A+ A-

في الذكرى ال60 لأولى جلساته..المجلس التأسيسي وضع أركان الدولة الحديثة ونظامها الديمقراطي

من آمنة الشمري (تقرير) الكويت - 19 - 1 (كونا) -- تحل يوم غد الخميس الذكرى ال60 لافتتاح أمير البلاد الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح وتحديدا في 20 يناير عام 1962 أولى جلسات المجلس التأسيسي الذي أبصر النور رغبة منه طيب الله ثراه في وضع أركان الدولة الحديثة وتأسيس نظام ديمقراطي عبر دستور دائم يناسب المرحلة تتم صياغته بمشاركة شعبية حقيقية.
وشكل المجلس التأسيسي نقطة مفصلية في تاريخ دولة الكويت السياسي نحو ترسيخ مفهوم الديمقراطية والمشاركة الشعبية لمرحلة ما بعد استقلال البلاد في 19 يونيو عام 1961 وإنهاء معاهدة الحماية البريطانية المبرمة في 23 يناير عام 1899.
وتحقيقا لرغبته طيب الله ثراه في إقامة نظام حكم على أسس متينة وواضحة مرتكزة على المبادئ الديمقراطية ومبدأ المشاركة الشعبية في إعداد الدستور وقيام المؤسسات الدستورية أصدر الشيخ عبدالله السالم الصباح في 26 أغسطس 1961 وبعد نحو شهرين من الاستقلال مرسوما أميريا حمل الرقم 22 لسنة 1961 يتم بموجبه تشكيل هيئة تنظيمية من 11 عضوا للعمل على إنشاء المجلس التأسيسي.
كما حدد المرسوم مجلسا أعلى يتألف من ثمانية أعضاء وهم رؤساء الدوائر الحكومية وأعضاء هيئة التنظيم وهو مجلس مشترك يتولى إلى جانب أعماله وضع مشروع قانون لانتخابات أعضاء المجلس التأسيسي المكلف إعداد الدستور.
وعلى إثر ذلك صدر في السادس من سبتمبر 1961 القانون المنظم لتلك الانتخابات وتم بمقتضاه تقسيم الكويت إلى عشر مناطق انتخابية على أن يتم انتخاب نائبين اثنين عن كل منطقة بالاقتراع السري العام ليكون عدد أعضاء المجلس التأسيسي 20 عضوا يضاف إليهم الوزراء كأعضاء في المجلس بحكم مناصبهم.
واشترط القانون ألا يقل عمر النائب عن 30 سنة وأن يجيد اللغة العربية قراءة وكتابة كما نص على أن يستمر المجلس قائما على عمله لمدة سنة واحدة من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب ما لم يقرر الدستور غير ذلك.
وفي 30 ديسمبر 1961 أجريت انتخابات المجلس التأسيسي وفاز بعضويته 20 مرشحا لينضم إليهم بحكم مناصبهم أعضاء الحكومة المسماة ب(الانتقالية) التي تشكلت في 17 يناير 1962 برئاسة الشيخ عبدالله السالم الصباح وشملت 14 وزيرا بينهم 11 من الأسرة الحاكمة وثلاثة من الأعضاء المنتخبين في المجلس.
وعلى الرغم من ترؤس الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله هذه الوزارة فقد تم توكيل الشيخ صباح السالم الصباح بإدارتها اليومية.
وفي صبيحة 20 يناير 1962 افتتح الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه أولى جلسات المجلس التأسيسي في احتفالية بهذه المناسبة ألقى خلالها خطابا أكد فيه مفهومه للديمقراطية بوصفها "ركنا أساسيا من أركان بناء الدولة الحديثة وأنه تقع على عاتق المجلس مهمة وضع أسس الحكم في المستقبل".
وخلال تلك الجلسة تم اختيار عبداللطيف محمد ثنيان الغانم رئيسا للمجلس والدكتور أحمد محمد الخطيب نائبا للرئيس.
وشكل المجلس في الثالث من مارس 1962 لجنة خماسية كلفت إعداد مشروع الدستور وضمت في عضويتها كلا من يعقوب الحميضي وحمود الخالد وعبداللطيف محمد ثنيان الغانم والشيخ سعد العبدالله الصباح وسعود العبدالرزاق.
وأنجزت اللجنة مهمتها بعد عقد 23 اجتماعا بدءا من 17 مارس 1962 حتى 27 أكتوبر من العام ذاته وقدمت تقريرها للمجلس التأسيسي الذي ناقشه وصوت عليه ورفعه من جانبه إلى أمير البلاد الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962.
وقال رئيس المجلس آنذاك عبداللطيف الغانم أثناء تسليمه مشروع الدستور للشيخ عبدالله السالم إنه "لشرف كبير لزملائي أعضاء لجنة الدستور ولشخصي أن نقدم إلى سموكم في هذا اليوم التاريخي نيابة عن المجلس التأسيسي مشروع الدستور الذي رأيتم وضعه للبلاد على أساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت وكل رجائنا أن يأتي هذا الدستور محققا لآمالكم الكبيرة لخير شعبكم الوفي".
ورد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم بكلمة جاء فيها "نحمد الله العلي القدير أن أتاح لنا في هذه المرحلة التاريخية من حياة شعبنا العزيز تحقيق أمنيتنا في وضع دستور للبلاد يقوم على أسس ديمقراطية سليمة ويتفق وتقاليدنا ويتجاوب وآمال أمتنا ونحن إذ نبارك له اليوم هذه الخطوة ونصدر الدستور نشكر لكم جميعا ما بذلتم من جهود مخلصة وما أظهرتم من روح الأخوة الصادقة في أثناء عملكم". وفي 15 يناير 1963 عقد المجلس التأسيسي جلسته الختامية حيث ألقى نائب رئيس مجلس الوزراء بالوكالة آنذاك أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه كلمة الحكومة أثنى فيها على ما أنجزه المجلس في تحقيق رغبة الشيخ عبدالله السالم.
وأضاف الشيخ جابر الأحمد رحمه الله في كلمته أن "نصوص الدستور جاءت محققة للديمقراطية في أكمل صورة ومتفقة مع واقع البلد وظروفه ومساهمة في دفعه إلى ركب الحضارة" مؤكدا أن "الحكومة تقدر كبر المهمة التي ألقيت على عاتق المجلس التأسيسي في وضع دستور للبلاد والقيام بأعمال المجلس التشريعي أثناء فترة الانتقال وقد قام المجلس بالعبء على أحسن وجه فكان مثلا رائعا في فهم الأمور وحسن تناولها والتعاون الكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للسير بالبلاد قدما نحو ما تصبو اليه من مكانة".
وبعد مضي سبعة أيام فقط من انتهاء أعمال المجلس التأسيسي وتحديدا في 23 يناير 1963 تم إجراء الانتخابات لاختيار أعضاء أول مجلس للأمة في دولة الكويت وفق أحكام الدستور الجديد والمعمول به حتى اليوم. (النهاية) أ ش / ت ب