته بيربوك قالت فيه ان بلادها تخوض حربا ضد روسيا واكد انه لا يؤيد تزويد أوكرانيا بمقاتلات غربية.
ورغم تأكيد رئيس الحكومة الألمانية على ذلك الا ان الرجوع الى بداية يناير الجاري يثير تساؤلات عما اذا كات ألمانيا ستسلك بخصوص المطالبات الأوكرانية بالمقاتلات نفس الطريق الذي سلكته بخصوص الدبابات ما يعني احتمال البدء قريبا بمد الجيش الأوكراني بمقاتلات غربية حديثة قد تسهم في انزلاق أوروبا تدريجيا الى مواجهة مباشرة مع روسيا.(النهاية) ع ن ج