A+ A-

تقرير تعليم المرأة في السودان

إعداد: علياء صلاح - احسان ادم

الخرطوم - 11 - 11 (كونا) -- مما لا شك فيه أن التعليم يلعب دورا فعالا في زيادة رفاهية المجتمع فتطوير معارف الفرد وتنميته اكاديميا له مردود إيجابي على مجمل التنمية البشرية للأفراد سواء كانوا ذكورا او اناثا وتعليم المرأة على وجه الخصوص يعمل على تغيير المجتمع تغييرا كليا وهذا هو الواقع الحادث الآن في السودان فقد تبوأت المرأة المتعلمة مكانة عالية مكنتها من وضع بصمتها على كثير من تفاصيل الحياة في السودان على الصعيد المعرفي والثقافي والاجتماعي واستطاعت تغيير تفكير المجتمع ونظرته للمرأة المتعلمة وعلى الصعيد الإقتصادي استطاعت المرأة المتعلمة أن تؤدي واجبها وتتحمل المسؤولية وتقوم بسد الفجوة وتحسين الوضع الإقتصادي لاسرتها الكبيرة والصغيرة فأصبح الفرق واضحا بين المرأة المتعلمة والاخريات اللائي لم ينلن حظهن من التعليم كل ذلك كان له مردود إيجابي في تشجيع الأسر على إلحاق بناتهن في مراحل التعليم المختلفة بعد أن أصبح تعليم المرأة ضرورة اقتنع أفراد المجتمع بجدواها.
مرت نشأة تعليم المرأة في السودان بالعديد من المراحل حيث اقتصر التعليم في البداية على تعلم القراءة والكتابة فقط لكن في عام 1907 قام الشيخ بابكر بدري بوضع أول حجر أساس في مرحلة تعليم المرأة وهو ناشط اجتماعي له الفضل في وضع أسس تعليم المرأة في السودان بدأ فكرته بإنشاء مدرسة صغيرة من أجل بناته برفاعة ثم انتقلت للعاصمة وأصبحت أساسا لجامعة الأحفاد للبنات وسمي (رائد تعليم المرأة في السودان).
ولمدة 31 عاما كان التعليم الأولي للبنات في السودان هو الطريقة الوحيدة لهن في الدراسة والحصول على مؤهل أكاديمي بعد ذلك جاء الاهتمام وتم الإنتقال للتعليم العالي لتصبح هناك فرصة جديدة للبنات في السودان تمكنهن من الإلتحاق بكلية المعلمات في أم درمان وقد تمكنت الكثيرات من النساء تجاوز الصعوبات ليصبحن من النساء الرائدات في المجتمع ففي العام 1946 كانت نفيسة المليك أصغر فتاة تعمل في التعليم وعمرها لم يتجاوز 14 عاما وكانت عضوا مؤسسا لإتحاد المعلمين ومن ثم ترأسته في العام 1950.
وكانت ملكة الدار عبد الله أول روائية سودانية وتخرجت في عام 1934 من كلية تدريب المعلمات وفي العام 1968 حصلت على الجائزة الثانية في مسابقة القصة القصيرة التي نظمتها إذاعة ركن السودان في القاهرة بروايتها (متى تعودين) كما كانت مدينة عبد الله عبد القادرمن الشخصيات اللآئي برعن في النهوض بالحركة التعليمية بتأسيسها أول مدرسة ليلية تهتم بتعليم كبار السن وفي عام 1958 كانت أول امرأة تحصل على معاش في الدولة.
كما تعتبر فاطمة أحمد إبراهيم واحدة من النساء الرائدات في المجتمع السوداني وأنشأت مجلة صوت المرأة في العام 1955 وكانت أول إمرأة سودانية تحصل على عضوية الجهاز التشريعي وأول سيدة تنتخب كعضو برلمان في الشرق الأوسط.
وتعد خالدة زاهر أول إمراة طبيبة في تاريخ السودان إلتحقت بكلية كتشنر الطبية في العام 1946 ونالت الدراسات العليا في كل من المملكة المتحدة وسلوفاكيا وعملت كطبيبة وتدرجت في السلك الوظيفي حتى وصلت إلى درجة وكيل وزارة الصحة.
وسطع إسم احسان محمد فخري أول قاضية في السودان وفي إفريقيا حيث التحقت بكلية القانون بجامعة الخرطوم عام 1955 وعملت قاضية لمدة 30 عاما وتدرجت في العمل القضائي من قاض درجة ثانية وقاض درجة أولى ثم قاضي مديرية حتى وصلت محكمة الإستئناف وعملت بهيئة الحسبة والمظالم لمدة خمس سنوات وهي أعلى سلطة.
واستطاعت عفاف صفوت أن تجد موقعا ضمن اوائل النساء الرائدات باعتبارها أول مذيعة سودانية تقرأ نشرة الأخبار الرئيسية عام 1962 في التلفزيون.
