A+ A-

لبنان يسجل انهيارا متسارعا لعملته الوطنية يفاقم أزمة الأوضاع المعيشية فيه

من ايوب خداج (تقرير)

بيروت – 29 – 1 (كونا) -- في غضون ايام معدودة شهدت العملة اللبنانية انهيارا متسارعا في قيمتها ولا تزال مسجلة مزيدا من التراجع امام الدولار الامريكي ما ادى الى ارتفاع متزايد في اسعار جميع السلع من الغذائية الى الاستهلاكية مرورا باسعار المحروقات التي باتت مرتبطة بقيمة الدولار بشكل كبير.
ويسجل سعر صرف الليرة تراجعا سريعا امام الدولار الامريكي اخرها بلغ نحو 60 الف ليرة مقابل الدولار الواحد ما حدا بفرض اسعار متحركة وبصورة يومية للخبز والمحروقات والادوية.
ومع هذا الانهيار المتسارع زادت وتيرة التراجع في القدرة الشرائية للمواطنين الذين اندفعوا في عدد من المناطق للعودة الى الشارع وقطع الطرق تعبيرا عن احتجاجهم على تردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية من دون وجود افق للحلول.
واعتبر المسؤول عن القسم الاقتصادي في صحيفة (الجمهورية) طوني فرح في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الاحد ان الانهيار السريع الذي بدأ منذ ديسمبر الماضي يعود بشكل مباشر لاسباب مالية تتمثل بخطوة مصرف لبنان لجمع ما امكن من الدولار من السوق ما اضطره لتكبير كتلته النقدية من العملة المحلية لشراء هذا الدولار وسمح له ذلك بجمع نحو 800 مليون دولار فتحولت هذه الكتلة الكبيرة من العملة المحلية الى اداة ضغط اضافي على قيمتها وبالتالي انهيارها بوتيرة سريعة اكثر من السابق.
ورأى انه في حال اقدم مصرف لبنان على تجميد عملية الشراء قد نشهد تراجع وتيرة انهيار الليرة وحصول نوعا من الاستقرار خلال ايام.
واذ لفت الى ان العوامل السياسية وما يحصل في ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت تشكل عوامل ظرفية تسهم بهذا التراجع في قيمة العملة المحلية اكد فرح انها ليست هي السبب الاساس في ذلك.
وقال "ليس هناك وسيلة للجم هذا الانهيار بسرعة الا عبر ضخ مزيد من الدولارات في السوق وهذا يحتاج الى قرار من مصرف لبنان والسؤال هل لدى مصرف لبنان نية في ذلك؟".
واستبعد فرح الوصول الى فلتان امني في البلاد على الرغم من كل الاحتقان السياسي والتأزم الاقتصادي.
بدوره قال المستشار والمحلل المالي علاء غانم ل(كونا) ان "سعر صرف العملة لاي بلد هو صورة للسياسات الاقتصادية والمالية والسياسية فيه لكن في لبنان وخلافا لما هو سائد في دول العالم السياسة هي التي تؤثر في الاقتصاد وقد اصبح الاخير عرضة للتقلبات السياسية التي تنعكس على سعر الصرف وبالتالي قيمة العملة المحلية".
ولفت الى انه لو كان لبنان يمتلك سياسة اقتصادية ونقدية واضحة ودخل في مرحلة الشغور الرئاسي او الحكومي لما كنا نشهد هذا الحجم من التأثير على الاقتصاد والواقع المعيشي.
وقال ان سبب ما يحصل ماليا يعود الى ان "الاحتياطي النقدي الكبير بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان استنزف بشكل كبير خلال السنوات الماضية بسبب سياسة دعم السلع الاستهلاكية والغذائية والادوية" وفي المقابل ارتفع الطلب على الدولار في ظل تراجع دخول العملة الاجنبية الى البلاد بشكل كافي لتلبية متطلبات اقتصادنا القائم بشكل اساسي على الاستيراد وهو ما قاد الى انخفاض قيمة العملة المحلية.
واضاف "والى جانب ذلك ومع عجز الدولة عن توفير مزيد من الايرادات مقابل التزامها بدفع زيادات على المرتبات في القطاع العام دفع مصرف لبنان الى طباعة المزيد من العملة المحلية اي ارتفاع الكتلة النقدية بالليرة مقابل تراجع احتياطها من العملات الاجنبية ما ادى الى مزيد من انخفاض قيمة الليرة والذي قد يستمر في المستقبل.
ورأى غانم انه لا وجود لبوادر حل في المستقبل "طالما ليس هناك من خطة واضحة لدى السلطات للتعامل مع هذه الازمة الاقتصادية والمالية".
واعتبر ان اسس الحل على المدى الطويل تكمن في استقرار سياسي يعيد ثقة المستثمرين الدوليين في لبنان وخطة واضحة باشراف هيئات دولية "اذ ان هذا الاشراف وحده يؤمن ثقة المستثمرين حاليا".
وكان لبنان قد دخل في مرحلة شغور موقع رئاسة الجمهورية في ال31 من اكتوبر 2022 من دون النجاح في الاتفاق على شخصية لتولي الرئاسة وفي ظل حكومة تصريف اعمال محدودة الصلاحيات وعدم الاتفاق على خطة اقتصادية لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي. (النهاية) ا ي ب