A+ A-

اسبانيا.. مرور شهر على ثوران بركان (لا بالما) القابع تحت رحمة الصهارة والرماد والزلازل

وزيرة الدفاع الاسبانية تتفقد سير العمليات
وزيرة الدفاع الاسبانية تتفقد سير العمليات
مدريد - 20 - 10 (كونا) -- مر شهر على ثوران بركان (كومبري بييخا) في جزيرة (لا بالما) الإسبانية الذي استيقظ بعد 50 عاما لابتلاع مئات الهكتارات وانهاك سكان الجزيرة التي تغير وجهها الجميل إلى الأبد.
ويحاول سبعة آلاف شخص تم إجلاؤهم إعادة بناء حياتهم بينما لا يزال بقية سكان الجزيرة يعيشون في ظل البركان الذي لا يتوقف عن اطلاق الحمم البركانية وتحت رحمة زلازل متواترة كان آخرها بقوة 8ر4 درجة على مقياس رختر الليلة الماضية.
ويحذر المختصون في هذا المجال من ان الثوران البركاني لن ينتهي على المدى القصير أو المتوسط مشيرين إلى ان الصهارة البركانية ستواصل تدفقها وتقدمها وتدمير كل ما تجده في طريقها من المزارع والمحاصيل والبنى التحتية الأساسية للجزيرة في طريقها إلى المحيط.
ودمرت الحمم البركانية التي يزيد حجمها عن 80 مليون متر مكعب نحو 812 هكتارا و1956 مبنى منها 45 مبنى سياحيا كما دفنت 5ر60 كيلومتر من الطرق كما أثرت جزئيا على 8ر3 كيلومتر أخرى بالاضافة الى التهامها لمدارس وملاعب رياضية وملعب كرة القدم البلدي.
كذلك دمرت الحمم وفق آخر بيانات أصدرتها الحكومة المحلية أكثر من 200 هكتار من الأراضي الزراعية التي كانت أحد المحركات الاقتصادية للمنطقة معظمها مزارع الموز وكروم العنب.
ويعتبر تراكم الرماد مشكلة إضافية للدمار الذي تسببه الحمم البركانية حيث يوجد أكثر من 6500 هكتار مغطى بالرماد الذي يشكل غطاء أسود يخنق المحاصيل ويعرض هياكل المباني التي لا تزال قائمة للخطر بسبب وزنها الثقيل.
وقال خبير الأرصاد الجوية مارتين باريرو في لقاء مع التلفزيون الإسباني الرسمي ان تراكم 25 سنتيمترا من الرماد البركاني على سبعة أمتار مربعة يعادل وزن سيارة مشيرا إلى ان الأمور قد تزداد سوءا إذا بدأت الأمطار لأن الكثافة والوزن سيزيدان.
اما بالنسبة لجودة الهواء فإن المتوسط اليومي لتركيز ثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي ما يزال ضمن الحدود بعيدا عن تشكيل خطر على صحة السكان على الرغم من انه يتجاوز المستويات الآمنة في لحظات معينة في بعض المناطق.
وكانت اولى ألسنة الحمم البركانية وصلت الى مياه المحيط في 29 من شهر سبتمبر الماضي أي بعد 10 أيام من ثوران البركان متسببة في تشكيل جزيرة منخفضة (أو فاخانا باللغة الإسبانية) تبلغ مساحتها 38 هكتارا وتستمر في الاتساع مع استمرار تدفق الصهارة من فوهات البركان.
ومن المتوقع ان يصل لسان جديد الى مياه المحيط في الساعات القليلة المقبلة وهو الأمر الذي سيدفع السلطات الاسبانية إلى حجر السكان في منازلهم مع إغلاق النوافذ والابواب عليهم من الغازات المنبعثة التي ستنشأ بفعل التفاعل الحراري والكيميائي لحظة التقاء مكونات المواد البركانية التي تزيد درجة حرارتها عن 1000 درجة مئوية مع أملاح المياه التي يبلغ متوسط درجة حرارتها 23 درجة مئوية.
وتسبب وصول الحمم إلى مياه المحيط في ختام سبتمبر الماضي في زيادة درجة حرارة الماء وارتفاع حموضتها نتيجة انبعاثات حمض الكربونيك وحمض الكبريتيك كما سيتسبب في ارتفاع تركيز المعادن مثل الحديد والنحاس والزئبق أو الكاديوم مما يؤدي إلى هروب مؤقت للأنواع البحرية القادرة على الحركة وموت بعض الأنواع الأخرى.
من جهة اخرى يؤكد الخبراء ان تأثير ذلك على الحياة البحرية والتنوع البيئي سيكون مؤقتا وقصير المدى حيث انه من المرجح ان يعود التنوع البيولوجي إلى مستوياته الطبيعية بعد عامين من الآن.
وقال التلفزيون الاسباني الرسمي نقلا عن خبراء ان لحظة وصول لسان الصهارة الجديد إلى المحيط قد يؤثر على تشغيل مطار (لا بالما) ويتسبب في إيقاف عملياته مشيرا إلى ان السلطات توصي السكان بضرورة الالتزام بالتدابير الأمنية وارتداء كمامات مناسبة لتجنب استنشاق الغازات.
وتبلغ مساحة جزيرة (لا بالما) في المحيط الأطلسي 32ر708 كيلومتر مربع وهي خامس جزيرة في أرخبيل (جزر الكناري) من حيث الحجم علما بان الحمم البركانية دمرت بالكاد واحدا في المئة من إجمالي أراضيها لكنها غيرت من تضاريسها الجميلة التي لطالما استهوت السياح ولاسيما البريطانيين والألمان.
ويؤكد معهد (دراسة البراكين في جزر الكناري) ان ثوران البركان ما يزال "في أوجه" دون إمكانية التكهن بمدة نشاطه في الوقت الذي بدأت السلطات دراسة خطط لإعادة تجديد الجزيرة وتأهيلها ليبقى الخبر السار هو عدم تكبد خسائر بشرية.
وثار بركان (كمبري بييجا) في (لا بالما) في 19 سبتمبر الماضي علما بانه ثار مرتين في القرن العشرين الأولى في عام 1949 والثانية في عام 1971. (النهاية) ه ن د / ا ب خ