A+ A-

لبنان.. تفاقم أزمة الكهرباء يدخل البلاد في ظلام دامس وسط اعتماد كلي على مولدات الكهرباء الخاصة

من أيوب خداج

(تقرير) بيروت - 17 - 7 (كونا) -- أدى تفاقم أزمة الكهرباء في لبنان في الفترة الأخيرة إلى دخول البلاد منذ أيام في ظلام دامس دون كهرباء لمدة 24 ساعة وسط اعتماد كلي على الكهرباء المنتجة من المولدات الخاصة ولساعات محدودة لعدم قدرتها على توفير التيار الكهربائي بشكل دائم.
ودخلت هذه الأزمة في لبنان نفقا مظلما مع انخفاض إنتاج الكهرباء إذ بلغ الإمداد من الكهرباء ساعتين فقط يوميا مع عدم القدرة على تأمين السيولة المالية لفتح الاعتمادات المطلوبة لشراء الجازولين وزيت الوقود (البنزين) لتشغيل معامل الكهرباء.
كما أدت هذه الأزمة إلى توقف توزيع المياه في مختلف المناطق وتوقف مصافي تكرير مياه الصرف الصحي وتعطيل المرافق الحيوية والتهديد بوقف شبكة الإنترنت بل ودفع ببعض المستشفيات إلى تأجيل إجراء عدد من العمليات فيها والتهديد بإطفاء آلات الأوكسجين فيها.
وفي ذروة الأزمة أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أن انتاج الكهرباء انخفض إلى 638 ميغاواط من أصل 1800 ميغاواط هي قدرة معامل الكهرباء على توفيرها بينما تصل الحاجة الفعلية للبلاد إلى 3000 ميغاواط.
ووفقا لمؤسسة كهرباء لبنان فإن المشكلة ليست في توفير المحروقات للمعامل فقط بل هي أيضا مرتبطة بتوفير قطع غيار للصيانة والمواد الكيميائية اللازمة للتشغيل بسبب عدم تأمين العملة الصعبة من مصرف لبنان.
وسبق للبرلمان اللبناني أن أقر قرضا بقيمة 200 مليون دولار لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان لكن المؤسسة أصدرت بيانا قالت فيه إن حمولتين من شحنة مادة الجازولين وصلتا فعليا إلى المياه الإقليمية اللبنانية قبالة مصبي معملي إنتاج الطاقة (الزهراني) في الجنوب و(دير عمار) في الشمال وتعذر تفريغ أي من الحمولتين انتظارا لاستكمال الإجراءات المصرفية لدى المصارف الأجنبية المعنية بالحمولتين.
ويعتبر قطاع الكهرباء أحد محاور شروط الإصلاح الاقتصادي الواجب على لبنان الشروع بها لفتح الباب أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي لمساعدته في ازمته المالية والاقتصادية.
ووفقا للبنك الدولي فقد انفق لبنان على الكهرباء منذ 23 عاما نحو 40 مليار دولار ما بين نفقات وفوائد متراكمة التي كانت تستنزف سنويا نحو ملياري دولار من موارد الخزينة.
وما فاقم أزمة الكهرباء عدم توفر اعتمادات لشراء الغاز وزيت الوقود خصوصا مع وصول الوضع الاقتصادي إلى وضعه الأسوأ مع انهيار قيمة العملة المحلية والبدء بإنفاق الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان لتوفير شراء المواد الأساسية من محروقات وأدوية ومواد غذائية.
وينجم عن عدم توفر الاعتمادات المالية العجز عن شراء الوقود والتأثير على قدرة المولدات الكهربائية الخاصة التي ازداد الاعتماد عليها في الفترة الأخيرة مما يصيب مختلف القطاعات الاقتصادية بأضرار كبيرة.
ورأى الباحث في مجال الطاقة في (معهد عصام فارس) بالجامعة الأمريكية في بيروت مارك أيوب في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت أن الكهرباء "هي خدمة أساسية تؤمن كل النشاط الاقتصادي ويؤثر الخلل فيها سلبا على الصناعة والتجارة والزراعة والسلع المختلفة فضلا عن أضرار ذلك على المجالات الحياتية الأخرى فما من قطاع في أي مجال اليوم إلا ويرتبط بالكهرباء".
وقال أيوب إنه "لا يمكن الحديث عن اقتصاد منتج من دون توفر الكهرباء بشكل جيد" مشيرا إلى أن المشكلة اليوم تبرز في عدم توفر الأموال بالعملات الأجنبية لشراء حاجتنا من الوقود.
وأفاد بأن "إقرار البرلمان سلفة الخزينة للكهرباء ليس الحل إنما هو عملية كسب للوقت وتأجيل الازمة لتفادي الظلام الدامس إذ إن ما يفوق 95 في المئة من إنتاجنا الكهربائي يعتمد على الوقود والديزل وليس لدينا تنوع في مصادر الطاقة لذلك نواجه مشكلة دائمة".
واعتبر أن قطاع الكهرباء يموت ببطء ويحتاج إلى حل جذري وإلى أن يحصل ذلك الحل نحتاج على وجه السرعة إلى عقد اتفاق من دولة إلى دولة لشراء الوقود المطلوب لنؤمن كهرباء بحدود 12 ساعة يومية فقط".
من جانبه قال نائب رئيس جمعية الصناعيين خالد بكداش ل(كونا) إن "أزمة الكهرباء تهدد استمرار المصانع لاسيما الكبيرة منها وتلحق أضرارا بالصناعات الصغيرة المرتبطة بهذه الصناعات الكبيرة" مؤكدا أن توقف الكهرباء يعني توقف الصناعة.
وأشار بكداش إلى أن العديد من المصانع تحول من الوقود إلى المازوت لتوفير التكلفة مما خلق مشكلة جديدة تتمثل في نقص المازوت إذ يحتاج المصنع الكبير إلى ما بين 15 و30 طنا من المازوت يوميا لافتا إلى أن العديد من المصانع بدأت تلجأ إلى دفع ضعف التكلفة للحصول على المازوت من السوق السوداء.
ويرى الخبراء أن الظلام الدامس أمر سيتكرر مجددا مادام لبنان يعاني أزمة العملة الصعبة وتقنين مصرف لبنان لفتح الاعتمادات المالية للوقود وقطع الغيار والصيانة وتأخر المصرف المراسل في تأكيد هذه الاعتمادات. (النهاية) ا ي ب