A+ A-

الجامعة العربية.. أول منظمة اقليمية لاتزال تعمل على تعزيز العمل المشترك

جامعة الدول العربية
جامعة الدول العربية

من راغب شوقي

(تقرير اخباري) القاهرة - 21 - 3 (كونا) - لا تزال جامعة الدول العربية (بيت العرب) التي خرجت الى حيز الوجود قبل 75 عاما كأول منظمة اقليمية في العالم تعمل على مواصلة دورها في تعزيز أوجه التعاون والعمل العربي المشترك في ظل متغيرات اقليمية ودولية متلاحقة.
ورغم أن فكرة اقامة تنظيم عربي واحد يجمع شمل الدول العربية قائمة منذ قرون الا أنها لم تتبلور أو تتضح معالمها الا خلال الحرب العالمية الثانية بفعل جملة من المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية آنذاك.
وبدأت الخطوات التنفيذية بهذا الاتجاه عندما عقد (مؤتمر الاسكندرية) عام 1942 واستقر الرأي بعد مشاورات بين الدول العربية المستقلة آنذاك على تسمية الرابطة الجديدة جامعة الدول العربية "على الا تمس استقلال الدول وسيادتها".
ووقعت سبع دول عربية هي مصر وشرق الأردن وسوريا والعراق ولبنان والسعودية واليمن (بروتوكول الاسكندرية) عام 1944 ليمثل الوثيقة الرئيسية التي وضع على أساسها ميثاق جامعة الدول العربية.
وتم اقرار ميثاق الجامعة العربية في 22 مارس 1945 - لتكون بذلك قد سبقت منظمة الأمم المتحدة التي تم انشاؤها في اكتوبر من نفس العام - والذي اكد التعاون الاختياري بين الدول الاعضاء على اساس قاعدتي المساواة والاحترام المتبادل للاستقلال.
وأوضح الميثاق أن الجامعة العربية منظمة بين الحكومات وليست سلطة فوقية تعلوها مع الأخذ بقاعدة التوافق في التصويت واختيار نظام الأمن المشترك وحل المنازعات بالطرق السلمية.
وتضمن الميثاق عدة امور منها ما يتعلق بتوثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق خططها السياسية وكذلك التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية والثقافية والاجتماعية.
كما تضمن الميثاق عدم جواز اللجوء الى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة العربية فيما تعتمد القرارات بتوافق الآراء ما أمكن ذلك مع اتخاذ خطوات محددة في حال تعذر التوافق.
ويعد مجلس الجامعة العربية الجهاز الرئيسي وصانع القرارات ويعقد على ثلاثة مستويات (قمة/وزراء خارجية/مندوبون دائمون) بصفة دورية ويجوز عقده بصفة غير عادية كلما اقتضت الحاجة ويتولى تحقيق أغراض الجامعة في جميع المجالات السياسية والأمنية والاستراتيجية وغيرها.
كما يعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي من الأجهزة الرئيسية للجامعة العربية ويتولى تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية وما يتصل بها كما يتولى مهمة انشاء المنظمات العربية المتخصصة ويتكون من الوزراء المختصين بالشؤون الاقتصادية والمالية في الدول الاعضاء.
وجرى انشاء بعض المجالس الوزارية العربية للتعاون في بعض القطاعات المتخصصة مثل الشؤون الاجتماعية والنقل والسياحة والبيئة والاعلام والداخلية والكهرباء والشباب والرياضة والمياه والعدل والصحة والاتصالات والمعلومات والأرصاد الجوية والمناخ للتنسيق في هذه المجالات الحيوية.
وهناك أجهزة أخرى منها البرلمان العربي ومجلس السلم والأمن العربي (تحت التطوير) ومحكمة الاستثمار العربية والمحكمة العربية لحقوق الانسان وهيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات (تحت التطوير).
كما ان هناك آليات عربية معنية بحقوق الانسان مثل اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان ولجنة حقوق الانسان العربية (لجنة الميثاق) ولجنة تابعة للبرلمان العربي مختصة بالشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الانسان.
