A+ A-

الانتقال الديمقراطي في السودان ما بعد استقالة حمدوك.. تداعيات وسيناريوهات صعبة

من محمد عبدالعزيز (تقرير) الخرطوم - 6 - 1 (كونا) -- عقدت استقالة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الأزمة السياسية في البلاد بشكل كبير ووضعت عملية الانتقال الديمقراطي امام سيناريوهات صعبة مع استمرار المظاهرات منذ الانقلاب في 25 أكتوبر الماضي.
وهدفت الاجراءات التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر الى تغيير ديناميكيات العملية الانتقالية بعد الغائه للاتفاق السياسي مع قوى الحرية والتغيير وهي التحالف السياسي الذي قاد الاحتجاجات التي اسقطت البشير وإعادة تشكيل مجلس السيادة من مجموعات سياسية موالية له.
وبذلك تسحب استقالة حمدوك الذي يحظى بدعم المجتمع الدولي ورقة الشرعية من العملية الانتقالية في السودان وهو ما سيؤثر على علاقات السودان الخارجية بعد الانفراجة الكبيرة التي شهدها إثر الإطاحة بنظام عمر البشير ويعود السودان إلى عزلته مرة أخرى في ظل تزايد الاحتجاجات المنادية باستعادة السلطة المدنية ورحيل العسكر من السلطة والتي راح ضحيتها حتى الان نحو 57 متظاهرا وعشرات المصابين.
وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي ماهر ابوالجوخ في حديثه لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس ان خروج حمدوك من المشهد سيخلق تعقيدات اضافية خاصة ان الجيش احكم سيطرته على السلطة.
ويحذر ابوالجوخ من انه في حال عدم التوافق السياسي بين المدنيين والعسكريين على كيفية ادارة الفترة الانتقالية بسلاسة فان الازمة السياسية الحالية قد تعيد السودان إلى السنوات الاستبدادية أو قد تقود لانزلاق البلاد الى موجة واسعة من العنف.
ومن جانبه قال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير عزت الشريف ل(كونا) ان استقالة حمدوك تعني عمليا انهيار اتفاق 21 نوفمبر (البرهان - حمدوك) وانتهاء كل الترتيبات الدستورية الناتجة عنه فيما ستواصل القوى السياسية ولجان المقاومة مقاومتهم السلمية لاسقاط الانقلاب.
وأوضح الشريف ان "اعادة حمدوك للمشهد بموجب اتفاق مع قائد الجيش في 21 نوفمبر كانت بمثابة محاولة من العسكر للاحتفاظ ببرامج الاستبداد العسكري للنظام السابق والحصول على الامتيازات الناتجة من التحول الديمقراطي وهو ما لم ينجح داخليا أو خارجيا".
ان الازمة السياسية في السودان اساسها عدم التوافق بين المدنيين والعسكريين وهو ما ادى لانهيار الشراكة وانفراط عقد الانتقال وفتح المشهد أمام عدة سيناريوهات.
ويتعلق السيناريو الاول بإحكام العسكريين سيطرتهم على مفاصل العملية الانتقالية وتكوين حكومة تصريف أعمال وتنظيم انتخابات مبكرة تضيف الشرعية على سيطرتهم على السلطة.
ويتعلق السيناريو الثاني بقدرة القوى السياسية المدنية على التوافق على برنامج وآليات واضحة وخلق قيادة قوية وقادرة على تغيير المعادلة وهو ما قد يقود إلى الإطاحة بالسلطة الحالية.
اما السيناريو الثالث فيتعلق بقدرة الفرقاء السودانيين (مدنيون وعسكريون) على التوافق لضمان عدم انهيار السودان ونجاح عملية التحول الديمقراطي مع الاخذ في الاعتبار عدم التخلي عن اجراء اصلاحات هيكلية تتعلق ببناء جيش وطني واحد وولاية كاملة للدولة على المال العام وتفكيك بنية النظام القديم حتى لا يتمدد العسكريون مرة اخرى للسيطرة على الاوضاع الراهنة ويعيقوا عملية التحول الديمقراطي ويقودوا البلاد لمشروع استبداد جديد.
ويسعى قادة الجيش خلال الايام المقبلة للبحث عن بديل مناسب لحمدوك وتشكيل حكومة تصريف اعمال بمهام محددة قبل تنظيم انتخابات مبكرة وبحسب وسائل اعلام محلية بدأ مجلس السيادة النظر في قائمة ترشيحات لتولي رئاسة الوزارة.
ومعظم الاسماء التي يجري التداول حولها تمثل شخصيات رشحت لتولي المنصب بعد إجراءات 25 أكتوبر الماضي وإعلان البرهان حل الحكومة ووضع حمدوك قيد الإقامة الجبرية قبل أن يعود لموقعه باتفاق سياسي في 21 نوفمبر الماضي.
ومن بين الأسماء التي عرضت بقوة أثناء الإقامة الجبرية لحمدوك كان اسم الخبير القانوني هنود أبيا كدوف وأستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة الخرطوم الدكتور مضوي إبراهيم وكامل إدريس الحاصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة جنيف ومحمد حسين أبوصالح المختص بالتخطيط الاستراتيجي.
وعلى الرغم من تأكيد البرهان تشكيل حكومة كفاءات مستقلة فإن اسم زعيم حركة العدل والمساواة السودانية جبريل إبراهيم ظل مطروحا كأحد ابرز الداعمين لحراك الجيش.
ومن ناحيته اعرب الكاتب السياسي محمد الامين عن اعتقاده في تصريح ل (كونا) ان "عملية اختيار رئيس الوزراء عبر التوافق السياسي الواسع لا تقل اهمية عمن يتم اختياره". (النهاية) م ع م / خ ن ع