وتعتبر الاستاذة نعمات بلال أول إمراة تتولى رئاسة وكالة أنباء في العالمين العربي والإفريقي في العام 1999 حيث شغلت منصب مدير عام وكالة الأنباء السودانية (سونا) وكانت أول إمراة تلتحق بالعمل كملحق إعلامي.
وسارت على نهجها د.فكرية أبا يزيد بتوليها منصب مدير عام وكالة الأنباء السودانية في العام 2021 بإعتبارها ثاني قيادة نسائية تتولى هذا المنصب لثبت بذلك جدارة وقوة المرأة السودانية في مجال الاعلام.
وكانت فاطمة عبد المحمود مؤسسة أول حزب تقوده إمرأة في السودان (حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي) وكانت في العام 2010 شاركت في الإنتخابات الرئاسية بالبلاد بإعتبارها أول إمراة تترشح لمنصب رئاسة الجمهورية وكانت مديرة كرسي اليونيسكو للمرأة في العلوم والتكنولوجيا وفي العام 1975 حازت على ميدالية سيرز الذهبية للامم المتحدة بوصفها من أميز ثلاث نساء في العالم.
شهد مجال التعليم في السودان تطورا ملحوظا مما أسهم في ردم الفجوة بين الجنسين في فرص التعليم لمرحلتي الأساس والثانوي بجانب تأسيس آليات وهياكل متخصصة لتعليم البنات على المستويين الرسمي والعام إضافة إلى برامج تعليم المرأة الريفية في مناطق الرحل للحد من تسرب الفتيات من المدارس وتم وضع استراتيجية لخفض التباين النوعي وزيادة نسبة تعليم البنات بالتركيز على الرحل والنازحين وقد زادت نسبة القبول عند الرحل من 20 في المئة إلى 70 في المئة بإنشاء 720 مدرسة متنقله وارتفع معدل القراءة والكتابة وسط النساء صغيرات السن عمر (15 – 24) سنة من 2ر45 في المئة إلى 8ر59 في المئة.
وتشير آخر إحصائية لوزارة التربية والتعليم ان عدد الطالبات في التعليم قبل الجامعي بلغ 4845059 طالبة مصنفة إلى مجموعتين حسب نوعية تلقي التعليم المجموعة الأولى هي مجموعة الطالبات في التعليم النظامي وتحوي 4097483 طالبة وتضم 542266 طالبة في مرحلة التعليم قبل المدرسي و2971127 طالبة في مرحلة التعليم الأساسي و560438 طالبة في التعليم الثانوي الأكاديمي و7179 طالبة في التعليم الثانوي الفني و795 طالبة في التعليم الثانوي الديني و15678 طالبة تتلقى التعليم بأسلوب التربية الخاصة والمجموعة الثانية هي مجموعة الطالبات في التعليم غير النظامي وتحوي 747576 طالبة وتضم 94783 طالبة في تعليم اليافعين و652793 طالبة في تعليم الكبار.
ومن أهم المؤشرات الإيجابية في هذه الإحصائيات إرتفاع نسبة القبول الظاهري للبنات إلى 1ر76 في المئة ووصلت نسبة الإستيعاب إلى 4ر67 في المئة بوجود فجوة تمثل 7ر0 في المئة من إستيعاب البنين. ويلاحظ ايضا في الآونه الأخيرة أن عدد الطالبات في التعليم الجامعي تفوق نسبة الطلبة وأن نسبة نجاح الطالبات أعلى من نسبة نجاح الطلبة.
ضمن جهود المجتمع في دعم تعليم البنات انشئت مراكز تنمية المجتمع وهي مراكز تتبع للجامعات الحكومية في مختلف ولايات السودان وتستهدف جميع المستويات التعليمية والفئات العمرية للمرأة حيث يتم التدريب في خمسة مجالات وهي الثقافة الإسلامية والغذاء والتغذية وصحة البيئة والصحة العامة والجماليات وتشمل فنون التفصيل والخياطة وأعمال السيراميك.
ما تعايشه المرأة السودانية الآن من تقدم وريادة وقيادة في شتى المجالات هو نتاج نضال عظيم إنتصرت فيه ارادتها ورغبتها الأكيدة بالرقي بنفسها والمضي قدما ورغما عن الجهود التي بذلت في مجال تعليم المرأة إلا أن هنالك تحديات حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة تتمثل في إستمرارية مشكلة التسرب من المدارس بين الإناث ووجود فجوات تعليمية في المناطق الريفية ومناطق الرحل إضافة إلى تدني المستوى المهاري والتقني لعناصر عملية التعلم وارتفاع نسبة الامية الأبجدية والتقنية.(النهاية) م خ