وتشمل مؤسسات العمل العربي المشترك عدة لجان ومؤسسات مثل لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك ومؤسسات التمويل العربية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات العربية المتخصصة فضلا عن مكاتب وبعثات الجامعة العربية في الخارج.
وتعاقب على منصب الأمين العام للجامعة العربية منذ انشائها ثمانية أمناء عامين هم عبد الرحمن عزام (1945 - 1952) ومحمد عبد الخالق حسونة (1952- 1972) ومحمود رياض (1972- 1979) والشاذلي القليبي (1979- 1990) والدكتور عصمت عبد المجيد (1991-2001) وعمرو موسى (2001-2011) والدكتور نبيل العربي (2011- 2016) وأحمد أبو الغيط منذ عام 2016 حتى الآن.
وجرى العرف على أن يكون منصب الامين العام من دولة المقر وهي مصر ولم يتضمن ميثاق الجامعة العربية أي مادة تنص على تدوير هذا المنصب بين الدول الاعضاء.
كما جرت محاولات عديدة لتطوير واصلاح منظومة الجامعة العربية ومؤسساتها على فترات متعددة فيما القت التطورات المتسارعة التي مرت بها المنطقة العربية والعالم بشكل عام بظلالها على هذه العملية.
وأكدت هذه التطورات أن هناك حاجة حقيقية لتطوير أداء وميثاق هذه المنظمة الاقليمية التي اصبحت تضم 22 دولة وجعلها أكثر قدرة وديناميكية لمواجهة التحديات المعاصرة وأكثر قربا تجاه تلبية آمال وطموحات الشعوب العربية.
وقدمت الجامعة العربية ولاتزال العديد من الاسهامات التي من بينها دورها منذ البداية في حصول بعض الدول العربية على استقلالها والاعتراف بها وكذلك مشاركتها في تسوية عدد من النزاعات والأزمات العربية التي منها الغزو العراقي لدولة الكويت في عام 1990.
وتعتبر جامعة الدول العربية التكتل العربي الذي يمثل غطاء للدول العربية في مواجهة التكتلات الدولية والاقليمية الى جانب دورها في بناء وتبني القرارات على المستوى الدولي وكذلك في تمثيل الدول العربية في العديد من المحافل الدولية والاقليمية.
وتشجع الجامعة العربية التعاون العربي - العربي في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والثقافية وغيرها وذلك عبر مجموعة من الأجهزة والمنظمات والمؤسسات العربية.
وبالنظر الى العلاقة الحيوية بين دولة الكويت والجامعة العربية يتزامن العام الحالي مع ذكرى مرور 59 عاما على انضمام دولة الكويت الى الجامعة في 20 يونيو 1961 أي بعد شهر واحد من استقلالها في 19 يونيو من نفس العام.
وتمثل الجامعة العربية احدى ركائز سياسة دولة الكويت الخارجية حيث تولي القيادة السياسية أهمية بالغة لها وقد ادت دولة الكويت منذ انضمامها الى الجامعة ولاتزال دورا مهما في دعمها وكذلك العمل العربي المشترك.
ويظهر الدور الكويتي جليا من خلال تبني سياسة متوازنة وحكيمة خط ملامحها منذ البداية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح منذ أن كان وزيرا للخارجية تلك السياسة المبنية على الحياد الايجابي والدور الفاعل والمتميز في قيادة جهود الوساطة وتقديم العون والمساعدة للدول العربية الشقيقة من خلال الأذرع الاقتصادية والتنموية الكويتية.
ومنذ انضمام دولة الكويت الى جامعة الدول العربية كانت هناك محطات تاريخية مهمة لهذه العلاقة لعل أبرزها الدور الايجابي الذي ادته الجامعة العربية عام 1961 بإرسال قوات عربية بقرار عربي عندما طالب رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم ضم دولة الكويت. وقامت الجامعة العربية كذلك بدور حاسم في ادانة الغزو العراقي لدولة الكويت عندما اصدرت القرار رقم 195 في 10 أغسطس عام 1990 وما تلاه من دور ايجابي قامت به حتى تحرير دولة الكويت.
وقدمت دولة الكويت الدعم والمساندة للجامعة العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك ادراكا منها بأن تقوية هذا التجمع العربي هو خير ضامن للأمن والاستقرار للدول العربية في ظل عالم مضطرب ومليء بالتكتلات السياسية والاقتصادية. (النهاية) ر غ / ا م س